في يوم الجمعة 12 مايو من عام 1915 صدر العدد الأول من جريدة "السفور" الأسبوعية في القاهرة. وقد جاءت كصدي لما يمور به المجتمع المصري من نقاشات حول تحرير المرأة. وفي افتتاحيتها الأولي يشير عبدالحميد حمدي مؤسس الجريدة إلي هذا النقاش، لكنه يوسع معني "السفور" الأبعد من مسألة خلع المرأة لحجابها والذي ستتبني الجريدة الوليدة الدفاع عنه والدعوة إليه:"للسفور معني أشمل مما يتبادر إلي الذهن عند سماع هذه الكلمة التي جرت بها أقلام باحثين في مسألة المرأة المصرية. ليست المرأة وحدها هي المحجبة في مصر، لكنها محجبة نزعاتنا وفضائلنا وكفاءاتنا ومعارفنا وأمانينا". بهذه الرؤية شديدة الاستنارة، بالغة الاتساع وضع عبدالحميد حمدي يده علي مشكلات ثقافة كاملة تتطلع إلي النهوض برجالها ونسائها، وتمكن من جعل "السفور" منبرًا لإعلام النهضة المصرية علي مدي ثلاث سنوات، وكان من بين كتابها الشيخان مصطفي وعلي عبد الرازق ومنصور فهمي. وكانت الصحيفة التي عمرت ثلاث سنوات قبل أن تحتجب لأسباب مالية أحد ميادين الحراك الفكري في المجتمع المصري الذي تجلي أثره في ثورة 1919، إذ لم تكن دعوة تمزيق المرأة للبرقع مجرد خطوة لكشف الجسد تشبهًا بالغرب كما أشاع أنصار الانغلاق، لكنها كانت السبيل لمشاركتها في الثورة الشعبية جنبًا إلي جنب مع الرجال. وقد اخترنا عددًا من مقالات "السفور" لنشرها في هذا البستان بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي وافق الاثنين الماضي، وبمناسبة الخلاف داخل مجلس الدولة حول تعيين المرأة قاضية، لنري الحد الذي بلغته ثقافتنا من سوء الحظ، حتي أننا نعيد طرح ما تمت مناقشته منذ مائة عام!