مجدي السعيد بدوي مديرًا لمنطقة الغربية الأزهرية    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 9 أغسطس 2025    مستقبل وطن: احتلال غزة يُهدد استقرار المنطقة ويقوض السلام    بوتين يطلع الرئيس البرازيلي على أهم نتائج محادثاته مع المبعوث الأمريكي ويتكوف    احتلال غزة!    انطلاق مباراة الأهلي ومودرن سبورت في الدوري    «وداعا سليمان العبيد».. محمد صلاح يشارك تعزية يويفا في وفاة «بيليه فلسطين»    تفاصيل تعاقد الأهلي السعودي مع إنزو ميلو من شتوتجارت    صور | السيطرة على حريق في عقار سكني بقنا    تعليم قنا: التعامل بكل حزم في امتحانات الدور الثاني للشهادة الاعدادية    إصابة 4 أشخاص في حريق مخزن أحذية بلاستيك | صور    الإعدام شنقًا ل3 والمشدد ل4 آخرين قتلوا شخصًا وشرعوا في قتل شقيقه بالقليوبية    «هشام» و«إيهاب» و«سليم»|نجوم مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    يسري جبر: «الباءة» ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    أمين الفتوى يوضح حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب    كل احتلال مصيره إلى زوال    تنسيق الجامعات 2025.. طريقة التقديم للالتحاق بكليات الجامعات الخاصة والأهلية    تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. توقعات كليات ومعاهد تقبل من 55% وحتى 50% أدبي    إلهام شاهين تستمتع بإجازتها في الساحل مع نجوم الفن: «ربنا يجمعنا دايمًا في أوقات حلوة»    غليان داخل بيراميدز بعد الوقوع في فخ التعادل أمام «دجلة»    ضبط تشكيل «بياضة وطوبسية» بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    259 كرسيًا و6 أدوار.. مستشفى أسنان جامعة سوهاج يستعد للافتتاح قريبًا -صور    ينظم الضغط ويحمي القلب.. 6 فوائد ل عصير البطيخ    "احتلال غزة" يهز العالم والداخل الإسرائيلي ( تحليل )    "إنستاباي" ينهي تحديثاته الدورية بنجاح وعودة جميع الخدمات للعمل بكفاءة كاملة    3 أبراج على موعد مع حب العمر قريبا.. القدر يخبئ لك مفاجأة    ترخيص 817 مركبة كهربائية خلال يوليو الماضي ..المركز الأول ل بى واى دى    الموز والتمر- أيهما أفضل لسكري الدم؟    ب"فستان أنيق".. أحدث ظهور ل نرمين الفقي والجمهور يغازلها (صور)    ناصر القصبي يشارك في موسم الرياض.. وتركي آل الشيخ يعلق: مسرحية مهمة    شيخ الأزهر يلتقى عدد من الطلاب ويستذكر معهم تجربته فى حفظ القرآن الكريم فى "كُتَّاب القرية"    جامعة بنها الأهلية تعقد 3 شراكات تعاون جديدة    محافظ الإسماعيلية يستقبل سفير دولة الهند ويتفقدان مصانع EMBEE    «اتفق مع صديقه لإلصاق التهمة بزوج خالته».. كشف ملابسات مقتل شاب بطلق ناري في قنا    ترتيب الدوري المصري بعد منافسات اليوم الأول.. المصري في الصدارة    نائب رئيس هيئة الكتاب: الاحتفال باليوم العالمي لمحبي القراءة دعوة للثقافة    «المستلزمات الطبية» تبحث الاثنين المقبل أزمة مديونية هيئة الشراء الموحد    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    تتبقى 3 أيام.. «الضرائب» تعلن موعد انتهاء مهلة الاستفادة من التسهيلات الضريبية المقررة    مصرع شابين غرقا فى نهر النيل بأطفيح والصف    رغم الغضب الدولى ضد إسرائيل.. قوات الاحتلال تواصل قتل الفلسطينيين فى غزة.. عدد الضحايا يقترب من 62 ألف شخصا والمصابين نحو 153 ألف آخرين.. سوء التغذية والمجاعة تحاصر أطفال القطاع وتحصد أرواح 212 شهيدا    أخبار