اعتاد المصريون علي مر العصور علي متابعة القصص والأساطير الشعبية بشغف ملحوظ، باحثين دائما وأبدا عن الرمز والقدوة الذي يتابعونه ويتبعونه ولو في خيالهم وأحلامهم إلي أن تتحقق المعجزة ويصبحوا مثله، وفي القرنين الماضيين ساعدت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية علي الترويج للكثيرين من الرموز في جميع المجالات، وعرفنا جميعا أحمد عرابي، سعد زغلول، مصطفي كامل، جمال عبد الناصر والسادات في الزعامة السياسية، سيد درويش، عبد الوهاب، أحمد شوقي، نجيب الريحاني، نجيب محفوظ، فريد شوقي في الفن والأدب، وكذلك في جميع المجالات الرياضية والعلمية نحتاج لآلاف الصفحات حتي لا ننسي أحدا، ولكن بعد هجوم السوشيال ميديا المفزع في السنوات القليلة الماضية تحولت البوصلة فجأة إلي جهات غير تقليدية وقفز علي المقاعد الأمامية ما يسمونهم بالانفلوينسرز أو المؤثرين. نعلم جميعا أن للحضارة وجهين أحدهما إيجابي والآخر سلبي وكما أخذنا من الإنترنت المراكز الأولي في مشاهدة المواقع الإباحية فقد اتجه الملايين من شبابنا إلي متابعة هؤلاء المؤثرين بكل ما يعرضونه من محتوي صالح أو طالح وأصبح لكل منهم مريدوه ودراويشه الذين يرون فيه عراب المستقبل ومثلهم الأعلي في الوصول إلي القمة، بعض هؤلاء المؤثرين انتهج طريقا مضيئا وقدم ما يفيد متابعيه مثل الدكتور المحترم هاني الناظر صاحب أكبر عيادة إلكترونية مجانية في العالم أو النجم الكوميدي الصاعد بسرعة الصاروخ أحمد أمين والذي لم يستخدم الإيحاءات الخارجة مثل أقرانه، والبعض الآخر بات يقدم بضائع فاسدة ومحتوي تافها من تصرفات شائنة ومواقف يومية شديدة التفاهة كان آخرها ارتداء أحدهم حفاضة أطفال رغم بلوغه الثلاثين من عمره!!!!! الكارثة ليست في تصرفاتهم الخرقاء بل في التعليقات المبهورة بما يقدمونه من سفالات وكتابة جمل أكثر لزوجة مثل... فصلتني ضحك اقسم بالله، قتلتني مش قااااادر... وهنا استعير الجملة الشهيرة لنمبر وان الحقيقي الزعيم عادل إمام عندما قال.... لقد وقعنا في الفخ، نعم وقعنا جميعا في فخ السوشيال ميديا بعد أن ترك معظم شبابنا القراءة وابتعدوا عن متابعة المؤثرين الحقيقيين من كبار الكتاب والمثقفين والعلماء، واتجهوا إلي اليوتيوبرز والجيمرز والانفلوينسرز ممن يقدمون اللاشيء ويزرعون التفاهة والسطحية في أدمغة وعقول جيل كامل من شباب مصر.