استضاف المجلس الأعلي للثقافةبدار الأوبرا المصرية، بالتعاون مع المركز الثقافي الصيني، الدكتور لي مينغ تشوان، نائب رئيس اتحاد مقاطعة سيتشوان بالصين والأستاذ في أكاديمية العلوم الاجتماعية بالمقاطعة، حيث ألقي مُحاضرة بعنوان »النموذج الصيني في التنمية الثقافية» تحدث من خلالها عن الدور الثقافي في نهضة الأرياف الصينية، وأدارهاد. شريف عوض. قال الدكتور لي مينغ في بداية حديثه إن استراتيجية تطوير الريف الصيني تدل علي التغيرات التي حدثت في الصين خلال السنوات السابقة، هذا بسبب إدراكهم أن المجتمعات في العالم قد ظهرت من خلال المجتمع الزراعي، فالحضارة في الصين ظهرت عندما كان الفلاحون يوفون احتياجاتهم بأنفسهم، فالحكم الإقطاعي الذي جاء بعده الحكم العسكري، أدي لوجود تعارض داخل المجتمع الزراعي فتدهورت الزراعة بشكل كبير خاصة في عام 1840، وهذه الفترة كانت أكثر الفترات فقرًا علي الصين، فتدهور الريف وهذه كانت مشكلة طبيعية نتيجة الثورة الصناعية التي حدثت في بريطانيا، والتي أدت إلي زيادة مستوي التمدين فلجأ الجميع إلي الحضر مع ظهور أيضًا صناعة الغزل والنسيج التي أدت إلي تدهور الريف لأن الفلاحين تم إجبارهم ليتحولوا إلي عمال، وتلك نظرية سميت ب »الخراف تأكل البشر» لذلك حاولت الحكومة الصينية أن تنقذ الريف خاصة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية وعندما وصلنا إلي التسعينيات من القرن الماضي كانت المشكلات الاجتماعية في الريف قد ظهرت. هذه الأزمة أدركها الحزب الشيوعي الصيني ووضع استراتيجية لتطوير الريف الصيني، وهي تتعلق بتحقيق التوازن بين الريف وبين المدن، فبدأنا علي مستويين، المستوي الأول كان من خلال تطوير الصناعة الزراعية في الريف من خلال المواد الخام، بينما المستوي الثاني كان من خلال وضع استراتيحية زراعية تتركز علي حماية الأشجار التي يتم تقطيعها في الريف.وأضاف أن الرجوع إلي عاداتنا القديمة هي أشياء نشتاق إليها بالفعل، لذلك فالمشروع الحكومي ارتكز علي الرجوع لبيئة الريف من خلال الدولة، ففي الماضي كانت العائلة هي التي تنظم عملية الزراعة في الصين أما الآن فإن الدولة هي التي تنظم تلك العملية. وحول دور الدولة في ربط الزراعة بالثقافة قال مينغ إن الصين أطلقت مشروعا يسمي ب»ماكينة الخمس عشرة دقيقة» أي أنك إذا مشيت في الشارع لمدة 15 دقيقة ستجد مكتبة تستطيع استعارة الكتب من خلالها من خلال كارت ذكي، حيث أن هذه المشاريع هي مكان الاقتصاد التقليدي الذي يعتمد علي الموارد، أما الآن فإن الثقافة دخلت بشكل كبير في كافة الأنشطة الزراعية داخل المجتمع، ومن الممكن أن نطلق اسم »الاقتصاد الثقافي»، كما أننا في الصين نقول بأن الثقافة التقليدية هي جذورنا، لذلك فنحن نُعلي من شأن الثقافة الصينية، التي توارثناها جيلًا بعد جيل، فإذا لم تفخر بثقافتك ستصبح شخصا ضائعا، لكننا الآن يجب أن ندرك أن هناك نقاطا مشتركة بين الثقافات وأن العالم لم يعد مستديرًا لكنه أصبح مسطحًا، لذلك فالحكومة الصينية تضع علي عاتقها تنمية الروح الثقافية داخل المجتمع، حيث إن نهضة القري يجب أن تشمل الشكل والمضمون، فكان واجبا علينا أن ننمي الروح داخل القرية وأن نطور الفلاحين من جانب الجوهر، لذلك تحاول الحكومة أن تجعل سكان القري محبين لثقافتهم أكثر من حبهم للنقود، فإذا عاش المواطنون في فقد لثقافتهم وهويتهم فكيف يمكن إذًا أن نطالبهم بالتطوير؟ واستعرض لي مينغ جهود الحكومة في تطوير القري الصينية حيث عرض القرية المعلقة في سيتشوان التي كان يصعب صعودها لأنها فوق الجبل فيضطر المزارعون لصعود هذا الجبل من خلال سلالم لمسافة تتجاوز الأربعة كيلومترات وله عرض ككف اليد تقريبًا، لذلك قامت الحكومة بمساعدة سكان القرية وقامت ببناء سلم من الفولاذ بدلًا من السلم الخشبي وألحقت الأطفال بالمدارس وأدخلت الانترنت والكهرباء داخل القرية، كما أصبح المواطنون يعرضون مقاطع فيديو علي الانترنت عن القرية وهذا عزز من الرواج السياحي داخلها. وهناك قرية اخري تسمي ليتشي التي يشتهر فيها عيد الربيع بصورة كبيرة لذلك قامت وزارة الدعاية والإعلام بإقامة احتفالات وصلت قيمة عائداتها نحو المليار دولار سنويا، وهذا عزز الدور الثقافي داخل المجتمع والقرية الصينية التي يتوافد عليها الكثير. كما عرض جهود الصين في مدينة هونجسبو التي كانت في مشكلة كبيرة بسبب نقص المياه فاضطرت الحكومة لنقل نحو 200 ألف شخص لتنفيذ هذا المشروع، فاصبح المواطن لديه قيمة ثقافية مشتركة ومدركا أن تطوير مدينتهم هو امر حتمي وهي الآن بعد 20 عامًا من هذا التهجير أصبحت أكثر الأماكن لزراعة النبيذ في الصين، وصار حجم التجارة بها يصل إلي 400 مليون يوان في العام وهذا بفضل الحكومة الصينية وتعاون المواطنين منذ البداية.