كان لغياب هيوارد كارتر عن ترميم الآثار المكتشفة داخل مقبرة توت عنخ آمون أثر كبير في تعرض الآثار للتلف وخاصة لشمس الوادي الحارقة التي أثرت علي الأخشاب والمواد العضوية الأخري التي عثر عليها كارتر داخل المقبرة الذهبية.. وأعتقد أن قرار أحمد باشا زيوار رئيس وزراء مصر بعودة كارتر للعمل داخل المقبرة يعتبر قرارا مهما جداً وقد أعطي مرقص باشا حنا - وزير الأشغال - درساً قاسياً إلي كارتر جعله يدرك أن المقبرة التي عثر عليها داخل الأراضي المصرية يجب أن تخضع لكل قوانين البلاد؛ وقد كان ذلك سبباً في خروج مظاهرات المصريين إلي الشوارع تهتف لمرقص باشا حنا المسئول عن الآثار وتقول "يحيا وزير توت عنخ آمون". جاء هذا القرار بعد أن استقال سعد باشا زغلول رئيس حزب الوفد وذلك في 15 ديسمبر 1924م وعين أحمد باشا زيوار رئيساً للوزراء وكان قد تقابل بالمصادفة في نادي السيارات في 4 يناير عام 1925م مع كارتر؛ وكانت المفاجأة التي أثلجت صدر كارتر هو أن رئيس الوزراء قد وافق علي عودته للمقبرة وخاصة بعد إعلان كارتر رسيماً أنه لن يطلب القسمة التي طلبها من قبل اللورد كارناڤون والذي توفي بعد خمسة شهور من كشف المقبرة.. ولكن أحمد باشا زيوار أشار إلي كارتر أن الحكومة المصرية يمكن أن تسمح لزوجة اللورد بعمل نسخ من بعض الآثار المكتشفة. كان لعودة كارتر إلي الأقصر وذلك في 25 يناير 1925م مطلب لكل الأثريين ولكن العاملين في مصلحة الآثار وجدوا علي وجهه لأول مرة علامات تخلصه من الغطرسة التي كانت موجودة قبل إيقافه عن العمل.. وأول ما قام به كارتر هو الاجتماع مع المرمم المعروف الفريد لوكاس لعمل خطة شاملة لترميم القطع الأثرية التي تعرضت للتلف وكذلك تثبيت الألوان التي فقدتها القطع الذهبية ولكن يبدو أن تكاليف عملية الترميم كانت باهظة وأن اللورد غير موجود لدفع أي مصاريف ولكن حتي لو كان اللورد حياً لما قام بدفع أي تكاليف أخري وخاصة لن الحكومة المصرية أصرت علي عدم الاعتراف بأن المقبرة قد سرقت من قبل وبالتالي يصبح للمكتشف الحق في الحصول علي 50% من المكتشفات. لذلك طلب كارتر من الحكومة المصرية الموافقة علي دفع 75 ألف جنيه مصري وذلك لتغطية كل أعمال التنقيب والترميم داخل المقبرة.. ولم تدفع الحكومة المصرية أي تكاليف واستمر الصراع لمدة أربع سنوات ولكن كارتر كان حريصاً علي أن تتم أعمال الترميم وبكل دقة لكل قطعة أثرية مكتشفة ومن المعروف أن أعمال الحفائر والترميم داخل المقبرة استمرت حوالي عشر سنوات.. وعندما عين محمد محمود باشا رئيساً للوزراء عام 1929م ألقي خطابا مهما جداً مفاده أن الحكومة المصرية لن تسمح بعد الآن أن تعطي تصاريح للأفراد للحفر عن الأثار! ولكن سوف تتعامل فقط مع الهيئات العلمية والمتاحف الرسمية وأعطي مثلا للمتحف البريطاني؛ بل وأعلن أن كارتر والسيدة كارناڤون ليسا من حقهما الحصول علي أي آثار؛ وأن مصر لن تقبل أن تحصل علي أي مقابل نظير إعطاء قطع أثرية. ومع نهاية عام 1929م كان كارتر قد انتهي من كل أعمال التسجيل والترميم والحفائر داخل المقبرة بل وأعلن إنهاء علاقته بالمقبرة رسيماً وأعطي مفاتيح مقبرة "توت عنخ آمون" إلي المفتشين الموجودين بمنطقة آثار الأقصر..