دائما ما تكون الرواية منقذا للكثير من الأعمال الدرامية حيث يبحث الكثير من صناع هذه الأعمال عن رواية لتقديمها في عمل درامي أو سينمائي لإضفاء قيمة لهذا العمل لكن يظل هناك نوع من الحرج في تحويل هذه الأعمال وهل من يقدم هذه الأعمال يستطيع أن يرضي كاتب الرواية ويحقق طموحه في روايته أم لا؟ وهذا العام يشهد تحويل عدد كبير من الروايات إلي أعمال درامية منها »أبو عمر المصري» لعز الدين شكري و»كلبش» و»منطقة محرمة» ليوسف حسن يوسف و»الطريق» لنجيب محفوظ وغيرها من الأعمال وفي السطور التالية نرصد بعض آراء صناع الدراما فيما أضافته الرواية للأعمال الدرامية. في البداية يقول السيناريست مصطفي محرم إن تقديم الرواية الأدبية في عمل درامي لابد أن تكون بواسطة سيناريست يتمتع بحس أدبي أو أديب حتي يستطيع أن يضيف للرواية لا أن ينقص منها كما أنه ينبغي أن يجمع هذا السيناريست بين الأدب والسينما وللأسف هذا ليس متوافرا عند الكثيرين ممن يقومون بتحويل الروايات إلي أعمال فنية.. وأضاف محرم أن أكثر من 80% من أعماله التي قدمها كانت عن أعمال أدبية ونالت استحسان مؤلفي هذه الأعمال وإشادتهم لحرصه الشديد علي الإضافة لهذه الأعمال وتقديمها بشكل يليق بقيمتها الأدبية والفنية.. فهم الواقع وأكد المخرج محمد ياسين أن السبب الرئيسي للجوء صناع الأعمال الدرامية للرواية خاصة في السنوات الأخيرة هو محاولة منهم لفهم الواقع وتقديم عمل يجسد هذا الواقع ولم يستطع الكثير من المؤلفين أو صناع الدراما الحقيقيين تجسيد هذا الواقع بسبب المتغيرات الكثيرة التي تحدث حولنا فكان الهروب للرواية لما يوجد فيها من نظرة مكتملة خلقت تماسا مع هذا الواقع المبهم للكثيرين أو أعطتهم نوعا من الرضا بتقديم أعمال درامية لها قيمة بسبب قيمة هذه الرواية وحدث أيضا الاستعانة أو ما يسمي الاقتباس من »فورمات» أجنبية.. وأري أنه كما أن الرواية كانت منقذا للعمل الفني في فترة مبهمة أو ملبدة بالغيوم كان العمل الدرامي أو السينمائي له فضل كبير وعاد بالفائدة علي الرواية أيضا حيث أعطي شهرة كبيرة لبعض الروايات وجعل الناس تبحث عنها في المكتبات مرة أخري مثل ما حدث مع »أفراح القبة» فرغم عبقرية نجيب محفوظ لم يقرأ الكثير هذا العمل إلا بعد أن قدمناها في مسلسل وهو ما حدث مع »عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني وغيرها من الأعمال.. وأضاف في النهاية لا يصح أن نقارن بين العمل الروائي أو الأدبي والعمل التليفزيوني أو السينمائي المأخوذ منه لأن هذه مصنف والآخر مصنف جديد ولكل منهم ظروفه وطبيعته. شخصيات خالدة ويري المخرج محمد فاضل أن أحد مقومات نجاح كتاب السيناريست هو حسهم الأدبي والروائي فالعمل الأدبي بلا شك يضيف للنص الدرامي كثيرا ويتيح أدوات كبيرة للمخرج أثناء عمله فوجود أصل لكل شخصية في المسلسل بتفاصيل كاملة عن شكلها وطريقة حديثها وعاداتها وتقاليدها وأفكارها يساعد علي الإبداع ويجعل الشخصيات تبقي خالدة في ذاكرة المشاهدين والدليل علي ذلك هو الكاتب والسيناريست العظيم أسامة أنور عكاشة ولأنه كان في الأصل روائيا استطاع أن يخلق لكل شخصية في أي عمل له تاريخ كبير ويشرح جوانبها بشكل مدقق مما أعطي لشخصياته نجاحا كبيرا واستمرارية حتي الآن فإذا فتحت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الآن فستجد »كوميكسات» تتحدث عن صلاح السعدني في »حسن أرابيسك» وعن صفية العمري في دور »نازك السلحدار» وغيرهما من الشخصيات العظيمة، فمن حظ أي مخرج وكاتب سيناريو أن يكون العمل مأخوذا في الأصل عن رواية بها كل تلك المقومات فليس كل كتاب السيناريو أسامة أنور عكاشة. مذاق خاص أكد المخرج السوري عبد القادر الأطرش أن الأعمال الدرامية المأخوذة عن الأعمال الأدبية غالبا ما يكون لها مذاق خاص فهي تحظي بمتابعة الجمهور واحترام النقاد وهي معادلة قليلا ما تحدث ولكنها تحدث في هذه النوعية من الأعمال خاصة إذا كان العمل راعي كل عناصر العمل الأدبي وأحسن استغلالها فتجد حبكة درامية دقيقة وشخصيات ثرية عكس بعض الأعمال الأخري التي غالبا لا تجد ترابطا في الأحداث وتجد مستوي متدنيا في الحوار ولا نستطيع أن نعمم فيوجد عدد كبير من المسلسلات ليس مأخوذا عن أعمال أدبية لكن مؤلف هذه الأعمال أو السيناريست لديه مهارة في استخدام شخصياته وحبك قصة محكمة تقنعك بكل أحداثها.. وأضاف أن الأعمال الأدبية دائما ما كانت المنقذ للدراما في وقت كبير لكن لا نستطيع أن ننكر أن الدراما كانت في أوقات كثيرة بمثابة عودة الروح للأدب حيث عاد الجمهور لقراءة الأعمال الأدبية بعد أن شاهدوها في أعمال درامية.