«اصح يا نايم .. وحد الدايم .. وقول نويت .. بكره إن حييت .. الشهر صايم .. والفجر قايم .. اصحَ يا نايم .. وحد الرزاق .. رمضان كريم .. المشي طاب لي والدق على طبلي .. ناس كانوا قبلي قالوا في الأمثال.. الرجل تدب مطرح ما تحب.. وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوال .. حبيت ودبيت كما العاشق ليالي طوال.. وكل شبر وحتة من بلدي حتة من كبدي حتة من موال.. اصحَ يا نايم وحد الدايم.. السعي للصوم خير من النوم .. دي ليالي سمحة نجومها سبحة .. اصحَ يا نايم يا نا يم اصحَ وحد الرزاق…رمضان كريم» إنها رائعة « المسحراتي» التي كتب كلماتها المبدع الراحل فؤاد حداد ولحنها وغناها الموسيقار الكبير سيد مكاوى، وصارت معلما من معالم الشهر الكريم تتفرد به مصر عن غيرها من الدول الاسلامية. وظهر مسحراتى الإذاعة على يد الموسيقار سيد مكاوى عام 1964، وكان يستمع إليه المسلمون الساهرون قبل تناول وجبة السحور في الإذاعة، ومع انتشار التليفزيون أبدع “مكاوي” في مزج فن التسحير بالوعظ والإنشاد في حب الوطن. إنها إحدى المهن التاريخية التي تتفرد بها مصر عن غيرها من دول العالم أجمع، يعمل اصحابها شهرا واحدا في العام، ولكنه شهر الخير والبركات. حقاً إنها أرزاق يقسمها رب العباد، فهذه المهنة برغم انقراضها لطغيان التكنولوجيا الحديثة، إلا أن المسحراتى استعد بطبلته التى لم تنقرض. وينادي المسحراتي على أهل الحي أو القرية بالاسم، طوال ايام الشهر الكريم، ثم يبقى طوال العام خارج الخدمة، ليمتهن مهنة أخرى. وعلى الرغم من تطور التكنولوجيا وظهور أساليب حديثة للتنبيه بالوقت، إلا أن تلك المهنة ارتبطت في وجدان المصريين بالشهر الكريم في عصر الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي أصدر أمراً بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، أما أول مسحراتي فعلى في مصر فكان “عتبة بن اسحق” والي مصر أيام الفتح الإسلامي وكان يخرج بنفسه في مدينة الفسطاط لتسحير الناس وهو يردد “يا عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة”. وعرفت شخصية المسحراتى في مصر مثل الزينة والفوانيس، وأصبح رمضان غير مكتمل من دونها، وأخذت شكلاً آخر على إيقاع الطبلة، كما ارتبطت بالسير والحكايات الشعبية التي يعشقها الكثير من المصريين مثل “ألف ليلة وليلة” و”أبو زيد الهلالي” و”علي الزيبق”. كما يتعلق الأطفال بشخصيته ويتلهفون عليه وينادونه من الشرفات والنوافذ ب”عمو المسحراتى”، ويطالبونه بأن ينادى على أسمائهم بعد أن يرسلوا إليه قطعًا من النقود المعدنية، ومنهم من يسير خلفه بالمناطق الشعبية والقرى.