منذ 25 عاما،لم يتغير مكان عاطف الطيب في المولد،يأتي كل عام من طنطا،بشرائط الكاسيت،لينصب كشكه في نفس المكان،كاشفا ببصره مسجد نفيسة العلوم،ذلك العام حجب دي جي الزعيم عنه الرؤية وعن صوت ياسين التهامي،السماع. يملك الطيب محل "مولانا سيدنا الحسين "في طنطا،عند السيد البدوي،لكنه يدور ببضاعته من مولد إلي مولد،"لا طمعا في مكسب،انا ربنا مديني قرش وخير،بس محبة آل البيت،هي اللي مدية مهنتي قيمة". عاطف يعلم أن "الدي جي لم يخطف الرزق،لكن مكانه ليس هنا". ويري أن الطاقة التي يهدرها شيوخ السلفية محمد حسان ومحمد يعقوب علي تحريم التعلق بحب آل البيت،كان عليهم أن يوظفوها في تعليم الناس "من هم آل البيت". "الحياة ليست في الاستوديو،وهنا الصالح والطالح،الصادق والكذاب،كما اتضح لنا ان بين السلفيين أيضا الصالح والطالح،الصادق والكذاب،هم بشر ونحن بشر" لكن الذي يختلف هنا"ان هؤلاء الذين يقطعون المسافات،لزيارة آل بيت،كلهم مساكين،تكفيهم طبطبة من شخص لا يعرفونه،شربة ماء يقدمها إليهم خادم لله،ليبتسموا، احنا عارفين ان السيدة نفيسة مافيش في إيدها حاجة،بس احنا بنحبهم،عشان هما كمان حبونا،هم سفينة نوح التي من تعلق بها نجا،كما قال رسول الله،وييجي بعد كده السلفيين يحرموها،بنحبهم لحبهم لربنا،ده لو يهودي وشاف تعلقهم بدينهم،هيحبهم". عاطف،لا يقرأ ولا يكتب،وهو من أشد المعجبين بحازم أبو اسماعيل،كداعية لكن"تطلب كرسي لأ،مش عايزك،الدعوة هي اللي باقية،لكن السلطة؟ ليه"،وهي نفس الرسالة التي يوجهها عاطف لخيرت الشاطر"بلاش الدولة،خدوا كل حاجة وسيبوا الدولة،دينها وسط". يلوم عاطف علي السلفيين لتحريمهم المبالغ فيه لكل شيء"بيقولك ما تسلمش علي المسيحي،ما تاكلش معاه،حرام تعيد عليه،هو مش سيدنا محمد هو اللي وصي بأقباط مصر خيرا،يعني سيدنا محمد كان بيضحك علينا؟انتوا هتبلفوا دماغنا". تحريم الموالد،هي قضية السلفيين منذ الأزل ربما لأنهم لم يفهموا المغزي"هنا فرح الغلابة،والمساكين،يقول الرسول الكريم:اللهم أحيني مسكينا،وامتني مسكينا،واحشرني مع زمرة المساكين". يشير عاطف إلي المشهد المزدحم "بالمساكين" ويؤكد:كان الرسول يريد أن يصير مثل هؤلاء،فهؤلاء هم الذين يحيون بلا إله إلا الله وتريحهم الصلاة علي الرسول،فبأي حق يأتي من ينتزع منهم خط الحماية الأخير ضد الحزن والفقر. يقول الطيب:لو كان السلف مثل آل البيت،هل أحدهم مثل السيدة نفيسة التي حفرت قبرها بيديها وختمت فيه القرآن 6 آلاف مرة. هل هم بهذا الزهد،لو كانوا بهذا الزهد،فلم نري تزاحمهم علي "كرسي العرش" "هل ستتعدل الأحوال؟". "شجرة الدر نهبت من مصر أكثر مما نهبه مبارك، تلك البلد تسرق من قديم الأزل،سرقتها،ستستمر". "والثورة؟". "الثورة توقظ الخير في دمائنا، ثروة تلك البلد الحقيقية في دماء ابنائها،لذا لن يتوقف