وكيل صحة قنا يتفقد منافذ الكشف الطبي على مرشحي الشيوخ    الثالث من يوليو الدلالات والمعانى    مايكروسوفت تنفذ أكبر جولة من تسريح العمال منذ عام 2023    مصر وهولندا تبحثان تعزيز التعاون في ملف الهجرة وتنفيذ إعلان النوايا المشترك    البترول: تأمين إمدادات الغاز لمختلف قطاعات الدولة    «إياتا»: الطلب على الشحن الجوي يرتفع 2.2% في مايو رغم التحديات التجارية    إسرائيل: اعتراض صاروخين أُطلقا من غلاف غزة باتجاه سديروت وإيفيم    كوريا الجنوبية ونيوزيلندا يتفقان على تعميق التعاون الاقتصادي والدفاعي    للمشاركة بمونديال الأندية.. الهلال يضم حمد الله بتسهيلات من الاتحاد السعودي    عبد الناصر محمد يقترب من منصب مدير الكرة بالزمالك    الأرصاد: أبلغنا الجهات الحكومية بالاستعداد طوال العام    مباحث شبرا الخيمة تنهي رحلة إجرام «كوكا وشيكو»| صور    بدء عزاء أحمد عامر بقرية سمنود في الغربية| صور    محمد رمضان يطرح «من ضهر راجل» | فيديو    أفضل طريقة لمواجهة الموجات الحارة.. وتحذير لهذه الفئات من الجلطات المفاجئة    ليفربول يعزز جهاز سلوت الفني بانضمام فان برونكهورست وفاليرو    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام    جامعة بنها الأهلية تعلن جدول تسلم الشهادات النهائية لاحتساب مجاميع طلاب المعادلة (تفاصيل)    "الأرصاد": رياح نشطة وأتربة مثارة على عددٍ من محافظات مكة المكرمة    غدًا.. استمرار امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 بشمال سيناء    محافظ الغربية يتابع جهود رفع نواتج الأمطار بالمراكز والمدن    أستاذ علوم سياسية يوضح إمكانية إغلاق إيران مضيق هرمز    خبر في الجول - بتروجت يحدد مطالبه لبيع حامد حمدان ل الزمالك    قصور الثقافة ومحافظة البحر الأحمر تبحثان آليات تشغيل مسرح الغردقة    رسميًا.. البنك الأهلي يتعاقد مع عمرو الجزار لمدة 3 مواسم    الشعب الجمهوري: انتخابات الشيوخ تأكيد على نضوج التجربة الديمقراطية وتعزيز لمناخ الاستقرار السياسي    مصر تحصد ذهبية كأس العالم للشطرنج تحت 12 عاما بجورجيا    الجونة يعلن رحيل محمد مصطفى عن قطاع الناشئين    إنزال الكابل البحري العالمي SMW6 بمدينة رأس غارب ضمن مشروعات البنية التحتية الرقمية    وزيرة البيئة تكرّم أبطال المناخ من المزارعين.. وتؤكد دعم الدولة ل شهادات الكربون    التعليم العالي: فتح باب التقدم لبرامج التعاون العلمي بين مصر واليابان (التفاصيل )    استمرار الكشف الطبي على المتقدمين للترشح ب انتخابات مجلس الشيوخ في الشرقية    تحولات مهمة ونفقات غير متوقعة.. اعرف حظ برج الجوزاء في يوليو 2025    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    تغيرات مناخية غير متوقعة.. أمطار الصيف من الإسكندرية للقاهرة وسط اتهامات ب الكيمتريل وتأثير مثلث نيكسوس    منظومة التأمين الصحى الشامل تدخل يومها الثاني في أسوان.. و13 منفذًا لخدمة المستفيدين    تحتوي على مواد خطرة وقابلة للاشتعال.. إزالة وإخلاء مخازن مخالفة في الطالبية ب الجيزة    زيارة مفاجئة تكشف سوء حالة النظافة