دعونا نحاول بداية إيجاد تعريف لتلك الكتلة، أظن أنه من الصعب وجود هذا التعريف إلا بالسلب. بمعني اننا نستطيع أن نقول ان هناك أشياء ترفضها تلك المجاميع، ولكن من الصعب تماما أن نقول أن كل من انتخبوا حمدين صباحي هم ناصرون، أو أن كل من انتخب أبو الفتوح هم إسلاميون ولكننا أمام مجموعات مختلفة التوجهات والانتماءات السياسية، بل الأكثرية منهم هي بدون اتجاه سياسي واضح، ولما كان الأمر كذلك فهو لا يعني ان هناك اقتناعا بمرشحا ذو توجهات بعينها بقدر ما يعني عدم رضا هذه المجموعات عن كافة المرشحين وبالتالي اختاروا الأقل ضررا. في ظل هذه المعطيات هل نستطيع القول أن هذه كتلة، أشك في ذلك، خاصة أن هذا التعريف انتشر بعد معركة انتخابية، وليس بناء علي توجه سياسي واضح، فهؤلاء مؤيدون وليسوا كتلة، وهنا يبرز سؤال آخر يرتبط بهذا الوضع، وهو: هل نستطيع الاعتماد علي هذه الأصوات في الانتخابات البرلمانية القادمة علي سبيل المثال؟ حتي الآن، وبالنسبة للظروف الحالية.. أشك. ما يبدو لدينا حتي الآن هو إمكانية نشوء تنظيم أو تنظيمات اعتمادا علي هذه المجموعات، وبالتالي بلورتها في تنظيمات يمكن أن تتباين اتجاهاتها، وأيضا يمكن أن تتحالف معا في جبهة تضم تلك الاتجاهات المختلفة للعمل علي قضايا مشتركة. لكن الآن لا أظن أنه يمكن حتي القول أن هذه الأصوات ستندفع في اتجاه معين في الجولة الثانية، فبشكل عام الجميع محبط، وجزء سيعطي مرسي صوته خوفا من إعادة إنتاج نظام ما قبل الثورة، وجزء سيعطي صوته لشفيق خوفا من شبح الدولة الدينية، بينما أظن أن الجزء الأكبر سيمتنع عن التصويت ايجابا بإبطال الاصوات او سلبا بالمقاطعة. ويمكن رؤية حالة ما بعد محاكمة مبارك علي أنها كاشفة لهذه المجموعات، فلا يوجد شيء واضح غير السخط الشعبي، الذي تحاول القوي السياسية استغلاله من أجل الجولة الثانية من الانتخابات، فالإسلاميين يستغلونه من أجل اإجاح مرسي، وحمدين يحاول استغلاله من أجل تطبيق قانون العزل واستبعاد شفيق، وهو بالمناسبة ما لا يتمناه الإخوان. وفي ظل كل هذا لا يوجد شيء أصيل إلا السخط، وعدم براءة القوي السياسية في التعامل معه، وبالتالي فلن يؤدي إلي شيء. للأسف القيادات الموجودة حاليا تشبه "الأكل البايت" الذي تجد نفسك مضطراً لأكله لعدم وجود شيء آخر. ومازالت حالة المخاض التي دخلت فيها مصر بعد الثورة مستمرة وتحتاج عدة سنوات من أجل استكمالها، حيث يمكن لقيادات مختلفة أن تظهر، وأفكار جديدة أن تولد، ولتنظيمات مغايرة أن تنشأ.