عن قصيدة "الأسد علي حق" لألن جينسبرج: "ليس فردوس رضاك يا زئير الكون كيف اصطفيتني" أرجع من الإسكندرية عبر طنطا لأجد الثورة أسفل سريري ومَثنيَّ الجذع علي ضوء أبجورة الكومودينو، وجهي بمحاذاة المُلّة أتبين الملايين تركض وتدافع عن نفسها بالحجارة، كل واحد عقب سيجارة لا يزال مشتعلاً يرفعون لافتات كالطوابع ويحفرون شعارات أكبر من أجسادهم علي الباركيه، أتسمّع هتافهم وكأس الفودكا الأخيرة لم تتبخر من جمجمتي منذ واحد سكندري لم يُعمَل في رشدي عظمي المخمور يقرقع وأنا أغالب البكاء ممزِّقاً ملابسي في الشباك: الثورة حصلت يا أولاد القحبة، الثورة حصلت بجد! وقد تركتُ حبيبتي في شارع ابن الفارض عند بتاع المخلل تستقبل الفلول مفتقداً لا الواحد ولا البحر، لا وجه أمها المترمل منذ ساعات ولا أباي الميت قبل عشر سنين ولا خلف مقهي الأحمدية ولياً كان ذَكَرُه - ضمن الكرامات - أكبر من هراوات الشرطة العسكرية بل أذني التي ابتلت في الأظاريطة لأن دموعها كانت تقطر من سماعة الموبايل ألطّخ ملابسي بالحبر الأحمر وأُسرع إلي العمل لأرقد علي عتبة المدير لم تكن الثورة مع الزملاء ولا في المترو ولا حتي في حناجر شهداءٍ يُبعَثون بلطجيةَ أمي مركزي هائماً في ملكوت سكك حديد مصر كيف لم أضبطها حتي هربتْ إلي غرفتي؟ مضعضعاً بعدما نمت ليلتي في حمام المصلحة أوشوش عامل البوفيه: بلا ثورة، الحياة لا تُحتَمَل هل تعرف أن ابن الفارض قال إن موت العاشق حياة والقتل أفضل من الهجر المؤسف أنه كما أن لا تغيير بلا مذابح كذلك لا زمن بلا انتظار، هل تعرف الملائكة... الملائكة؟ يسألني متهكماً وهو يتحسس صلعة كالجلمود ويطالعني بشفقة، يقرضني خمسة جنيه أسعي إلي إحدي اللبؤات أسداً يحمل كشكولاً لأخبرها بأن الثورة ليست في ميدان التحرير ومحتسياً فرابيه من مؤخرة سموذي بعد ثالث دابل إسبريسو في أحد فروع سيلانترو أزعق في كاتوليكي مراهق من فوق شاشة اللابتوب: لا شيء اسمه الغيرة القضيبية! من الدقي إلي التحرير مرات عديدة صحبة شاعر شاب هو الآخر من طنطا أتأكد من فشل الجهود حين لا ترد حبيبتي علي الموبايل وهي ثكلي وإذ جلس زيزو مع فتاة أردنية ليلة جاءني التليفون، هل كان مصابها المفاجئ عقد ارتباطنا؟ عندما ترد أخيراً أقنع صاحبي الشاعر أن اعتصاماً بجد في غرفتي، ننطلق بلا سلاح. وزاحفاً ورائي علي ركبتيه من جنب الكومودينو بشورته البرميودا كمندسّ يتلصّص جموع المحتجين حول كعكة حجرية هي عبارة عن نعل قديم، مثلما كنا تماماً. الدبابات علب ثقاب والإف-16 كالدبابيس وغوغائيون سفلة، بين المُلّة والمرتبة قناصون بالليل. نضاجع المخدات والثورة بلا واي-فاي أتخيل حبيبتي راكعة أمامي ببلوزتها السوداء، فجيعتنا الفردوسية وأنا أقذف في حلقها وحين توقظنا أمي في الصباح لا أقاوم، أري الخادمة ومكنستها الكهربائية عليها ختم النسر أري العَلَم يرفرف في أيدي مخلوقات فضائية وأعرف أننا لن نهزم إسرائيل يغتاظ صاحبي والقذي في عينه حين يمتد خرطوم المكنسة تحت السرير مع ظهور الخيش والصابون أمنعه عن الخادمة بصعوبة: لا فائدة من اغتصابها! الآن ليس سوي صوت المكنسة وهو يبكي، لا دم ولا حديد يعود باركيه الغرفة نظيفاً وخالياً وحيث كانت الدواوين علي الرفوف زجاجات ديتول وبليدج، إسفنجات وخرق منمقة فجأة يشهق سريري علي صوت السرينة، تشتعل الملاءات وتنفجر المرتبة يتفصد الكومودينو عن أسد هصور يزأر ويختفي صاحبي والكتابة علي الحيطان: سنوري حين يمارس الجنس يقذف كل عشرين دقيقة ولسانه أخشن من ورق الصنفرة. أيتها الحبيبة المنتحبة يا مانحتي الأورجازم النهائي لقد انعقدت حياتانا بالموت لقد رأيتُ الآتين والغادين قبّلت ذوي اللحي وجريت من شاهري السنجة علي سلالم المترو حملتُ سيدي مجاهد إلي ظلمة القبر لأُطمئن أباك ونعست مقرفصاً بين مقصورتين لقد وجدتُك أسفل سريري وجيش أمي في الغرفة، سلّمت رقبتي لفم الأسد.