ب مستشفى بلقاس في الدقهلية    وزير الأوقاف يجتمع بقيادات وزارة شئون المسلمين بالفلبين لبحث مذكرات التفاهم    مانشستر سيتى يبدأ فترة الإعداد للموسم الجديد 28 يوليو    تحطم مروحية عسكرية تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي داخل مطار آدم عدى بمقديشيو    غلق 4 محلات بدمنهور فى البحيرة لمخالفة تعليمات ترشيد الكهرباء    فضل شاكر يدعم شيرين عبد الوهاب برسالة مؤثرة: «مارح نتركك»    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    كشف لغز مقتل فتاه على يد والدتها بمركز أخميم بسوهاج    "الزراعة" تستعرض تقريرا حول الجهود البحثية والخدمية والميدانية ل"بحوث الصحراء" خلال يونيو    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    3 مصابين في حادث تصادم على طريق الإسماعيلية بالسويس    فيديو- أمين الفتوى يوضح أحكام القصر والجمع في الصلاة: متى يجوز ومتى لا يجوز    عالم سعودي يكشف عن 4 مراتب لصيام عاشوراء: المرتبة الأولى الأفضل    الخميس.. حفل تأبين الناقد الراحل محمد السيد إسماعيل بالقليوبية    رئيس جامعة المنيا يفاجئ مستشفيات الجامعة بعد منتصف الليل للاطمئنان على انتظام العمل    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد البساطي: لابد من وضع الأفاقين في »المخزن«!
نشر في أخبار الأدب يوم 30 - 07 - 2011

محمد البساطى "أنا والمخلوع في نفس خانة المرض، وذلك يضايقني"!
يضحك محمد البساطي، وهو يسترجع محنة المرض الأخيرة. انتظر حتي فرغ الطبيب من مطالعة الأشعات وأوراق التحاليل. بأقل عدد من الكلات صدمه الطبيب. أخبره بأن هناك بؤرة سرطانية نشطة في الكبد، لكن، لحسن الحظ، لا تزال في بداياتها. حتي في أحلك المواقف لم ينس أنه ساخر: "نظرت إلي الطبيب، ولسان حالي يقول: كيف حدث ذلك؟! إنه مرض العظماء، وأنا شخص علي باب الله".
لمدة أسابيع عاش البساطي مرحلة المرض. تم كي المنطقة المصابة. يتحدث عن عدو: "أحرقناه تماماً، ولكن لا بد من المتابعة. أخبرني الطبيب أنه قد تظهر بقع سرطانية أخري في المستقبل، وأنه لا بد من الحذر، فالمشكلة تحدث حينما يتمكّن السرطان"!
في مرحلة المرض، أيضاً، لم يستسلم صاحب "ويأتي القطار" للإحباط. كان يراجع مجموعته الجديدة "أضواء علي الشاطئ"، التي ستصدر خلال أيام عن دار أخبار اليوم. في تلك المجموعة لا يزال مربوطاً بخيوط قوية إلي عوالم كتب عنها سابقاً، وعلي رأسها عالم السجون والمحاكم. فهل يكرر نفسه؟! أسأله ويجيب: "ليس تكراراً"!
يصمت لحظات ويضيف: "أظلّ مشدوداً لنفس العالم إذا شعرت بأنني لم أكتبه بالكامل. لم يبح لي ذلك العالم بكل أسراره، ولهذا أعود إليه. حينما أتأكد من أنه منحني نفسه تماماً، أو أجهز عليّ، أو أجهزت عليه أتركه". في قصتي "فرح" و"نقود معدنية" يسترجع لمحات مما دار في رواية "أسوار" ومجموعة "حديث من الطابق الثالث"، حيث تمتلئ السجون بالغلابة المظلومين، والشخصيات العجائبية، والمجرمين الذين تصلح حيواتهم لكتابة روايات. يعلق "كلهم مكسورون. ما يهمني لمسة العذاب الإنساني التي لا أجدها إلا في ذلك العالم القاسي".
