مع كل خطوة يقطعها الشعب المصري إلي الأمام تتكشف أبعاد المؤامرة التي كانت تحاك له في الظلام من جانب جماعة إرهابية أرادت أن تغرق مصر في مستنقع من الدماء.. ومع كل ذكري لجرائم جماعة الإخوان الإرهابية يدرك المصريون أنهم نجوا من مصير أسود علي يد تلك الجماعة الدموية وعناصرها الإرهابية. وفي الذكري الخامسة لفض اعتصامي رابعة والنهضة، ومع تعافي مصر من أزماتها، وفي مقدمتها النجاة من مخطط الإرهاب الأسود، يتأكد الجميع كيف كانت تلك الجماعة الحاضنة الأم بكل أفكار التطرف والإرهاب.. وكيف خرج القتلة والمجرمون من رحم اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، وكيف ولدت البذرة الأولي لتنظيمات الإرهاب المسلح لعناصر الإخوان من رحم هذين الاعتصامين. مصر 2013.. ومصر 2018 صورتان مختلفتان تمام الاختلاف.. من دولة علي حافة الهاوية تمزقها الانقسامات وتستنزفها جماعات الإرهاب، إلي دولة تنطلق بخطي واثقة علي طريق النمو والاستقرار. في هذه السطور نستعيد ذكري أيام قاسية عاشها المصريون، عانوا من إرهاب الجماعة وجرائمها.. لكنهم استطاعوا بفضل تلاحمهم ونبذهم لتلك الجماعة الإرهابية أن ينقذوا وطنهم من المصير الأسود الذي أراده »الإخوان الإرهابيون» لمصر وأهلها. طريق شاق، وتضحيات هائلة قدمتها مصر من دماء أشرف أبنائها من رجال الجيش والشرطة، لكنها استطاعت أخيرا ان تتجاوز آلامها، وتستعيد حريتها، وتنقذ هويتها من أنياب جماعة لم تعرف في تاريخها سوي القتل وإراقة الدماء!! رفعوا أسلحتهم في وجوهنا ومنعوا المرضي من الخروج للعلاج تحولت حياتهم إلي جحيم، في يوم وليلة وتحولت بيوتهم إلي سجون لا يستطيعون الدخول إليها أو الخروج منها بسهولة.. حاصرهم الآلاف، وحولوا أيامهم إلي عذاب مقيم.. هذا هو حال الآلاف من سكان منطقة »رابعة العدوية» وبين السرايات الجيزة القريبة من منطقة تمثال النهضة، حيث شهدت تلك المناطق الاعتصام المشئوم لانصار جماعة »الإخوان» الإرهابية.. علي مدي 44 يوما كان حلم الخلاص من حصار المعتصمين وإرهاب الجماعة هو الحلم الذي يعيش من اجله آلاف السكان الأبرياء.. وعندما حانت لحظة الخلاص وتدخلت الدولة المصرية لتفض هذا الاعتصام المسلح، أبي أنصار الجماعة الإرهابية إلا ان يحولوا الشوارع إلي برك دماء.. عاثوا فسادا وتخريبا، قتلوا ودمروا.. لكن إرادة الدولة المصرية انتصرت في النهاية علي إرهاب الجماعة. »الأخبار» التقت العديد من شهود العيان الذين عايشوا محنة الاعتصام وكانوا شهودا علي جرائم الجماعة الإرهابية وعناصرها الإجرامية، لتستعيد معهم تلك الأحداث بعد خمس سنوات لم تستطع ان تمحو تلك الذكري السوداء من عقولهم. محمد حسن أحد أشهر بائعي إشارة ميدان الشهيد هشام بركات »رابعة العدوية سابقا»؛ فتح قلبه لنا واسترجع الذكريات الأليمة لهذه الأيام »الغبراء» علي حد تعبيره، يقول