مشهد: الشمس مصلوبة علي جدران الأفق الرمادية 5:00 صباحاً .. تطل دائراتان من شاشة الظلام كلا .. بل كرتان صلبتان لهما عينان شريرتان .. بدون أسئلة اقتربا مني ، و التفت الأغلال حول معصمي. 11:00مساء لم تصدق عيناي منظره ممدداً علي الأرض وقد سالت الدماء حوله ، تجمدت أطرافي وارتكزت عيناي علي منظر واحد ، وكأن الدنيا شريط سينما تعطل فجأة ، وتوقفت الصورة عن الحركة . بدأت زوبعة خفيفة تقتحم السكون ، تلقي بأوراق كثيرة تحمل الأسماء المختلفة التي عرف بها .. علي جسده . 11:30 مساء تضطرب خطواتي في الشوارع التي تصدعت .. وكأن زلزالاً عميقاً أصابها ، الناس يسيرون تائهين مغيبين ولو ألقيت نظرة علوية ، فستجد قطعاً من الشطرنج تترنح ثملة ، وكأن الأمر برمته لوحة تشكيلية غابت ملامحها وطمست تفاصيلها . 12:30 صباحاً لم أشك مرة في وعيه وقدرته علي .. كلا بل شككت في ذلك ، أذكر عندما طارت صينية الشاي ليهبط الفنجان أمامه ، لا أزعم أنني رأيته يشرب شاياً ، ولكن لحظة ما أمسك الفنجان ، لحظة ما اختفي ، انقلب الفنجان علي الطاولة فلم ألمح سوي بضعة قطرات بنفسيجية هي كل ما تبقي. 1:15 صباحاً كلا أنتم تكذبون .. لم أقل أنني رأيته ، أنا ربما .. ربما أشعر بوجوده فقط .. أو أتعلم .. ربما أكون رأيته ذات مرة عندما تسلل إلي غرفتي لينثر بعضاً من شعيراته البيضاء علي جدرانها التي استوطنتها الجذور الجيلاتينية السوداء وتدلت منها خيوط سوداوية صغيرة ، ثم أوصاني قبل أن أنام أن أردد بعضاً من التراتيل التيعلمني إياها أبي في صغري. 2:00 صباحاً لا أذكر شيئاً عما أقول .. لكنني أري هاهي شعيراته البيضاء قد بدأت تندمل مع الجذور السوداء ولم يعد لها دور في إيقاف نموها ولا تزال تسبب لي بعضاً من ألم . 3:15 صباحاً وقفت في الشرفة منتظراً كالعادة ولم يأت ، هذا ما أكد لي حقيقة ما رأيته منذ ساعات ، فقد اعتاد في هذا الوقت أن يهبط الحارة ، عندما يبرق من أمامي شبح أبيض متوهج ، أعلم أنه جاء ليتفقد رعيته .. ولكنه لم يأت. 4:30 صباحاً اندفعت من غرفتي هارباً من أنَّات الجذور السوداء المزعجة هائماً علي وجهي ، نزعة من الوحشة طوقت أرجاء الظلام ، حتي يداي لا أراهما .. فجأة توهجت كرة من اللهب أمام وجهي للحظة خيل إلي أنني رأيتني ، وللحظة أخري أظلم كل شيء. 6:00 صباحاً في الغرفة الكبيرة التي ملئت بالمصورين والصحفيين ، تمتد الأصابع البدينة لتسحب سيجارة من علي سطح المكتب المغطي بعلب الزاناكس وأقراص الفاليوم والآتيفان ، في نظرة حازمة ولهجة صارمة : هل فعلاً رأيته مقتولاً ؟!. حينها أحسست ب ( الإسبازمودايزبام ) قد بدأت تنتشر في عروقي ، وفجأة .. أظلم وعيي تماماً .. وسقط لساني. بني سويف