110 جنيهات ارتفاعًا في أسعار الذهب بالأسواق المحلية خلال أسبوع    أجواء شتوية رائعة فى أسوان واستقبال أفواج سياحية جديدة.. فيديو    محافظ الفيوم يوجه بسرعة التعامل مع الآثار الناجمة عن الانهيار الجزئي بطريق كفر محفوظ طامية    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    البنك الأهلي المصري راعي منتدى ومعرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2025 Cairo ICT    اعتماد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    وزير الدفاع الإسرائيلي يرفض إقامة دولة فلسطينية    قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    ترامب يواصل إفيهات للسخرية من منافسيه ويمنح تايلور جرين لقبا جديدا    إيطاليا ضد النرويج.. هالاند يطارد المجد فى تصفيات كأس العالم    المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى عزم إدارة ترامب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة    الكونغ فو يضمن 5 ميداليات فى دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    تشكيل البرتغال المتوقع لمواجهة أرمينيا.. رونالدو يغيب للايقاف    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    وصول سارة خليفة و27 آخرين للمحكمة لسماع شهود الإثبات في قضية المخدرات الكبرى    ضبط قائد سيارة نقل ذكي بتهمة التعدي على سيدة بالسب حال استقلالها معه بالإسكندرية    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    خالد النبوي: حسين فهمي أستاذ وصديق    دولة التلاوة.. مصر تُعيد تلاوتها من جديد    كاتب بالتايمز يتغنى بالمتحف المصرى الكبير: أحد أعظم متاحف العالم    وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان فرع أكاديمية الفنون بعد التطوير    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    محافظ الوادي الجديد يستقبل وزير العدل لتفقد وافتتاح عدد من المشروعات    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    «تعليم الجيزة»: المتابعة اليومية بالمدراس رؤية عمل لا إجراء شكلي    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    بن غفير: لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني هذا شيء "مُختلق" ولا أساس له    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    سماء الأقصر تشهد عودة تحليق البالون الطائر بخروج 65 رحلة على متنها 1800 سائح    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    حلا شيحة تفتح النار على منتقدي دينا الشربيني.. اعرف التفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسعة أسباب لتكر يس الجيل الأدبي
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 12 - 2010


الجيل مهم في حياة الإنسان بلا شك.
لأسباب كثيرة ظل الجيل هو العمود الفقري للحياة الأدبية في مصر، هو بوصلتنا وراعينا، ولولاه لما وصلنا هنا، إلي 2010، بذاكرة حديدية تتعلق بتقسيم العقود في الخمسين عاماً الماضية. يسخر بعض الشباب من فكرة الجيل، وذلك لأنهم لم يذوقوا بعد حسناته. يلي هنا توضيح الأسباب التسعة لتكريس فكرة الجيل الأدبي.
أولاً: ثمة سبب يتعلق بالدفء. الجيل الأدبي، مثل البيت، يمنح الدفء لسكانه. لنتخيل خمسة مبدعين تظهر أسماؤهم وصورهم بجانب بعضهم البعض كل مرة، ولا يتم إجراء حوار مع أحدهم منفرداً، كما أنه ،_ وهو الأهم ، لا يمكن لناقد ما مهاجمة شخص بعينه من أبناء هذا الجيل، بدون أن تتحول القضية لقضية "نأخذ من كل قبيلة رجلاً". الناقد سيتم اتهامه بمهاجمة "رمز مهم" من أبناء الجيل. دائما ابن الجيل هو رمز مهم من رموز هذا الجيل. الفرد في الجيل هو دائماً رمز، والرمز دائماً مهم. بهذا يحوز الأفراد حصانة تحميهم أمام الأغراب.
ثانياً: سبب يتعلق بالفتنة الطائفية. "فلان يهاجم أبناء جيله"، هو العنوان الأكثر خلوداً في تاريخ الصحافة الثقافية المصرية، وقاعدة "عدوك ابن جيلك" هي القاعدة الذهبية التي تحرك عمل الصحفي الثقافي الباحث عن الإثارة. دوماً سيظل المجاز هو أناس يجلسون بجانب بعضهم بعضاً يبتسمون لبعضهم بعضاً، ويطعن كل منهم الآخر في ظهره. هذا المجاز الذي بدأ استعماله مع القادة والرؤساء العرب واجتماعات القمم العربية، تواصل حتي وصل إلي أبناء الجيل الأدبي الواحد في مقاهي وسط البلد. ابتسامات القديسين، بتعبير إبراهيم فرغلي، هي العنوان الأمثل، وصراعات القديسين هي المضمون الأمثل.
ثالثاً: سبب يتعلق بالرياضيات. مثلما أن المسجون يدون أيام سجنه علي جدران الزنزانة بشرطات، أربع شرطات طولية تقطعها واحدة عرضية، فإن النقاد يحبون تقسيم الناس إلي أجيال كي يساعدهم هذا علي تذكر من مر في الحياة الثقافية ومن لم يمر. هذا حدث بغرض تسهيل المهمة علي النقاد. وبغرض تسهيلها أكثر فقد اخترع شخص ما مقولة إن أبناء الجيل يتسمون بصفات واحدة. بهذا لم يصبح المطلوب هو البحث عن سمة خاصة لكل مبدع، وإنما عن سمة واحدة لكل عشرة مبدعين معا، وانقسمت الأجيال الأدبية إذنا إلي أربع أو خمس سمات. وهذا أسهل كثيراً.