الشاب الثلاثيني :» كنت شاهد عيان علي بداية فض اعتصام رابعة.. رأيت إطلاق الرصاص من داخل الاعتصام علي ضباط الشرطة الذين كانوا يطالبون المعتصمين بالمغادرة وفتحوا لهم طريقا آمنا للخروج بسلام.. استشهد بعد مناوشات احد الضباط، وتبادل بعدها الطرفان إطلاق النار.. ليهاجم انصار الإخوان الإرهابيون الضباط بانابيب البوتاجاز مما أدي إلي احتراق بعض جثث معتصمي رابعة خلال الفض»، واضاف حسن : »كانت أيام صعبة ربنا لايعيدها مره تانية اما الآن فالدنيا مشيت والوضع اتحسن».. واختتم حسن :» كانوا يجبرون أصحاب الأكشاك والمحلات المحيطة بالميدان علي إغلاق مصادر أرزاقهم.. وجمعوا أعداد كبيرة من المعتصمين بالأموال والطعام». اما علي محمد »اقدم سايس بالمنطقة» فأكد ان المنطقة كانت محاصرة لأكثر من 44 يوما، ولا يستطيع احد أن يدخل او يخرج بسهولة، الوضع كان اكثر ماساوية من الحروب فلم يسمحوا لسكان المنطقة والعمارات المحيطة الدخول الا بالبطاقة الشخصية، وتحولت الممرات إلي مراحيض عامة ومطابخ متنقلة لطهي الطعام للمعتصمين في الميدان، واضاف علي :»كانوا يحرقون سيارات الجيش والشرطة والسيارات الخاصة.. وأقاموا أكثر من 60 حماما في ساعات قليلة»، واشار »اقدم سايس بالمنطقة» :» كانت ايام عذاب ومكناش بنقدر نتكلم معاهم كانت اعدادهم كبيرة ومدججين بمختلف انواع بالسلاح». ولانزال في ميدان الشهيد هشام بركات »رابعة سابقا» حيث التقينا بمحمد عبدالله احد سكان الميدان ؛ والذي شرد لثواني معدودات بعد سؤاله عن ذكرياته مع فض رابعة والنهضة، فيقول محمد »مهندس» :» بدأت الأحداث في الخامسة من صباح، الرابع عشر من أغسطس عام 2013، واستمرت حتي الخامسة من مساء اليوم نفسه تقريبا. 12 ساعة مثلت ذروة التحدي بين الإخوان، بما تملكه من أسلحة وحقد وكراهية لكل ماهو مصري وبين الدولة المصرية، بمؤسساتها، وشعبها، والحمد لله انتصرت الدولة»، واضاف احد سكان ميدان »رابعة» : أول ما بدأوا الاعتصام كانت أعدادهم كبيرة جدا، واحتلوا مداخل العمارات، وماحدش قدر يمنعهم في ظل ابتعاد الشرطة عنهم تماما، وكانوا ينامون إلي جوار زوجاتهم في المداخل، وكأنهم في بيوتهم والروائح كانت قذرة ولكن جيشنا وشرطتنا كانوا رجالة ووقفوا امامهم وخلصونا من قرفهم». »اشتغلت صنايعي وتركت محلي الملك».. بهذه الكلمات بدأ أحمد صبري صاحب أشهر محل ورد بميدان الشهيد هشام بركاته كلماته معنا وهو يسترجع حصار رابعة الذي أستمر قرابة 44 يوما ليقول أمتلك انا وأخي هذا المحل منذ اكثر من 10 سنوات وفي اليوم الذي بدأ فيه الاعتصام فوجئنا بأعداد كبيرة من أفراد جماعة الاخوان يفترشون ميدان رابعة سابقا،استمرينا بالعمل انا وأخي لمدة ثلاثة أيام كانت أشبه بالمعارك بالنسبة لنا حتي قررنا اغلاق المحل نهائيا بسبب وقف حالنا ولجانا إلي العمل صنايعية في محلات ورد عند اخرين بعدما