توتر نووي.. محللون يحذرون من تداعيات صدام الهند وباكستان على العالم    بتغريدة وقائمة، كيف احتفى رونالدو باستدعاء نجله لمنتخب البرتغال (صور)    استشهاد 25 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 7-5-2025 مع بداية التعاملات    مواعيد اهم مباريات اليوم في جميع البطولات والقنوات الناقلة    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    يشبه قانون التصالح في مخالفات البناء.. برلماني يقدم مقترحًا لحل أزمة الإيجار القديم    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    موعد مباراة تونس والمغرب في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    تحرير 71 محضرا للمتقاعسين عن سداد واستكمال إجراءات التقنين بالوادي الجديد    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    مشاهد توثق اللحظات الأولى لقصف الهند منشآت عسكرية باكستانية في كشمير    وزير الدفاع الباكستاني: الهند استهدفت مواقع مدنية وليست معسكرات للمسلحين    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع ببداية تعاملات الأربعاء 7 مايو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    الهند: أظهرنا قدرا كبيرا من ضبط النفس في انتقاء الأهداف في باكستان    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة احتجاج
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 06 - 2012

لا أظن أن تعبير "كتلة ثالثة" دقيق بشكل كامل. ما حدث في الانتخابات من تصويت واسع ضد الإخوان والشبكة الأمنية- السياسية التي تدعم شفيق يمكن فهمه بوصفه عرَضا لفشل مستحكم لكلا المشروعين في تحقيق أي قدر من الشعبية والحضور في المجتمع المصري يتجاوز قواعدهم المحددة سلفاً، وهي قواعد ليست بالمحدودة علي أي حال.. بعبارة أخري نحن بصدد فشل في تأسيس مشاريع للهيمنة الفكرية والسياسية تستوعب مصالح ومطالب وحساسيات ثقافية مختلفة لغالبية المصريين في مشروع واحد تجد فيه هذه الغالبية معبراً عنها: لم يقدم الإخوان أي شيء في هذا الاتجاه، ومن المؤكد أن شفيق لم يحاول أصلاً، كلا الطرفين يستنسخان منطق النظام في النظر لمسألة الحكم بوصفها عملية أعقد وأخطر من أن تُترك لعموم الناس، وكلا الطرفين يطمحان لتأسيس طبعات مختلفة من نظام يوليو القائم علي دولة موازية قوامها شبكة سرية من الأجهزة الأمنية، ومجموعة ضيقة موثوق فيها، بيدها الحل والعقد شريطة ألا تنفتح هذه علي أي تأثيرات قادمة من خارجها. باختصار كلا المشروعين قائمين علي تسريح جماهير الثورة باسم الثورة إن جاز التعبير.. في حالة شفيق لا يتم إنكار السعي لإنعاش دولة يوليو الأمنية وأجهزتها التي ستقوم مقام أي تشكيل سياسي حقيقي وفي حالة الإخوان فالقلب الصلب للجماعة حول خيرت الشاطر وشبكته الواسعة من "الثقات" ستحل محل أي كيان سياسي يعمل بشفافية وفي أجواء تنافسية.
طبيعي والحال كذلك أن يفشل كلا المشروعين في أي اختبار تصويتي إذ أن شرط إمكانهم اللازم هو مصادرة الحياة السياسية من الأصل، هذا بخلاف أن أيٍ من المشروعين السلطويين لم يغلفا سلطويتهما برطانة شعبوية كما حاول حازم صلاح أبو اسماعيل مثلاً، فظهر كلا المرشحين في غربة تامة وعزلة كاملة عن جمهور الناخبين، خصوصاً في حالة محمد مرسي.. ومن ثم فالتصويت الواسع ضد الإثنين يمكن وصفه بالتصويت الاحتجاجي الناتج عن غياب أي مشروع للهيمنة قادر علي ملء الفراغ السياسي القائم منذ 25 يناير، ومن هنا أظن أن تعبير الكتلة الثالثة غير دقيق.. فالمصطلح يفترض أننا كنّا بصدد مشاريع متنافسة واضحة المعالم تم رفضها من قبل قطاع عريض من الجمهور أملاً في بديل ثالث، الحقيقة أننا كنا بصدد "لا مشاريع" عجز الناس عن التماهي معها فرفضوها بالجملة أملاً أن يقول أيٍ من تلك القوي المتصارعة، أو غيرهم، شيئاً ذا مغزي في المستقبل القريب. وهنا وقع اختيار الصوت الاحتجاجي علي حمدين صباحي الذي أفاده حضوره الإعلامي القليل نسبياً، وخطابه ذو النزعة الاجتماعية، وكونه لا ينتمي بأي شكل من الأشكال لطرفي المنافسة الإنتخابية الدائرة.. نحن إذن بصدد كتلة تركيبه متنافر جداً ولا يجمعها أي شيء تقريباً سوي رفض هذا الفراغ القائم، ومشاريع "التنظيمات السرية" التي فشلت في ملئه، وأظن أن غالبية هذه الكتلة أكثر ميلاً لدعم شفيق في الإعادة، إذ أن الجانب الإخواني لم يقدم حتي الآن علي أي خطوة تتفاعل مع إحباطات هؤلاء المصوتين.. شفيق في النهاية ينتمي للدولة التي يعرفها هؤلاء ولديهم خبرة في التعايش معها، الإخوان في هذه المعركة غرباء فعلاً.. علي العكس من معركة الانتخابات البرلمانية التي يحوذ فيها مرشح الإخوان علي شعبية معقولة في مناطقهم بشكل فردي.
