عندما يكفر الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى والصحفى نبيل عمر على الهواء مباشرة فى معرض الحديث عن اللادينيين فى قناة، المفروض أنها تنويرية، فهذه كارثة، لو شاهدت هذا الكلام على قناة الناس ما كنت اندهشت، ولكن أن يقال من نافذة قناة أنشأها صاحبها الليبرالى الذى يحارب من أجل دولة مدنية، الدين فيها لله والوطن للجميع، فإنها مأساة وإهدار مال وتوجيه رصاصة لقلب وعقل الفكر الحر الليبرالى. أن تصف شخصاً بأنه لا دينى فأنت تمنح أى فتى طائش فى الشارع حق اغتياله بتطبيق حكم الردة عليه فى جو محموم ومحتقن، أن تلعب بالنار تحت مبرر تسخين البرنامج فأنت تبحث عن شهرة مؤقتة زائفة على جثة وطن، أن تدعى أنك تعرض الرأى والرأى الآخر فأنت كاذب ودجال لأنك لا تعرض إلا الرأى وضد الرأى وليس الرأى الآخر، وتروج ليس للفكر الآخر بل تروج لمن هم ضد التفكير أصلاً، فالمكفرون لا يعترفون بأن هناك حرية تفكير وإنما ينصبون أنفسهم أوصياء على البشر، معهم فقط التوكيلات الإلهية وصكوك الغفران الربانية، يحتكرون الحقيقة ويهدرون دم من يؤمن بأن الحقيقة نسبية. عندما يجلس مذيع ليست له قضية، ضحل الثقافة، عديم الموهبة، كل همه أن يقبض القرشين وخلاص، ليستضيف من يهاجمون الليبرالية وحرية الفكر ليقبضوا فى النهاية ظرف الألف جنيه من فلوس صاحب القناة العلمانى الذى ائتمن هؤلاء على ماله، والأهم على احترام فكر العقل!!، فنحن أمام سيرك فى مولد، لا أمام قناة تحترم الفكر الذى أنشئت من أجله، أنشأها رجل أعمال قبطى محترم يتمنى أن يسود الفكر العلمى التنويرى هذا الوطن المسكين الغارق فى الخرافة، فيفاجأ للأسف بأن خنجر التكفير يطعنه فى ظهره بأيدى مساعديه ليصبح أول الضحايا، وهذه قمة التراجيديا المصرية، يكفر الشاعر حجازى ويقال، كذباً وزوراً، إنه يهين الإسلام لأنه يعترض على حكم رجال الدين وليس على الدين نفسه، ويوصف نبيل عمر بأنه لا دينى لأنه يقول صباح الخير بدلاً من السلام عليكم، ويؤمن بأن الله خير كما أنه سلام وحب. أنا لا أكتب استجداء لعمل أو رغبة فى ظهور على قناة فضائية، بدليل أننى اعتذرت عن تقديم برنامج كنت أستمتع بتقديمه مع المفكر الإسلامى جمال البنا لضيق الوقت واستعداداً لبرنامج طبى آخر، المهم أننى أكتب من فرط الحزن على قناة تنويرية غرقت فى بركة آسنة من العشوائية والتوهان وافتقاد الفلسفة والاستراتيجية والهدف، صارت قناة الOFF والانغلاق بدلاً من الانفتاح، شيدت من أجل التنوير فانتهت إلى الهدم والتكفير.