بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتدي ضربا على 6 فلسطينيين بالضفة الغربية    الخارجية الأمريكية: نُقيَم جهود مباحثات جنيف مع إيران من أجل إيقاف الكارثة بمسار دبلوماسي    اليوم العالمي للاجئين.. الهلال الأحمر المصري يستعرض جهوده في دعم 62 جنسية    فلامينجو يفوز بثلاثية على تشيلسي في كأس العالم للأندية    «انتوا عايزين إيه؟».. شوبير ينتقد جماهير الأهلي بسبب المدرب واللاعبين    إنقاذ 16 شخصا وانتشال 3 جثث في انهيار عقارين بحدائق القبة.. واستمرار عمليات البحث    سيدة في سوهاج تقفز بطفلتها من الطابق الأول هربًا من اعتداء شقيق زوجها    ماس كهربائي وراء حريق مخزن خردة في البدرشين    ثقافة مطروح تنظّم 5 فعاليات صيفية لتنمية المواهب الفنية والأدبية للأطفال والنشء    العوضي: فهد البطل ينافس ضمن قائمة الأعلى مشاهدة على مستوى العالم    يسري جبر: الابتلاء لا يتنافى مع العبادة بل هو رفعة الدرجات    قانون الإيجار القديم.. الإقرار بإجلاء العين المأجرة شرط الشقة البديلة    محافظ كفر الشيخ يوجّه بإصلاح كسر خط المياه المغذي ل معدية رشيد والجنايدة    وفاة رئيسًا للجنة امتحانات ثانوية عامة متأثرًا بإصابته في حادث بأسيوط    النائب عماد خليل يكتب: موازنة الدولة الأكبر للحماية الاجتماعية    محافظة الإسماعيلية تنظم ندوة توعوية حول التأمين الصحي الشامل    بعد صفقة جارسيا.. برشلونة يعيد هيكلة مركز حراسة المرمى    أستون فيلا يلمح لرحيل مارتينيز    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    سارة وفيق بين أجواء حزينة ونشاط سينمائي.. نجوم الفن يواسون المخرجة في عزاء والدتها    رئيس وزراء صربيا يشيد بمكانة دير سانت كاترين التاريخية والدينية    الرئاسة الإيرانية: الولايات المتحدة تستطيع إنهاء الحرب مع إسرائيل بمكالمة من ترامب    العد التنازلي بدأ.. جدول امتحانات الثانوية السودانية 2025    نقابة محامي المنيا تستطلع رأي الجمعية العمومية بشأن الإضراب العام والاعتصام بالمحاكم    56 عامًا على رحيله.. ذكرى وفاة الصوت الباكي الشيخ محمد صديق المنشاوي    تشكيل مباراة بنفيكا ضد أوكلاند في كأس العالم للاندية    كسر مفاجئ يقطع المياه عن معدية رشيد والجنايدة.. ومحافظ كفرالشيخ يوجّه بإصلاحه واستئناف الضخ التدريجي    إيران تعتقل عميلين أجنبيين للموساد فى كرج غربى طهران    مصرع شاب سقطت على رأسه ماسورة ري بالوادي الجديد    أزمة نفسية تقود عامل لإنهاء حياته شنقا في الهرم    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    أردوغان: الحرب بين إسرائيل وإيران تقترب من نقطة اللاعودة    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    مانشستر يونايتد يراقب نجم بايرن ميونيخ    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    بروتوكول بين «الثقافة» و الجيزة لإقامة تمثال ل«مجدي يعقوب» بميدان الكيت كات    إزالة 93 حالة تعد بمراكز ومدن أسوان ضمن الموجة ال 26    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    الاحتلال يستولي على 15 منزلا ويحولها لثكنات عسكرية جنوب جنين    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    إيران تلقى القبض على 35 جاسوسا لإسرائيل فى همدان ومسجد سليمان    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    بدءا من أول يوليو| تعديل رسوم استخراج جواز السفر المصري "اعرف السعر الجديد"    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين    أتلتيكو مدريد يفوز على سياتل ساوندرز في كأس العالم للأندية    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن القبطية:بين الفصام الشخصي والفصام المجتمعي!
نشر في أخبار الأدب يوم 15 - 09 - 2018

عنيت روايتنا (ابن القبطية)، وهي الأولي لكاتبها وليد علاء الدين،بما يمكن أن ينتجه الشكل والمضمون.. هذا المحور الهام الذي يحوي تحته العديد من الإشكاليات والتساؤلات، عن ضرورة تلاؤمهما، أو تضايفهما(إضافة كل منهما إلي الآخر)... إلي غير ذلك، فرغم الرؤي التي عنيت بها الرواية، والتي تبدو متشظية نوعاً ما، فإنها في النهاية تجتمع في شعاع واحد مكثف، وهو (موروثنا المصري في مواجهة ثقافة التصحر)، ولكن الأمر لا يبدو بالجفاف والمباشرة الفجة الباديان في عبارتي هذه، بل إن الكاتب قد استطاع إنجاز طرحه هذا من خلال تنويعات عدة علي آليات كتابية كانت متحركة باستمرار، انحاز فيها إلي إشارية اللغة، وإلي تفجير الطاقات الإيحائية للعديد من أداءاتها.
وإمعاناً في الحفاظ علي الهارموني بين الشكل والمضمون؛ فقد طرح (وليد علاء الدين) من خلال روايته الموسيقي والشعر والمسرح والتشكيل الحركي والرسم، لينتصر لفكرته - إشارياً - دون اللجوء إلي أية خطابية. من خلال تيمة بسيط عن شاب مصري (يوسف) مصاب بالفصام، وهو من أب مسلم (حسين) وأم مسيحية (مريم)، ولعل استنفار الطاقات الدلالية لأسماء الشخصيات المعتمدة علي مخزوننا التراثي لم يكن علي نفس المستوي من الرهافة التي وظف بها الكاتب بقية أدواته.
