أمل دنقل شاعر محظوظ.. الجنوبي الراحل عنّا منذ 27 عاماً لا يزال حاضراً، وأخيراً أصدرت دار الشروق طبعة جديدة من الأعمال الكاملة للراحل. يضم الكتاب، الذي يقع في 443 صفحة من القطع المتوسط دواوين: "مقتل قمر"، "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، "تعليق علي ما حدث"، "العهد الآتي"، "أقوال جديدة عن حرب البسوس"، "أوراق الغرفة رقم 8"، إلي جانب قصائد متفرقة. الطبعة هي الثانية خلال العشر سنوات الاخيرة بعد طبعة المجلس الأعلي الثقافة التي حملت أيضاً دراسة هامة لدكتور جابر عصفورعن الشاعر استطاع أن يصنع جماليات القصيدة دون أن يقيده الوزن، ومن هنا كان لكل طبعة جديدة قراء جدد، ومتابعون أكثر لقصيدة أمل. خلت الطبعة الجديدة من مقدمات أو هوامش جديدة فقد اكتفت بالنصوص الدنقلية وحدها ليتأمل القارئ طبيعة آخر شاعر مصري يكتب شعر التفعلية ، اكتملت تجربته وظلت قصيدته صامدة أمام الزمن.. وهذه هي أهمية قصيدة أمل، قدرتها علي الاستمرار. لم يكتب أمل قصيدة النثر، لكنه ظل لغزاً لكتّابها، البعض يري أنه وصل بالقصيدة العجوز إلي نضجها، كما أنه أعلن نهايتها.. بمعني أن فرصة تقديم قصيدة تفعيلة جديدة صارت صعبة بعد رحيله فقد أوصلها لتمامها، التمام الذي يعني النهاية! (حاربت في حربهما وعندما رأيت كلا منهما.. متهماً خلعت كلاً منهما! كي يسترد المؤمنون الرأي والبيعة ..لكنهم لم يدركوا الخدعة!) الدهاء كما يصفه أمل في قصيدة "حديث خاص مع أبي موسي الأشعري"، دهاء لا يعيبه، ولكن يعيب من لم يفهمه وقتها، فهو الرجل الذي قال عن نفسه "حاذيت خطو الله"، يمتزج مع أبيات دنقل.. حاذيت خطو الله لا أمامه.. ولا خلفه عرفت أن كلمتي أتفه.. من أن تنال سيفه أو ذهبه. من ناحية أخري الطبعة الجديدة حملت معرضاً لصور الشاعر، حيث وضعت صورة فوتوغرافية له كغلاف، وحمل الغلاف الخلفي صورة أخري لأمل في شبابه (مرتدياً القميص والبنطلون) مع رجلين من العائلة بالجلباب الواسع وشقيقه الأصغر أنس(بالشورت الحمالات وقميص)، علي ما يبدو، كما أن الكعب حمل آخر الصور، صورة مضغوظة، لصغر مساحة الكعب، يظهر فيها يوسف إدريس، د. جابر عصفور، د. صبري حافظ، وآخرون لا تتضح معالم وجوههم!