■ أحد فنادق الدوحة التي يتم فيها استغلال العمال الأجانب يبدو أن النظام القطري لم يطبق الإجراءات التي أعلن عنها مؤخراً بدعوي تحسين أوضاع العمال الأجانب، وإلغاء نظام »الكفالة» الذي يخضع له العمال الوافدون، الذي يحرمهم من الكثير من حقوقهم، إلي حد جعلهم بمثابة »عبيد» لأرباب عملهم، رغم تلقيه تحذيراً من منظمات معنية بحقوق العمالة في العالم، تفيد بأنه قد يخضع لتحقيق تجريه الأممالمتحدة بشأن »العبودية» التي يكابدها العمال المهاجرون. فهناك خلف البوابات المزينة والقاعات الفارهة، ذات الأضواء المتلألئة في جنبات القصر الفندقي الفخم الذي يطل علي البحر في الدوحة، حكايات عن واقع مظلم يعيشه العمال الفقراء الذين أتوا من بلدان بعيدة سعيا وراء لقمة العيش، لكنهم وجدوا أنفسهم في أحد حقول السخرة في قطر، التي لا تزال تثير جدلا بشأن الظروف الظالمة للعمال الأجانب، حسب ما كشف تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية. ويشتهر الفندق الذي افتتح عام 2015 بشعبية وسط النخبة في قطر، حيث تتجمع العائلات الثرية في عطلات نهاية الأسبوع، للاستمتاع بغرفه الفخمة وموقعه علي شاطئ البحر، بينما نجد الحياة مختلفة للعمال هناك، وفق ما يؤكد تقرير الصحيفة البريطانية. ويأتي هؤلاء العمال من بعض أفقر مناطق العالم - جنوب آسيا وشرق وغرب أفريقيا والفلبين - بعد دفع رسوم توظيف كبيرة يصل بعضها إلي 5 آلاف دولار، من أجل العمل في وظائف بسيطة علي أمل سد رمق عائلاتهم. وبعد دفع رسوم إلي وكلاء التوظيف لتأمين وظيفة في قطر، يظل العمال عرضة لأعباء ثقيلة من الديون والعمل القسري. ويتعين علي حراس الأمن العمل لفترات تزيد علي 12 ساعة، في درجات حرارة تصل إلي 45 درجة مئوية، بينما يحصلون في المقابل علي أجر لا يزيد علي 12 دولارا، وهو تقريبا سعر كأس عصير طازج في الفندق الفخم. ويقول البعض للصحيفة، التي لم تنشر أسماءهم الحقيقية حتي لا يتعرضوا لأذي: إنهم عملوا لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر دون إجازة ليوم واحد، لكنهم يتعرضون لخصم في الراتب لمدة خمسة أيام، إذا ما تم ضبط أحدهم نائما خلال مناوبته. وتكشف المقابلات التي أجرتها الصحيفة مع 19 موظفاً في الفنادق، عن انتهاكات لقوانين العمل في قطر، بما في ذلك المرتبات التي تقل عن الحد الأدني للأجور، وأن الاستغلال الموثق لعمال البناء في قطر يمتد أيضا إلي قطاع الضيافة. ويعتبر الفندق علامة تجارية حصرية وراقية، وعلي عكس العديد من سلاسل الفنادق العالمية، تدير هذه المجموعة فنادقها مباشرة بدلاً من امتياز العلامة التجارية. لكن معظم العاملين، بما في ذلك حراس الأمن والنظافة ومنسقو الحدائق، يعملون من خلال مقاولين من الباطن وليس مباشرة تحت إدارة الفندق. ونقلت الجارديان عن بوبي ستا ماريا، من مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان قوله، إن »المعايير الدولية واضحة. تقع علي عاتق الشركات مسئولية احترام جميع العاملين في عملياتها وسلاسل التوريد، وليس فقط تلك التي تستخدمها مباشرة. وهذا يعني أن الفنادق يجب أن تستخدم نفوذها مع المتعاقدين من الباطن لضمان معاملة العمال بشكل عادل وعدم استغلالهم». وتعد شهادات العمال بمثابة تحذير صارخ لسلاسل الفنادق الدولية، التي تفتح بشغف فروعا جديدة استعدادا لكأس العالم في عام 2022، والذي أخذ سمعة سيئة بسبب مئات الوفيات بين العمال في أعمال إنشاء الملاعب والبني التحتية. ويقول أحد عمال تزيين الحدائق، ويدعي رفيق انه اكتشف أن الراتب الذي وعده به وكلاء التوظيف في بلده للعمل في قطر، وهو 350 دولارا في الشهر، بعد ان وصل هناك هو(165 دولارا) اي 600 ريال قطري فقط وهو مبلغ يقل كثيراً عن الحد الأدني للأجور البالغ 750 ريالاً الذي أعلنته الدوحة العام الماضي. وكان الحد الأدني للأجور جزءًا من حزمة إصلاحات أعلنت عنها السلطات القطرية، في محاولة لتجنب تحقيقات الأممالمتحدة بشأن العمل القسري في الإمارة. لكن تقرير الصحيفة البريطانية أثبت أن الأمر لم يتغير في الدولة المضيفة لكأس العالم وبالنسبة لحراس الأمن في الفندق، فيعملون ساعات إضافية بنسبة 50 في المئة عما تم الاتفاق عليه في العقد. وقال بعض حراس الأمن، إنهم ينامون أربع إلي خمس ساعات كل ليلة، مما يجعلهم يكافحون من أجل الصمود في الخدمة. فالنوم خلال نوبة العمل بسبب الإرهاق الزائد له ثمن باهظ منها اقتطاع أجر 5 أيام علي الاقل. كانت منظمة العمل الدولية قررت قبل نحو عامين إعطاء نظام تميم بن حمد مهلة لا تتجاوز 12 شهراً لإنهاء عبودية العمال المهاجرين، وإلا واجهت (قطر) تحقيقاً محتملاً من جانب الأممالمتحدة. وذلك بعدما أجرت تحقيقات بشأن مسألة العمل القسري في قطر، حيث التقت عمالاً قالوا إنهم محرومون من الرعاية الصحية المجانية، ومثقلون بالديون. وكشفت هذه التحقيقات عن أن الظروف التي يعيش في ظلها العمال الوافدون في هذا البلد »تقل كثيراً عن معايير الحد الأدني» المطلوبة في هذا الشأن، بل وأثبت أن غالبية الوحدات السكنية التي تُخصص لإقامة هؤلاء تضم غرفاً صغيرة المساحة، يقيم في كل منها ما بين 10 إلي 12 عاملاً. وشبه شاران بورو، الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات العمالية، العام الماضي الأوضاع التي يواجهها العمال الأجانب في قطر ب »عبودية العصر الحديث».