الطقس في الإمارات.. صحو إلى غائم جزئي مع أمطار محتملة شرقًا وجنوبًا    وزيرا قطاع الأعمال العام والمالية يبحثان تعزيز التعاون في عدد من الملفات المشتركة    انطلاق فعاليات سباق الخيول احتفالا بمولد السلطان عبد الجليل بجنوب الأقصر.. اليوم    برلماني: موقف مصر ضد احتلال غزة رفض تام وحاسم لسياسات الإبادة والتجويع    الري: 32 مليون متر مكعب سعة تخزينية لحماية نويبع من السيول    رسميًا.. مانشستر يونايتد يضم سيسكو    ما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به؟.. يسري جبر يجيب    زوجة أكرم توفيق توجه رسالة رومانسية للاعب    محافظة الجيزة: أنشطة وبرامج مراكز الشباب من 10 إلى 15 أغسطس 2025    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    تفاصيل حفل تامر عاشور بمهرجان العلمين    خلال استقباله وزير خارجية تركيا.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة.. التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكرى لغزة وضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير الفلسطينيين    «100 يوم صحة» قدمت 37 مليون خدمة طبية مجانية خلال 24 يوما    مكتب التنسيق الإلكتروني بجامعة العريش يستقبل طلاب المرحلة الثانية    علي معلول: جاءتني عروض من أوروبا قبل الأهلي ولم أنقطع عن متابعة الصفاقسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقيب العلميين الأسبق د.علي حبيش ل »الأخبار«: القطن المصري في المقدمة رغم السرقة الأمريكية
مهرب البذور مجرم خائن مثل مهرب الآثار
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 05 - 2018

مصافحة الرئيس لي بعد تكريمي أفريقيا أعطي قيمة للجائزة
من يشتكي أن أبحاثه حبيسة الأدراج لا يلوم إلا نفسه
نصيحتي للباحثين: تواضعوا حتي تري أبحاثكم النور
وجود مجلس أعلي للبحث العلمي يرأسه الرئيس إحدي أمنياتي
بعض الملابس يمكن أن تسبب الوفاة لمرتديها
تفقد الأسماك حياتها إذا خرجت من المياه، وكذلك بدا لي د.علي حبيش، نقيب العلميين الأسبق، فوجوده في مكتبه بالمركز القومي للبحوث، وإشرافه علي الأبحاث التي تجري في مجال النسيج، هو أكسير الحياة الذي يمنحه القدرة علي العطاء، وهو علي مقربة من بلوغ عامه ال82.. قد تتعاطف في البداية مع د. حبيش الذي أصبحت السماعة التي يحملها في أذنه اليمني هي وسيلة التواصل بينه بين العالم الخارجي، وتقول لنفسك ، أليس الأولي به أن يستريح؟، ولكن الحماس الذي يبدو واضحا علي وجهه وهو يجيب علي كل سؤال، ينزع منك هذا الشعور، ليحل محله حالة من الانبهار بهذا الرجل الذي يعمل بحماس، لا يتلاءم مع تجاعيد الزمن التي حفرت أخاديدها علي وجهه.. ورغم شهرة الرجل الأكاديمية التي اكتسبها من تاريخ طويل يمتد لأكثر من 50 عاما، حصد خلالها عددا لا يحصي من الجوائز، إلا أنه لم يأخذ حظه من الشهرة إلا في 30 يناير 2017، عندما ترك الرئيس السيسي مقعده في القمة الإفريقية بأديس أبابا، ليتوجه إليه ويصافحه بعد إعلان فوزه بجائزة »كوامي نكروما»‬ العلمية، ليثير ذلك شهية الإعلام للبحث عن تاريخ هذا الرجل المحتفي به.. ويعتبر د.حبيش هذه المصافحة »‬المعنوية» أهم كثيرا من قيمة الجائزة المادية، وهو ما دفعه إلي وضع صورة لهذه اللقطة في صدارة مكتبه لتصافحها عين زائريه، لتفرض بالتالي نفسها علي حواري معه، الذي تطرق لقضايا كثيرة حول الربط بين البحث العلمي والتطبيق وكيفية النهوض بالصناعات النسيجية.. وإلي نص الحوار.
