أختلف كثيرا مع الكاتب الكبير الأستاذ مصطفي بكري.. ولازلت أختلف معه أيدلويوجيا.. بمعني أنه يؤيد أفكارا سياسية واقتصادية سادت في فترة الستينيات.. وأنا أقتنع بالحرية السياسية والليبيرالية الفكرية.. ولكني هذه المرة أتفق معه في رؤيته حول أهمية ضمان تنافسية وحرية للإعلام في مصر هذه الأيام.. فمصلحة الوطن العليا في إعلام قوي، وصحافة تعبر عن الناس.. فتنقل نبض الشارع للمسؤولين بمصداقية، ووضوح، وشفافية، تضمن التواصل والاستقرار، وتتيح للإعلام الوطني أن يقوم بدوره كرقيب ومتابع قوي.. الاستاذ مصطفي بكري أثار في برنامجه الخميس الماضي العديد من القضايا التي قد تهدد الإعلام وقدرته علي القيام بدوره.. ومنها إغلاق قنوات فضائية والاستغناء عن عمالة في قنوات أخري، رغم أن هذه القنوات لعبت دورا كبيرا في توضيح الدور المشبوه الذي يصل إلي درجة الخيانة مع جماعة الاخوان خلال العام الذي حكمت فيه الجماعة مصر، وكادت تؤدي إلي انهيارها.. وساهم الإعلام بقوة في حشد المواطن المصري الذي نزل إلي الشوارع وكانت ثورة 30 يونيو التي حماها الجيش.. والتي أنهت حكم جماعة ارهابية استولت علي مصر في غفلة من الزمن ! هناك الكثير من الكفاءات الاعلامية والصحفية التي يمكن أن تساهم في تعظيم دور الاعلام المصري، وتأكيد ريادته داخل مصر أو الشرق الأوسط.. وهو ما قامت به بنجاح قنوات فضائية مستقلة والتلفزيون المصري، وقد دعا الاستاذ مصطفي بكري إلي دعم التلفزيون المصري الذي يعاني من مشاكل متراكمة ومتفاقمة تحتاج إلي حلول جريئة وغير تقليدية، للخروج به من أزمته.. وأكثر ما اثار انتباهي هو قرار تحويل القنوات الإقليمية لقنوات تابعة للمحافظة وهو ما يبعدها تماما عن وجود إستراتيجية موحده تعمل علي توجيه الرأي العام بالمحافظات ويحولها لإدارة تابعة للمحافظة، وبالتأكيد ينقصها المهنية الاعلامية والاستقلالية.. كنت أتوقع أن يتم وضع سياسة إعلامية شاملة وواضحة لما يواجه بلدنا حاليا من مخاطر كثيرة.. وأن تلعب فيها هذه القنوات دورا كبيرا فهي تعمل داخل المحافظات وتعيش وسط المواطنين وتلمس مشاكلهم وهي أدري وهي الأقدر علي توصيل الرسالة إليهم فقد واجهنا الكثير من الأزمات والمشاكل مؤخرا.. وكان أبرزها انتشار الشائعات بشكل يهدد سلامة الوطن.. وقامت الحكومة في خطوة جيدة بالرد عليها وتوضيح الصورة للرأي العام.. وليس سرا أنه في الفترة الاخيرة بدأت ترتفع نسبة مشاهدة القنوات المعادية التي تستهدف أمن مصر، بسبب غياب الرأي والرأي الآخر في الكثير من القنوات.. فإذا كنا جادين في الرغبة لعودة التليفزيون المصري والصحافة القومية إلي مكانتها كأداة من أدوات الشعب ووسيلة للدفاع عن القضايا الوطنية وأن يصبحا هما الملهمان لثقافة الشعب المصري ولأخباره ولأفكاره ولأوجاعه لابد من خطة واستراتيجية واضحة للأعلام المصري. فالاعلام لايقل أهمية عن تسليح الجيوش وحماية الحدود.. في حماية الوطن والدفاع عنه وعن أمنه وعن مستقبل أبنائه.. ولهذا السبب أطالب كل المسئولين بضرورة أن يظل إعلامنا قويا متماسكا في مواجهه الحرب التي تشن ضد هذا البلد وهي حرب شرسة نلمسها جميعا وتستغل أي ثغرة في نشر الأكاذيب وتضليل الرأي العام وتهدف للفتنة والتفرقة واثارة الرأي العام.. وهذه المواجهه لن تتحقق إلا بعودة المنافسة القوية بين القنوات واعطاء مساحة للرأي والرأي الاخر وفي أكثر من مناسبة طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي ان يكون في مصر اعلام قوي تحشد له الامكانات المهنية والمادية، كي تعود لمصر ريادتها الاعلامية في إعلام وطني قوي،لا يخاف ويعبر عن الشعب بكل تنوعه وتياراته المختلفة.. القضية هامة جدا وتحتاج أن تطرح بكل الوضوح والصراحة علي مائدة النقاش من أجل مصر. باقة ورد إلي الصديق العزيز والأخ الفاضل والصحفي المتميز ياسر رزق خالص التهنئة لنا في دار أخبار اليوم وللقراء ولعشاق الكلمة الصادقة الوطنية المخلصة بعودتك سالما معافي.. إلي بيتك ومكانك ومكانتك في قلوبنا التي لاينازعها أحد.