كنا أصحاب محل لنستطيع الحصول علي دخل نستطيع منه اطعام اسرنا. ويستكمل صبري ذكرياته ليقول عندما عدنا إلي المحل بعد فض الاعتصام وجدنا أنهم استخدموا محلنا كمطبخ لاننا وجدنا بواقي أدوات طهي وبوتجازات صغيرة و بعض الاطعمة ،ولم يكتف افراد الجماعة بكم الاهمال الجسيم داخل المحل بل قاموا بسرقة جهاز التكييف أيضا و تسببوا في إشعال حريق داخل المحل، مضيفا لقد قمنا انا و اخي باعادة ترميم المحل من جديد و التخلص من اثار جرائمهم لنبدأ به بداية جديدة و نمحو ايام الاعتصام من ذاكرتنا. ويقول أحمد مجدي طالب بالجامعة الامريكية، أسكن بمنطقة مصر الجديدة ولكن أغلب أقاربي وزملائي يسكنون هنا في ميدان الشهيد بركات ،ولقد عانوا كثيرا أيام اعتصام رابعة وكانوا أشبه بالمحاصرين فلم يكن يحق لهم النزول في اي وقت و اذا حدث ذلك يكون وسط أجواء من الترهيب والذعر ،وكنت احيانا أقوم بشراء بعض الاحتياجات المنزلية و الأدوية لصعوبة حصولهم وقتها علي تلك الأغراض . ويضيف أن السكان مروا بأيام قاسية نتمني جميعا الا تعود وان تمحي من ذاكرتنا تماما. فض ميدان النهضة ومن امام ثمثال نهضة مصر بميدان النهضة وبالتحديد بجانب أحد شوارع بين السرايات ؛ قابلنا عم ابراهيم علي :» اقدم سايس في المنطقة» والذي يقول:» كانوا يحضرون الطعام بالأطنان للمعتصمين، وكانوا يرفضون منحنا أي شيء منه؛ باعتبارنا أعداء لهم، وكانوا يشتبكون مع أي فرد يطلب منهم الابتعاد، وكانوا يفتشون سكان بين السرايات الذين يدخلون إلي الميدان للعبور إلي بيوتهم ، وهو ما جعل أعدادا كبيرة تشتبك معهم حتي لحظة فض الاعتصام والتي تنفسنا فيها »هواء الحرية» . ويلتقط منه طرف الحديث عم حربي سليمان »اقدم سكان بين السرايات» ، والذي أكد أن الوضع الان افضل مليون مرة من الذي شاهده طوال ال44يوم (فترة الأعتصام) ؛ وأضاف حربي :» لم يرحموا صغيرا ولا كبيرا، وكانوا يرغبون في إجبار الناس علي العيش داخل الميدان وقاموا باخذ بطاقتهم الشخصية فلا أحد يدخل أو يخرج حتي ولو كان مريضا»، ويواصل »عم حربي» :» فترة الاعتصام كشفت لنا الإخوان علي حقيقتهم، وعرفنا أنهم كذابون، ودعاة عنف، ولا يقبلون الرأي الآخر، ويعطون الأوامر للأتباع الذين فقدوا عقولهم تماما، وتحولو إلي قطيع، بعد أن أقنعهم القادة بأنهم إذا غادروا الاعتصام فإنهم يخونون دينهم، ولكن الحمد لله بلدنا رجعت لنا تاني. تؤكد سميرة خليل ربة منزل عشنا اياما من الفزع والرعب عندما أتذكرها ابكي واحاول أن أمحوها من ذاكرتي بشتي الطرق ،ففي احد أيام اعتصام النهضة مرضت ابنتي الصغري وذهبت بها إلي الطبيب وفور نزولي ومروري بافراد الجماعة حاصروني بالأسئلة بشكل مفزع وباصوات عالية جعلت ابنتي وقتها تشعر بالخوف الشديد ولولا تدخل أحد المارة لما تمكنت من المرور.. لتذرف دموع سميرة وهي تردد »الحمد لله خلصنا من الاخوان».