طوال الأسبوع الماضي اهتمت وسائل الإعلام بما زعمه الأستاذ فاروق جويدة من أن مئات القطع قد فُقدت من متحف الفن الإسلامي. وسرعان ما انبري المسئولون المختلفون لنفي هذه التهمة، فالسيد زاهي حواس، وزير الدول للآثار، أكد للرأي العام أن جميع القطع التي أشار إليها الأستاذ جويدة موجودة بالفعل، كما أكد الدكتور محمد عبدالمقصود، رئيس قطاع مكتب وزير الدولة لشؤون الآثار، أن ادعاءات وجود سرقات بالمتاحف المصرية تؤثر بشكل سلبي علي سمعة مصر. ومن ناحيته، ظهر الدكتور محمد عباس، مدير عام المتحف، علي التليفزيون ليؤكد إن جميع مخازن المتحف مؤمنة، وأن أمناء مخازن المتحف يقومون بمهماتهم علي أكمل وجه وأن كل المقتنيات التي بعهدتهم مؤمنة ومسجلة ومحفوظة بشكل سليم. إلي هنا قد يظن القائمون علي أمور المتحف الإسلامي أنهم نجحوا في تفنيد ادعاءات الأستاذ جويدة وفي طمأنة الرأي العام أن القائمين علي أمور متحف الفن الإسلامي، بل أيضا أولئك القائمون علي أمور آثارنا كلها، تغيب عنهم الرؤية الكلية عن طبيعة المتاحف ودورها في المجتمع. من أن مقتنيات متحف الفن الإسلامي في أمان. ولكني وبعد أن تابعت تلك القضية عن قرب ازدادت شكوكي في أن القائمين علي أمور متحف الفن الإسلامي، بل أيضا أولئك القائمون علي أمور آثارنا كلها، تغيب عنهم الرؤية الكلية عن طبيعة المتاحف ودورها في المجتمع. فالخطاب الشائع في كل ما سبق هو خطاب أمني يؤكد أن القائمين علي أمور متاحفنا من أول وزير الدولة للآثار حتي أمناء المخازن ينظرون للمتاحف كمخازن للتحف، ولمقتنيات المتحف كعهدة يجب الحفاظ عليها، ويظنون أن مدير المتحف تنحصر مهمته في تأمين مقتنيات المتحف وحمايتها من السرقة والتلف. أدرك تماما أن كل المتاحف الكبيرة في العالم لا تعرض سوي نسبة صغيرة جدا ربما لا تتجاوز ال 10 ٪ من مقتنياتها. كما أفهم بالطبع أن تأمين المقتنيات مهمة أساسية لمدير المتحف، وأنه يجب أن يحاسب عندما يتضح ضياع أو سرقة أي من مقتنيات المتحف. ولكن ذلك سقف متدن جدا لما يجب أن نطالب مدير أي متحف بالقيام به، إذ يجب علي أي متحف محترم أن يكون لديه قطاع كامل معني بالدراسات والأبحاث والنشر، وهو ما لا أتبينه بخصوص متحف الفن الإسلامي. كما يجب علي المتحف أن تكون لديه خطة طموحة لاستضافة معارض متخصصة من متاحف أجنبية (تحديدا كما نفعل نحن مع آثارنا الفرعونية عندما نرسلها للخارج للعرض في متاحف العالم)، وهو أمر غائب أيضا عن خطة إدارة المتحف. ويجب أيضا أن يكون لأي متحف مثل متحف الفن الإسلامي موقع محترم علي الإنترنت لا ذلك الموقع المخزي الموجود الآن والمتوافر، بالمناسبة، بالإنجليزية فقط. وبعد إغلاق المتحف للترميم والتجديد لمدة عشر سنين كنت أتوقع أن يعاد النظر في الفلسفة الحاكمة للشروح المصاحبة للقطع المعروضة، ولكني أري تلك الشروح ما زال يغلب عليها الطابع الوصفي الذي ينتمي لقوائم الحصر أكثر من انتمائها للعروض المتحفية التي يجب أن تثير المتعة والخيال والإثارة. علي أن المهمة الأولي التي يجب أن تقوم بها إدارة أي متحف هي جذب الجمهور للمتحف، ويجب أن يكون عدد الزائرين هو أهم معيار للحكم علي أداء مدير أي متحف وليس عدد القطع الفنية التي استطاع أن يحميها من السرقة. وإذا أخذنا ذلك كمعيار في الحكم علي أداء مدير متحف الفن الإسلامي وغيره من مديري متاحفنا فسوف نخلص إلي نتيجة حتمية وهي أنهم فشلوا فشلا ذريعا في القيام بأهم مسئولياتهم ألا وهي جذب الجمهور للمتحف والتواصل معه.