• بداية هل يمكن أن تعطيني ملخصا لأبرز الإنجازات البحثية التي أهلتكم لنيل الجائزة الإفريقية؟
- يطلق تنهيدة عميقة استعدادا لتلخيص رحلته البحثية التي تمتد لأكثر من 50 عاما، قبل أن يقول: التحقت بوحدة كيمياء النسيج بالمركز القومي للبحوث عام 1961، وحصلت علي الماجيستير من جامعة القاهرة، ثم سافرت إلي الهند للحصول علي درجة الدكتوراه عام 1968، واخترت في مسيرتي العلمية القطن المصري، كمجال اهتمام بحثي، حيث كان القطن وقتها يواجه منافسة من الألياف الصناعية، التي كانت تتميز وقتها بمقاومتها للميكروبات وعدم تعرضها للكرمشة، فعملت من خلال الأبحاث علي تحولات كيميائية للأقطان تكسبها نفس مزايا الألياف الصناعية.
تحولات القطن
هل يمكن أن تشرح لي كيف أجريتم هذه التحولات؟
- يمسك بورقة وقلم استعداداً لتقريب فكرة هذه التحولات، ويقول محاولا تبسيط الفكرة بالرسم: القطن يتكون من السليولوز، وهو سلسلة طويلة من جزيئات الجلوكوز اتحدت مع بعضها، والمجموعات الفعالة في الجلكوز هي »‬الهيوركسيد جروب»، وما نفعله هو أننا نضيف مجموعات إلي جانبها، فمثلا نضيف مجموعات »‬فوسفور» و»‬نيتروجين» لإعطاء الأقطان خاصية مقاومة الحريق.
ولكن يبدو أن القطن الذي أهلتكم الأبحاث حوله لنيل الجائزة، ليس هو القطن الموجود الآن؟
- تبدو علي وجهه علامات الدهشة، قبل أن يسأل: من أين جاءك هذا الانطباع؟
المعروف أن قطن »‬البيما» الأمريكي أخذ الصدارة من القطن المصري...
- ينتفخ وجهه غضبا، قبل أن يدافع عن القطن المصري وكأنه ابن من أبنائه، قائلا بنبرة صوت مرتفعة: القطن المصري لا يوازيه قطن في العالم، حتي ذلك القطن الأمريكي المسمي ب »‬البيما»، وللعلم هذا القطن في الأساس هو قطن مصري، حيث تمت زراعته في أمريكا ببذور مصرية تم تهريبها إلي هناك، ورغم ذلك لايزال القطن المزروع علي أرض مصرية هو الأفضل.
قطن البيما
هل تقول ذلك من باب الغيرة أم بناء علي تجارب بحثية؟
- ترتفع نبرة صوته أكثر وأكثر، قبل أن يقول: طبعا بناء علي تجارب بحثية أجريت مؤخرا وشملت عدة عناصر مقارنة منها لمعة القطن وامتصاصه للمياه.
كيف تقول إن القطن المصري تميز في ذلك، رغم أن قطن »‬البيما» مصري في الأساس، كما قلت سابقا؟
- يعيد هذا السؤال نبرة الصوت الهادئة للدكتور حبيش، قبل أن يقول وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامة عريضة: ليس معني أن تحصل علي بذور من بلد أخري، أن زراعة تلك البذور علي أرضك ستعطي نفس النتيجة.. طبعا مع المحاولة والأبحاث التي تجري لتحسين الصفات الوراثية قد تقترب من نفس صفات البلد الأصلية أو تصل لنفس الصفات، ولكن حتي هذه اللحظة لايزال القطن المصري في المقدمة.
