محافظ جنوب سيناء يصدق على المرحلة الثانية لتنسيق الثانوي العام والفني    "الصحة" و"الأكاديمية الوطنية" تبحثان تعزيز البرامج التدريبية للقطاع الصحي    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    معامل ومكتبة مركزية.. جامعة أسيوط الأهلية تستعد لاستقبال الطلاب الجدد - صور    محافظ كفر الشيخ: النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    علي المصيلحي في سطور.. 76 عامًا من العطاء    «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الأردن بمطاحن الدقيق    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الدواجن واللحوم والذهب    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    شركة مياه البحيرة توضح حقيقة اشتعال الغاز عند فتح حنفيات المياه بالمنازل    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    وزارة العمل: ضبط 50 عاملا أجنبيا جديدا بدون ترخيص فى الغردقة    لليوم ال12.. التموين تستكمل صرف مقررات أغسطس    «وزير النقل»: العمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بكافة القطارات والمحطات    وزراء المالية والاتصالات والبترول ينعون "مصيلحي" وزير التموين السابق    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع المُسيرات الأوكرانية    وفاة الدكتور على المصيلحى وزير التموين السابق    مادونا لبابا الفاتيكان: "من فضلك اذهب لمساعدة أطفال غزة الأبرياء"    هيئة البث الإسرائيلية: فريق التفاوض منقسم بشأن إمكانية تقدم مفاوضات غزة    كوريا الجنوبية ترحب بتفكيك جارتها الشمالية لبعض مكبرات الصوت على طول الحدود    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل يموتون جوعا في غزة    في غياب عبد المنعم.. كل ما تريد معرفته عن مباراة بنفيكا ضد نيس بدوري أبطال أوروبا    مصدر بالرابطة ل"يلا كورة": تغريم الزمالك بسبب زيزو.. ولا إدانة لجماهير الأهلي    حمادة صدقي: أحمد حسن زعل من انضمام حسام حسن لفراعنة 2006 بسبب شارة الكابتن    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    فيريرا ينصح عواد بالانتظار للحصول على فرصة المشاركة مع الزمالك    المصرى يجهز كيليان كارسنتى للمشاركة مع الفريق فى الدورى    مدير تعليم الجيزة يشدد على صيانة المدارس قبل انطلاق العام الدراسى الجديد    الأرصاد:كتل هوائية شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء والموجة تستمر إلى الجمعة    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصدر يكشف لمصراوي أعداد السودانيين العائدين عبر قطارات السكة الحديد    3 سيناريوهات تنتظر المتهم فى قضية قتل "مالك قهوة أسوان" أمام الاستئناف    البترول: ضبط 633 ألف لتر سولار وبنزين بالمنيا قبل تهريبها    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    أصالة توجه رسالة لأنغام: "إنتي بطلة"    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    بعد تحقيقه 15 مليون مشاهدة.. شاهد كيف مازح عمرو يوسف صحفية اليوم السابع    «النيل عنده كتير».. فعاليات ثقافية وفنية بمحافظات جنوب الصعيد احتفاء بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    لنشر المعرفة والتشجيع على القراءة.. افتتاح فعاليات معرض رأس البر للكتاب    محمد نور: مقياس النجاح في الشارع أهم من لقب «نمبر وان» | خاص    «محمد رمضان»: أي حد لو زعلته بقصد أو من غير قصد يتفلق    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع الأداء وحوكمة صرف الأدوية وجودة الخدمات    زيارة وفد الأمم المتحدة لتفقد الخدمات الطبية للمرضى الفلسطينيين بالعريش    تحرير 131 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق    محافظ الدقهلية يقرر إحالة المدير الإداري لمستشفى الجلدية للتحقيق بسبب التقصير في العمل    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    أول هبوط في سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 12-8-2025 صباحًا    "لوفيجارو": الصين في مواجهة ترامب "العين بالعين والسن بالسن"    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    تنسيق المرحلة الثالثة، الأماكن الشاغرة للشعبة الأدبية (نظام حديث)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقط في برلين
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 04 - 2011

اعتدت وجودي معك وحدي، بدونك. اعتدت وجودك الخلوي الرقمي _ المقتحم لأكثر أماكني وأوقاتي خصوصية. أشتاق فقط لتنبيه هاتفي الخلوي الذي لا يتعدي ضوءا أحمر يضوي ويخفت برقة تشبه لمسة يدك علي كتفي في ذلك المساء البرليني. ينبهني لرسالة نصية تأتيني أحيانا في ساعات الصباح الأولي وأنا مستغرقة في النوم_ إلا أن بعض عقلي وبعض قلبي يبدو أنه أيضا موصول بموجات لاسلكية. أفيق من نوم عميق واقرأ في ظلام فراشي أقواساً وعلامات تعجب ونقاطاً متتالية :-!!!..... افسرها أنا كما يحلو لي، أقرأها وأعيد قراءتها. اتخيلك علي الفطور في نيويورك أو في عشاء عمل ممل في سويسرا ولا اتمني أن أكون معك. لا اتطلع إلي أن أدخل عالمك، فدخولي متغير جديد- أريدك أن تكون أنت أيضا بدوني. اضع الهاتف جانبا- وأخلد لنوم مسالم تكون أنت فيه المقصد والرفيق.
