- حرب أكتوبر لم تسقط من ذاكرتي قصة الأم المثالية سميرة احمد عزمي والتي قدمت أبناءها الأربعة في حرب اكتوبر، كانوا ضباطا في أسلحة القوات المسلحة المختلفة، فقد حرصت الأم ان تحتفظ بالبدلة العسكرية لزوجها الشهيد الذي استشهد في حرب فلسطين، وظلت بدلته معلقة الي أن كبر أولادها الأربعة، ثم روت لهم الأم قصة استشهاد أبيهم فغرست فيهم الحماس والثأر له، فألحقتهم بالمدرسة العسكرية التي تقول عنها إنها مصنع المقاتل، وتخرج الأربعة وجاءت فرصتهم بالاشتراك في الحرب.. كانت الأم فخورة بهم وهم علي الجبهة.. - وتجمعني الظروف بالأم في مدينة الاسماعلية رغم أنها تقيم في القاهرة، وأسمع أنها متطوعة في الجبهة الداخلية وجاءت لتؤدي دورها في الاسماعيلية لتكون عن مقربة من أولادها الأربعة الذين هم علي الحدود وهي لا تعرف أخبارهم، وفي شجاعة سمعتها وهي تتمني الاستشهاد لتكون قدوة لأولادها بنفس المكانة والعظمة التي حققها الأب الشهيد.. ويقترب منها الميكرفون ثم تسألني »هل تريدون أن أبعث برسالة لأولادي» قلت لها.. أنت تتحدثين الآن في برنامج » وسام لهذا المواطن».. فقد كنت أقوم أيام حرب أكتوبر بإعداد هذا البرنامج لإذاعة البرنامج العام جانب عملي كصحفي، ولأنه برنامج مرتبط ببطولات المصريين فقد تقرر إذاعته كل ساعتين، وفي كل حلقة كنت أقدم ضيوفا جددا، وكانت سميرة عزمي واحدة من ضيوفي، لا تتصوروا حجم رسائل التقدير التي تلقتها، وكنت أسمع دعوات الأمهات لها بأن يعود لها أبناؤها الاربعة سالمين.. - وأصبح كلما احتفلنا بأكتوبر أتذكر قصة الأم سميرة عزمي وهي واحدة من سيدات المجتمع، تسكن في شارع سليمان باشا واحدة من هوانم زمان، ومن كان يراها في الاسماعيلية أيام الحرب، يراها وهي ترتدي زي التمريض تقوم باستقبال الجرحي في المستشفي العسكري، وكم من الامهات تحولن الي ممرضات، فعلا الحرب كشفت عن معدن وأصالة المصريين، تلاحم شعبي عجيب، خمسة يتناولون رغيف خبز وكان كل واحد منهم في يده رغيف، كانت الجبهة الشعبية خلية من البشر، لم تفرقهم أصوات المدافع بل كانت تزيدهم إيمانا وإصرارا.. - آه لو شاهدتم منظر الأهالي في منطقة القناة وكانوا يرفضون تنفيذ الأمر العسكري بالتهجير الي القاهرة، رفضوا أن يتركوا بيوتهم واقاموا دروعا بشرية علي الطرق المؤدية للجبهة للتصدي لأي غزو قادم عليهم، فعلا معادن الرجال تظهر وقت الشدة، ساعتها لا تستطيع أن تفرق بين دور رجل وامرأة، الاثنان في مواجهة المسئولية جسد واحد.. - فعلا كانت حرب اكتوبر اختبارا لإرادة المصريين وإصرارهم علي الاستمرار في الحرب، ملحمة من البطولة والتضحية، قصص لبطولات شهداء لا أعرف لماذا لم تسجل حتي نحكيها لأولادنا، لذلك أقول إذا كان لنا أن نحتفل بانتصارات أكتوبر فنحن نحتفل بالدماء الذكية التي روت هذه الارض ليتحقق هذا النصر.. - لذلك أقول لوزير التربية والتعليم لماذا لا تكون الحصة الاولي في مدارسنا عن حرب اكتوبر، أنا علي ثقة بأن أغلبية المدرسين يتعاملون مع احتفالات اكتوبر بالأغاني والاناشيد لأنهم لم يتعلموا عن استراتيجية الحرب كيف بدأت وكيف انتهت، وما كسبناه في هذه الحرب غير استعادة الأرض، الحرب لم تكن مكسبنا منها استرداد الارض وحدها بل الثقة التي كسبناها كانت أكبر وسام رفع رؤوسنا امام العالم ورأوا عظمة الجندي المصري.. - اسمحوا لي أن نقرأ الفاتحة في هذا اليوم علي شهدائنا، ونرسل تحية لابطال اكتوبر الذين كان لهم شرف المشاركة في تحقيق هذه الانتصارات، ياريت دعوة حلوة للرئيس السابق محمد حسني مبارك أن يمتعه الله بالصحة فهو أحد الابطال الذين لهم بصمة في هذه الحرب، يكفي أنه قاد سلاح الطيران وقت اقتحام القناة فحقق خسائر فادحة في قوات العدو أحدثت شللا له حتي رفعنا العلم، حيوا كل جندي وكل ضابط، وتذكروا المغفور له اللواء مهندس باقي صاحب فكرة اقتحام خط بارليف، قولوا الله أكبر.