وبما أن الثقافة هي خط الدفاع الأول، في مواجهة الفكرة الدخيلة (التطرف الإسلامي- التنصير)، الحاضرين في شخصيتي (منذر وجورج) فإن الكاتب هنا قد احتفي بالفعل الفني والثقافي ( الكتابة - الموسيقي - الرقص - الشعر - القصة - استدعاء التاريخي...) كأمل أخير في شفاء البطل من هلاوسه من خلال بحثه عن ال DNA المصري الخالص.
وفيما يلي رصد لتوظيف الفنون بمختلف أشكالها..
•أولاً: الموسيقي والأصوات، ودوزنة أحداث الرواية كلها:
كان حضورالموسيقي لافتاً منذ بداية الرواية، خلق الكاتب من خلالها إيقاع صوتي متخيل، مترجماً به للعديد من الإيقاعات النفسية المصاحبة لها في الأحداث، أو لأبطال العمل.
إذ تتوحد حالة البطل بكرسيه بالنغمات التي يبحث عنها، عن الموسيقي هنا ليست خلفية لمشهد، وإنما تقاسم الشخصية بطولة المشهد بكل وضوح.
إنه يتوحد به، حتي في هواجسه الجنسية " نقل يوسف عينيه إلي عوده وتعجب كيف لم ينتبه من قبل إلي أنه يشبه امرأة من أسفل، تساءل إن كان السر في تسميته بهذا الاسم هو الشبه الذي يحمله بعود امرأة مكتنز! اجتهد في رقدته لكي يحصي عدداً آخر من الأشياء يتسلي بإيجاد المشتركات بينها، لم يرد إلي ذهنه شيء واحد قادر علي أن يثير بداخله شعوراً مغايراً يمسح مرارة كلمات رجل المصعد،فعدم تحققه الموسيقي يوازي هنا عدم تحققه في الحياة، وعند وعد استطاعته الزواج من أمل.
ويتجلي احتفاء الكاتب بحضور الموسيقي كمكون رئيس في مشهده السردي،ذلك حين يجعلها وحدهامعادلاً سردياً في العلاقة بين يوسف و(راحيل)حين تقول له:
"- بولكا، تعزفها كفا عازف الأكورديون العجوز، كاد كتفاه ينوءان بحمله الذي يتراقص بين ذراعيه كثعبان سمين"، إن الوصف هنا ليس مجانياً، وإنما يحمل إشارات عميقة للغاية تكثف الكثير من مشاعر يوسف المتداخلة، وتفاصيل علاقته ب (راحيل).
فالموسيقي هنا تكون حاضرة غالباً لتدشين مواقف ورؤي فكرية للعديد من شخصيات الرواية، أو تأسيس لانحيازاتهاالإنسانية ما، فنجد علي سبيل المثال اليهودية التي تسعي إلي تجميع الديانات الثلاث في رحمها من خلال نطفة يوسف، بعنصريه المسيحي والمسلم في رحمها اليهودي، تتفق في الاختيار مع أبيها (اليهودي الديانة، المصري الأصل والهوي)، فكلاهما ينحاز للموسيقي كلغة:"-أفضل البولكا من دون كلمات، وكذلك كان بابا... صمتتْ طويلاً، وظللتُ معلقاً عيني بتلك الشفتين اللتين تتمتمان منتظراً أن تخرج الكلمات إلي حيز السمع مرة أخري. أردفت:
•وظننت أنك ستفضلها أيضاً."
ثم تنتقل إلي الطرف الآخر للصراع الثقافي والذي تؤرخ له بالموسيقي صورة الأم اليهودية الديانة، الصهيونية الهوي:
"- لكن ماما كانت تتحداني بالهافا ناجيلا، وتصرخ في وجهي " ان يصدح في زفافك غيرها".
واستدعاء (الهافا ناجيلا) هنا ليس إشارة لذوقها الفني، وتركيبتها الإنسانية المختلفة عن (راحيل) وأبيها فحسب، بل هو تأصيل لموقف الأم السياسي والفكري بالأساس، إذ يشير في الهامش أن كلمات الأغنية كتبت عام 1917 احتفالاً بانتصار بريطانيا في الحرب العالمية الأولي في فلسطين وإعلان وعد بلفور.
ويأتي الحضور الأخر الأخير للموسيقي حضورًا بانورامياً، كدأب الرواية في رسم نهايات بانورامية لكافة عناصرها، "يتهاوي الشبح الثالث بين قدمينا. يعلو صوت حداء صحراوي رفيع، وترتفع دقات طول إفريقية، ونسمع صوت قيثارة فرعونة قديمة، يصاحبها عود شرقي رخيم، ترقص فرس أبي علي علي صوت مزماره..... ".
وغير ذلك من الطاقات التي حمّلها الكاتب لتراكيبه حال الحضور الموسيقي في السرد، أو أدوات إنتاجها، أو استماعها. وكذلك كان للأصوات حضورا مؤثراً في صياغة علاقة (يوسف) ب (منصور) الصائغ، الذي اغتصب (أمله) بإطار شرعي (الزواج).وبدأت هذه الصياغة مبكراً في بدايات الرواية، إذ تبدو الموسيقي هنا كمهرب من تخيلات الانتهاك الجنسي الذي سيطال حبيبة البطل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.