المستشار محمود فوزى يوضح أهم القواعد المنظمة لتشكيل اللجان النوعية بالشيوخ    رئيس جامعة المنيا: «وطن السلام» رسالة مصرية تؤكد دور الدولة في صناعة السلام    منال عوض: تنفيذ 4 برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الكوادر المحلية على استخدام الذكاء الاصطناعي    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم 26 أكتوبر بارتفاع جماعي للمؤشرات    «التضامن»: الخطوط الساخنة استقبلت أكثر من 149 ألف اتصال ما بين استفسارات وطلبات وشكاوى خلال شهر سبتمبر    لأول مرة بعد وقف إطلاق النار، الصحة العالمية تجلي 41 مريضًا من غزة    ترامب: سيكون هناك سلام دائم في الشرق الأوسط بعد اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 400 شاحنة محملة ب10 آلاف طن مساعدات إلى غزة    بيراميدز يستضيف «التأمين» الإثيوبى في دوري الأبطال    ليفربول للخلف دُر، ترتيب الدوري الإنجليزي قبل ختام الجولة التاسعة    كلاسيكو الأرض| موعد مباراة ريال مدريد وبرشلونة.. والقنوات الناقلة    آخر تطورات حالة إمام عاشور وموعد ظهوره في مباريات الأهلي    ضبط لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي.. وتحرير 300 محضر بأسيوط    عاجل- التضامن تخصص 12 ألف تأشيرة حج لأعضاء الجمعيات الأهلية لعام 2026    «ده أخركم».. ضبط سيدة بتهمة التعدي على أطفالها داخل حمام في الغربية    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    كيف تجهزين "لانش بوكس" صحي لأيام الامتحانات؟    وكيل وزارة الصحة بالقليوبية يتابع الاستعدادات النهائية لافتتاح مستشفى طوخ    صحة الدقهلية تناقش آليات خطة خفض معدلات الزيادة السكانية    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    مواعيد مباريات اليوم الأحد 26-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    بتروجت: وافقنا مبدئيا على انتقال حامد حمدان للزمالك في يناير    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول الأخرى    اعتقالات ومداهمات إسرائيلية فى الضفة الغربية    «واشنطن بوست»: ترامب يصعد التوترات مع كندا برفع الرسوم الجمركية    درجة الحرارة اليوم.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وأهم الظواهر الجوية    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    تحريات لكشف ملابسات مصرع شخص خلال مشاجرة فى الحوامدية    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصرى الكبير    بعد تصدره التريند.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» بطولة محمد سلام    القومي للترجمة يقيم صالون "الترجمة وتحديات التقنية الحديثة" في دورته الأولى    روزاليوسف.. قرن من الصحافة الحرة وصناعة الوعى    بورصة الدواجن اليوم.. استقرار أسعار الفراخ البيضاء عند 63 جنيها    «مدبولي»: محافظة السويس تحظى بنصيب مهم من أولويات استثمارات الدولة    هل تغير سعر الفائدة على شهادات بنك مصر؟ وما الشهادات المتاحة؟    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    الدكتور خالد عبدالغفار يتابع اللمسات النهائية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة    7 ملايين و180 ألف خدمة طبية خلال حملة 100 يوم صحة بالإسكندرية    وكيل "تعليم الفيوم" يتفقد المدارس لمتابعة انضباط العملية التعليمية    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأحد 26 أكتوبر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    بعد قفزته 800 جنيه.. كم سجل سعر الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26-10-2025 صباحًا؟    رغم ارتفاع أسعاره.. ما هي الأبراج التى تحب الاستثمار في الذهب؟    الأنبا كيرلس في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي: وحدانية الكنيسة راسخة في قداستها وجامعيتها ورسوليتها منذ مجمع نيقية    «التعليم» تعلن أحقية معلمي الحصة في صرف المستحقات المالية 2024/2025    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    ميراث الدم يدفع عاملًا لإنهاء حياة سائق بالوراق    أسعار الفضة في مصر اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    النائب خليل: مصر بقيادة السيسي منارة للسلام وصوت للحكمة    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدي السعدي عن العصور الإسلامية الأولي:
المرأة تكتب تاريخها
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 04 - 2010

استنطاق المرأة، أو جعلها تحكي قصتها بنفسها، هذه هي الفكرة التي تقوم عليها دراسات هدي السعدي أستاذة التاريخ الإسلامي، سواء بجامعة بني سويف التي عملت بها فترة طويلة أو في الجامعة الأمريكية التي تعمل بها بشكل حر حالياً، أو في جمعية "المرأة والذاكرة". تحاول السعدي إعادة حكي قصة النساء بشكل يأخذ في الاعتبار نوعهن الاجتماعي. هكذا يمكنها مواجهة التاريخ الرسمي الذي يؤكد علي هيمنة الرجل وانعزال المرأة، وخاصة في العصور الإسلامية الأولي. والنتيجة التي تصل إليها بسيطة ودالة: النساء موجودات، ولكن غير محكي عنهن، وعلي هذا أن ينتهي.
