انطلاق فعاليات مؤتمر اتحاد القبائل العربية الأول وسط حضور كثيف    مفاضلة بين إمام وعبدالمنعم.. مصدر ليلا كورة: صلاح على رأس 5 لاعبين لدعم المنتخب بأولمبياد باريس    القاهرة الإخبارية: آليات إسرائيلية تتقدم تجاه مخيم جباليا شمال غزة    تراجع مؤشرات البورصات الأوروبية مع ترقب المتداولين لبيانات التضخم الأمريكية    إياد العسقلاني يدعم لاعبي الإسماعيلي قبل مواجهة طلائع الجيش    مدرب توتنهام: 99% من جماهيرنا تريد الخسارة أمام مانشستر سيتي    طلب تحريات حول ضبط طالب دهس شخص في النزهة    السجن المؤبد للمتهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا لفتح مقبرة أثرية بالفيوم    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن: الحرب فى بر "رفح"    مفاجأة.. نقيب المهن التمثيلية: منذ 2011 لم يتم تصوير أي مسرحية بشكل احترافي توثيقي.. فيديو    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق الرعاية الصحية والسياحة العلاجية    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    «عباس»: الهيئة تتخذ استراتيجية مستدامة لميكنة دورة العمل بالنيابة الإدارية    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    تعليم النواب توصي بدعم مستشفيات جامعة المنصورة ب 363 مليون جنيه    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    ميريت عمر الحريري تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان وكيف عالجت نفسها بالفن (فيديو)    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    موجة احتجاجات تعصف بوزراء الاحتلال في ذكرى «اليوم الوطني لضحايا معارك إسرائيل» (تفاصيل)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»الشركة المغربية لنقل الأموات«:
نهاية القصة التقليدية
نشر في أخبار الأدب يوم 15 - 10 - 2011

رافق الدعوة إلي الأدب التجريبي في المغرب طفرة مثيرة، أدت إلي ظهور العديد من الأعمال، وبقيت مقومات هذا اللون القصصي غير ثابتة وقواعده مقاعد مريحة ترفض التنميط الأدبي، وتنحو إلي تفجير أشكال جديدة وغير معهودة.
في هذا الإطار، تندرج المجموعة القصصية "الشركة المغربية لنقل الأموات" للقاص المختلف أنيس الرافعي، وهي تمثل مرحلة أساسية في مسار هذا المبدع. مرحلة تفسح لنا التوقف عندها من خلال قرائتين؛ الأولي تقترن فيما يعرف بالكتاب القصصي ومسألة التأليف النصي للمجموعة، والثانية ترتبط بالبحث عن مفهوم جديد للكتابة القصصية أو ما يعرف ب"الفن المفاهيمي" Lart conceptuelعبر تقنية تغييب الوعي بالذات والعمل علي تشذيرها وتقييدها بخلفية طقوسية.
المجموعة تتشكل بنائيا من تصميم هندسي دقيق، سنصطلح عليه كما هو مثبت علي الغلاف بالكتاب القصصي. وهذا يوحي أن الكاتب يعي تماماً مسألة التأليف النصي والصياغة السردية لمنجزه. فالمتحقق في المجموعة شبكات روابط داخلية وخارجية لا يتم بلوغها إلا عبر فعل القراءة. وكل مقاربة نقدية لمثل هذا الترابط النصي لا يمكن أن تقف عند حدود كون القصص مجرد تجميع قصصي صوري فقط، وإنما بناء معماري يتسم بترسيخ الدلالة ومضاعفتها (علاقات المضمون والشكل).
إن عملية التأليف و الصياغة السردية المتحققة في مجموعة "الشركة المغربية لنقل الأموات" تخضع لبناء خاص لا يري في التأليف القصصي مجرد كتابة متباعدة زمنيا أو نفسيا، أو تجميع اعتباطي لنصوص، وإنما تنتهج مفهوم التصور التفاعلي للنصوص الذي يسمح برصد التجاوب القائم بين قصص المجموعة وحدود التفاعل المتحقق بينها وبين كل بنية مستدعاة. إنه مفهوم النص الأضمومي lhypertexte الذي عرفته الباحثة روني أودي: "نص غير خطي مشكل من كتل نصية، ومن نقط رسوخ وروابط، والكل يكون شبكة حيث تُترك للقارئ الحرية في اختيار تعاقب القراءة والاستكشاف".