عقوبة تهريب البذور
وكيف وصلت هذه البذور لأمريكا؟
- تعود مشاعر الغضب لتظهر علي وجه د.حبيش قبل أن يقول: القطن المصري منذ أدخله محمد علي وحتي عام 1985 تقريبا كان هناك رقابة شديدة جدا علي تهريب بذوره للخارج، وكانت هناك نصوص قانونية تنص علي عقوبات مشددة علي من يضبط متلبسا بذلك من أجل الحفاظ علي التميز المصري في هذا المجال، لأن مهرب هذه البذور في رأيي لا تقل خيانته لبلده عن مهرب الآثار.
وهل تغير القانون فأصبح هذا الأمر مباحا؟
- يومئ بعلامة الرفض قبل أن يقول: لم يتغير القانون ولكن كان هناك تراخٍ في تنفيذه، فأصبحت بذور الأقطان المصرية مستباحة.
أفهم من كلامك أن استعادة عرش القطن المصري يبدأ بإعادة الرقابة بما يمنع تهريب البذور؟
- يصمت لوهلة قبل أن يقول: القطن المصري لم يفقد عرشه، فلايزال في المقدمة من حيث الصفات، ولكننا نحتاج إلي مزيد من الاهتمام به ليعود بقوة إلي الأسواق العالمية، وحسب معلوماتي بدأنا نهتم – حاليا – بهذا الأمر، من خلال حزمة تشريعات جديدة يتم الإعداد لها، وبعض الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة الزراعة لتحسين الإنتاجية وتشجيع المزارعين علي زراعته.
غيرتك علي القطن المصري التي تبدو واضحة تعطيني انطباعا عن جودة أبحاثك التي تناولته، ولكن الملاحظ أن هذه الأبحاث لم تجلب لك الشهرة الإعلامية إلا عندما صافحك الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد حصولك علي الجائزة الإفريقية...
- ترتسم علي وجهه ابتسامة عريضة قبل أن يقول بلهجة يغلفها الرضا والقناعة: الباحث بطبيعته لا يبحث عن الشهرة الإعلامية، ولكني والحمد لله كرمت كثيرا علي أبحاثي، فلا توجد جائزة تمنحها الدولة لم أحصل عليها، فأنا أشعر أني حصلت علي أكثر مما أستحق.
ولكن الصورة التي وضعتها في صدارة مكتبك للرئيس وهو يصافحك بعد الفوز بالجائزة الإفريقية، أعطاني انطباعا أن هذه الجائزة لها مذاق خاص بالنسبة لك؟
- تنفرج أسارير وجهه قبل أن يقول بلهجة يغلفها الحماس: هذه من أجمل المصادفات التي حدثت لي في حياتي، فلم أكن أعلم أن الرئيس متواجد بالقاعة التي سيتم فيها إعلان الجوائز، وكانت لفتة كريمة منه أن يترك مقعده ويأتي ليصافحني ويهديني باقة من الزهور، فهذا الأمر أعطي لتلك الجائزة قيمة، وبدأ الكثيرون يسألون عنها للتقديم فيها.
مجلس أعلي للبحث العلمي
إذا أتيحت لك الفرصة للحديث مع الرئيس في هذا اليوم، ماذا كنت ستقول له؟
- لم يفكر كثيرا وخرجت الكلمات من فمه سريعة: منذ زمن بعيد ونحن نطالب بأن يكون الرئيس علي رأس مجلس أعلي للبحث العلمي، لأن وجود الرئيس علي رأس منظومة البحث العلمي يفتح الأبواب المغلقة، ويعطي إرادة سياسية لقضية تطويره، لذلك لم أكن أتردد في تقديم هذا المطلب للرئيس إذا كانت الظروف مواتية للحديث معه حينها.
من حسن حظك أنه لم تتح لك الفرصة، لأن الانتقادات قد توجه لك حينها، بأنكم تسعون لإقحام الرئيس في كل التفاصيل، وهذا ليس دوره....
