الجمعيات الأهلية شريك أساسي فى بناء الدولة »بناء الدول لا يقتصر علي الحكومات فقط بل هي مسئولية مجتمعية».. جملة تكررت كثيرا علي لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي داعيا بها جميع طوائف الشعب إلي ضرورة التكاتف لحماية مصر من المؤامرات التي تحاك ضدها، وفي المؤتمر الوطني السادس للشباب حرص الرئيس علي تجديد هذه الدعوة مطالبا الجميع بأن يقوموا بدورهم اللازم ليشاركوا في بناء الدولة. الرئيس السيسي حرص علي دعوة منظمات المجتمع المدني إلي أن تشارك في بناء الإنسان المصري،وأن تكثف من دورها المجتمعي في خدمة المصريين.. ففي جميع دول العالم تجد منظمات المجتمع المدني شريكاً أساسياً ومهماً للحكومات في تنمية موارد الدولة والمساعدة البناءة في نهضتها الاقتصادية عن طريق المبادرات والمساعدات التي تتوافر لها من التبرعات. ويبقي السؤال كيف تستعد تلك الجمعيات والمنظمات الأهلية لتفعيل دورها في مشروعات بناء الإنسان المصري، وتلبية دعوة الرئيس في هذا الشأن؟، وما ابزر المبادرات التي ستقوم بتنفيذها أونفذتها بالفعل وساهمت في خدمة المجتمع ؟. »الأخبار» طرحت تلك التساؤلات علي نخبة من ممثلي منظمات المجتمع المدني، الذين أكدوا أن المنظمات الأهلية لم ولن تقصر في دورها في بناء الدولة وأنهم قاموا بتنفيذ الكثير من المبادرات تحت رعاية الدولة وان هناك الكثير من الخطط والمبادرات ستقوم بها هذه المنظمات تنفيذا لدعوة الرئيس السيسي. الأورمان:ننسق مع الصحة لإنهاء قوائم الانتظار صناع الخير:المشاركة في مشروعات التنمية واجب وطني جمعية رسالة: خطة لمساعدة البسطاء طوال العام خبراء الاقتصاد: تأهيل المنظمات وتدريب كوادرها يعزز مشاركتها علماء الاجتماع: دورها لا يقتصر علي التبرعات والاستفادة من المتطوعين بداية النجاح في البداية يؤكد مصطفي زمزم، رئيس جمعية صناع الخير، أن جميع مؤسسات الدولة وعلي رأسها منظمات المجتمع المدني بكافة أشكالها يعتبرون أنفسهم جنوداً مقاتلين في خدمة الدولة دائما وإن أي مشكلة تواجه الدولة يجب أن يتكاتف الجميع لمواجهتها، وتوجيهات الرئيس في هذا الشأن تكون بمثابة أمر عسكري يجب علي الجميع تنفيذه حتي نستطيع إن نحقق حلمنا بأن تعود مصر أم الدنيا كما نريدها وكما يؤكد ويكرر الرئيس في كل لقاء. ويضيف أن هذه ليست المرة الأولي التي يطالب فيها الرئيس المنظمات بضرورة المشاركة الفعالة لبناء الدولة بل قام الرئيس بدعوة هذه المنظمات أكثر من مرة للقيام بدورها الذي من المفترض انه واجبها الرئيسي تجاه الدولة التي يجب علي الجميع ان يعي خطورة المرحلة التي تمر بها. ويوضح أن مؤسسة صناع الخير قامت بعمل العديد من المبادرات استجابة لدعوات الرئيس السيسي خلال الفترة السابقة وذلك من خلال تبنيها في عام 2017 حملة تحت عنوان »اطمن علي نفسك» تم من خلالها محاربة فيروس سي ومساعدة أكثر من 80 ألف مواطن ممن كان يعانون من هذا المرض اللعين وكان ذلك تحت إشراف وزاره الصحة وتنفيذا لدعوة الرئيس بأن تكون مصر بلا فيروس سي. وتبنت المؤسسة في عام 2018 حملة بعنوان »عنيك في عنينا» لكي يتم محاربة مسببات العمي،حيث قمنا بعمل مسح طبي ل 40 ألف مواطن نجحوا خلالها في علاج ما يقارب من 6700 مواطن كانوا يعانون من أمراض متنوعة في العين ويكمل أنه بعد دعوة الرئيس الأخيرة تسعي صناع الخير لإطلاق حملة هدفها توصيل المياه للقري الأكثر فقرا في صعيد مصر التي تعد الشغل الشاغل للرئيس السيسي واستكمال النجاحات التي حققتها الجمعية في تنمية حلايب