5 وظائف جديدة في البنك المركزي .. التفاصيل والشروط وآخر موعد ورابط التقديم    التعليم العالي يوافق على إنشاء جامعة العريش التكنولوجية.. التفاصيل الكاملة    التداول بالبورصة المصرية من القرية الذكية اليوم    كتائب القسام تبث منشورا عاجلا حول كمين بين حانون الصعب والمستمر شمال قطاع غزة    البيت الأبيض: مجموعة بريكس تسعى إلى تقويض المصالح الأمريكية    الزمالك يعير مهاجمه لسموحة لمدة موسم بعد تمديد تعاقده    نتنياهو يلتقى روبيو وويتكوف قبيل محادثاته مع ترامب    استمرار عمليات التبريد والسيطرة على حريق سنترال رمسيس بعد ظهور النيران    وزير العمل: صرف نحو 23 مليون جنيه كتعويضات للعمالة غير المنتظمة في 2024    بسبب استمرار تجدد النيران في سنترال رمسيس.. شعبة المخابز: احتمالية تعطل الشبكة وإجراءات بديلة لصرف الخبز    اتحاد بنوك مصر: البنوك ستعمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء رغم التأثر بحريق سنترال رمسيس    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    انخفض 20 جنيهًا.. سعر عيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025؟    ترامب: سنفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من كوريا الجنوبية واليابان    استشهاد 16 فلسطينيا في غارات الاحتلال على النصيرات وغزة    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. الكرملين ردا على ترامب: التعاون داخل البريكس ليس موجها ضد أطراف ثالثة.. إيران: طهران قادرة على إطلاق الصواريخ لعامين بلا توقف.. إسرائيل تجري مناورات بالجولان    سنرددها ألف مرة.. المفتي: «المسجد الأقصى حقٌّ إسلاميٌّ خالص لا يقبل القسمة ولا المساومة»    قوات الاحتلال تضرم النيران في منزل داخل مخيم نور شمس شرق طولكرم    بدائل الخط الساخن.. القليوبية تعلن أرقام التواصل مع مرفق الإسعاف بعد تأثر الخدمة بحريق سنترال رمسيس    أرقام لويس دياز مع ليفربول بعد صراع برشلونة وبايرن ميونخ لضمه    موعد مباراة تشيلسي اليوم أمام فلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    الجهاز الفني لمنتخب مصر تحت 16 سنة يُقيم أداء 36 محترفًا    «درجة تانية».. سيف زاهر يكشف رحيل نجم الزمالك للدوري السعودي    وليد صلاح: بقاء عبد الله السعيد في الزمالك ضروري.. ولا أؤيد اعتزال شيكابالا    محترف الزمالك يرغب في الرحيل عن النادي.. الغندور يكشف التفاصيل    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    بعد تعطل سنترال رمسيس.. محافظة الغربية تعلن عن أرقام طوارئ بديلة    لقطات جديدة ترصد آخر تطورات محاولات إطفاء حريق سنترال رمسيس (صور)    احذروا الشبورة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    في حريق سنترال رمسيس.. وجميع الحالات مستقرة    بعد حريق سنترال رمسيس.. «صحة الأقصر» تعلن رفع درجة الاستعداد بغرفة الأزمات والطوارئ    مصدر حكومي: إنستا باي يعمل بكفاءة.. وتأثر بعض خدمات البنوك بسبب حريق سنترال رمسيس    إصابة شقيقين فى حادث تصادم جرار زراعى وسيارة ملاكى بالغربية    انطلاق فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته ال 20.. المعرض بمشاركة 79 دار نشر مصرية وعربية.. 