لأنه اختار أن يقف دائما إلي جانب الناس "اللي تحت" في مواجهة "اللي فوق".. فنحن نبادر بالاحتفاء بنعمان عاشور، الكاتب الكبير الذي اختار أن تتسق مواقفه مع فكره وإبداعه، وكان أول من سطّر بوعي صفحة الواقعية في مسرحنا المصري. فنعمان عاشور الذي صنع هرمًا من النصوص المسرحية، وكتب القصة والمقال والعمود الصحفي والسيرة الذاتية والدراسة الأدبية، وصنع عشرات التلاميذ هنا وهناك، لم يعد حاضرًا أمام شبابنا الطالع، كما كان ينبغي، بسبب ضعف الذاكرة الذي تعاني منه الساحة. من هنا كان واجبنا أن نقدمه اليوم لمن عشقوه وارتادوا مسرحه، ومن بإمكانهم أن يكتشفوه لأول مرة عبر صفحات "أخبار الأدب" التي أخذت علي عاتقها مسئولية التنوير الحقيقي من خلال التعريف بهذه الرموز التي أسهمت في صنع النهضة الثقافية الحديثة في مصر، ولولاها ما كانت هذه الأسماء التي تبدع اليوم بيننا. ونعمان عاشور الذي ولد في 27 يناير 1918 بمركز ميت غمر دقهلية، ورحل في 5 إبريل 1987، بدأ حياته الوظيفية بالالتحاق ببنك التسليف، ثم عمل سكرتيرًا صحفيًّا لوزارة الشئون الاجتماعية ومنها انتقل إلي مصلحة الفنون التابعة لوزارة الثقافة فور إنشائها عام 1954 واستمر بها حتي نهاية الخمسينيات ثم ُأبعد عن العمل الحكومي لفترة قصيرة أمضاها محررًا أدبيًا في جريدة الجمهورية، وفيما بعد رأس تحرير مجلة "كروان" للأطفال، التي كانت تصدر عن دار التحرير للطبع والنشر. واستقر به المقام هنا في دار "أخبار اليوم"، إلا أنه انتدب للمعهد العالي للفنون المسرحية ليقوم بتدريس مادة "فن كتابة المسرحية". ولنعمان عاشور خمس عشرة مسرحية منها: "المغماطيس"، "الناس اللي تحت"، "الناس اللي فوق" "حملة تفوت ولا حد يموت"، "صنف الحريم"، "سيما أونطا"، التي أثارت ثائرة رجال السينما وطالبوا وزير الثقافة بوقف عرضها. وله أيضا "عيلة الدوغري"، "وابور الطحين"، "سر الكون"، "الجيل الطالع"، "برج المدابغ"، و"بلاد بره" أطول نصوصه المسرحية، فضلا عن مسرحيات تسجيلية: "رفاعة الطهطاوي"، "بحلم يا مصر"، "لعبة الزمن"، النص الذي وصفه نعمان بأنه "فانتازيا درامية"، وفي عام 1984 انتهي من كتابة "إثر حادث أليم".