منذ بداية الثورة، وظهور قوي الإسلاميين في الشارع، ويدور في خلد المثقفين سؤال واحد. ماذا سنفعل إذا جاء صندوق الانتخاب بالإسلاميين إلي الحكم؟ هل ننقلب علي صندوق الانتخاب، وهو فكرة أساسية في الديمقراطية التي نؤمن بها، أم نحتمل هؤلاء الذين نظنهم لا يؤمنون بالديمقراطية؟!. هذا الموقف الكلاسيكي الذي يمكن أن يصاغ في معضلة بسيطة: "هل نعطي الحرية لأعداء الحرية، أم لا حرية لأعداء الحرية؟". هنا مجموعة من المثقفين يردون علي هذا السؤال التاريخي. رفعت سلام: يجب التفريق بين حرية التعبير والتحريض نحن لسنا في موضع القوة حتي نسأل أنفسنا عن شعار "لا حرية لأعداء الحرية"، لأن حريتنا نحن هي المهددة من قبل الإسلاميين عموما والسلفيين بشكل خاص، من حيث التعرض للتكفير إذا ما رفع المثقف صوته بالاعتراض، ويلي التكفير إباحة الدم، وهو ما قام به الإسلاميون في التسعينيات في واقعة مشهورة، والآن ومع حصول الإخوان علي الرئاسة وعودة البرلمان لهم وعزمهم علي صياغة الدستور يصبح الوضع أصعب. ولكن في المبدأ المجرد، فعندما يتجه العسكر لقمع الإسلاميين يرفع المثقفون الليبراليون والعلمانيون شعار "اللهم اهلك الظالمين بالظالمين، ولكنني أتخذ موقفا مغايراً، فمن حيث المبدأ أنا ضد انتهاك الحريات من أي طرف، سواء الانتهاك الذي يقوم به العسكر ضد الإسلاميين أو ضد العلمانيين، وبالتالي فلا يمكنني تقبل اعتداء العسكر علي أية مجموعة أو طائفة أو تيار سياسي. الوضع الراهن الآن هو أنه يجب السؤال حول الاعتراف بحرية الإبداع، بدون تكفير أو تحريض أو بث كراهية الآخر، علي نحو ما فعله عبد المنعم الشحات من الادعاء بأن أعمال نجيب محفوظ تدعو للانحلال أو عندما كفّر السلفيون في الأشهر الأولي من الثورة كافة المجموعات الليبرالية والديمقراطية. عبد المنعم الشحات ادعي أنه كان يعبر عن رأيه، ومن قبل قال من كفروا فرج فودة أنهم كانوا يعبرون عن وجهة نظرهم. هناك فرق بين وجهة نظر تدخل في بند الاختلاف ووجهة نظر تؤدي إلي القتل، لأن هناك أشخاصا يعتبرهم البعض أن لهم شرعية الإفتاء وبالتالي يأخذون كلامهم مأخذ الجد وينتقلون للتنفيذ. ولذلك فنحن حريصون في الدستور الثقافي الذي كتبناه علي القول بأن أي تحريض علي الاعتداء علي حريات الغير هو جريمة، التمييز بين حرية الرأي والتحريض. محمد عفيفي: من المهم تقديم مفهوم الحرية بالتدريج أري أن الحرية لا تتجزأ. لا أحد يعطي لنفسه الحق في الحديث باسم الحرية أو توزيع صكوك الحرية علي الناس وفصلها عن ناس أو تحديد من له الحرية ومن ليس له. حتي في التراث الاسلامي هناك مقولة "متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"، والآية الكريمة"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". وبالتالي فليس من حق أحد الحديث باسم الحرية أو "منحها" و"منعها" وتوزيع صكوكها علي الناس. بالنسبة للإسلاميين فإذا لم يرغبوا بإعطاء المجتمع حرياته فعلي المجتمع أن يجبرهم علي هذا. الحرية لا تُمنح. ولكن الموضوع مرتبط بفكرة التفاعل والإحساس بقيمة الحرية. هناك قصة لعلاء الأسواني اسمها "أبو شامة"، بعيدا عن مباشرتها، فهي تعطينا فكرة عن كيف يستعذب الإنسان كونه غير حر ويطالب الآخرين بمنحه الحرية. ليست عندي فكرة "فزاعة الإسلاميين"، والدليل أن محمد مرسي حصل فقط علي 5.5 مليون صوت فقط في الدورة الأولي من الانتخابات، وبدليل أن الأزهر مصمم علي بقاء المادة الثانية كما هي، والكنيسة أيضاً، وكلاهما يعبر عن قطاعات واسعة من المواطنين. أعتقد أن المجتمع قد يتقبل فكرة الحرية بشكل تلقائي، وبشرط أن يتحدث المثقفون بلغتهم قليلاً. وهنا أنا أؤيد لفكرة التدرج. لست مع أن يخرج ليبرالي ويتحدث عن الحرية للبهائيين والملحدين، كلامه صحيح طبعا ولكنه قد يسبب نفورا من فكرة الحرية، ولكن أن يقول: "أنا مع الحرية للجميع". هكذا يمكنه أن يجتذب قطاعات أوسع من الناس قد تتقبل بالتدريج فكرة الحرية الشاملة. خطاب الحرية في أمريكا يختلف عنه في أوروبا، ومفهوم الحرية في القرن السابع عشر يختلف عنه في القرن الثامن عشر. مفهوم الحرية الجنسية مثلا، أن يعيش الاثنان، ذكرا وأنثي، في نفس البيت بدون زواج وينجبا أطفالاً، ظهر علي استحياء بعد الحرب العالمية الأولي وشاع بعد الحرب العالمية الثانية. ومفهوم حرية المعلومات لم يتواجد في أمريكا وأوروبا قبل عشرين عاما والآن أصبح مفهوماً مقدساً. وبالتالي فلا يجب صدمة المجتمع المصري الآن وإنما صياغة الفكرة بالتدريج له. نحن لدينا نسبة أمية تتجاوز ال40٪، ونسبة أمية ثقافية تتجاوز ال 60٪ أنا لا أقصد وضع حدود علي الحرية، ولكن التمهيد لها. عبده جبير : أغرقوهم في بحور الدعاوي القضائية الآن وفي هذه اللحظة الراهنة يجب أن تكون مرجعيتنا هي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقّعت عليه مصر، وأي تعديل في الدستور المصري يتعارض مع هذه الحقوق علينا كمواطنين ومبدعين، وبالذات الحقوقيين منّا، التصدي لهذا التعديل، أقصد أي تعديل حسبما نسمع من متابعتنا لمقترحات تأتي من الرجعيين الجدد بخصوص التقييد علي حرية الأفراد، والمبدعين بحيث تصبح هذه هي معركتنا الأساسية هذه الأيام، وفي الأيام القادمة. كما أن علينا التصدي لأية محاولات لإنشاء مجموعات أهلية إرهابية تحت مسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أي تسمية أخري، لأن هذا بالنسبة