وشلاتين عن طريق إنشاء 6 محطات لتنقية المياه بالإضافة إلي رفع كفاءة المحطات القديمة وتوزيع أكثر من 40 طناً من المواد الغذائية بهذه المنطقة ونسعي لزيادتها هذا العام . ويضيف زمزم أن الأمر لن يقتصر عند هذا الحد بل ستسعي الجمعية لتنفيذ مزيد من الخطط والمبادرات لتكون شريكاً في مساعدة الدولة حيث ستقوم الجمعية في عام 2019 بإطلاق مبادرة أو حملة لضعف السمع سواء كانت عن طريق زرع قوقعة، أو تركيب سماعات وستكون هذه المبادرة بالاتفاق مع مؤسسة البورصة للتنمية؛ لكي يتم القضاء علي قوائم الانتظار، بالإضافة إلي أن صناع الخير تسعي لاستكمال النجاح الذي قامت به في إجراء حوالي 10 آلاف عملية للعيون مجانا لغير القادرين. قوائم الانتظار ويؤكد اللواء ممدوح شعبان، مدير عام جمعية الأورمان، أن منظمات المجتمع المدني دائما وأبدا في خدمة الدولة والمواطنين وانهم جاهزون للمشاركة في بناء الدولة اذا ما احتاجت الدولة لذلك وبالفعل هناك الكثير من الجهود المبذولة من قبل هذه المنظمات للمساهمة البناءة في مشروعات التنمية الواعدة التي تنفذها الدولة حاليا. ويوضح أن أبرز هذه المساهمات هو ما قامت به جمعية الأورمان بالاشتراك مع صندوق تحيا مصر وبعض الشركات والبنوك في تنفيذ مبادرة إعمار القري الأكثر فقرا والتي كانت تستهدف إعادة الحياة لاكثر من 500 قرية في مصر ممن يعانون من الفقر المدقع في كافة النواحي. ويضيف أن هذه المبادرة نجحت بنسبة تجاوزت ال 80% واستطاعوا ان يعيدوا اعمار أكثر من 15 الف منزل من سكان هذه القري وتوفير المياه النظيفة لهم بجانب انهم تم إنشاء محطات كهرباء لهم تمدهم بالكهرباء بصوره دورية بدلا من الظلام الذي كان يخيم علي حياتهم بالاضافة إلي ان بعض هؤلاء السكان تم توفير أثاث وبوتاجازات لهم، لمساعدة الأهالي علي مصاعب الحياة. ويشير إلي ان الجمعية ايضا لم تتوقف علي مجال اعمار القري فقط بل كان من اهم اولوياتها الشباب الذين كانوا شغلها الشاغل فقامت الاورمان بتنبي حملة مكبرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر عن طريق تقديم قروض للشباب الحرفيين بجانب الشباب الذي يمتلك دراسة جدوي لمشروع خاص به بهدف ان يتم خلق جيل جديد من رجال الاعمال.. ويكمل أن هذه المبادرة لاقت نجاحاً وصلت نسبته إلي 90% حيث انه تم مساعدة أكثر من 15 ألف شاب خلال ال 15 عاماً السابقة بواقع 4 آلاف شاب كل عام. ويختتم شعبان حديثه قائلا: أن جمعية الأورمان بعد توجيهات الرئيس الاخيرة تسعي بالتعاون مع وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني للقضاء علي قوائم الانتظار التي يعاني منها الكثير من المرضي حيث بدأت بالفعل في تنفيذ خطتها في إجراء عمليات لمرضي القلب ومن المخطط ان تنتهي الجمعية من هذه العمليات في فترة تتراوح من 3 إلي 4 شهور بحد اقصي حتي تصبح مصر في النهاية بلا قوائم انتظار لعمليات القلب. مؤتمر الشباب من جانبه يقول المهندس أحمد مطاوع، مدير إداري جمعية رسالة بمحافظة الشرقية: إن منظمات المجتمع المدني منذ أن بدأت عملها في مصر وهدفها الرئيسي هو المشاركة في نهضة المجتمع في كافة المجالات لان هذا هو الهدف الرئيسي لتواجدها بالأساس واذا لم تقم بهذا فلا هدف منها وتصبح عالة علي المجتمع. ويضيف ان مطالبة الرئيس السيسي لمنظمات المجتمع المدني اثناء مشاركته في مؤتمر الشباب الاخير بضرورة التكاتف لاجل المشاركة في رحلة نهضة مصر موجود بالفعل في انشطة مختلفة ولكن المشكلة ان هذا التكاتف ضعيف جدا وفي مبادرات