أظن ان وقتا طويلا سوف يمضي حتي نري مناظرة رئاسية أخري مثل تلك التي جرت بين أبوالفتوح وموسي واطاحت بآمال كليهما في الفوز برئاسة مصر!! ولا عجب أن يرفض الآن كل من الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق الدخول في مناظرة مشابهة حتي لا تنكشف سؤاتهما أمام المجتمع أو ربما حتي يحتفظ كل منهما بما تبقي له من مهابة قد تنفعه عند عوام الناس!.. وتقديري أن أحدا لا يشك الآن في ان تلك المناظرة الملعونة نالت من شعبية كلا المرشحين بل والأنكي أنها حولت جزءا من رصيديهما إلي منافسيهم بدون أي مجهود أو تعب. صحيح وهذه كلمة حق ان كلا المرشحين غامر وتحلي بشجاعة يحسد عليها ودخل إلي دائرة المخاطر بمنتهي الوعي وهو يراهن بشعبيته كلها ويضعها علي المحك أمام ناخبيه وهو ما يستحق التقدير، إلا انهما لم يدرسا جيدا سيكولوجية الشعب المصري الذي اعتاد أن يضع علي رأس رئيسه »هالة من القداسة« يصنعها الرئيس لنفسه بقدر الغموض الذي يحيط به حياته وسلوكه ومشواره.. فإذا بالمرشحين ينزلان إلي أقرب مستوي من الناس دون وعي بأن ذلك قد يبدل مواقفهم ويغير آراءهم بموجب هذه المشاهدة وهذا ما حدث! وزاد الطين بلة ما اضافه عشرات المحللين السياسيين والنفسيين الذين لم ينصفوهما، بل أجهزوا عليهما معا عند الناس في تصوير مجسم ومكبر للاخطاء والهنات التي صدرت عن كل منهما ولو عفوا.. فكان في ذلك أكبر خدمة جاءت علي طبق من ذهب لكل من شفيق ومرسي في آن واحد. المشكلة الكبري الآن ان فريقا هائلا من الناخبين أصبحوا في حيرة بالغة من أمرهم.. فالذين صوتوا لتيار يمين الوسط الذي يمثله أبوالفتوح والعوا أو يسار الوسط الذي يمثله حمدين صباحي وهم معا يمثلان نصف الكتلة التصويتية لا يريدون التصويت لمرسي ولا لشفيق ولديهم في ذلك أسبابا منطقية.. والبديل الوحيد عندهم هو الامتناع عن التصويت وهو عندهم أفضل من التصويت لصالح من لا يريدونه لمجرد المشاركة في الانتخابات.. ولكن هؤلاء ربما يغيرون آراءهم علي ضوء ما سيقدمه المرشحان الباقيان للرئاسة لاقناعهم ببرامجهما. الحل الحاسم لترجيح كفة مرسي أو شفيق وفقا لكل التحليلات سيكون في ال 05 في المائة من المصريين الذين لم يصوتوا في الانتخابات أصلا.. فهؤلاء الصامتون العازفون عن المشاركة، المنكفئين علي لقمة عيشهم سيكون عندهم الحل وهم »الصفر« المهمل الذي يمكن أن ينتقل من خانة الشمال إلي اليمين ليرجح كفة الرئيس القادم.. واظن وليس كل الظن إثم أن الاخوان المسلمين المنتشرين في المدن والقري والنجوع هم الأكثر قدرة علي الوصول لهؤلاء الناخبين وحشدهم للتصويت لصالح مرسي وأظنهم قد استفادوا كثيرا من الانتخابات الأخيرة ودرسوا أساليب انصار شفيق واعدوا العدة للمواجهة.. فهل ينجحون في مضاعفة كتلتهم التصويتية؟ النتيجة المستفادة والمفاجأة السارة في الانتخابات الأخيرة ان الفضائيات ليست بهذه السطوة والقوة في التأثير علي الناخبين.. فلو تم وضع ما كيل من اتهامات لجماعة الاخوان المسلمين في الاعتبار وحالة العداء المباشر لشفيق باعتباره منتميا للنظام الذي ثار الشعب عليه لقلنا ان الاثنين سيأتيان في ذيل قائمة المرشحين، فإذا بالعكس هو الصحيح وهذا في ذاته درسا لابد من دراسته مقارنة بوسائل التأثير الأخري في الشارع المصري! ألطف دعابة قرأتها هي توجيه المرشح أبوالعز الحريري الشكر لكل من اختاره في الانتخابات الأخيرة ودعوته لهم جميعا لتناول الغداء معه في شقته بالاسكندرية!