رابعاً: بالجيل يتم احترام الأكبر في السن الذين يعيشون بيننا. أقدم جيل نتذكره هو جيل الستينيات، لأن كثيرين منهم مازالوا أحياء بيننا (ومهمين، وفاعلين). علي حد علمي، ليس هناك جيل للخمسينيات أو للأربعينيات، وأدباؤهما رحلوا عن عالمنا منذ سنوات طويلة. ولا أحد يتذكر ما قبل الستينيات، عادل كامل، علي أحمد باكثير، محمد لطفي جمعة أو محمد فريد أبو حديد. يبدو لنا الآن أن هذه الأسماء ظهرت ما قبل التاريخ، ما قبل شروق شمس النكسة علي وطننا (ومعها أدب النكسة، أدب الحلم الكبير، أدب الأماني القومية والحلم العربي المغدور).
خامساً: الأحكام التي بدأت من بداية جيلك، تستمر حتي نهايته. كل الأحكام معروفة مسبقاً، يوسف السباعي الموظف وابن المؤسسة ظلم اليسار وأدباء اليسار، ولا أحد يتحدث عنه ككاتب قصة جيد. يوسف إدريس كاتب مجنون ويغار من نجيب محفوظ، لأن الأخير كان منضبطاً والأول كان فوضوياً. إحسان عبد القدوس روائي الطبقة المخملية، ولذا لا يمكن النظر إليه بجدية. عبد الفتاح الجمل كاتب مظلوم لأنه أفني عمره للآخرين، وهو يستحق أكثر، طول الوقت هو يستحق أكثر، الجميع يقولون إنه يستحق أكثر. يحيي الطاهر عبد الله شاعر القصة، اللغة عنده لها رائحة. جيل التسعينيات جيل كتابة الجسد والتفاصيل الصغيرة، وهو جيل لم تتم حتي الآن الإجابة عن تساؤلات شائعة بخصوص علاقته بالإمبريالية المتوحشة والصهيونية العالمية.
سادساً: الجيل سلاح حربي فتاك. بالجيل نستطيع أن نحذف أشخاص لا يروقون لنا، لأسباب إبداعية أو شخصية. يكفي ذكر خمسة أشخاص منهم يتكون الجيل، وتكرار أسمائهم في كل مناسبة، أو ذكر اسمين مرتبطين ببعضهما البعض للدلالة علي اتجاه أدبي بعينه، حتي نتمكن من حذف الآخرين. أحياناً ما يكون الحذف قائماً علي أسباب سياسية، مثل علاقة فرد من أبناء الجيل بالمؤسسة، أو أسباب إبداعية، لأن فلاناً اختار أن يكتب بشكل مخالف، سواء أسوأ أو أفضل، لمجايليه، أو أسباب شخصية، بسبب خناقة علي قهوة أو لأن فلاناً هاجم أبناء جيله. راجع البند الثاني.
سابعاً: يمكننا تسييد فن علي آخر عبر الأجيال، جيل الستينيات هو جيل السرد لا الشعر، وبرغم أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم، إلا أن الجيل لم يُكتب باسمهم. الرواية كانت تستشرف انتصارها منذ ذلك الوقت المبكر. جيل السبعينيات مكرس لفن الشعر، ولفن آخر، فن النضال السياسي، المطالب بالحرب في أوائل العقد، والمطالب بالخبز في أواخره. جيل التسعينيات لم يحسم أمره. في الرواية ثمة رواية مكتوبة باسم التسعينيات، كما أن قصيدة النثر تحتل حيزاً مهماً من الجيل أيضاً. جيل ما بعد الألفية هو جيل "أولادنا" الذين يكتبون علي الفيسبوك أدب "المدونات"، العفوي والركيك، والجميل في نفس الوقت. جيل الثمانينيات سقط بأكمله من الحسبة. ودوماً مما تتم معايرة مبدعيه، روائيين وشعراء وقصاصين، بكونهم بلا جيل يحميهم ويدافع عنهم.
ثامناً: بدون تقسيم الجيل لن يكون لعبارة "تواصل الأجيال" معني، والتواصل قد يكون سلبياً أو إيجابياًَ. اختر شخصاً من الجيل الأحدث ليقول رأيه في شخص من الجيل الأقدم. سيقول الأحدث رأيه، الذي لن تتمكن من توجيهه مسبقاً، وبحسب رأيه، لن يخرج عنوانك الصحفي عن اثنين: "الشباب: فلان الفلاني مازال حياً في وجداننا"، أو "جيل الشباب يمارس قتل الأب". قبل أن تقسم المتحدثين علي الندوة إلي رجال ونساء، وقبل أن تقسمهم إلي مسلمين ومسيحيين، قم بتقسيمهم إلي أجيال، بعضهم من الأجيال الأقدم وبعضهم من الأجيال الأحدث. التقسيم الجيلي هو الوحيد الذي تغلب في مصر علي التقسيم الطائفي والتقسيم الجندري.
تاسعاً: الإيهام بالموضوعية. في الغالب نقوم بالطعن في التقسيم الجيلي في نفس اللحظة التي نمارسه فيها. طول الوقت نتحدث عن الأجيال، وعن الحقبة الزمنية التي ظهرت فيها الأجيال، ثم نستدرك قائلين إننا لا نتحدث عن زمن وإنما حالة إبداعية بعينها. يمكننا هنا، عبر استخدام نجيب محفوظ بالأساس، أن نؤكد، في نفس اللحظة التي نكرس فيها للجيل الأدبي، أن معيار الجيل الأدبي هو معيار ظالم. نقول إن عميد الرواية العربية نجيب محفوظ لم يهتم أبداً بإدراجه في جيل، وبعد هذا الاستدراك، وبمنتهي البراءة، نعود للحديث عن مبدعي الحياة الثقافية المصرية وفقاً لأجيالهم.
نائل الطوخي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.