محددة. ويشير إلي ان رسالة خلال الفترة السابقة شاركت في انشطة كثيرة كالمساعدة في بناء البنية التحتية عن طريق توصيل المياه للأسر الفقيرة بجانب انه تم بناء الكثير من المنازل للمواطنين الأكثر فقرا في مصر بجانب أن رسالة شاركت في تطوير عملية التعليم وذلك عن طريق توفير دروس للتقوية تحت إشراف وزارة التربية والتعليم. ويكمل مطاوع ان رسالة بعد مطالبة الرئيس الأخيرة تقوم بدراسة العديد من الأنشطة لوضع الخطة اللازمة لها حتي تستطيع ان تساعد الدولة في خطتها للتطوير وبعد ذلك ستقوم بتنفيذ هذه الخطط بالمشاركة مع المنظمات والجمعيات الأخري تحت رعاية الدولة. ووجه المدير الإداري لجمعية رسالة شكر للرئيس السيسي علي اهتمامه بمنظمات المجتمع المدني مؤكدا له أن المنظمات والجمعيات لن تخذله وستبذل قصاري جهدها لأن تكون شريك بناء في رحلة تقدم الدولة. الاستفادة من المتطوعين ويؤكد د. رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، أن قيام الجمعيات الأهلية بالمساهمة في العمل الاقتصادي والتنموي ليس بأمر جديد وموجود في جميع أنحاء العالم وله أسس وقواعد واضحة.. ويضيف أننا بالفعل نمتلك بعض المحاولات الناجحة لبعض الجمعيات الأهلية والتي تساهم في تمويل المشروعات المتناهية الصغر لبعض الأهالي إلا أن هذه المشاركة لا تكفي لتكون ذات تأثير اقتصادي قوي. ويشير إلي أن المشكلة الرئيسية التي تؤدي لهذا الضعف هو أن الجمعيات الأهلية لا تمتلك ثقافة استغلال المتطوعين لديها واستغلال كل متطوع وفق مجاله بل تكتفي في عملها علي جمع التبرعات فقط ومن ثم تقوم بمساعدات خيرية وعينية لا تغني ولا تسمن في تنمية العجلة الاقتصادية. ويوضح عبده إن حل هذه المشكلة يبدأ أولا بتأهيل هذه المنظمات والجمعيات علي طريقة تحويل العمل الخيري إلي نشاط تنموي اقتصادي مستدام بجانب أن تقوم وزارة التضامن بمساعدة هذه المنظمات في وضع خطط لتوظيف التبرعات والاشتراكات التي تحصل عليها للقيام بمشروعات متناهية الصغر توفر عوائد لتساعدها فيما بعد علي البقاء بجانب أن يكون هناك تنسيق دائم بين الوزارة وهذه المنظمات. ويستشهد الخبير الاقتصادي بإحدي التجارب الناجحة والتي قام بها أحد محافظي الصعيد وكانت بالتعاون مع الجمعيات الأهلية وكانت فكرتها تقوم علي توزيع »نولات» علي البيوت وبعد ذلك قاموا بترويج ما تم إنتاجه في المعارض الأوروبية مما كان له تأثير وانتعاشة قوية لأهالي هذه القري. ويشدد رئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية والاقتصادية أن نجاح هذه المنظمات في المشاركة الاقتصادية يتوقف علي أن يتكاتف الجميع في تنمية عقلية المواطنين وتوعيتهم بضرورة المشاركة في العمل الأهلي والتبرع لهذه الجمعيات بجانب أن يقوم رجال الأعمال بدورهم بمساندة هذه الجمعيات ودعمها ماليا لتقوم بدورها في تنمية المجتمع. المساعدات الخيرية يوضح د. إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، أن مسئولية تنمية المجتمع دائما ما تكون مشتركة بين الحكومة والمجتمع المدني بمنظماته المختلفة يشاطرهم في ذلك القطاع الخاص ولا تتحملها الحكومات فقط.. ويضيف أن السبب في عدم مشاركة منظمات المجتمع المدني في هذه المعادلة بقوة هو أن ثقافة هذه المنظمات اقتصرت علي تقديم المساعدات الخيرية للفقراء فقط وعدم وعي القائمين عليها أن هذه المساعدات سرعان ما سينتهي تأثيرها علي هؤلاء المساكين بعد نفادها مباشرة. ويشير إلي أن الحل لتغيير هذه الثقافة يبدأ بتوعية هذه الجمعيات بأنها تملك حلولا