عبر الطاولة الطويلة في ذلك البار البرليني المزدحم اختلس النظر إليك بتوتر تخفيه ابتسامات سطحية وأحاديث جانبية عن الطقس والعمل والأبناء. كنت جذوري وأجنحتي في آن واحد تشدني إلي حيث انتمي وتصحبني معك لفضاءات بعيدة. اتذكر تذكرة اللوتري- يشتريها البعض فتمنحه أذنا ليحلم بالسعادة لدقائق إلي أن يشتري أخري في الأسبوع الذي يليه. وهكذا أنت. عذرا للأحلام الجميلة.
مرة أخري في غرفة فندق تشبه غرفاً أخري في برلين ولندن والإسكندرية ولا تشبه أي شيء آخر. تأملت هذا العالم المؤقت. نسبة كبيرة من حالات الانتحار تتم في الفنادق. كل شئ مرتب وبارد وكأنه في انتظار أن تدب فيه حياة أو للتو خرجت منه الحياة - عالم خالٍ من الحدود لأنه محدود، مصمم بعناية لكي يخلق حالة من عدم التواصل. فقط في غرف الفنادق كنت آذن لنفسي أن أتجرد من ملابسي وأتأمل جسدي وكأنه جسد شخص آخر، وكأن هذا الحيز مساحة يمكن لنا فيها أن نكسر التابو. فقط هنا يمكن للحب أن يكون فعلا، فقط هنا يمكن لنا أن نحتفي به كما يليق.
فراش أبيض عال- تسلقته ودفست قدمي بين أغطيته المحكمة- انزويت في ركن منه وتركت أغلبه كأنه محجوز لشخص أخر. كان خاليا من كل شئ، لا رائحة عطر ولا دفء جسد ولا بقايا حب- فقط ملاءات بيضاء ناصعة مشدودة. وضعت وجهي علي المخدة ولامست أنفي حناياها باحثة عن عبق مألوف- عندما أرقد في هذا الوضع أتذكر ميريت آمون- في أخميم رقدت بين المقابر مرتكزة بجبينها علي حجر، ميريت آمون- محبوبة آمونّ انتظرتك هي .... كما انتظرك أنا الآن..
مددت يدي باحثة عن قنينة عطري- وايت لينن، ونثرت بعضه علي المخدة.
في الصباح، بعد الدش الساخن لففت جسدي في المناشف الناعمة البيضاء- انحنيت للأمام لإحكام صدريتي ذات الإطار الحديدي، ارتديت قميصا أبيض مخصراً- وبدلة كحلية وشالاً أحمر داكناً. نزلت في المصعد وتأملت ملامح وجهي في المرآة: "تشبهين نفرتيتي..." اليوم لدي موعد معها. وعدتها منذ ذلك اليوم الذي رأيتها فيه وحيدة ومنزوية أن أزورها كل عام. تصفها الكتيبات السياحية علي "أنها أجمل نساء برلين..." وقفت أمام هذا الجدار الزجاجي الطويل الذي يفصلني عنها ومن خلال المرشد الإلكتروني تخيلتني استمع إليها: "كيف يمكن أن أكون أجمل نساء برلين .. وأين هي برلين من تل العمارنة،وأين أنتم؟." هممت بالحديث :"تل العمارنة لازالت تنتظرك يا نفرت.. هناك رياح تغيير.. وعبير حرية.. وثمة أشياء أخري.. اكتشف المصريون أخيرا أنهم من سلالتك وأنهم أحفادك. هل تصدقين أن بعضا منهم لم يعرف أين استقر بك المطاف؟"- جاءني صوتها متحشرجا علي أثر دموع مختنقة: "ألم يبحثوا عني؟" حاولت أن أجد عذرا.. "لقد كانوا مغيبين..." قاطعتني حارسة المتحف الألمانية وقالت بحزم بأن المتحف سيغلق بعد خمس دقائق وينبغي أن أترك. سالت مني بعض دموع مسحتها بحركة عفوية وشعرت ببرودة أناملي علي وجنتي. ودعتها سريعا كما أودعك، بدون نظرة ولا عناق. وداع من يتحايل علي فراق. وهكذا كانت الحياة بين فراق ولقاء، انتظاراً لحدوثها أو تكراراً سخيفاً لبعض أحداثها.
خرجت لبرلين رمادية ضبابية باردة تلاشت منها الشخوص والمعالم، لا يوجد بها إلا أنت ونفرتيتي. يفصلني عنكما انتما الإثنين جدران زجاجية عالية شفافة مؤلمة- عليها لافتة واضحة مكتوب عليها بكل لغات الأرض: "ممنوع الاقتراب أو اللمس".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.