- يبتسم قائلا: أعرف أن الرئيس لديه الكثير من المهام، ولكن ما أعرفه أيضا أن هناك مشروعات عملاقة يهتم الرئيس بتنفيذها، وهذه المشروعات يجب أن تستفيد من البحث العلمي، فنحن في أمس الحاجة لأن يكون الباحثون جزءاً من هذه المشروعات، وهذا لن يتحقق إلا بأن يكون الرئيس علي رأس مجلس أعلي للبحث العلمي.
البحث والتطبيق
يبدو لي من متابعة تصريحاتكم أن انتظارك تحقيق هذه الأمنية لم يمنعك من الإنجاز، فكان من اللافت تصريح لك قلت فيه إن أبحاثك ليست حبيسة الأدراج، وهو قول نادر في مجتمع يشتكي أغلب باحثيه أن أبحاثهم لا تري النور...
- يضغط هذا التعليق علي جرح غائر لدي د.حبيش، فيهب صارخا: من الأقوال التي تغيظني هي قول بعض الباحثين إن أبحاثهم لا تري النور، فمن واقع تجربتي العملية خلال 50 عاما في مجال البحث العلمي أستطيع القول إنه إذا كان لديك بحث قابل للممارسة العملية في الصناعة، فلن تجد أدني مشكلة في تنفيذه، إذا كانت لديك الرغبة والنية في ذلك، وإذا تواضعت وأشعرت رجال الصناعة بأهمية بحثك، ولكن للأسف بعض الباحثين لا يفعل ذلك، ثم يشتكي أن بحثه حبيس الأدراج.
الباحثون يرددون في هذا الإطار أن التسويق ليس مهمتهم، وأن مهمتهم تنتهي بإنجاز البحث...
- لم ينجح هذا التعليق في إعادته لحالة الهدوء، ليواصل انفعاله قائلا: الوضع المثالي أني قبل أن أبدأ العمل، يجب أن أتحدث مع رجال الصناعة، لأن تحقيق ذاتي كباحث لا يتحقق بإنجاز بحث، لكنه يتحقق عندما يكون هذا البحث له تأثير علي القطاع الذي يخدمه، وهذا لن يتحقق إلا بالحديث مع رجال الصناعة.
تواضع الباحث
أفهم من ذلك أنك تلوم علي بعض الباحثين أنهم ليسوا متواضعين مع رجال الصناعة؟
- يصمت لوهلة قبل أن يقول: نعم بعض الباحثين يشعرون بأنهم أهم من رجال الصناعة، وهؤلاء لن يحققوا أي نتيجة، ولذلك نصيحتي دائما للباحثين أنه إذا كانت لديك النية لإنجاز بحث قابل للتطبيق، فيجب عليك أن تتواضع وتذهب بنفسك لرجال الصناعة، لأنهم إذا لم يفتحوا لك الباب لتطبيق تجاربك البحثية عندهم فلن تحقق شيء.
كما أنصحهم دائما باختيار الموضوع القابل للتطبيق، لأن بعض الباحثين ينجز أبحاثا يظن أنها تطبيقية، لكنها في الحقيقة أبحاث أساسية تميل إلي النزعة النظرية.
أشعر أنك تلقي بالمسئولية كاملة علي الباحثين، وكأن الدولة ليس لها دور؟
- يصمت لفترة تطول بعض الشيء قبل أن يقول: هناك الكثير من المطالب التي ننتظر تحقيقها، ولكن هل معني ذلك أن نركن لهذه الحالة ولا نأخذ خطوة إلي الأمام حتي لو كانت الظروف الصعبة.