لقد ارتضي أنيس الرافعي لمجموعته نمطا سرديا لا نجده إلا في "الشركة المغربية لنقل الأموات" ولا في غيره من القصص. هو نمط مؤسس علي تسع قصص: صانع الجنازات، الشركة المغربية لنقل الأموات، اليوم الأول بعد الموت، يوم زائد بين الاثنين والثلاثاء، ثلاثة أحجار صغيرة في قاع النهر، مونتاج خشن، صحراء في الطابق الأخير، زير الجثث، سبع أرواح. وبين ثنايا هذا النمط تقوم، وبشكل اندماجي، أربع عادات وسبع محلات، وهي طقوس شعبية لا ينفك حضورها واستدعاؤها عن الأجواء القصصية.
غياب وعي الذات بذاتها
لم يكن اعتباطا اختيار عنوان غياب وعي الذات بذاتها؛ لأن نصوص "الشركة المغربية لنقل الأموات" تتخذ من الليلة الكناوية سندا مفهوميا تسعي في كل نص إلي خلق سيناريو ذات ليست منسجمة أو متوحدة مع نفسها. فالذات في القصص بوصفها مؤولاInterpretant تؤشر علي ذوات وذلك في صيغة توحد وانشطار؛ فالذات نفسها في قصة صانع الجنازات تصل في نهاية القصة إلي قراءة سيناريو حتفها علي نحو دائري وموارب تماما. يقول السارد:
"وواصلت القراءة حتي الصفحة الأخيرة":...المصور الفوتوغرافي يخرج مذعورا من بيتي بعد اطلاعه علي الأوراق. يقطع الشارع، لكنه لا ينتبه إلي هدير محرك الشاحنة القادم بسرعة جنونية من الجهة الأخري للطريق ..." ولم أقو علي المواصلة، ثم خرجت هاربا.. وأنا أفكر بأنها سوف تكون أطول طريق سأقطعها في حياتي حتي أصل إلي النزل..تري، هل سأصل فعلا؟"
ليس في هذا المقطع، إقرار بذات واحدة، وإنما هناك إقرار بذات يغيب وعيها بنفسها، وبالأحري هناك تنافذ ذاتي في القصة، الذي ينتظم في صيغة توحد كما قلنا وانشطار. فالذات التي كانت تتعقب الرجل الغريب، ستصل في نهاية القصة إلي حقيقة نهايتها. وهذا التلاعب بالأدوار وبالمصير ينسجم مع الطقوس الكناوية.
وإذا كان الجسد في الليلة الكناوية يفقد اختياره، فإنه في القصة يفقد وعيه، وأنه ما سيحدث في الطقسين الكناوي والقصصي هو الإثارة ووضع الفوارق واستباق وتوقع ما سيحدث، أو "بوقوع اللامتوقع وحدوث ما يفاجئ نظام الطقس بأكمله".
يستمر طقس الإقرار بذات واحدة والنزوع إلي تحطيم مفهوم الشخصية في كل القصص، فالذات ليست متوحدة منسجمة مع نفسها في الواقع، إنها تعيش مفارقات وتناسخات مع ذوات أخري تسكنها أو تتماهي معها؛ أي أن الذات لا تعي ذاتها ولا تصرفاتها لأنها ذات متشظية، وبالتالي يسكنها اللاوعي والهاجس والحلم والمس.
من هذا الطرح، نري أن حدود التنافذ بين القصة والممارسة الكناوية متحقق من خلال استحضار هذه التناسخات المتعددة للذات الواحدة وفي مقامات مختلفة ترتبط بالهواجس، والفصام، والتناسخ. فالحدث القصصي متعدد ومتداخل ومفارق كما جاء في قصة "سبع أرواح" علي سبيل التمثيل.
ما يستخلص من هذه المجموعة القصصية، أنها شكل جديد من أشكال تقويض القصة التقليدية، فهي لم تتقيد بنموذج معهود في كتابة القصة، وإنما اقترنت بتجريب مفهوم الليلة الكناوية علي القصة، وفتح كوات التداخل والتخارج بين ما هو سردي وطقوسي، وذلك علي نحو وظيفي يري في المجموعة القصصية معمارا أضموميا يخضع لبنية شبكات وروابط تجمع النصوص وترسخ لمضمون الموت، والحلم، والتناسخ، والفصام والجنون.
ناقد مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.