"سوء الفهم" المصطلح الأكثر تعبيراً عن العلاقة بين الفنون البصرية المعاصرة والتغطيات الإعلامية والصحفية المخصصة لها. فقد كشفت الورشة النقدية التي نظمتها "بروهلفتسيا" علي مدار ثلاثة أيام تحت عنوان "نحو تأسيس خطاب نقدي للفنون المعاصرة" عن فجوة كبيرة بين الحراك الفني المصري المعاصر والإعلام خصوصاً بشكله المطبوع. شارك في الورشة التي استضافها النادي السويسري عدد كبير من الفنانين والصحفيين من مختلف الجرائد المصرية، حيث انتقد الفنانون غياب التغطيات الصحفية الموضوعية لأعمالهم أو لفعاليات الحركة الفنية المصرية، وقالت هالة القوصي إنّ بعض التغطيات الصحفية للمعارض والفعاليات الفنية تحفل بالأخطاء بداية من عدم كتابة اسم الفنان وحتي وضع بعض العناوين المثيرة مثل "معرض جنسي في وسط البلد". تنوّعت ملاحظات الصحفيين بداية من إسماعيل الأشول (جريدة الكرامة) الذي اتهم الفنانين بالابتعاد عن الجمهور وتقديم أعمال استعلائية، بينما انتقدت سحر المليجي (المصري اليوم) غياب بعض الفنانين عن معارضهم الأمر الذي يجعل الصحفي في حيرة ولا يستطيع لقاء الفنان أو العثور عليه بالتالي تخرج تغطيته للمعرض شبه ناقصة. واعترف جمال الجمال مدير الورشة بوجود أزمة حقيقية في الخطاب النقدي للفنون المعاصرة في الصحافة المصرية، وقال إنّ الهدف من هذه الورشة تجاوز الأزمة والتقريب في وجهات النظر بين الفنانين والصحفيين، مؤكداً أن الفن والإعلام ليسا خصمين، كما تحدث الجمل عن الدور المنوط بالصحافة من خلال الارتقاء بالثقافة البصرية ليس فقط عبر تغطية الفعاليات الفنية بل عبر تقديم المادة الصحفية في إطار بصري جذاب. حفلت الورشة بالكثير من المداخلات والأوراق البحثية التي ألقت الضوء علي واقع الحركة الفنية في مصر أبرزها ورقة د.هدي لطفي التي حملت عنوان "متغيرات الثقافة البصرية في المجتمع المصري" تحدثت فيها عن الدور الذي لعبته وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية المستقلة في تنشيط الحركة الفنية في مصر، أما شادي النشوقاتي الأستاذ بكلية التربية الفنية فقد وجّه انتقادات شديدة في ورقته لمؤسسات تعليم الفنون بمصر، وحملها مسئولية انتشار الهمجية والعشوائية في المجتمع المصري، كما نفي النشوقاتي إمكانية إصلاح المؤسسة التعليمية الفنية المصرية، وأضاف أن الأمل في المؤسسات البديلة وتعليم الفنون بعيداً عن المؤسسة الرسمية. شارك في الندوة أيضاً عدد من أساتذة النقد منهم د.سلمي مبارك التي قدمت ورقة بعنوان "قراءات نقدية متقطعة في الأدب والسينما والفن التشكيلي"، بينما قدمت د.نادية أبو غازي وعلاء عبد العزيز ورقة بعنوان "تحليل الأفلام السينمائية بناء علي نظريات الواقع والإبداع". أما ثاني أيام الورشة فقد قدمت فيه مروة كمال ورقة بعنوان "خريطة الفن التشكيلي في وسائل الإعلام المصرية" أشادت فيها بدور أخبار الأدب في تغطية الفعاليات الفنية، لكنها رصدت غياب تغطيات الحراك الفني بمصر في معظم الجرائد، واقتصارها علي التغطيات الإخبارية. أما اليوم الثالث فقد تم تخصيصه لشهادات الفنانين حيث تحدث كل فنان من المشاركين عن تجربته بداية بهاني راشد، هدي لطفي، صباح نعيم، دعاء علي، وانتهاء بأحمد الشاعر. واتفق المشاركون في الورشة علي عقد لقاءات مماثلة، كما وعدت د.هبة شريف من "بروهلفتسيا" بعقد ورشة أخري بعد ثلاثة أشهر بهدف التقريب أكثر بين الفنانين والصحفيين.