تنسيق الجامعات 2025.. 35 ألف طالب يسجلون في تنسيق المرحلة الأولى    لجنة المنشآت في جامعة بنها تتابع معدلات تنفيذ المشروعات الحالية    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    من الجيزة إلى نجع حمادى ..انقطاع الكهرباء عرض مستمر وحكومة الانقلاب تنفذ تخفيف أحمال عبر محطات مياه الشرب    رئيس الوزراء: مكافحة الاتجار بالبشر ليست مجرد التزام قانوني بل واجب أخلاقي وإنساني    معلومات الوزراء: مصر في المركز 44 عالميًا والثالث عربيا بمؤشر حقوق الطفل    شركة UEG الصينية تعلن استعدادها لتعزيز استثماراتها في مصر    انخفاض أرباح بورشه بنسبة 71% في النصف الأول من 2025    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بالقاهرة الجديدة    فيديو.. مراسل القاهرة الإخبارية: قرابة 4 آلاف طن مساعدات مصرية دخلت إلى غزة    نادي الأسير: الإفراج عن قاتل الفلسطيني عودة الهذالين ترسيخ للتوحش الإسرائيلي    الجيش الأردني يعلن إسقاط طائرة مسيّرة حاولت تهريب مواد مخدرة على الواجهة الغربية في المنطقة العسكرية الجنوبية    زيارة تبون لإيطاليا.. اتفاقيات مع روما وانزعاج في باريس    قائد الجيش اللبناني: ماضون بتنفيذ مهامنا في بسط سلطة الدولة وفرض سيطرتها على جميع أراضيها    صلاح يقود تشكيل ليفربول لمواجهة يوكوهاما الودية    رسميا.. بايرن ميونخ يعلن التعاقد مع لويس دياز    مفاجأة.. الزمالك يستهدف التعاقد مع أليو ديانج برعاية ممدوح عباس    خسارة شباب الطائرة أمام بورتريكو في تحديد مراكز بطولة العالم    في حوار خاص ل"الفجر الرياضي".. مكتشف كاظم إبراهيما: شوقي حسم الصفقة ووليد رشحه لريبيرو    بعد أنباء عودته للزمالك.. شوبير يكشف عن تحرك الأهلي تجاه إمام عاشور    ضبط مالك سرك وقائد سيارة بتهمة إلقاء 29 شوال بقايا حيوانات في الشارع بالإسكندرية    طقس الإسكندرية اليوم.. نشاط للرياح وانخفاض تدريجي في الحرارة والعظمى تصل إلى 31 درجة    أمن المنافذ: ضبط 40 قضية أمن عام وتهريب خلال 24 ساعة    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    برابط التقديم.. إنشاء أول مدرسة تكنولوجية متخصصة بالغردقة (تفاصيل)    بصمة لا تُنسى في كل مشهد.. لطفي لبيب يرحل بعد إرث من التميز    إيرادات فيلم المشروع X تتخطى 140 مليون جنيه في 10 أسابيع عرض    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    صفية القبانى: فوز نازلى مدكور وعبد الوهاب عبد المحسن تقدير لمسيرتهم الطويلة    لمسات فنية لريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقي العربية ترتدي قفاز الإجادة بإستاد الأسكندرية    أسعار رمزية وخيارات معرفية متنوعة قِسمٌ مخصّص ل "الكتب المخفّضة" في معرض المدينة    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    الرعاية الصحية تطلق مشروع رعايتك في بيتك لتقديم خدمة طبية متكاملة داخل المنازل    محافظ أسوان يوجه بسرعة الانتهاء من المبنى الجديد لقسم الغسيل الكلوي في المستشفى    تحرير (145) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    تعليم الفيوم تعلن عن مسابقة لشغل الوظائف القيادية من بين العاملين بها    براتب 550 دينار .. العمل تعلن عن 4 وظائف في الأردن    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    «البترول» تعلن السيطرة على حريق سفينة حاويات بمنطقة رأس غارب    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    ثروت سويلم: لن يتكرر إلغاء الهبوط في الدوري المصري.. وخصم 6 نقاط فوري للمنسحبين    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    الدكتورة ميرفت السيد: مستشفيات الأمانة جاهزة لتطبيق التأمين الصحي الشامل فور اعتماد "Gahar"    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد: المستجير من الرمضاء بالنار
نشر في أخبار مصر يوم 01 - 06 - 2012

اتخذت المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية مسارا مصيريا قاتما ولا يَعِدُ بخيرٍ أو انفراج. فقد فاز فيها بالأعداد الأولى كلٌّ من محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، وأحمد شفيق آخِر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك. وبالإضافة إلى هاتين المفاجأتين، كانت هناك مفاجآت أخرى: حصول الناصري/ اليساري حمدين صباحي على المرتبة الثالثة في أعداد المؤيّدين، بينما انكسف تماما نجم كلٍ من عبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن الإخوان المسلمين وعمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية. وقد ظلَّ هذان المرشحان في طليعة الاستطلاعات إلى يومين أو ثلاثة قبل وقوع الانتخابات.
