136 سفارة وقنصلية جاهزة لتصويت المصريين المقيمين بالخارج بانتخابات الشيوخ    محافظ القليوبية يكرم 44 طالبا من أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    البورصة ترتفع فوق مستوى 34 ألف نقطة مجددا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    فلسطين: فرض واشنطن عقوبات على مسؤولين بالسلطة انحياز فاضح لإسرائيل    كندا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين سبتمبر المقبل    مقتل شخص وإصابة 11 آخرين في هجوم روسي على مدينة كراماتورسك الأوكرانية    هاآرتس الإسرائيلية تحتفي ب"الإرهابية".. كيف علق إعلام الاحتلال علي مظاهرات سفارة مصر    الصحة العالمية: غزة تشهد أسوأ سيناريو للمجاعة    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    تدريبات تأهيلية لثلاثي الزمالك على هامش ودية غزل المحلة    توتنهام يسعى لضم بالينيا من بايرن ميونخ    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    بمشاركة جيوكيريس.. أرسنال يخسر من توتنهام وديًا    جدول ولائحة الموسم الجديد لدوري الكرة النسائية    مدير أمن الفيوم يعتمد حركة تنقلات جديدة في أقسام وإدارات المباحث بالمحافظة    التحقيق فى واقعة تعدى زوج على زوجته بسبب قضية خلع بمحكمة الدخيلة بالإسكندرية    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    ياسر السقاف يخلف مصطفى الآغا في تقديم برنامج الحلم على MBC    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وكيل صحة شمال سيناء يبدأ مهامه باجتماع موسع لوضع خطة للنهوض بالخدمات الطبية    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    المشدد 3 سنوات ل سائق متهم بالاتجار في المواد المخدرة بالقاهرة    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    صبا مبارك وحلم الأمومة الذي يواجه خطر الفقد في 220 يوم    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويصبح طبيباً بعظام أمه
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 10 - 2009

هى واحدة من بين الأمهات، كانت تعمل فى الجبهة الداخلية مع المتطوعين والمتطوعات، تضمد الجراح التى كانت وساماً على صدور الرجال بعد أن عبروا القناة.. منهم من استشهد ومنهم من جاء محمولاً إلى المستشفى لتتلقفه أيادى الأمهات اللاتى تركن بيوتهن، وكانت كل واحدة منهن درعاً واقية لجرحى حرب أكتوبر.
أشهد أننى فى هذه الأيام رأيت عظمة الأمهات وهن يتسابقن فى العمل فى المستشفيات وأناشيد النصر تملأ الأذن، وفرحة الانتصار على الوجوه.. وكم كانت سعادتى وأنا ألتقى بها.. الأم أمينة الشرقاوى وهى تجر فى قدميها وتضمد جراح جريح.. أم تحمل بين ضلوعها قلب الأمهات تحنو وتعطى عطاء بقية الأمهات.. وأسمع من زميلة لها أن أمينة لها قصة، فإن كانت تجر قدميها فهو فخر لها فقد تبرعت بجزء من عظام ساقيها لابنها الكسيح لكى يمشى على قدميه.
سبحان الله، أن أراها وهى متطوعة وتعمل فى الجبهة الداخلية وكلها حيوية، لم يشعر أحد بعجزها.. قلت فى داخلى.. إن نصرنا فى حرب أكتوبر أنساها الألم.. فقد قررت أن يكون لها دور فى الملحمة الشعبية.. وتقدمت منها أسألها عن حكايتها.. فقالت لى إنها قصة طويلة.. لكن ما قمت به مع ابنى شعرت بأنه أقل حجماً بعد ما رأيته على الطبيعة الآن، فقد تبرعت بجزء من عظام ساقى لابنى، وأنا الآن على استعداد أن أتبرع بعظمى كله لأى ابن جريح من أولادنا فى القوات المسلحة.. وتلمع الدموع فى عيونها وتشير إلى أولادنا الجرحى الذين علت على وجوههم فرحة الانتصار، منهم من فقد ساقه ومع ذلك لم يستسلم لليأس.
وللحق إن نسبة الإصابات بين أولادنا المقاتلين كانت قليلة جداً فقد كانت قواتنا المسلحة بجميع أسلحتها تمركزت على أرض سيناء الغالية بعد أن عبرت خط بارليف.. الجنود الإسرائيليون كانوا يتساقطون مثل الذباب أمام زحف أبطال القوات المسلحة، وجبهتنا الداخلية كانت الخط الثانى لهم.. أمهات وشابات، رجال وشيوخ كل فئات الشعب خرجوا إلى الشوارع يلتحمون مع أبنائنا بمشاعرهم وأرواحهم.. سيدات الهلال الأحمر شكلن كتائب فى مدن القناة، يحملن الأدوية والأغذية.. الروح قتالية عالية، وأولادنا الشبان يتسابقون فى حملات للتطوع.. وعربات إسعاف فى الميادين تستقبل المتبرعين بالدم كل هذه الصور عشتها، ولكن الصورة التى لم أنسها هى صورة الأم أمينة الشرقاوى.
