حصلت علي «دبلوم الدراسات الإسلامية».. اعتبرته مفتاح المعرفة.. واصلت الدرس.. اهتمامها الأول: القرآن الكريم، ثم الأحاديث المروية عن رسول الله «صلي الله عليه وسلم».. وجدت بعض الاختلافات وقد كشفها الأئمة من قبل، وأعلن الإمام «أبوحنيفة»: «كل ما خالف القرآن ليس عن رسول الله وإن جاءت به الرواية». رجعت لأفهم القرآن إلي التفاسير القديمة، فوجدتها تخضع «الآيات» للروايات..! مثال ذلك تفسير سورة «الفاتحة» من قوله تعالي: «غير المغضوب عليهم ولا الضالين».. قالوا: المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصاري«!!» هكذا علي الإجمال وهو ما لا يؤدي إليه معني الألفاظ، ويناقض آيات قرآنية أخري مثل «ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون».. من ثم وجدت أن الوصول إلي صحيح الدين يتحقق بالاستئناس بكتب التفسير، ثم الاجتهاد في تفسير القرآن في إطاره اللغوي وسياقه التكاملي.. ووصلت بحمد الله إلي جلاء البصيرة كما آمل واطمأننت حين اطلعت علي آثار الإمامين الكبيرين «محمد عبده» و«محمود شلتوت» فوجدتني أقف في صفهم وأعتنق فهمهم.. ولقد تعرضت للنقد كما تعرضوا!. أفكار موافقة لجوهر الدين وخلال المسيرة عرضت لي ملاحظة بالغة الأهمية طالما تأملت فيها وأعلنتها وهي: إن كبار الكتاب العلمانيين الليبراليين، الذين يتمسكون بقيم الإسلام وبالحرية مثال لهم «أ. حمد عبدالمعطي حجازي»، «د. جابر عصفور».. وأحسب أنهم لم يحيطوا بعلوم الدين، ومع ذلك اقرأ لهم فأجد ما يطرحونه من نتاج عقولهم موافقا لجوهر الدين ومقاصد الشريعة.. ذلك لأن الإسلام دين العقل، لذلك تجد «النص الصحيح يوافق العقل الصريح».. وأذكر مواجهة تليفزيونية بين مفتي الديار «د. علي جمعة» وهو عالم كبير وبين «أ. أحمد عبدالمعطي حجازي» وقبلها أشفقت علي «حجازي» لكنه بعقله وفكره استطاع أن يجتاز المواجهة بامتياز! بجانب الذين وصلوا إلي جوهر الدين عن طريق الدرس، والذين وصلوا عن طريق العقل تجد المقلدين.. ومنهم المتسمون بالدين ودعاة القنوات الفضائية والإخوان المسلمون ومن يتبعونهم من العوام الذين يتخلون عن عقولهم أمام خطباء المساجد.. أو هؤلاء ينهلون من الروايات والتفاسير والإسرائيليات والأساطير والخرافات.. ويعظمون الشكليات والسفاسف.. ويتصورونها غاية الدين ومنتهاه.. وجميعا ينطبق عليهم ما جاء بكتاب الإمام «محمد عبده»: «الإسلام بين العلم والمدنية» عن الإمام «علي بن أبي طالب»: «إن هؤلاء القوم لبسوا الدين كما يلبس الفرو مقلوبا»! وعن الشاعر «عمر الخيام» مخاطبا النبي: «أيها النبي، إن الذين جاءوا بعدك زخرفوا الدين وزركشوه ووضنوه حتي لو رأيته أنت لأنكرته»..! داعية دينية وأحسب أن من هؤلاء كاتبة مشهورة.. كانت يسارية ثورية تحت زوج ثوري.. كانت تقف مدافعة عن قيم الإسلام العليا في العدل والحرية.. لا تعبأ بالطقوس والأشكال ثم تحجبت أي ارتدت «الحجاب».. وتحولت - مع شديد الدهشة - إلي ما تتحول إليه الفنانات المعتزلات المحجبات.. إلي داعية دينية!! تجاهد لكي تقنع السامع والناظر أنها امتلكت علوم الدين من أطرافها.. وكل حصيلتها ألفاظ وتعبيرات: السلام عليكم.. جزاك الله خيرا.. أحبكم في الله.. أعزكم الله.. ربنا يجعلها في ميزان حسانتك!! بيد أن الفنانات يظهرن لماماً وفي المناسبات لكن كاتبتنا لها «عمود» و«مقال» في أكثر من صحيفة.. وتقف متحفزة علي ثغور التدين تدفع عنه من تتصور أنهم يهاجمونه! في الآونة الأخيرة ولت وجهها شطر الكتاب الليبراليين الكبار العقلاء.. فانهالت عليهم بالهجوم الكاسح بألفاظ بالغة القسوة لأنهم أصدروا ما تم تسميته «البيان الدولي ضد الإرهاب».. «ولعمري أنهم ما أخطأوا وما تجاوزوا، فالقرآن يقرر بصريح النص أن تعجيز النفس من الكبائر، وقتل الأبرياء من النساء والأطفال من الكبائر.. ويكفينا قوله تعالي: «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا» وقوله تعالي: «ولا تزر وازرة وزر أخري». وانظر ماذا كتبت: - أعد البيان مجموعة من أقطاب اللا دينيين العرب! - وجمعت عليه توقيعات شتي من حدائق شياطينهم في أرجاء أمتنا العربية المنكوبة بهذه الخشب المسندة! - لم تغب عن أحد حقيقة تلك الأصوات العالية التي تؤذن في بلادنا بنداء أبالسة اللادينية! لابسة أقنعة الليبرالية وتسمي نفسها تنويرية! لا تجتذب إليها سوي البلهاء والسذج. - لم يكترث الموقعون علي هذا البيان المقزز انهم أصبحوا هم فقهاء محاكم التفتيش. - هؤلاء التبويريون هم المتخرجون في حوزة فقه اللادينية الآثم ثقافيا وفكريا وحضاريا وهم وقود كل فتنة وكل بلاء ووباء. هذا ما كتبته الكاتبة التي تزعم أنها تتحدث باسم «الإسلام». وفي المقال التالي نبين كيف يكون حديث «الإسلام»؟