ولماذا حصل هذا كلُّه على كافة المستويات؟ كان الإخوان المسلمون قد فارقوا الشبان الثوريين المتظاهرين في ميدان التحرير بعد ثلاثة أيامٍ على استقالة الرئيس حسني مبارك. وبدأوا يتحدثون ضدهم باعتبارهم مُثيرين للفوضى والاضطراب. وتعمدوا مواجهتهم في الاستفتاء على تعديل الدستور، بتصوير الأمر على أنه مواجهةٌ بين الإسلام والعلمانية، ولذلك فقد حصدوا ثلاثة أرباع الأصوات. واستمرّ زحفهم في الانتخابات النيابية، وانضمّ إليهم السلفيون، فحصلوا على نحو السبعين في المائة معا من مقاعد مجلسَي الشعب والشورى. وخلال ذلك انضموا للمجلس العسكري في مواجهة الشباب في ماسبيرو ومحمد محمود والمظاهرات والاضطرابات الأخرى. وقد اعتمدوا في ذاك المسار/ الفوضى الذي استمر ستة أشهُر على التوافق مع المجلس العسكري على خطوات المرحلة الانتقالية من جهة، وعلى قسمة المؤسسات الدستورية من جهةٍ أُخرى: فمجلس الشعب للإسلاميين، والرئاسة للمجلس العسكري، والحكومة للمجلس العسكري لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وعندما تحصل انتخابات مجلس الشعب، تتشكل اللجنة التأسيسية للدستور، وتجري كتابة الدستور المحدِّد لصلاحيات الرئيس والبرلمان معا. فأين حصل الخَلَل؟
الظاهر أنّ الخلل حصل في تشكيل اللجنة التأسيسية. فقد استولى عليها الإخوان والسلفيون بنسبة 80 في المائة، فثارت عواصف من جانب القوى الليبرالية، ومن جانب الأزهر والأقباط. وهنا تردد المجلس العسكري للمرة الأولى في إكمال الطريق مع الإخوان. وكانت هناك شكوى للمحكمة الدستورية فأعلنت بُطلان تشكيل اللجنة التأسيسية، فردَّ الإخوان بالمطالبة بإسقاط الحكومة، ورشحوا اثنين لرئاسة الجمهورية بدلا من واحد! وانتهى الأمر بعدم تشكُّل لجنة جديدة لكتابة الدستور، والسير إلى انتخابات رئاسة دون معرفةٍ بصلاحيات الرئيس أو تحديد لها. وقد أُصيب الإخوان بانتكاسةٍ كبيرةٍ في شعبيتهم، وثقة الجمهور بهم، لرجوعهم عن وعودهم من جهة، وإرادتهم الاستيلاء على سائر المؤسسات من جهةٍ أُخرى. وقد قوّى ذلك الشبان الثوريون من جديد بعد أن كانوا قد ضعُفوا كثيرا نتيجة الصراع مع المجلس العسكري، ونتيجة خوف الناس من الفوضى واستمرار الاضطراب. بيد أنّ أحدا لم ينتظر أن يحصل هذا الاستقطاب وليس بين الإخوان والشبان الثوريين بالدرجة الأولى، بل بين الإخوان وأصحاب المصلحة من أهل النظام المباركي، ومن المحافظين ورجالات الأمن والجيش.
في الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة عملت ماكينتان ضخمتان: ماكينة الإخوان، وماكينة أحمد شفيق التي أفادت من خبرات النظام السابق، ومن دعم الأقباط، وقوى الأمن والجيش. وتضرر الشبان الذين دعموا حمدين صباحي من تعدد المرشحين، كما تضرروا من ضعف قدراتهم التنظيمية والمالية. وهذا الاستقطاب الحادُّ بين الإخوان، وجماهير النظام السابق، طحن مرشحي الوسط: أبو الفتوح وعمرو موسى! بل إنه يمكن القول إنّ الاستقطاب الحادَّ هذا أسقط الأَولويات التي وضعها الشبان المدنيون أو أخَّر وأضعف فعاليتها: (الحرية والكرامة والديمقراطية والدولة المدنية)! وضعُف الإخوان، لكنهم بقوا القوة السياسية الأبرز والأكثر تنظيما. فقد حصلوا في الانتخابات النيابية على نحو الأربعين في المائة من الأصوات، بينما حصلوا الآن على نسبة 25 في المائة ونيّف من الأصوات وحسْب.
إنما ماذا يعني هذا الاستقطاب، وماذا يعني هذا الانسداد؟ لقد أتعب طولُ المسار وانسداداته وتردداته الطبقة الوسطى في مصر من مسلمين وأقباط. فقد انعدم الأمن، وازدادت البطالة، وسيطرت القتامةُ على أمزجة الناس بخصوص المستقبل القريب. والمسؤول عن ذلك بالدرجة الأولى المجلس العسكري. وحتى لو قيل إنّ مستشاريه ممن يتعاونون مع الإخوان هم الذين اقترحوا المسار هذا؛ فإنّ الجيش يظلُّ مسؤولا عن قبول المسار والصفقة. والمعروف أنّ المسار السالف الذكر أَحدث الافتراق بين الجيش والشباب المدنيين، ثم بين الجيش والإخوان. أما المسؤول الثاني فهم الإخوان ولا شكَّ، لأنهم أظهروا طمعا منقطع النظير في الاستيلاء على السلطة، واندفعوا إلى الشارع بشكلٍ مبالَغٍ فيه، ثم انسحبوا من الشارع وصارعوا الشبان بشكلٍ مبالَغٍ فيه أيضا، وعمدوا أخيرا لمصارعة المجلس العسكري، بكل الأشكال! وهذا يعني أنهم لا يعترفون بالشراكة - ولو الصغيرة - لأي فريقٍ مهما بلغت صداقته لهم، وتعاوُنُهُ معهم من قبل! والمسؤول الثالث هم الشبان الذين كانوا محقّين في الشكّ في المسار ومتعرجاته، لكنهم بالغوا في مواجهة المجلس العسكري، وما اهتموا بتنقية صفوفهم من الاختراقات فأعطوا الناس انطباعا بأنهم يسعون للفوضى والتشرذُم! وها هم يخطئون خطأً كبيرا بسبب تعدد مرشحيهم للرئاسة، مما حرم المرشح حمدين صباحي الكثير من الأصوات، التي كان يمكن لها أن تساعده على التقدم على أحمد شفيق فيما يقال!
