لم يكن الأدب الصيني شائعا علي مدي سنوات طويلة بالنسبة للثقافة العربية والعالمية، إلا بعد حصول كل من الروائي الفنان جاو كسينجيان، ومو يان علي جائزة نوبل، الأول حصل عليها في روايته »جبل الروح» عام 2000، والثاني نالها في عام 2012 علي مجمل أعماله، وقالت عنه لجنة نوبل للأدب»الذي يدمج الهلوسة الواقعية بالحكايات الشعبية، والتاريخ والمعاصرة». منذ ذلك اتجهت أنظار العالم إلي الأدب الصيني بإعتباره أدبا عالميا، بدأ يأخذ مكانته التي تليق بحضارته العريقه وفكره المتجدد بعد هذين الحدثين العالميين، ومن ثم سعت الصين إلي تعزيز إبداعها بالترجمة إلي اللغات الأخري، ومن بينها اللغة العربية التي ارتأت الحكومة الصينية في ترجمته إلي اللغة العربية يعد نقطة انطلاق لها علي جسر قوي يربط الثقافتين العربية والصينية، معتمدة علي الدور الذي كانت تقوم به في الماضي عن طريق الحرير القديم في نقل التجارة والثقافة والعادات والتقاليد والديانات المختلفة، ومع مرور الزمن وإنشاء بيت الحكمة في عام 2011، الذي يمثل حلقة التواصل بين الأدب الصيني والعربي تمت بالفعل ترجمات عديدة من الإبداعات الصينية والعربية في تبادل ثقافي شمل كل فنون الثقافة. إضافة إلي إحياء طريق الحرير من جديد حاملا لعدد لا بأس به من الترجمات الأدبية والكتب الثقافية بين البلدين حيث تم نقل الثقافات والعلوم من الصين إلي الدول العربية والإسلامية والعكس. هذا ما شاهدناه في العديد من العروض الفنية والثقافية الصينية خلال العام المصري الصيني في عام 2016، حيث تم ترجمة ثلاثية نجيب محفوظ إلي اللغة الصينية، والتي تركت أثراً كبيراً في نفوس الشعب الصيني، ثم جاءت ترجمة »ألف ليلة وليلة» التي حظيت بإعجاب القراء الصينيين، كما قام الأدباء العرب بترجمة الأدب الصيني للتعرف إلي الحياة اليومية في الصين. ومن أبرز الأعمال التي ترجمت معظم أعمال محفوظ، وراوية »رد قلبي»ليوسف السباعي» ورواية »الزيني بركات» لجمال الغيطاني ورواية »بيت الديب» للروائي عزت القمحاوي ومازال هناك العيد من الأعمال الأدبية في طريقها للنشر. بيت الحكمة والترجمة بدأت حركة الترجمة تنشط وتزدهر بعد إقامة بيت الحكمة الذي قام بدور رئيسي في إزدهار التعاون الثقافي مع دور النشر الخاصة والحكومية في ترجمة المزيد من الكتب حيث تم التعاون مع الدار المصرية اللبنانية للإصدار كتاب من أهم الكتب التي تشرح ماهية التغيرات الصينية وكيفية الصعود والنجاح خلال الثلاثين عاما الماضية، في كتاب »الطفرة الصينية» من تأليف الإقتصادي الصيني البروفيسور وو شياو بوو، وهو أحد أشهر الكتاب الصينيين الكبارفي مجال الإقتصاد السياسي ومن ترجمة المترجمة د.رشا كمال، الكتاب يتتبع تفاصيل مسارات وصعود الطفرة الصينية في تفاصيلها الصغيرة، قصة ثلاثين عاما حولت الصين من دولة عالم ثالث لدولة تسبق العالم الأول. كما تضمن مشروع بيت الحكمة بالتعاون مع دار نشر هواون الصينية ومركز طريق الحرير للنشر لنشر الثقافة العربية والإسلامية في الصين واختيار أمهات الكتب وكتب سير أعلام الحضارة الإسلامية، حيث صدرت أربعة أعمال جديدة بالصينية لسير الخلفاء الراشدين في أربعة أجزاء هي »أبو بكر»، »عمر» »عثمان» »علي» رضي الله عنهم، وذلك بعد إصدار كل من »حياة محمد»، »نساء حول الرسول»، »سيرة أبو حنيفة»، »العرب عبر التاريخ»، »ألف ليلة وليلة». والتي حققت نجاحات ومبيعات كبيرة في الصين، ومتوفرة علي كل مواقع الكتب بالصين وكل سلاسل المكتبات الصينية. وعلي الجانب ترجمة الأعمال الروائية من اللغة الصينية إلي اللغة العربية شهدت الساحة الأدبية العديد منها رواية »الذرة الرفيعة الحمراء» لصاحب نوبل مو يان التي رسم فيها صورة دقيقة عن الريف الصيني، وعن حياة الفلاحين الصينيين، وعاداتهم وتقاليدهم، وخبراتهم الحياتية الثرية، ومعاناتهم تحت الاحتلال الأجنبي - احتلت اليابانالصين في الفترة من 1937 إلي 1945- وفي ظل القهر السياسي، وقد صدرت ترجمتها العربية عن المركز القومي للترجمة بمصر، وقد أنجز هذه الترجمة عن اللغة الصينية د.حسانين فهمي حسين الذي يؤكد في تقديمه لها أن إنجاز مو يان الأدبي يعد لوحه فنية صادقة لحياة فئة أصيلة من فئات الشعب الصيني. وفي سلسلة الجوائز جاءت رواية »الصبي سارق الفجل» ل »مو يان» من ترجمة د.حسانين فهمي إضافة إلي »مختارات مو يان» القصصية وهي تجمع أهم قصص التي تمثل علامات فارقة في مشواره الأدبي بترجمة من د. محسن الفرجاني.وهناك أيضا العديد من الروايات التي تم ترجمتها إلي اللغة العربية من جانب بعض دور النشر الخاصة مثل دور الناشر العربي.حيث تمكن كل من القارئ العربي والصيني التعرف علي ثقافة الآخر في الوقت المعاصر بعد أن ظلت لسنوات غائبا عن الساحة الثقافية ولا يتعدي معرفتنا بالصين غير أنها دولة منتجة لمعظم الصناعات العالمية.