سيد مكاوي «المسحراتي» يشق بصوته المرتفع سكون الليل بعبارات من الزجل والأدعية علي إيقاع "الطبلة"، لإيقاظ الصائمين لتناول السحور قبل أذان الفجر، وظلت تلك المهنة يتوارثها الأجيال حتى اختفت تماما إلا في بعض الأحياء الشعبية والقري. ويعتبر الفنان سيد مكاوي، أشهر من قدم شخصية المسحراتى بداية من الستينيات، فبدأ مكاوي، بتأدية شخصية المسحراتى في الإذاعة وقام بتلحين كل حلقاتها، كتب أولى حلقاتها شاعر العامية الكبير صلاح جاهين، قبل أن يعتذر عنها ويسندها إلى الشاعر فؤاد حداد. وبعد النجاح الكبير الذي شاهدته الحلقات قدمها كبرنامج تليفزيوني من تأليف حسن فؤاد، عدة مواسم رمضانية متتالية. كانت الإذاعة تقدم خلال شهر رمضان حلقات المسحراتي، وكانت تعهد لأكثر من ملحن بالمشاركة في حلقات الشهر، وفي أحد الأعوام أسندت إلى مكاوي تلحين عدد من الحلقات ولكنه اشترط أن يقوم بالغناء كما قرر الاستغناء عن الفرقة الموسيقية والاعتماد على الطبلة المميزة لشخصية المسحراتي. قدم مكاوي الحلقات الثلاث التي كلف بها كما أراد، وحققت حلقاته نجاحا كبيرا ولهذا تم إسناد العام التالي له بشكل كامل واستمر يقدمه حتى وفاته. وقال سيد مكاوي، إنه يحب شخصية المسحراتي لأنها تشعره بالأسرة المصرية، فشخص واحد يحفظ أسماء حي بأكمله دليل على الود والصداقة، ويرتبط المسحراتي عند سيد مكاوي بنداءات أذان الفجر، وبحلاوة اللحظات التي تملأ الناس بالخير. سجل سيد مكاوي، للإذاعة 75 لحنا من كلمات فؤاد حداد حتى عام 1972، وكلها تعتمد على الأصل الشعبي، وفيها حلقة ينادي سيد، على ابنته إيناس، وحلقة أخرى ينادي على سيدة الغناء العربي أم كلثوم، ولا تذيع منها الإذاعة إلا الثلاثين حلقة الأخيرة فقط. انتقلت الحلقات إلى شاشة التليفزيون، وظلت تذاع بإخراج فني عال بلمسة المخرج فتحي عبدالستار، ثم المخرج يحيي زكريا، في رمضان خلال التسعينيات، من كلمات سيد حجاب، وكمال عمار، وأمين فؤاد حداد. وشبه مكاوي المسحراتي ب"القلة"، فرغم ظهور الثلاجة الكهربائية، إلا أنها لم تستطع أن تغني عن القلة، فماؤها له طعم خاص. على مدى سنوات عديدة خلال ليالي رمضان، تجول مكاوي، مع غلامه يحمل فانوسا مضيئا، وبيده طبلة يقرعها بجلدة في يده مرددا نداء التسحير والابتهالات، وكان مما يردده: "اصحى يا نايم وحّد الدايم وقول نويت بكره إن حييت، الشهر صايم والفجر قايم، اصحى يا نايم وحّد الرزاق .. رمضان كريم"، "ناس كانوا قبلي قالوا في الأمثال.. الرجل تدب مطرح ما تحب، وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوال، حبيت ودبيت كما العاشق ليالي طوال، وكل شبر وحته من بلدي حته من كبدي حته من موال".