215 فعالية ثقافية على هامش المهرجان ل 800 محضر.. خصومات تصل إلى 30%.. فيديو وصور    محمد على رزق: «اكتسبت وزنًا من أجل منعم في فات الميعاد»    تساؤلات داخلية وخوف من الوحدة.. توقعات برج الحمل اليوم 8 يوليو    بعض التحديات في الأمور المادية والمهنية.. حظ برج الجدي اليوم 8 يوليو    جمال عبد الحميد: دخلت السينما وسط تهافت المنتجين.. واعتزلت فجأة بعد خطبة جمعة    عماد الدين حسين: العلاقات المصرية الصومالية تاريخية وجرى ترفيعها لآفاق الشراكة الاستراتيجية    عمرو أديب عن أزمة مها الصغير: سرقة غبية.. ومش عاوز حد يبررلها اللي حصل    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    الدكتورة لمياء عبد القادر مديرًا لمستشفى 6 أكتوبر المركزي (تفاصيل)    لعلاج الألم وتخفيف الالتهاب.. أهم الأطعمة المفيدة لمرضى التهاب المفاصل    عاجل- المصرية للاتصالات تخرج عن صمتها: حريق سنترال رمسيس فصل الخدمة عن الملايين.. وقطع الكهرباء كان ضروريًا    السعيد غنيم : مشاركتنا في القائمة الوطنية تأكيد على دعم الدولة ومؤسساتها الدستورية    رتوش أخيرة تفصل الزمالك عن ضم مهاجم فاركو وحارس الاتحاد    أطعمة قدميها لأسرتك لحمايتهم من الجفاف في الصيف    مدارس البترول 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم    انطلاق مهرجان جرش 23 يوليو بمشاركة كبيرة لنجوم الغناء    أول سيدة تتقدم للترشح على مقعد الشيوخ بالفيوم في ثالث أيام فتح باب التقديم    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد حفل تخريج الدفعة 55 بكلية الزراعة    تعليم الوادي الجديد تعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للصف السادس الابتدائي    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    نجاح إجراء جراحة معقدة لإصلاح تشوه نادر بالعمود الفقري لطفلة 12عاما بزايد التخصصي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدموازيل كلوديل
رؤية
نشر في أخبار الأدب يوم 23 - 06 - 2018

عرفت قصة النحّاتة الفرنسية كامي كلوديل »amille »‬laudel للمرة الأولي عام 1998، حين شاهدت فيلمًا يحمل عنوانه اسمها في المركز الثقافي الفرنسي بالاسكندرية، الفيلم بطولة إيزابيل إدجاني التي قامت بدور كلوديل وجيرار دو بارديو الذي جسد شخصية النحات الفرنسي الأشهر- أستاذها وحبيبها- رودان.
أثارت شخصية كلوديل اهتمامي بشكل خاص لما تحمله من تركيب وحيرة واحتماليات تأويل متعددة أثناء حياتها وبعد رحيلها.
هي كاميّلوي كلوديل، ولدت في 8 ديسمبر عام 1864، في »‬فير دو تاردونوا»‬، مدينة صغيرة شمال فرنسا وتوفت في مصحة عقلية بالقرب من مدينة أفينيو الفرنسية في 19 أكتوبر 1943.
عاشت كاميّ طفولة طبيعية بين أبوين وأخ وأخت يصغراها وبدأت موهبتها في النحت تظهر منذ سنوات مراهقتها، فقاومتها أمها بينما قدم لها أبوها كل الدعم اللازم بناءًا علي نصيحة من النحات الفرنسي ألفريد بوشيه وكان مسقط رأسه نفس المدينة التي ولدت فيها كلوديل . في عام 1881 نجحت كاميّ في أن تقنع عائلتها بالانتقال للعيش في باريس كي تستطيع تجويد موهبتها الفنية بالقرب من أساتذة الوسط الفني الباريسي وبالفعل انتقلت العائلة إلي باريس ماعدا الأب الذي كان عليه أن يبقي لظروف عمله. التحقت بأكاديمية كولاروسي الفنية واستأجرت أتيليه لتعمل فيه علي منحوتاتها وشاركها به مجموعة من الفنانات الشابات، تولاهن روشيه بالرعاية والتوجيه حتي اضطر للسفر إلي روما لإنجاز مهام عمله فعهد إلي أوجست رودان باستكمال مهمة تعليمهن.
في عام 1882 بدأت ما يمكن أن نطلق عليه »‬سنوات رودان» في حياة كاميّ كلوديل والتي امتدت - فعليًا وتأثيريًا - حتي وفاتها. دشّن لقائهما الأول رحلة كامي بين الحب والعذاب، التحقق والضياع، المتعة والمرض النفسي قبل أن تنتهي الرحلة بوفاتها وحيدة في مصحة نفسية.
لا ينكر أحد انبهار رودان بموهبة كامي في بداية علاقتهما لكن هذا الانبهار لم يلبث أن تحول إلي استغلال ثم تخلي، وهي التحولات التي مارسها رودان بمقدرة ذكورية خالصة دون أن تنتبه لها كاميّ ولم تفق من غيبوبتها العاطفية إلا وهي علي شفا الجنون.