دور الدولة
وكيف تكون الدولة داعماً للبحث العلمي من وجهة نظرك؟
- يفتح أحد أدراج مكتبه ليلتقط بعض الأوراق، قبل أن يقول وهو يشير إليها: الإجابة علي سؤالك هذا كانت موضوعا لهذه المحاضرة التي ألقيتها منذ فترة في أحد المؤتمرات، وكنت أتحدث فيها علي ضرورة تبني الدولة استراتيجية عليا للتنمية، ويكون العلم والتكنولوجيا والابتكار هي الأداه لتحقيق ذلك، فأي بلد هدفه تحقيق التقدم، وهذا لن يأتي إلا بالتنمية، والتنمية تحتاج إلي العلم والتكنولوجيا والابتكار، يعني مثلا إذا قرر أي بلد أن تنميته تقوم علي الزراعة، فيجب توجيه العلم والتكنولوجيا والابتكار لهذا المجال، ولو قرر أن تنميته تكون في مجال الفضاء، فيجب توجيه العلم والتكنولوجيا والابتكار لهذا المجال، وهكذا.
وينظر د.حبيش في الأوراق التي وضعها أمامه، ليقول: كذلك ينبغي علي الدولة أن تتحول إلي ما يعرف ب »‬اقتصاد المعرفة»، وهو أيضا لن يقوم إلا بالعلم والتكنولوجيا والابتكار، فأي منتج في الدنيا له عدة مكونات، وكل مكون يدخل في تصنيعه جزء من المعرفة، التي لن تأتي إلا بهذه العناصر الثلاثة.
ويواصل حديثه عن دور الدولة مضيفا: يجب أن تهتم الدولة أيضا بالتعليم لتتغير فلسفته ويصبح قائما علي الفهم والحوار والتحليل والإبداع وليس الحفظ والتكرار.
هذه الآراء التي قلتها لدور الدولة تكشف عن باحث بميول سياسية.. ألم تفكر في احتراف السياسة؟
- يطلق ضحكة عالية قبل أن يقول: عملت لفترة كرئيس أكاديمية البحث العلمي، وكان البعض ينظر لهذه الوظيفة علي أنها وظيفة سياسية، لكني لم أكن أشعر بذلك إلا عندما يحدث خلاف بيني وبين الوزير.
لكن لو سألتني أيهما أحب إلي قلبك، أقول لك عملي البحثي البعيد عن المناصب، فأنا في معملي حر نفسي أنتظر الوحي الذي يهبط عليّ بالأفكار التي أقوم بتنفيذها، وهذه متعة لا تضاهيها متعة، أما في المناصب يكون شغلك الشاغل، هل سأظل في المنصب أم لا، هل الوزير متحمس لوجودي أم أنه ينوي تغييري، وشتان فرق بين هذا وذاك.
عضوية الشوري
إذا كان الأمر كذلك، لماذا قبلت عضوية مجلس الشوري في عهد الإخوان؟
- يضحك قبل أن يقول: ولماذا تريد تذكيري بهذه الفترة؟.. ويضيف: كل ما هنالك أن من يحكمون في تلك الفترة اختاروني لأن أشارك في هذه المهمة، فهل يمكن أن أرفض وأنا بطبيعتي أحب أن أخدم بلدي في أي مهمة أكلف بها.
لكن المعروف أن اختياراتهم يحكمها معيار الانتماء للجماعة؟
- يضحك قبل أن يقول ساخرا: لا أنت كده جاي تورطني.. ويضيف وقد تخلي عن السخرية لتصبح ملامحه أكثر جدية: اختياري لعضوية مجلس الشوري كان محاولة من الإخوان لترضيتي بعد أن تخلوا عن دعمي لأواصل الترشح علي منصب نقيب العلميين.
وهل كنت تفوز في انتخابات النقابة بدعمهم؟
- يومئ بالموافقة قبل أن يقول: هم من طلبوا مني الترشح للانتخابات عندما كنت رئيسا للأكاديمية، وكانوا يريدون أن أكون واسطة بينهم وبين الدولة، وظللت نقيبا لمدة 17 عاما، ولكن عندما آلت إليهم الأمور رشحوا نقيبا منهم ليتولي أمر النقابة، وكنوع من الترضية لي رشحوني لعضوية مجلس الشوري.
