■ روحاني لم يعد التوتر القائم بين أمريكاوإيران يتعلق بإلغاء الاتفاق النووي وفرض العقوبات مجددا علي إيران أو انقسام الحلفاء بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، ولكن نصدق أو لا نصدق تحولت تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلي منصة لإعلان الحرب الكلامية التي أدت إلي تصاعد الأحداث علي أرض الواقع والتي جعلت السعودية تعلن وقف رحلات ناقلاتها البترولية بعض تعرض ناقلتين لها للهجوم في مضيق باب المندب من أحد الميليشيات التابعة لإيران كرسالة واضحة من إيران أنها لن تجعل التهديدات الأمريكية تمر بسلام. وسط هذه الأجواء الخطرة نشر تقرير استرالي علي شبكة أي بي سي يفيد بقرب حدوث ضربة أمريكية تستهدف المفاعلات النووية الإيرانية خلال شهر مع إمكانية مشاركة أستراليا والمملكة المتحدة، وقطعا سيكون لإسرائيل دور بارز في هذه العمليات خاصة وأن هناك مواجهات بالفعل تحدث في سوريا. جاء الرد الايراني عبر تصريحات وتهديدات من الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي قال أن الحرب مع بلاده ستكون » أم كل الحروب ». وحذر قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ترامب من اي عمل عسكري ضد ايران مهددا بضرب كل القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة بالاضافة إلي اسرائيل. وذكر ترامب بالفشل الأمريكي في أفغانستان الذي جعله اليوم يطالب بإجراء مفاوضات مع طالبان بعد سنوات من الحرب. وبعيدا عن الحرب الكلامية التي أشعلها ترامب بكلماته يقلل البعض من شأن ما يفعله الرئيس الأمريكي الذي أصبح يفتعل المشكلات بأسلوب استعراضي كي يسوق للحل ولمهارته في تجاوز أزمات هي صنيعته. فعل ذلك مع كوريا الشمالية ومع روسيا قبل لقائه بالرئيس بوتين واليوم يعيد الشيء نفسه مع إيران. حادثة باب المندب جعلت الخبراء يفكرون فيما قد تفعله إيران في كل من مضيق باب المندب وهرمز اللذين يعدان ممرات دولية لناقلات بترول الخليج. وأن الهجوم علي ناقلات النفط سيكون له تأثير كارثي علي اقتصاد العالم. وعلي الدول الاوروبية التي تريد النفط أن تتدخل. لقد كان الهدف الأول لإدارة ترامب في الشرق الأوسط واضحا منذ البداية وهو مواجهة إيران، التي أدانها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبار مسئوليه كدولة راعية للإرهاب ومسئولة عن الفوضي الإقليمية. ولكن السبب الحقيقي كان طموحات طهران الإقليمية التي تتعارض مع النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة. ولكن هذا التحذير الأمريكي من التهديد الإيراني كان دائما مصدرا مهما لابتزاز دول المنطقة بل إن السياسات الخاصة بالولايات المتحدة قد أدت في بعض الأحيان إلي تقدم طموحات إيران الإقليمية بدلاً من إعاقتها. وما يحدث في حرب اليمن هو أحد المشاهد الدموية الواقعية التي خلقتها السياسات الأمريكية التي تدعم في العلن السعودية وتوفر في الخفاء مساحات خالية ليتوسع النفوذ الإيراني انطلاقا من دعم جماعة الحوثيين. وكانت أمريكا هي من مهدت الطريق لهذه الفوضي عبر تواجدها العسكري في اليمن بحجة محاربة تنظيم القاعدة وفقا لحربها علي الإرهاب التي بدأت منذ عام 2001 ولم تنته حتي الآن بأي انتصارعسكري يذكر بل ساعدت في انتشار جماعات الارهاب وهو الهدف غير المعلن الذي يضمن لأمريكا تواجدا أكبر وسوقا مفتوحة لبيع السلاح وتسويقه في المنطقة. إذا أرادت واشنطن مواجهة النفوذ الإيراني بصدق، فإنها كانت ستسير في الاتجاه العكسي عبر رعاية مباحثات للسلام بين الأطراف المتنازعة في اليمن بدلا من تأجيج النار لاستمرار الحرب وهو نفس السيناريو القديم الذي تكرر في العراقوسوريا. فلم يؤد استمرار العمليات العسكرية وصراع الميلشيات المسلحة التي مولت أمريكا الكثير منها إلا إلي تعزيز الصعود الإقليمي لإيران. ولكن يمكن القول إن أمريكاوروسيا اتفقتا مؤخرا علي تحجيم هذا النفوذ من أجل إسرائيل. ومثلما تحكمت عقلية ترامب رجل الأعمال في كل الملفات التي تديرها أمريكا التي تريد ثمنا مربحا لمواقفها.. يسعي ترامب لتشكيل تحالف عربي » سني» أطلق عليه اسم تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي بزعم محاربة النفوذ الإيراني » الشيعي » وهو يريد أن يدفع الحلفاء العرب خاصة السعودية والإمارات فاتورة الحرب مجددا. وأهم عائق تخشاه أمريكا هو المقاطعة العربية لقطر التي توجد علي أرضها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة لذا ستسعي الادارة الأمريكية لإنهاء المقاطعة قبل البدء في اتخاذ أي إجراء عسكري ضد إيران إن وجد، لأن أمريكا تدرك جيدا أن المواجهة العسكرية مع إيران ليست حلا ولن تجلب لها سوي المشاكل وهو ما دفعها لحل قضية البرنامج النووي عبر التفاوض. وفي نفس الوقت لم تعد الدول العربية تقبل التدخل الايراني في العراقوسوريا واليمن لكن في النهاية وكما جرت العادة فالرابح الأكبر من أي صراع جديد او قديم في الشرق الأوسط هو إسرائيل.