إنّ الواقع الآن أنّ استقطابا هائلا قد حصل قوتاه الرئيسيتان: الإسلاميون الحزبيون، وقوى الدولة المصرية العميقة القديمة. والطريف أنّ الإخوان المسلمين ينادون القوى الثورية للانضمام إليهم في الدورة الثانية من أجل "إنقاذ الثورة"! والواقع أنهم أفادوا من الثورة إفادةً ضخمةً، لكنهم غادروها بعد سقوط مبارك بأسبوعٍ أو أُسبوعين! وقد اعتمدوا منذ نحو العام على قوتهم الذاتية، وقدراتهم التنظيمية. وهم يَعِدون القوى الثورية الآن بالمشاركة الكاملة من نائب أو نائبين لرئيس الجمهورية، وإلى التشارُك في الحكومة، وفي كتابة الدستور. لكنّ أحدا لا يصدّقُهُمْ، فقد سبق أن وعدوا ووعدوا وما نفذوا شيئا. ولا يزالون يستخدمون الدين بإسراف، وضموا إليهم من جديد عبد المنعم أبو الفتوح، والتيار الرئيسي في السلفيين! لكنْ يكونُ علينا أن نتذكر أنّ نسبة التصويت في الانتخابات الأخيرة ما زادت على ال44 في المائة.
ومن المؤكد أنَّ كلَّ الإخوان وأكثر السلفيين قد صوتوا في الدورة الأولى إمّا لمحمد مرسي أو لأبو الفتوح. ولذلك هناك خطران في الدورة الثانية على مرشح الإخوان: الخطر الآتي من ال22 في المائة الذين صوتوا لصالح حمدين صباحي، والخطر الأكبر من الذين ما صوَّتوا في الدورة الأولى، وهم بالتأكيد ليسوا من الإسلاميين! فلو أنّ نسبة التصويت ارتفعت في الدورة الثانية إلى 60 في المائة فمن شبه المؤكَّد أنّ يفوز أحمد شفيق بالرئاسة! وهناك بالطبع احتمالٌ قوي أن يُضرب أنصار صباحي عن التصويت (أو يصوت بعضهم وعلى قلّةٍ لمرشح الإخوان)، لكنّ ذلك لن يغيّر كثيرا في النتيجة. إذ ستزدادُ نسبةُ المصوتين لمرشح الإخوان إلى نحو 40 في المائة في الحدِّ الأقصى، بينما ستزداد نسبة المصوِّتين لشفيق أكثر بكثير، إذا قرر الناخبون القاعدون أو "أهل الكَنَبة" - بلغة المصريين - أن يهبُّوا لمنع استيلاء الإخوان على الدولة!
إنّ المصريين في محنةٍ الآن: إن دعموا شفيق يكونون قد خانوا الثورة التي دعا إليها شبابهم وماتوا من أجلها. وإن دعموا الإخوان فقد أيدوا استيلاءهم على السلطة، وضربهم لمفهوم الدولة المدنية الذي صاروا يتشدقون به دونما رقيبٍ ولا حسيب! أما إن استمرت كثرةٌ منهم في السلبية وعدم التصويت؛ فإنّ ذلك يعني وصول محمد مرسي للرئاسة شاءوا أم أَبَوا. لقد خرج أحمد شفيق من رُكام مكتبه الذي أُحرق، ليقول إنه لا يسعى لتجديد أو إعادة النظام السابق، بل يريد التعاوُن مع الشباب لتحقيق أهداف الثورة، وعلى أي حالٍ - كما قال - إن لم تصوّتوا لي فإنكم تساعدون في إقامة الدولة الدينية الحزبية، وأنتم لا تريدون ذلك، وعليكم أن تمنعوه، وتستطيعون ذلك!
إنّ كلا الأمرين صعب. صعبٌ التسليم للحزبيين الإسلاميين برئاسة مصر بعد برلمانها. وصعبٌ الانتقام بالتصويت لأحد رموز النظام السابق. لكنّ الناخب المصري في ضيقٍ شديد لضيق الخيارات، ولولا هذا الضيق المسيطر لما هرب من الإخوان إلى شفيق:
المستجير بعمروٍ عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.