جاءت ردة فعل المثقفين ورموز المؤسسة الدينية من أحداث الإسكندرية علي قدر المسئولية، حيث اتفق الجميع سواء في بياناتهم أو مواقفهم وتحركاتهم علي أنّ هذه الحادثة تريد زعزعة الصف المصري وهدفها النيل من أمن الوطن. الإثنين الماضي خرج عدد من المثقفين في مظاهرة سلمية بميدان طلعت حرب. كانت مظاهرة ضد الإرهاب، وضد شق الصف، ولكن مع الأسف تم التعامل مع المثقفين بعنف، وإطفاء الشموع، وتعرض الروائي بهاء طاهر للدفع بأيدي جنود الأمن في مشهد مؤسف. كما نظم اتحاد الكتاب صباح الأربعاء الماضي مؤتمراً بعنوان"الوحدة الوطنية في الأدب المصري" أداره محمد عبد الحافظ ناصف الذي استهله بكلمة قائلاً: "إن حادث الإسكندرية أخرس الوطن بأكمله ورأيت فيه الخوف علي المستقبل وعلي جيل بأكمله وعلينا أن نفيق قبل الكارثة وأن نحقن أبناءنا بالمحبة قبل فوات الأوان"، وأوضح أن هذا المؤتمر يأتي لتقديم حلول تجد طريقها للتنفيذ.. وقال محمد السيد نائب رئيس الاتحاد إنّ القرآن قد وضع الدستور الذي يجب أن يتعامل به المسلم مع أخيه المسيحي ومن هنا نتحدث مؤكدين علي وحدة بناء هذا الوطن، ثم جاءت كلمة محمد سلماوي رئيس الاتحاد التي أوضح من خلالها أن قضية الوحدة الوطنية ليست سياسية وأن قضية الإرهاب ليست أمنية فقط، ذلك لأننا ظللنا لسنين طويلة نتعامل معها كأنها جريمة لا تختلف عن الجرائم الأخري، ولكننا نتعامل مع ثقافة شعب اعتمدت منذ بدايتها علي تآخي كل الطوائف، وأن حضارة مصر وثقافتها قامت علي أساس من الاندماج بين المسلم والمسيحي، ومن هنا يكون الأديب والمثقف والشاعر في مقدمة المتصدين لهذه الظاهرة الظلامية التي باتت تهدد المجتمع بأسره وينبغي أن ندرك الدور الريادي للكاتب فبدونه لا يمكن التصدي للمخاطر التي تواجه الوطن.. وقال: إذا استعرضنا أدب نجيب محفوظ نجد أنه تناول الشخصية القبطية بصورة واضحة المعالم وكل هذه العلامات تشير إلي عدم تخلي الأديب عن دوره تجاه هذه المشكلة الخطيرة، مؤكداً أنه يجب علينا النظر لأعمال كبار الأدباء الذين نبهوا كثيراً لهذه المشكلة، وبالتأكيد ما حدث أدمي قلوبنا جميعاً ونحن هنا لنؤكد علي أن الأدب هو طريق الخلاص، ونحن لا نتحدث من منطلق مسيحي ومسلم فكلنا يجمعنا وطن واحد، وأشار إلي هتافات المسيحيين في مظاهرة بشبرا "أنا جرجس وأخويا حسين". ثم تحدث يعقوب الشاروني عن الحادث واصفاً إياه بأنه من أبشع الحوادث التي واجهتها مصر والتي تهدف لتفتيت الشعب المصري وعلينا النظر لهذا الحادث من منظوره العام والذي شبهه بارتخاء الوتد.. وقال بهاء طاهر إنّ هذا المؤتمر بمثابة خطوة قد تكون بداية لتغيير الوضع الذي يسوء يوماً بعد آخر، فهناك نوع من الاحتقان والتوتر قديم الأزل والآن نشهد آثار الاحتقان متمنياً أن يتعامل أبناء الوطن علي أساس المساواة، مشيراً إلي رواية "خالتي صفية والدير" ، وأوضح أن المسألة حالياً أصبحت خاصة بتأثير الفكر المتطرف الدخيل علينا من الخليج وأمريكا وكيف أثبت فعاليته وقدرته علي التغلغل في المجتمع سواء من خلال الإنترنت أو الصحافة، مشدداً علي أنه يجب الانتباه للكثير من الأخطاء التي نقع فيها.. وفي النهاية وصفت إقبال بركة الحدث بأنه بدأ بسلسلة طويلة من المواجهات ويجب أن يكون هذا الحدث هو الأخير.. موضحة أن جرائم الإرهاب ستصل إلي ذروتها إذا لم يتم التصدي لمرتكبيها وأن الحلقه التالية ستكون إعصاراً يطيح بالمسلمين والمسيحيين. من ناحية أخري أطلق الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مشروع "بيت العائلة المصرية" ويضم أسماء بارزة لعلماء من الكنيسة والأزهر.. ويركّز المشروع علي نشر سماحة الإسلام والمسيحية، والعمل علي إزالة أي أسباب للاحتقان والتوتر بين الطرفين.. وقال الدكتور أحمد الطيب إنه سيتم بدء العمل في الإجراءات التنفيذية للجنة المنفذة للمشروع خلال أسبوعين،وقد تم التفكير فيها منذ ثلاثة أشهر.اللجنة يرأسها د. محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وتضم في عضويتها شيخ الأزهر وممثلي طوائف الكنيسة المصرية وسيتم مناقشة كل ما يتعلق بالمسلمين والمسيحيين وأي أسباب للتوتر واقتراح الحلول المناسبة لها ورفعها إلي أولي الأمر للتعامل معها. وقال إن اللجنة ستتصدي للمتربصين بمصر ومثيري الفتن الطائفية الغربية علي مجتمعنا. وأكد شيخ الأزهر علي أنه تم التشاور مع الكنيسة المصرية لإطلاق هذا المشروع الذي سيكون بمثابة صوت قوي للأزهر والكنيسة، وسيلتقي المختصّون من الجانبين أسبوعياً لبحث القضايا المتعلقة بالجانبين.. وجدد فضيلة الإمام الأكبر استنكاره لحادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، ودعا المصريين جميعاً، مسلمين ومسيحيين، لحفظ وحدتهم الوطنية، وحماية المصرينن جميعاً، والوقوف صفاً واحداً في تعانق جديد للهلال والصليب من أجل مصر.. كما أكد أن تقديم العزاء من المسلمين لأخوانهم المسيحيين واجب، ولا شبهة دينية فيه، وأوضح أنه يجمعنا كمصريين الود والحب والإخاء مشيراً إلي أنّ الأزهر والكنيسة يحرصان علي تبادل التهاني في كل المناسبات الدينية الإسلامية والمسيحية، ولم يستبعد أن يكون حادث القديسين تم الترتيب له من خارج مصر، ونبّه إلي أنّ الأمة الإسلامية كلها مستهدفة من أعدائها لجرّها إلي حرب دينية كما يحدث في دول أخري. ملف شامل من 5 إلي 10