دعونى أعد إلى حكاية هذه الأم التى كانت واحدة من المتطوعات فى الجبهة الشعبية.. وموقفها مع ابنها الكسيح.
وحكاية أمينة سمعتها من ابنها الدكتور سامح أبوالمعاطى الذى جمعتنى الظروف به.. فهو يقول عن أمه: إننى لا أنسى يوم أن حملتنى من المنصورة إلى القاهرة، حيث كانت على موعد مع الدكتور كمال الزرقانى «رحمه الله»، وهو أستاذ متخصص فى جراحة العظام.. وبعد أن فحصنى سمعته يقول لأمى.. أنا حكلمك بصراحة.. ابنك اتولد وعظام ساقيه هشة.. ولأنها هشة فهى عرضة لأى كسور ولا تلتئم بسهولة.. وقد لا تلتئم أبداً، وآسف أن أقول لك إن ابنك سيظل كسيحاً بقية عمره.. وليس أمامنا إلا حل واحد.
ويقول الابن الشاب.. أذكر هذه الواقعة حيث كان عمرى وقتها 12 عاماً، وأنا كسيح فقد ظلت أمى تبكى أمام الدكتور وهى تصرخ وتستحلفه بأن يفعل شيئاً: وهنا يقول لها الطبيب: إن الحل الوحيد لإنقاذه.. أن تتبرعى أو أبوه بقطعة من عظام كل ساق طولها 10 سم وهذه القطع سوف نزرعها فى ساقى ابنك.. وعندئذ يمكن أن يقوم ويمشى.ثم تصرخ أمى وهى تقول للدكتور اقطعوا جسمى كله وخذوا عينى.. خذوا أى شىء المهم أن يمشى ابنى على قدميه.. ويطلب منها الدكتور ألا تتعجل فى القرار، لابد من دراسة نتائجه، لأن من نأخذ منه مثل هذا الجزء سيصاب بالعجز طوال عمره.
ومع ذلك لم تهتز أمى.. فقد قررت أن تضحى وفضلت أن تؤدى هذا الدور عن والدى، لأن والدى لو تبرع بجزء من عظام ساقيه سنصبح بلا مورد، لكن أمى رأت أن يكون الاستئصال من ساقيها.ويعاود الابن حديثه قائلاً: لقد عدنا إلى المنصورة وفى رأس أمى القرار.. رغم محاولات والدى عدم إجراء مثل هذه العملية خوفاً من الفشل، فبعد أن أكون كسيحاً بمفردى.. تصاب أمى هى الأخرى بالعجز.. وظلت أمى فى حوارات مع والدى لدرجة أنها رفضت أن يناقشها أحد فى هذا الموضوع على اعتبار أنها أخذت القرار. ويوم العملية دخلت معها المستشفى فى القاهرة..
وصباح اليوم التالى دخلنا غرفة العمليات حيث كان والدى يودعنا بالدموع.. وبعد ساعات خرجنا منها، وبعد أن أفقت من التخدير وجدت ساقى ممدودة فى قوالب من الجبس.. كذلك ساقا أمى داخل الجبس.. وقد زارنا الدكتور فى هذا اليوم وقال لأمى مبروك.. العملية نجحت ابنك سوف يمشى على قدميه بعد أسابيع..
 بكت أمى وهى لم تصدق.. الغريب فى هذه التضحية أن الأم قررت أن تخوض العمل الاجتماعى، وقد كانت تجربتها فى هذا العمل أيام حرب أكتوبر، إنها شعرت بقيمة التضحية. . وأن قيمة الإنسان فى العطاء الذى يعطيه ناحية وطنه.. وناحية أولاده.. وأذكر أنها لم تتوقف مع ابنها، الذى التحق بكلية الطب بعد أن وقف على قدميه.. وقد تخصص الابن فى جراحة العظام، ليكون خادماً لأمه بعد إصابتها بالعجز.
إن أمينة الشرقاوى هى واحدة من الأمهات، التى قدمتها لكى تصبح «الأم المثالية لمصر» ورغم أن اللجنة العليا للأم المثالية لم ترشحها على اعتبار أن الآلاف من الأمهات كان لهن دور فى الجبهة الداخلية فى حرب أكتوبر.. إلا أننى تبنيت قضيتها وقدمتها للناس فوجدت تأييداً شعبياً.. وقد سمع الرئيس الراحل أنور السادات بقصتها التى كتبتها..
 ويومها منحها «وسام الكمال». فى النهاية أقول.. إن العمل التطوعى يكشف عن نماذج مشرفة، فإذا كانت جبهة القتال فى حرب أكتوبر قد كشفت عن براعة أولادنا فى هذه الحرب.. فالجبهة الداخلية أيضاً كشفت عن براعة أمهات فى التضحية والعطاء.. وأمينة الشرقاوى واحدة منهن.. تستحق تقدير هذا الشعب على وقفتها مع ابنها الكسيح، الذى أصبح طبيباً متخصصاً فى العظام.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.