إذا أخذنا التوصيف السابق في الاعتبار فهذا الجمهور الواسع بالطبع لم يطور بعد أي وعي أو خطاب يتجاوز هذه الحالة الإحتجاجية... ولكن هذا الرفض في حد ذاته شيء إيجابي ويجب الاحتفاء به، فلأول مرة نري ظاهرة الناخب الحر الذي يصوت بشكل طوعي بعيداً عن آليات الحشد المتعارف عليها، وهذا الناخب أثبت أنه مفتاح الحكم في مصر فعلاً حتي ولو لم يفصح بصراحة عما يريد. فشلت كل صفقات الإخوان وتربيطاتهم في حشد الأغلبية المطلوبة، لا بديل الآن عن مخاطبة الناس بشكل مباشر بمشروع واضح وإلا فلا أمل في الحكم، الاتفاقيات مع السلفيين، واستصدار الفتاوي الدينية، وإرسال التطمينات للأمريكين، وشبكات البرجوازية الكبيرة في الإقليم، لن تصل بأحد إلي كرسي الرئاسة.. هذه كلها مؤشرات إيجابية وتدل أن هناك كوابح علي الاستبداد علي المستوي المنظور.
ولكننا بالطبع بعيدين جداً عن رؤية مشروع وطني يعبر عن هذه الكتلة في هذا المستقبل المنظور أيضاً، وخطورة هذه الحالة أنها قد تسمح بإنعاش الخيارات الاستبدادية نفسها مرة أخري إذا وجدت قائدا جماهيريا وخطاب شعبويا قادرا علي إسنادها، ومرة أخري ظاهرة حازم أبو إسماعيل ليست عنا ببعيد ولا يجوز الاستخفاف بها أبداً، كثير من مصوتي هذه "الكتلة الثالثة" كانوا ناخبين محتملين لأبو اسماعيل في الأصل، عبء البديل هنا يقع علي عاتق كل الكتل المدنية المنظمة في المجتمع من أحزاب، وحركات عمالية، وجمعيات أهلية ديمقراطية.. هذه هي الكيانات القادرة أن تحول هذا المزاج الاحتجاجي لتيار ديمقراطي حقيقي له جذوره في المجتمع.
أما بخصوص مخاوف عبادة الفرد في الفترة الحالية فلا أري أن لها أساساً قوياً.. كما حاولتأن أوضح، فالناس اختارت حمدين لتوصيل رسالة احتجاج قوية وليس إعجاباً بالرجل كما كان الحال مع حازم أبو اسماعيل، مخاوف البعض من خلفيته الناصرية ليس لها أساس من وجهة نظري.. علي العكس، الرجل تقريباً قطع بشكل كامل مع الميراث السلطوي في الناصرية بشكل لم يسبقه إليه أي مثقف أو سياسي عروبي علي وجه التقريب.
أما من حيث العلاقة مع العسكر أو الكتلة الدينية فدعنا نتفق أن ما تسميه بالكتلة العسكرية لا يحمل أي مشروع للمستقبل أصلاً.. شفيق قادم لحراسة جثة دولة يوليو حتي ولو تخيل أنه في وارد إحيائها، هذه مسألة في منتهي الصعوبة إلا في حالة الخيار الشعبوي كما سبق الذكر، أما المشروع الإسلامي فأمامه فرصة شريطة قدرته علي إنجاز هيمنة من نوع ما، وهذا مرهون بتفكيك الحالة التنظيمية المغلقة والسرية التي حاولت توصيفها.. مشكلة هذه الحالة أنها مستندة علي مُركّب معقد جداً من المصالح المادية المباشرة والأفكار التي تمثل طبعات مختلفة من السلفية والقطبية، وبالتالي فتفكيكها مسألة في منتهي الصعوبة، في هذا السياق لا أظن أن تنظيم الإخوان بشكله الحالي قادر علي تحقيق إختراق في صفوف هذه الكتلة.. ربما مشاريع أقرب لحالة عبد المنعم أبو الفتوح تنجح في جذب قطاعات منظمة من هذه الكتلة.
الصورة والحال كذلك تنبئ أن للقوي التي تسمي نفسها "مدنية" فرصة أكبر بكثير شريطة أن تنتبه أن شعار "مدنية الدولة" بدون أن يتمفصل مع رؤية اقتصادية واجتماعية متماسكة - أثبت الناس في مصر أنهم متعطشون إليها- سيصبح شعاراً أجوف قبل أن يتحول لمادة للتندر ثم مركزاً للهجوم الشعبي عليه في مرحلة لاحقة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.