يعود قليلاً بذاكرته إلي الوراء. يشعر بالامتنان لعمله في الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أتاح له الاطلاع علي ذلك العالم من الداخل. في سجن طنطا، استقبل المأمور الموظف الكاتب. كانت تبدو علي الآمر علامات القلق. بعد حوار قصير فهم البساطي أن هناك مشكلة ضخمة في السجن. فهناك صبي مسجون، يمنح المتعة للمساجين. كل عنبر يحصل عليه لمدة أسبوع. المشكلة حدثت حينما تأخر عنبر في تسليمه، يومين، بعد مرور الأسبوع. كانت هناك معركة ضخمة ستندلع، ولكن المأمور تدخل وأطفأها. حكم بأن يتم خصم اليومين من العنبر خلال أسبوعه المقبل. يضحك البساطي مجدداً:"شيء في منتهي الغرابة، والقسوة. وجه الصبي كان فاقداً للحياة، فمه متهدل. باختصار كانت كل قسماته تفتقد للإنسانية"!
"أبصر واحد من الأهالي البغل شارداً في الليل علي حافة حوض ذرة. اقترب منه. لمح شواشي الأعواد تتمايل في بقعة غير بعيدة عن شط الحوض، ظنه نمساً يداعب آخر. كاد ينصرف، غير أن وجود البغل غيّر رأيه. أزاح الأعواد ورآهما، صاحب البغل وامرأة تحاول أن تغطي فخذيها. في قصة "البغل وصاحبه"، يتم كشف الجريمة الجنسية للبغّال، ما يمثل تكراراً لتيمة الفضيحة الجنسية في معظم أعمال البساطي، حيث يتم كشف ما يدور في الخفاء. ينصت إلي كلامي ويعلق: "في المناطق الريفية، يجب أن يكون الجنس مخفياً. الريف مليء بالعلاقات الجنسية المخفية، نتيجة حبس المرأة. هناك نوعان من النساء في الريف. المرأة التي تعمل بالزراعة. وهي سهلة المنال، يحصل عليها أي صبي من العاملين معها، حيث يستطيع الانتهاء من مهمته بسرعة متستراً بالأوراق الكثيفة، والثانية زوجة الموظف التي تخرج للتمشية ليلاً، هدفها غير المعلن يكون رجلاً غريباً عن القرية، وهو في الأغلب موظف قادم للعمل بالقرية. طبيب الوحدة الصحية. مدرس، أو إخصائي، في نزله....". أقاطعه: "أقصد أن التيمة تتكرر لديك في معظم الأعمال"، وينفي للمرة الثانية: "لا تتكرر، أذكر في قصة، يغيب عني عنواها الآن، كيف يصطحب البطل صيده الأنثوي إلي الكازينو، ويدخلها السينما. في المدينة الأمر يحتاج إلي تخطيط أكبر. المكان إذن يفرض نفسه، ولس كما تقول إن التيمة تتكرر".
يكتب صاحب "نوافذ صغيرة"، الرواية بإحساس كاتب القصة القصيرة. يوافقني ويضيف: "أي فصل في رواياتي قائم بذاته، تمكن قراءته كقصة، نَفَس القصة يسيطر عليّ دائماً". يسير، كما يقول، عكس الاتجاه الذي يسير فيه ديستويفسكي: "إنه لا يضيع التفاصيل، كل شيء موجود في أعماله أما أنا فأكتب بطريقة القصة".
يتابع البساطي ما ينشر من مجموعات قصصية، ولكن.."لم يلفت انتباهي أي عمل. قديماً كانت هناك كتابة لامعة، يكتبها مبدعون بحجم نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، ويحيي حقي. جيلنا أيضاً كان متميزاً. كل واحد منا كانت لديه منطقته المميزة. هناك أسماء يمكن استثناؤها، وهي تشكل حالات تميز فردية، محمد المخزنجي صاحب الموهبة الممتازة، الراحل يوسف أبو رية، عزت القمحاوي، ومنصورة عز الدين. إنهم مميزون بحالاتهم الفردية كما أقول، ولكنهم لا يستطيعون خلق مناخ لازدهار القصة".