النزيف". عندما جاء السادات إلي عمران في المنام ليوكله بالطواف حول ميدان التحرير منذ الصباح،وحتي ختام الليلة الكبيرة بأذان الفجر،لم يكف عاشور زكي عن الطواف حول الحديقة التي تواجه المجلس،مرتديا رداءه وعمامته الخضراء،ومعلقا صورة الرئيس الراحل أنور السادات. لا يقف ليشرب،أو ليأكل ولا ليدخن سيجارة،فقط يدور في حلقات،شاخصا بعينيه نحو اللاشيء،بينما هو "يراقب كل شيء" لم يخرجه عن دورانه،سوي شقاوة صبي يحاول أن ينزع صورة السادات،ساعتها سيبدو عصبيا. لم ينضم عاشور إلي أي طريقة"وما حاجتي إلي ذلك؟ اليس هناك مرشحون مستقلون،وانا أيضا طريقتي مستقلة،احب آل البيت في صمت". لا يروي عاشور،حكاية مترابطة،تتقافز الأحداث الحقيقية والمتخيلة في ذهنه،ينتج روايته "المستقلة" عن كل شيء،روايات عاشور ليست هي الحقيقة،لكن من قال انه يحتاج لأن يروي الحقيقة،ما يقوله أكثر جاذبية،فهي رواية بألف وجه والف احتمال،بينما الحقيقة لا تحمل سوي وجه واحد. تزوج 5 مرات،قبل أن يأتي العام 1984 ويقدم استقالته من القوات المسلحة،التي كان يحمل بها درجة رقيب،"نتيجة شكاوي النسوان المستمرة له". لهذا انضممت إلي الطريقة"كي يعصمني الله من زوغان النفس،لأملك روحا". "وما الفارق بين النفس والروح؟" "النفس هي ما تملكونها أنتم،لذا تخشون عليها الموت،أما من يملك روحا فالروح لا تموت". "وهل نجح امتلاك الروح في أن يعصمك؟" "كل شيء يجري بقدر،لم تنجح تماما،لكنها قللت فرص المعصية،تزوغ عيني أحيانا،ومعه يزوغ القلب،لكن الشيء الرباني،يعيدني مرة أخري إلي صوابي". وعن صورة السادات يقول عمران،احب السادات لأني من المنوفية،كما أني اعيد له حقه المسلوب عندما قتل،وشمت في موته الاسلاميون. ليلة 25 يناير وفقا لرواية عاشور،جاء السادات إليه في المنام وطلب منه الطواف حول ميدان التحرير فقط ليطمئنه علي أحوال البلد. "ولم الطواف؟". "كي ادعو الله أن يسترها،كي انقذهم من حدوث كارثة"؟. "لهذا تطوف في المولد؟". "نعم،لأراقب كل شيء،كالأب في فرح ابنته،يظل مشغولا ومهموما،طوافا حتي تمر الليلة بسلام". في اضراب 6 إبريل،حضر عاشور،ودعا الله أن يقذف علي المتظاهرين "طيرا أبابيل" دخول،عاشور الطريقة كان وراءه حلم أيضا،يسميه عاشور"حاجة رباني" طلبت منه "الحاجة الرباني" أن يذهب إلي أحد الأضرحة في مركز تلا،وينزع خرقة خضراء بالجوار ليرتديها. شارك عاشور في كل أحداث مصر وفقا لروايته بدء من الأسر في حرب أكتوبر 1973،وحتي أحداث محمد محمود،التي كان يدعي فيها عاشور علي المتظاهرين،لا ينكر عاشور حبه لتوفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين ودفاعه عن مبارك ودعائه له حتي اللحظة الأخيرة لتنحيه،قبل أن يدرك انه كان علي خطأ،ثم عاد وأيد المجلس العسكري. عندما انتهي الحديث استمر في طوافه،كي "تمر الليلة بسلام".