تعتمد فكرة هذا الكتاب علي أن الانبهار بالغرب ومذاهبه الفكرية لم يعد له ما يبرره، ففي الطبعة الثانية من كتاب "خواء الذات.. والأدمغة المستعمرة" للدكتور مراد هوفمان، والتي اضطلع بترجمتها عادل المعلم، ونشأت جعفر، وصدرت عن مكتبة الشروق الدولية، يعرض المؤلف ما أنتجه الغرب من مذاهب فكرية في القرنين التاسع عشر والعشرين ويبين زيفها، ليختتم كتابه بجزء عن الإسلام يري فيه حلاً لأزمات الغرب، ويناشد المسلمين عدم الانبهار بكل ما هو غربي ولكن يأخذوا أفضل ما فيه.. التقدم العلمي والتكنولوجي، مع الرجوع إلي الدين كأساس لطريقة الحياة. وفي مقدمته يتساءل المعلم: كيف هيمن الغرب علي العالم منذ حوالي قرن ونصف؟ ويجيب قائلاً: لأن الناس في الغرب يعملون بجد واجتهاد، كما أن هناك ديمقراطية وإن كانت معيبة مريضة، فهي أفضل من استبدادنا القوي العفي، وهناك قانون يسري علي الجميع إلا استثناءات، بينما لدينا قانون ينتهكه الأقوياء إلا استثناءات، ويحترمون العلم والعلماء والكفاءات إلا استثناءات. ويؤكد المعلم أنه عندما هيمن الغرب لم تكن أحواله مثل اليوم فما يعيشه اليوم هو حصاد هيمنته وليس سببها، وهذه الهيمنة قامت علي عدة عوامل أهمها: الاهتمام بالتفوق العسكري وسرعته، بل استغلاله الفوري عند تحقيقه، واستباحة الآخر سواء كان ذلك بأرضه وثرواته الطبيعية، أو عمله وفكره، أو حتي حياته. وقوام هذا الكتاب ثلاثة أجزاء يدور الأول منها حول الشيوعية مبينا زيفها من خلال استعراض تاريخها منذ بدايتها كنظرة شاملة للعالم تشرح بترابط كل ظواهره، وعادة ما يتم تقسيم هذا النظام إلي: المادية الجدلية التي تعتمد علي شرح الفلسفة الطبيعية الشيوعية، وتدور حول أحادية المادة وتفسير تطور الكون، والمادية التاريخية التي ليست سوي تطبيق عملي للمادية الجدلية علي التاريخ وعالم الأفكار، والاقتصاد السياسي من وجهة نظر الشيوعية التي تري الماركسية في جوهرها تصورا متفائلا للاقتصاد مبنيّاً علي افتراضات مادية بديهية. في حين يكشف الجزء الثاني زيف الحداثة مشيرا إلي أنها تشترك مع الشيوعية في الإلحاد والنظرة المادية للعالم. أما الجزء الثالث فيأتي بعنوان "الإسلام.. الإجابة والحل" وفيه يؤكد هوفمان علي أن أدوات الحس لدي الماركسيين والليبراليين والمسلمين واحدة، فهم يبصرون بنفس العيون، ويفكرون بالعقول نفسها، ومع استخدام الأسلوب العقلي يصلون إلي نتائج مختلفة حول الإدراك الحسي وطبيعة الكون وهندسته ومصير الإنسان، ويرجع هذا الاختلاف إلي أن نظرة المسلمين تنفرد بتأسيسها علي كتاب الله وسنة رسوله.