كثيرة أخري لن تحتاج بها إلي موارد مالية بجانب أنها تساهم في الاقتصاد بقوة كأن تقوم بدور الوسيط لتسهيل إجراءات القروض الميسرة التي تقدمها البنوك للشباب والقري الأكثر فقرا للقيام بمشروعات تنموية ليس هذا وحسب بل تقوم بتوفير الأفكار والخطط لهذه المشروعات لإنجاحها وأيضا من الممكن أن تكون وسيطاً بين مجتمع رجال الأعمال والمجالات التنموية المختلفة. جزر منعزلة ويقول د. وائل النحاس، الخبير الاقتصادي: لابد أن نفهم مطالبة الرئيس علي الوجه الصحيح وألا يقتصر فهمنا علي هذه المطالبة بالمشاركة الاقتصادية فقط لأن المغزي هنا هو أن الرئيس يريد أن تصبح لهذه المنظمات والجمعيات قيمة مضافة حقيقية تساهم في العجلة الإنتاجية بتأديتها لأدوارها الاجتماعية والاقتصادية والفنية.. ويضيف أن مشكلة العديد من منظمات المجتمع المدني هو أنها لا تعمل بشكل مؤسسي سليم يعتمد علي الابتكار بجانب أن كثيراً منها لا يمتلك الوعي بخطورة الدور الذي يجب أن تقوم به والذي يجب أن يبدأ بالدور الفني أي بتأهيل وتدريب المجتمع وفئاته المختلفة علي طرق العمل الحديثة وتنمية ثقافة العمل الحر ثم بعد ذلك يكون الدور الاجتماعي وهو المساعدات الخيرية وصولا للدور الاقتصادي بتمويل المشروعات وهذه الخطوات الثلاث هي التي تشكل الحركة الإنتاجية.. ويشير إلي أن عدم العمل بشكل مؤسسي ليست المشكلة الوحيدة فهناك مشاكل أخري أبرزها هو أن معظم هذه الجمعيات تعمل كجزر منعزلة ولا تنسق في عملها مع بعضها البعض ناهيك علي أنها تشتت جهودها في أكثر من مجال ومنطقة مما يتسبب ضياع جهودها هباء دون وضوح نتيجة تذكر. الوعي المجتمعي وتوضح د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، إن السبب في عدم المشاركة الفعالة لهذه المنظمات والجمعيات في التنمية الاقتصادية هو عدم امتلاك الكثير من هذه الجمعيات للمعرفة والثقافة ناهيك عن غياب الوعي المجتمعي علي أهمية المشاركة في العمل الأهلي.. وتضيف أن هذا لا يعني أن كل هذه الجمعيات ليس لها دور بل توجد جمعيات كالأورمان ومصر الخير تقوم بدور تنموي مساهم في العملية الإنتاجية لكن يبقي دائما المشكلة الكبري لجميع هذه الجمعيات هو ضعف التمويل واعتماد جميع هذه الجمعيات علي التبرعات.. وتشير إلي أن السبب في ضعف هذه التبرعات يكمن في اللغة التي تستخدمها هذه الجمعيات في جمع تبرعاتهم والتي لها تأثير منفر تجعل المواطنين يعزفون عن المشاركة في هذه الجمعيات. وتري أستاذ علم الاجتماع أن الحل للتغلب علي ضعف موارد هذه الجمعيات والتي تستغل فيما بعد بتمويل المشروعات متناهية الصغر يبدأ أولا من الإعلام عن طريق إبراز نجاحات الجمعيات في التنمية المجتمعية وأيضا التوعية ببرامج هذه الجمعيات ودورها في المجتمع حتي يرغب المواطنون في المشاركة في نشاطات هذه الجمعيات ثم يأتي بعد ذلك دور الأزهر بتوعية المواطنين بأهمية المشاركة في العمل الخيري. دورات تعليمية ويقول د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي: إن مفهوم التنمية المجتمعية مفهوم واسع ولا يقتصر علي الدور الاقتصادي فقط بل يشمل اتجاهات وادواراً أخري تعليمية وثقافية اجتماعية.. ويوضح أن تقييم مشاركات الجمعيات الأهلية في عجلة التنمية لابد أن يأتي بعد فهم طبيعة عمل كل جمعية علي حدة لأن لكل واحدة منها طبيعة عمل خاصة ومثال ذلك ان هناك جمعيات تتخصص في تقديم دورات تعليمية وهناك أخري لتوفير المساعدات لذوي الإعاقة وكل هذه الخدمات المقدمة في النهاية يكون لها مردود علي الاقتصاد.