ما الذي تريده من الكتابة بعد ذلك العمر؟! أسأل ويجيب بسرعة: "المتعة الشخصية. لا يوجد شيء أكثر متعة من لحظة انشغالي بالكتابة، وتلك الحالة تبلغ ذروتها بالجلوس علي الورق، وحينما تنتهي، ستشعر حتماً بالإحباط". أعلق "كأنك تتحدث عن عملية جنسية؟!" ويضحك: "تماماً"!
أثناء الثورة عاب كثيرون علي البساطي عدم نزوله إلي ميدان التحرير. لم يتضايق لأنني طرحت عليه هذا، وتساءل: "ماذا سيفيد ذهابي إلي الميدان؟!" أجبت: "دعم الثوار. مجرد ظهور الأسماء الكبيرة في الميدان نوع من الدعم المعنوي للثوار. ذلك موقف". يصمت قليلاً، ويقول: "كانت بدايات المرض تمنعني من النزول، كما كنت أشعر أن 25 يناير أكبر مني، فاجأتني بعظمة لم أتوقعها، ولكن أنا ذهبت مرة واحدة ونظرت إلي الجموع من البر. أنا من أكبر المؤيدين للثورة، وأعمالي تشهد أنني كنت، طوال الوقت، علي يسار السلطة. كل ما كتبته يدين السادات ومن بعده مبارك، اللذين كانا يحكماننا بقبضة حديدية"، ويضيف: "الآن ذهبت الزهوة وبقيت الشخبطة!". ماذا تقصد؟! أسأله فيقول: "كانت الثورة في بداياتها مضيئة، كنا متفائلين وطموحين في نهضة مصرية، ثم فجأة بدأت القوي السياسية التي صنعت الثورة في التناحر علي السلطة. كل شيء خاطئ حالياً، والمسؤولون وعلي رأسهم عصام شرف يسيرون طبقاً لاتجاهات الموجة، لا يوجد حزم علي الإطلاق".
تستفزني كلة الحزم، وأسأله مجدداً: ما المقصود؟ فيرد "ما يجري يحتاج إلي الحزم. جمال عبد الناصر وضع الإخوان في المعتقل، ومعهم اليساريون, بني ثورته ثم أخرجهم". أعترض تماماً علي ما يقوله: "هل تدعو إلي وضع القوي التي صنعت الثورة في المعتقلات؟! هذا لا يعقل". يقول بسرعة: "ضعهم في مخزن لا في سجن. هناك طريقة ما للسيطرة عليهم، أنا لا أقصد الثوار العظماء، ولكني أقصد البلطجية والأفاقين. السلفيون والإخوان شرسون ولا يتناسبون مع روح العصر، ولا الزمن، ولا التاريخ"، ويضيف: "الإسلام كان دائماً في مصر، معتدلاً. لم يكن فيه ذلك التطرف. انظر مثلاً للسلفيين، إنهم يرتدون الجلباب القصير إلي منتصف الساق، متشبهين بجمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، وذقونهم الضخمة المنفرة. تجبرك علي إدارة وجهك جانباً. أين الجمال في (خلقة) الله، والله جميل يحب الجمال؟".
لا ينسي البساطي إضافة المثقفين الأفاقين إلي من يتحدث عنهم: "كل مثقفي الحظيرة جاهزون لركوب الموجة. إنهم مثقفو كل العصور. أذكر أن واحداً من المثقفين الكبار، وصف سوزان ثابت، قبل الثورة، بأنها فينوس، وبعد يناير، سبها هي وزوجها المخلوع"، وأخيراً أسأله: لمن ستعطي صوتك في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟! ويقول بدون تردد: "للبرادعي. إنه شخص مثقف، ومستنير، ولسيت له أطماع شخصية. قلبه علي البلد أكثر من أي شخص"، وأنهي قائلاً: "النظام البائد لوث عمرو موسي وأيمن نور"!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.