المتهم الهارب شهر العسل هو أسعد الأيام التي تمر علي أي زوجين يبدآن حياتهما الزوجية لكنه انقلب في ذلك المنزل بأسوان إلى كابوس ومأساة إنسانية. الزوج هاجم زوجته بسكين في غرفة نومهما بعد أسبوع واحد من زفافهما لأسباب لايعلمها سواهما حتى لحظة كتابة هذه السطور وذبحها كما تذبح الشاه وتركها جثة غارقة في دمائها ثم اتصل بأسرتها يخبرهم أنه قتلها ثم فص ملح وذاب بدون أي أثر ليترك وراءه لغزًا غامضًا حول الأسباب التي دفعته ليرتكب جريمته بتلك البشاعة بعد أيام قليلة من الزواج. وفي السطور التالية سنحاول الإجابة على بعض هذه التساؤلات. شقة بسيطة في الطابق الثاني لمنزل متواضع على أطراف نجع الفقراء بقرية الرمادي التابعة لمركز إدفو في أسوان كانت المكان الذي اختاره محمود فني الكهرباء كمنزل للزوجية على الرغم من بعده عن قريته التي ولد ونشأ بها وهي نجع القرى بقرية الطوناب وبعيدة كذلك عن منزل أسرة العروس التي تعرف عليها في ليلة من ليالي الكف التي تكون بها الفرق النوبية وهى ليلة من ليالي الفرح كواحدة من العادات والتقاليد في تلك المنطقة بأقصى جنوب البلاد ففي تلك الليلة كانت عائلة دعاء التي سيتزوجها فيما بعد مدعوة على هذا الفرح وهناك شاهدها فأعجب بها من أول نظرة ثم سأل عنها وعن عائلتها من خلال بعض معارفه الموجودين في الفرح وعندما اطمأن تقدم لخطبتها فسألوا عليه وعلى طباعه فوجدوه شخصًا مناسبًا له مستقبل كبير في عمله كفني كهرباء شاطر والأهم هو أنهم تأكدوا أنه لا يتعاطى أيًا من الممنوعات التي زاد تعاطيها من قبل الشباب في الفترة الأخيرة وبالتالي كان العريس الأفضل الذي تقدم خاصة أنهم قد رفضوا شخصا كان قد تقدم لها قبل وقت طويل من وهى كانت تريد أن ترتبط به لكن كما يقال كل شيء قسمة ونصيب فلم يكتب لهما الزواج. فوافقت العروس على الزواج بمحمود وخلال شهرين أنهت العائلتان كافة الاستعدادات ليقام حفل العرس وكان الجميع في غاية السعادة ليذهب العروسان لمنزلهما الجديد وكل أمانيهما في مستقبل أفضل فلم يكن في بال أحد من الحاضرين للعرس ألا تمر سوى أيام وتكون صورهما في الجرائد بعد الجريمة البشعة التي ستقع في ذلك المنزل بعد عدة أيام . كانت عائلة دعاء في قمة سعادتهم فها هى أول فرحتهم وابنتهم الأكبر قد تزوجت وباقي أشقائها الثلاث الأصغر أحمد ومصطفى ومريم وبالتأكيد كل في وقته وكعادة العائلات في ذلك المكان كان لابد أن يخرج الطعام من منزل الأسرة لبيت ابنتهم لعدة أيام لذلك في صباح اليوم التالي استيقظوا وجهزوا كل الطعام ثم ذهبوا لابنتهم وهناك اطمئنوا أن كل شيء على ما يرام وأن العروسين في قمة سعادتهما ثم تركوهما وعادوا لمنزلهم . مر يومان على ذلك وعندما اتصلت والدة دعاء لتطمئن عليها أخبرتها أن الوضع مع زوجها جيد لكنها اكتشفت أنه لايستمع لأحد فهو لايفعل إلا ما في عقله فقط ولايستمع لها كما إنه حاد الطباع بعض الشيء معها ولايحب أن تنزل كلمته الأرض أبدا حتى ولو كان على خطأ فطلبت منها والدتها أن تتحمل وتصبر فبالحب والعشرة الطيبة تتغير طباع الرجال وأنهما في فترة تعارف وسيكون كل شيء على ما يرام . مر يومان آخران وبدأت المشاكل تظهر على السطح بين الزوجين فذهب لهما شقيقها ليتغدى معهما وتصفية الأجواء فلم يكن الأمر كبيرا وبعد أن جلس معهما ما يقارب الساعتين استأذن في العودة لمنزله وتركهما في شهر عسلهما حتى هنا كان الموضوع يحدث في أغلب الزيجات لكن بعدها بيومين اتصلت دعاء بوالدتها وهى تصرخ وتخبرها أن زوجها يريد ضربها وهى قد أغلقت على نفسها الباب في غرفة نومها ولا تعرف ماذا تفعل ، طبعا الأم قلقت على ابنتها فأخبرت والدها الذي اتصل بزوجها عدة مرات ولم يرد عليه وفي النهاية رد وأخبره أنه كان خلاف بينهما وانتهى فطلبت الأم الحديث مع ابنتها خاصة أنها لاترد على تليفونها فأخبرهم محمود أنه نزل من المنزل ولكنه سيعود بعد قليل مؤكدًا أن ابنتهم في المنزل بخير لكن من طريقة حديثه قلقت الأم على ابنتها فطلبت من شقيقها أن يصطحبها لمنزلها وبالفعل بعد أقل من ساعة كانت على باب منزل ابنتها تدق على الباب بقبضتها وهى تنادي عليها لكن الابنة لم تفتح الباب ليخبرها بعض الجيران أنهم شاهدوا الزوج وهو خارج منذ فترة ومعه شنطة سفر كبيرة وقتها تأكدت الأم أن هناك مكروهًا وقع فطلبت من ابنها أن يكسر الباب وعندما دخلوا وجدوا ابنتهم داخل غرفة نومها على الأرض بين السرير والدولاب وهى غارقة في دمائها ومذبوحة من عنقها ومفارقة للحياة وقتها اتصل الزوج بوالدتها وكأنه عرف أنهم وصلوا وشاهدوا ابنتهم في ذلك الوضع وقال جملة واحدة ثم أغلق الهاتف " أنا قتلتها" ليتم إبلاغ مباحث مركز إدفو بالجريمة ليتم نشر مواصفات الزوج في كل وسائل النقل وفي الكمائن على الطرق السريعة حتى يتم إلقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة ليجيب على سؤال مهم يشغل بال المحققين والرأي العام وهو لماذا قتلها بتلك البشاعة بعد أسبوع زواج . أما أسرة الضحية فكل ما يطلبوه وسط أحزانهم هو أن يعاقب القاتل بمثل جريمته ويكون هناك قصاص عادل يشفي صدورهم بعد أن سلب منهم أعز ما يملكونه .