ولكن قبولك لهذا المنصب، من المؤكد أنه قيد حريتك في انتقاد أي سلبيات كنت تراها في ممارساتهم تحت قبة المجلس؟
- يشير بعلامة الرفض بإصبعه، قائلا: أتحدي أن تجد كلمة صدرت مني تحمل مجاملة لهم، كان عملي يقتصر علي نطاق اللجنة التي أعمل عضوا بها، ولم أكن مهتما بالقوانين التي كان يتم الإعداد لها، ورأي البعض فيها محاولة منهم للسيطرة علي مفاصل الدولة.
حملة الصناعات النسيجية
نعود للمجال الذي تحب الحديث فيه، وهو عملك كباحث، وهذه المرة أحب أن أعرف الهدف من الحملة القومية للصناعات النسيجية التي ترأسها؟
- تشعر بعلامات الارتياح علي وجهه وهو يستعد للحديث عن هذه الحملة، ليبدأ حديثه قائلا: جاءت فكرة هذه الحملة في جلسة جمعتني برئيس أكاديمية البحث العلمي، حيث اقترحت عليه أن نجمع الباحثين العاملين في مجال الصناعات النسيجية بفروعه المختلفة في مشروع كبير ووافق رئيس الأكاديمية وعرض الأمر علي مجلس الأكاديمية لتنطلق الحملة القومية للصناعات النسيجية في 2004.
مضي علي انطلاق الحملة إذن 14 عاما، من المؤكد أنها حافلة بالإنجازات، فهل يمكن أن تطلعني علي بعضها؟
- يصمت لفترة تطول بعض الشيء لاختيار المحطات التي سيتوقف عندها في رحلة ال14 عاما، قبل أن يقول: خلال هذه الحملة درسنا 12 صنفا تجاريا من الأقطان المصرية، للإجابة علي عدة تساؤلات أهمها ما هي الأقطان المثلي للزراعة؟، وما هي الأقطان التي تنتج ملابس ضد الكرمشة، كما عالجنا الكثير من المشكلات التي تعاني منها الشركات ومنها أن مادة النشا التي تستخدم كمادة »‬بوش» في الصناعة، تتميز بأنها لزجة، ويسبب ذلك مشكلات مثل انسداد المواسير التي توصل تلك المادة من مكان لآخر في المصانع، فساهمنا في حل تلك المشكلة بإضافة مادة إلي النشا عالجت تلك المشكلة، كما كانت بعض الشركات تشتكي من عدم قدرتها علي الوصول إلي درجة الحرارة اللازمة لعملية الصباغة، وساعدنا أيضا في حل هذه المشكلة.
وماذا فعلتم في المشكلة التي أعلنتم عن اكتشافها مؤخرا، وهي وجود مركبات الفينول في بعض الملابس؟
- تظهر مشاعر الحماس واضحة علي وجهه، قبل أن يقول: هذا الاكتشاف من أهم إنجازات الحملة، حيث طلبت منا إحدي الشركات مساعدتها في معرفة سر رفض إحدي الدول لشحنة من الملابس تم تصديرها بحجة احتوائها علي عنصر »‬الفينول»، وذلك برغم تأكيد الشركة أنها لا تستخدم هذا العنصر.
ويضيف: قمنا بتحليل كل مدخلات عملية الإنتاج لنكتشف أن بعض الصبغات التي تستخدمها الشركة بها عنصر »‬الفينول»، وهي لا تدري ذلك.
وما هي المشاكل التي يسببها عنصر »‬الفينول» حال وجوده في الملابس؟
- لم تختف مشاعر الحماس من وجهه، وقال وهو يشير بإصبعه لجذب مزيد من الانتباه لخطورة تلك المادة: الفينول إذا تفاعل مع أكسجين الجو ينتج مادة سامة يمكن أن تتسبب في وفاة مرتدي الملابس.
إذا كان الأجانب اكتشفوا المشكلة ورفضوا الشحنة، فماذا عن الوضع محليا؟
- تبدو مشاعر الفخر واضحة علي وجهه، قبل أن يقول: اطمئن فالحملة نجحت في اكتشاف المشكلة ووجهت المصانع بعدم التعامل مع الصبغات التي تحتوي علي هذه المادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.