محمد إبراهيم لم يعد تغيير القيادات في مجلس الآثار يثير الانتباه، أصبح التغيير خبراً عاديا بل ومتوقعا، فالمكان شهد منذ يناير الماضي تغيير أربعة أمناء ووزيرين! د.محمد إبراهيم هو الوزير الثاني بعد حواس وبينهما وزير تم اختياره لكن لم يحلف اليمين- وبالطبع سيكون من الصعب الحكم عليه الآن من الأسبوع الأول، لكن علي أي الأحوال فالبداية مطمئنة إلي حد ما، فالرجل مرحب به من جموع الأثريين، وسبقته سمعته الجيدة إلي مبني الزمالك. الوزير الجديد قال لأخبار الأدب أنه لن يبدأ من الصفر "عيبنا كمصريين، وربما تكون عادة فرعونية أننا دائما نبدأ من الصفر، وكل من يأتي لموقع يتصور أنه سيأتي بما لم يأت به الاوائل، فينسف كل ما سبقه" إبراهيم أعلن منذ يومه الأول أن يده ممدودة للجميع وأنه سيتعاون معهم للتحرك بالاثار خطوة للإمام "منذ يناير ونحن محلك سر، أريد أن أتحرك الآن، أن ننجز شيئا" من هذا المنطلق يرد ابراهيم علي تعليقي بأنها في كل الأحوال حكومة انتقالية فيقول:"لو تحركت وفق هذا المنطق فلن أفعل شيئا (احط ايدي علي خدي) سأتحرك وكأني أعيش أبدا". وليثبت صدق مقولته فالأسبوع الماضي بدأ عمله بجولة داخل مقر الوزارة وأهم المواقع الأثرية للتعرف علي مشاكل العاملين، وطلب مخاطبة محافظة القاهرة بشأن تخصيص وإعادة الأرض المقام عليها مقر الحزب الوطني خلف المتحف والذي تم إحراقه خلال ثورة 25 يناير إلي حيازة الآثار مرة أخري، فالأرض كانت ملكاً للآثار قبل إقامة مبني الحزب الوطني وبعودتها يتم إخلاء المنطقة الملاصقة للمتحف لحمايته من جانب وعودة زيارته عبر النيل من جانب آخر، كما سيتم بحث نقل القطع الأثرية الضخمة الموجودة خلف مبني المتحف إلي المخازن الأثرية الملحقة بمتحف الحضارة القومي بالفسطاط. وفي اجتماعه الأول مع قيادات الوزارة بعد توليه المسئولية شدد علي ضرورة وجود دراسة جدوي اقتصادية لأي مشروع من المشروعات المستقبلية في الآثار أو الجارية مع تطويرها وتنفيذها بما يتناسب وأهميتها القومية لنشر حضارة وتاريخ مصر بالتوازي مع جدواها الاقتصادية. وطالب إبراهيم قيادات الوزارة أن يكون العمل في مشروعات المرحلة المقبلة بالجهود والتمويل الذاتي مع الاستفادة من العاملين بالوزارة سواء الباحثون أو المهندسون والأثريون والمرممون دون اللجوء إلي شركات أو مكاتب استشارية تستنفد الجزء الأكبر من ميزانية أي مشروع. سألته:قبل أن تعين وزيرا كنت استشاريا ايضا.. يرد مقاطعا: لا لا. لابد أن نفرق في المسميات، فأنا لم أكن استشاريا ولا مستشارا، أنا كنت منتدبا من الجامعة وهناك فرق كبير بين هذا وذاك، كما أني قدمت استقالتي قبل التعيين بثلاثة شهور، وعلي أي الأحوال فأنا لن أفصل أحدا بشكل غير قانوني ستتم مراجعة العقود والتأكد من أنني مستفيد من كل شخص في موقعه، أما إذا ثبت أن هناك من الأثريين من يصلح للموقع فبالطبع سيكون أفضل من الاستشاري. لكن أحد الاستشاريين المهمين في المتحف الكبير علي سبيل المثال سيسلم قطعة الأرض التي سيبني عليها المبني الرئيسي خلال أيام هل يصلح أن أطلب منه الاستقاله الآن؟ بالطبع لا يمكن. قلت: لوهناك بديل مناسب من الآثار فلم لا؟ وأجاب:الرجل مهندس ولا يصلح أن أستبدله بأثري، والآن بالتحديد. إبراهيم سيحرص خلال الفترة المقبلة علي افتتاح المشروعات والمواقع الأثرية الجاهزة أمام حركة السياحة المحلية والدولية بما يسهم في إضافة مورد اقتصادي للوزارة لاستكمال عدد من المشروعات المتوقفة "اعاني من أزمة مالية كبيرة، وعودة السياحة ستكون ضمن أهم أولوياتي في المرحلة المقبلة، لكني لن أستطيع أن أفعل هذا وحدي، سأطلب من أي شخص أو جهة يمكنها أن تساعدني في هذا الهدف". طالب وزير الآثار رؤساء القطاعات بعد الجلوس في مكاتبهم والنزول إلي المواقع لمتابعة سير العمل بها علي أرض الواقع والمرور بصفة دورية ومستمرة علي المتاحف والمناطق الأثرية بمختلف المحافظات، مع تقديم خطة عمل لكل قطاع يوضح فيها الهدف من كل مشروع ومدة تنفيذه والمسئول عن التنفيذ وميزانيته والمعوقات التي تعترضه والحلول المناسبة لها مع الأخذ في الاعتبار قياس مؤشرات النجاح علي أن تكون الخطط جاهزة خلال أسبوع. الوزير قرر أيضا افتتاح متحف السويس القومي بمناسبة مرور عام علي اندلاع ثورة 25 يناير مع إنشاء موقع الكتروني للمتحف علي الانترنت ليتمكن المهتمون والباحثون من القيام بجولة داخل تاريخ ومحتويات كل متحف. الوزير الجديد كانت لديه عدة مقترحات علي مستوي المتاحف أهمها عدم استخدام المقابر الأثرية كمخازن للآثار، مع ضرورة نقل أي قطع أثرية من المقابر إلي المخازن المجهزة فورا، مع عقد ورشة عمل لتحديد الشخصية المميزة من المتحف المصري بالتحرير ومتحف الحضارة بالفسطاط والمتحف المصري الكبير بطريق الإسكندرية الصحراوي لتحديد شخصية كل متحف وأن يكون لكل منها رؤيته وشخصيته المستقلة والمكملة في نفس الوقت للآخر لكي يشجع السائحون إلي زيارة المتاحف الثلاثة معا. وأخيرا قرر تشكيل 3 لجان الأولي مالية إدارية والثانية أثرية فنية والأخيرة قانونية لدراسة مقترحات كل قطاع بالوزارة ورؤيته للهيكلة المقترحة للوزارة الوليدة، ووضعها في شكلها النهائي وإرسالها إلي الجهات المعنية تمهيدا للتصديق عليها واعتمادها بما يضمن استمرارية ومؤسسية الوزارة. كما طالب الوزير بسرعة الانتهاء إتمام المرحلة الأولي لتثبيت العمالة المؤقتة بالآثار والتي تضم 4065 عاملا بحيث يتم تثبيتهم في القريب العاجل، تمهيدا للانتهاء من تثبيت جميع العاملين المؤقتين بالوزارة، البالغ عددهم 16 ألفا و265 عاملا مؤقتا قبل نهاية العام المقبل.