انضمت في عام 1884 إلي مجموعة المتمرسين أو المنفذين لتصاميمه الفنيه وشاركت بموهبتها الاستثنائية في تنفيذ عدد من أعماله الفنية الهامة ويُقال أنه كان يعهد إليها خاصة بتنفيذ الأيدي لما تتطلب من دقة وحس فنيّ وإنسانيّ رفيع. سريعًا ما استقرت وتوطدت شراكتهما الفنية بفضل أصالة موهبتها وإرادتها العارمة حتي أن رودان صرّح قائلًا: »‬أصبحت مدموازيل كلوديل المتمرسة الخارقة في فريقي، واستشيرها في كل شيء.» وكان يردّ علي منتقديها قائلًا: »‬لقد علمتها أين تجد الذهب، لكن الذهب الذي عثرت عليه، وجدته بطريقتها الخاصة.»
مارست كلوديل تأثيرها الفنيّ علي أستاذها وألهمته في منحوتات شهيرة مثل : »‬القبلة»، الذي اشتغلا عليه سويًا، و»‬باب الجحيم» العمل الأشهر لرودان وغير المكتمل وساهمت فيه كاميّ مع العديد من المشاركين. عاشا قصة حبهما الملتهبة قرابة عشر سنوات، لم يعرفا خلالها الراحة أو الاستقرار. حين قابل رودان كاميّ كان مرتبط بالسيدة روز بوريه، التي عملت معه موديلاً سابقًا، منذ قرابة العشرين عامًا.
لم يمنح رودان كاميّ حقها الفني أو العاطفي؛ فلم يعلن عن مشاركتها بشكل واضح في الأجزاء التي نفذتها ضمن منحوتاته، كما رفض الزواج منها رغم ارتباطهما العاطفي ولم يترك العيش مع السيدة روز طيلة علاقته مع كاميّ. أخيرًا وفي عام 1892 أدركت كاميّ استغلاله لموهبتها طيلة عشر سنوات ومشاعره المنقوصة إزاءها رغم حبها الجنوني له، فقررت الابتعاد عنه والتفرغ للنحت الخاص بها. نفذت مشروعها الأهم L'Age mالذي يمثّل رودان واقفًا يدير ظهره لها وينظر نحو امرأة أخري تمسك به – تمثل السيدة روز- وكاميّ جاثية علي ركبتيها تمد زراعيها في الهواء وتحاول التمسك به دون جدوي.
استطاع رودان، الذي كان يحتكر أبوية النحت آنذاك، أن يسيطر علي الاعتراف النقدي كذلك، فهاجم النقاد أعمال كلوديل أشد الهجوم واتهموها بعدم الأصالة الفنية. حينها لم تحتمل كلوديل تلك الموجات من الرفض والإخفاق المتوالي، فمنذ أن بدأت ممارسة هوايتها أثناء سنوات مراهقتها كانت أمها تحاربها وتعارض دعم أبيها لها، فارتمت في كنف أستاذها وحبيبها رودان الذي استغلها ثم تخلي عنها وحين استجمعت ما بقي لديها من إرادة لتعمل مستقلة هاجمها النقاد ولم تلق ترحيبًا لعمالها. شيئًا فشيئًا بدأت تنتابها نوبات من الهستيريا حتي اقتادتها عائلتها إلي مستشفي للأمراض العقلية في عام 1913، ظلت به لأكثر من ثلاثين عامًا حتي ماتت به عن عمر 78 عامًا.
لم يزرها أحد من عائلتها ولا من أصدقائها باستثناء أخيها بول كلوديل، الكاتب الشهير – عشر مرات فقط علي مدار أكثر من ثلاثين عامًا . وحين استشعرت إدارة المستشفي تحسنًا في حالتها وأبلغت أخاها رفض استلامها وخروجها معه رغم توسلاتها.
بدأ الاحتفاء الحقيقي بفنّ كاميّ كلوديل وموهبتها في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين، وذاع صيت أعمالها المتبقية بعد ما حطمته في بعض نوبات الهستيريا التي كانت تصيبها قبل دخولها إلي مستشفي الأمراض العقلية.
احتفي النقاد بأعمالها وأعاد مؤرخو الفن التشكيلي الاعتبار لما ساهمت به من أعمال أو مشاركات في أعمال رودان. وما أراد هو إخفائه بات حقيقة يعرفها الجميع ويعترف بها المتخصصون والمتذوقون والجمهور؛ سواء فيما يخص موهبتها الفذة أو قصة حبهما، وللمفارقة فإن متحف رودان في باريس يعرض عمل كامي كلوديل الأشهر الذي يجسد تخليّ رودان عنها وسط مجموعة أخري من أعمالها في صالة مخصصة تحمل اسمها.
كأن التاريخ يرفض إلا أن يسجل حقيقة قصة ومأساة فنانة فذة وإنسانة تخلي عنها كل من أحبتهم ولم يبق لها إلا نفسها وبعض من عقل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.