رئيس الوزراء يستعرض مع وزير الطيران استراتيجيات تطوير شركة مصر للطيران.. صور    تشيلسي يقلب تأخره بهدفين لتعادل مثير أمام نيوكاسل    تشيلسي ينجو من فخ نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    شراكة اقتصادية تتوسع وتبادل تجاري متزايد بين روسيا وإفريقيا.. خبير بمعهد الاستشراق بموسكو يحلل    القوات المسلحة الأردنية تعلن مشاركتها في الضربات التي استهدفت تنظيم داعش    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    متحدث النيابة الإدارية: التصويت الإلكتروني للأندية الرياضية ضمانة قضائية للتعبير عن آراء الناخبين    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    وزير الرياضة يفتتح ملعب قانوني بمركز شباب البرشا بملوي    أمم أفريقيا 2025.. 4 لاعبين في صدارة الأكثر مشاركة في ال «كان»    الأمن يكشف تفاصيل فيديو الرقص بسلاح أبيض في البدرشين ويضبط المتهم    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة داخل ترعة بقنا    صفاء أبو السعود تنعى سمية الألفي: صديقة عزيزة وراقية قدمت مسيرة فنية خالدة    عزاء سمية الألفي الإثنين بمسجد عمر مكرم    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    أمم إفريقيا - مؤتمر الركراكي: حكيمي ضحى من أجل المغرب.. ولا أشعر بالضغط    أمم إفريقيا - مدرب جزر القمر: أتمنى مشاركة حكيمي ضدنا.. والجماهير لن تسجل الأهداف    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    500 ألف نسمة في 4 أشهر.. الإحصاء: عدد سكان مصر بالداخل يصل 108.5 مليون    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية يطلق الدورة الأولى من مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    خبير: إسرائيل حولت الهدنة إلى حرب صامتة ومخطط قوة الاستقرار تخدم أهدافها    وزير الإسكان يختتم جولته اليوم بتفقد مشروع طريق محور سفنكس    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    وزير الزراعة يبحث مع وفد صيني مستجدات إنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية في مصر    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    ديربي الإسكندرية يُشعل كأس عاصمة مصر.. سموحة في اختبار صعب أمام الاتحاد    البحوث الفلكية: نشهد غدا ظاهرة الانقلاب الشتوى وبعدها يبدأ النهار فى الازدياد    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود درويش.. قوة الثقافة في السياسة
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 08 - 2011

ربما قليلون الذين يعرفون أن محمود درويش هو الذي ساهم في صياغة الجملة الأهم في خطاب أبوعمار والتي أصبحت شعاراً والتي تقول: أحمل لكم سلاح الثائر في يد، وغصن الزيتون في اليد الاخري فلاتسقطوا الغصن الاخضر من يدي.
غني عن القول أن محمود درويش الشاعر والانسان حاضر فينا، ومقيم في وجداننا، وغني عن القول ان ابداعه قهر الموت والغياب، وأنه سيبقي علي مر الزمن خالداً مثل طبيعة فلسطين الفريدة الموجودة منذ الأزل، بل سمة من السمات الفريدة لما أبدعه الانسان علي مر العصور فوق ترابها وجبالها ووهادها وشواطئها.
لسواي أن يتحدث عن سيرته وإبداعه ومعماره الفني، ومضامين قصائده، وما أضافه للتجربة الشعرية العربية من جهد في التطوير والتحديث وبلاغة الكلام، وما اثاره من تحد لحمرة النص الشعري، وما جلب له ذلك من استحسان، ومكائد الخصوم، بحيث انه صار مثل المتنبي ماليء الدنيا، وشاغل الناس.
لكنني رغبت في أن اشير إلي ميزة، خص بها وحده ولم يلتفت إليها النقاد والباحثون، وهذه الميزة يمكن أن نطلق عليها مصطلح: قوة الثقافة في السياسة، ويمكن القول ان كل مثقف سياسي، وليس كل سياسي مثقفاً، ومحمود درويش لم ينخرط تماما في العمل السياسي المباشر، لكنه كمثقف كان سياسياً بامتياز.
