الملك فاروق "لن يبقي عرش في هذه البلاد كلها سوي عرشي!"، جملة قالها الملك فاروق الأول، آخر ملوك الأسرة العلوية، عندما ظن أن عروش الدول العربية ستزول وتدخل تحت عرشه، وشاءت الأقدار أن يكون عرش فاروق، أول عرش يهوي. واليوم الأحد يتزامن مع ذكري وفاة الملك فاروق، ولم يكن يتصور أنه في يوم من الأيام سيترك عرش مصر، بل كان يفكر في عروش أخري يضمها إلي عرشه، وقال أثناء بناء الشرفة الكبيرة التي تطل علي ميدان عابدين: هذه هي شرفة الإمبراطورية التي سأستعرض فيها في يوم من الأيام جيوش الإمبراطورية. اعتقد فاروق، أنه سيأتي يوم تتألف فيه من كل هذه الدول الصغيرة إمبراطورية، ستضم مصر والمملكة السعودية والعراق وسوريا ولبنان وسيكون هو الإمبراطور، وأنه وضع خطة كاملة، ولم يبق إلا التنفيذ. إمبراطور العرب وخليفة المسلمين كان فاروق، حائرا بين أن يكون إمبراطورا للعرب أو خليفة للمسلمين، وكان يقول إنه يفضل لقب الإمبراطور، لكنه في نفس الوقت يطمع في لقب الخليفة، وكان لديه يقين بأن عروش الخلفاء أثبت من عروش الأباطرة. وحدث أن أطلق فاروق، لحيته، فأرسل له بعض العلماء يهنئونه بلقب خليفة المسلمين، واقترحوا عليه أن يطلق علي نفسه لقب الخليفة، فاستدعي رئيس ديوانه أحمد حسنين، ليعرض عليه الأمر. جاء رد حسنين باشا صادما لفاروق، واشتد غيظه من تعليقه الساخر عندما قال: سيكون عنوانا ظريفا في صحف أمريكا "خليفة المسلمين في كباريه أوبرج الأهرام!"، وانتقد فاروق، رأي أحمد حسنين، ووصفه بأنه رجل ضيق الأفق، وأنه في حاجة إلي رجل واسع التصور عريض الأحلام ليكون مستشاره وينفذ آراءه. الوريث كان فاروق، لا يشعر بالاستقرار، وكان يقول إن السبب في ذلك أنه لم يرزق بولد، وهو يري أن الملكية هي الاستقرار وهي الوراثة وهي الاستمرار، فلو كان له ولد لعرف الناس أنه مستمر، لكنه إذا مات فسينتقل العرش إلي فرع آخر، سيعمل علي محو تاريخه كله. قيل لفاروق، إن نابليون فقد الإمبراطورية بعد أن فكر في وريث آخر فطلق زوجته وتزوج بأخري وبقي وريثه لا يملك شيئا، وهو من كان يقول إن من سيخلفه في إمبراطوريته هو شعبه، ولما قرأ فاروق كتابا عن نابليون لم تستهوه أفكاره ولا أعماله ولا فتوحاته ولا إصلاحاته، لكنه كان أكثر اهتماما بعلاقاته الغرامية. الأخبار: 10-1-1953