وفضلاً عن أن شعره رافق كل المحطات التي مرت بها القضية الفلسطينية، وتوافرت فيه كل العناصر الفنية العالية، وحمل القضية ولم يتكيء عليها، وأوصلها إلي عمق الضمير الإنساني، فضلاً عن ذلك فانه حظي بمكانة لم تتح لسواه، ليكون في دائرة صنع القرار في كثير من اللحظات التاريخية، وأهلته هذه المكانة ليسهم بشكل خلاق في رفع مستوي الاداء، ورفع راية القيم.
كان أحد اعضاء الفريق الذي أعد لذهاب ياسر عرفات عام 4791 إلي الامم المتحدة، وكان واضع اللمسات الاخيرة علي خطابه التاريخي الذي ألقاه في الامم المتحدة، وربما قليلون الذين يعرفون أن محمود درويش هو الذي ساهم في صياغة الجملة الأهم في خطاب أبوعمار والتي أصبحت شعاراً والتي تقول: أحمل لكم سلاح الثائر في يد، وغصن الزيتون في اليد الاخري فلاتسقطوا الغصن الاخضر من يدي.
كما أن محمود درويش هو الذي كتب نص بيان الاستقلال نص قيام دولة فلسطين الذي ألقاه ياسر عرفات في المجلس الوطني عام 8891 في دورة المجلس في الجزائر، وهو النص الذي لم يتسم بالبلاغة فقط، وانما بمضمون سياسي وحضاري وإنساني، عبر بشكل لا لبس فيه عن قوة الثقافة في السياسة.
وفي أواخر السبعينيات تسلم محمود درويش رئاسة مركز الابحاث الفلسطيني، وهو موقع سياسي بحثي يعادل مراكز الدراسات الاستراتيجية التي تعني برسم السياسات من خلال الدراسات والابحاث، وتسلم ايضا رئاسة تحرير مجلة »شئون فلسطينية« وهي مجلة سياسية بالدرجة الاولي، فعمل محمود درويش في السياسة بروح المثقف والشاعر، واستطاع أن يؤكد حضور الثقافة في السياسة.
والشواهد علي محاولاته في أن يضع لمسات المثقف في السياسة الفلسطينية عندما اتيح له ذلك كثيرة.
وكان لمحمود مواقفه التي اختلف فيها مع القيادة السياسية لمنظمة التحرير، فقد اختلف مع أبو عمار واستقال من مركز الابحاث عندما غضب عرفات علي بعض ما نشر في شئون فلسطينية، وتم استدعاء سكرتير تحرير المجلة للتحقيق، واختلف ايضاً مع أبوعمار بعد اتفاق اوسلو، وعارض الاتفاق، واستقال ايضاً من عضوية اللجنة التنفيذية. لكنه لم يكن يذهب بعيداً في خلافاته، ولم يحول الخلاف إلي خصومه، فقد دافع عن ياسر عرفات، وخصه بقصيدته مديح الظل العالي)، بل إنه وقف بقوة إلي جانب عرفات بعد الخروج من بيروت، وبعد الانشقاق الذي اخترعه النظام السوري، حتي ان بعض خصومه وجه له تهمة شاعر أو مثقف البلاط، والذين يعرفون درويش عن قرب، يعرفون ان درويش الذي رفض جوائز الانظمة الديكتاتورية، جوائز صدام حسين، القذافي وغيرهم، لم يكن ينتظر جائزة من عرفات ولا منصباً، وانما كان عرفات بالنسبة له رمزاً وطنياً، وكان عندما يكتب عن عرفات، يكتب عن صورة البطل في زمن عزت فيه البطولة.
محمود درويش شاعر، أعظم شاعر لأعدل قضية، لذلك هو في قلب المشهد الوطني، يؤثر ويتأثر، وحاول ان يكون هناك مشروع ثقافي، يمثل قوة الثقافة في السياسة، وفي المشروع الوطني.
وأذكر أنه قال لي مرة، قبل سنوات قليلة من رحيله، إننا جميعاً كمثقفين صنعنا حقائق ثقافية، لكننا لم نتمكن من صنع مشروع ثقافي.
كان درويش يحاول أن يصنع حقائق ثقافية في السياسة ويحلم بمشروع ثقافي لكن حركة الحياة كانت أسرع من حركة السياسة، وأسرع من حركة الثقافة، وأسرع من فسحة التأمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.