يخطر لمن يقرأ كتب التاريخ أن المجتمعات القديمة هي بلا نساء؟ لماذا تم تغييب المرأة بهذا الشكل؟
ليس بالضبط. هناك تواجد كثيف للمرأة في العصور الإسلامية الأولي. هناك مجلد كامل عن الصحابيات في "طبقات ابن سعد" المكتوب في القرن الثاني الهجري. كتب الطبقات مليئة بالنساء النشيطات. ولكن هذا التواجد أخذ يتناقص بالتدريج. علينا أن نسأل أنفسنا لماذا، وهل هذا التناقص يعكس واقعا معيشا أم أنه يعكس مشاكل المؤرخ نفسه؟ هناك مثلا فقيه في العصر المملوكي اسمه ابن الحاج، كتب كتاباً بعنوان "المدخل"، يفتي فيه بعدم جواز خروج المرأة من بيتها إلا ثلاث مرات، إلي بيت زوجها، ولحضور جنازة أبيها، وإلي قبرها. هذا لا يعكس واقع النساء، لا نعرف منه مثلا أن النساء في عهده كن لا يخرجن من بيوتهن إلا ثلاث مرات، إنما _ بالعكس - يعكس ضيق الفقيه من تزايد نشاط النساء في أيامه، وبالتالي اضطراره لإصدار هذه الفتوي. ما تثبته هذه الفتوي في الحقيقة هو عكس ما تقوله بشكل مباشر.
كيف يمكن إذن إعادة إظهار النساء بعد أن تم تغييبهن في كتب التاريخ؟
هناك تحليل الخطاب. في "تاريخ الرسل والملوك" للطبري مثلاً ترد قصة عن رجل شكا من ألم في ذراعه فذهب للطبيب ليعالجه، وقام الطبيب بترشيح طبيبة أخري أقدر علي معالجته. هذا يعني عدة أشياء، ليس فقط أن الطبيب لم يستهجن عمل امرأة أخري بالطب، وإنما رشحها لمريضه أيضاً، وبالتالي فإن عمل المرأة بالطب كان طبيعياً تماماً. هناك دراسات كثيرة عن النساء المحدثات، أي روايات الأحاديث، وأولهن عائشة بالطبع. وبالتالي ظهرت فكرة نمطية بأن المرأة تصلح لأن تكون محدثة، لأن نقل الأحاديث علم نقلي، ولكنها لا تصلح كفقيهة، لأن الفقه علم عقلي، ولكننا عندما نبحث عن كتب الفقهاء نجد فقيهات كثيرات. هناك مفتيات يتعلمن بشكل غير رسمي، تتعلم المرأة لدي الشيخ، وتصبح فقيهة، بدون الدخول في مدارس معتمدة.
ربما تكون هناك مهن للمرأة ومهن للرجل، العمل بالاقتصاد والسياسة مثلا ممنوعان علي المرأة؟
لا. هناك مهن اقتصادية كثيرة عملت بها النساء. هناك مهنة الدلالة، والتي كانت تأخذ البضاعة من التاجر وتوصلها لنساء أخريات، وهناك الماشطة والنائحة والغاسلة. نعرف من "السفرنامه" لناصر خسرو أن الناس في العصور الإسلامية الأولي كانوا يشترون الماء، وبالتالي فقد توصلت امرأة ما إلي شراء عدد من القدور وتأجيرها. كان للنساء تواجد أيضا في الأوقاف. نساء كثيرات كن يقفن الوقف ويدرنه، أي يصبحن ناظرات له. صحيح أنه ليس هناك في التاريخ الرسمي مثلاً نماذج لنساء أدرن الوقف، ولكنني لجأت إلي سجلات المحاكم وعثرت علي حالات كتلك. كذلك يمكنني العثور علي تجليات لسلطة المرأة في عقود الزواج والطلاق. عندما أري كم الشروط التي تضعها المرأة لزوجها قبل الزواج نعرف شيئا عن سلطتها، هناك امرأة تشترط علي زوجها ألا يتزوج مرة أخري، وهناك أخري تشترط بأنه في حال زواجه مرة ثانية يصبح من حقها تطليقه من المرأة الأخري. من سجلات التركات أيضا نعرف أشياء عن أوضاع النساء الاقتصادية. إذا تركت امرأة ماكينة غزل فهذا يعني أنها كانت غزّالة، وأن هذا كان طبيعيا في مجتمعها.هناك نساء كثيرات عملن بالغزل والنسيج .كل هذه المصادر غير مطروقة من جانب التاريخ الرسمي.
هذا هو سؤالي، لماذا يتم تهميش النساء طالما أنهن كن موجودات في المجتمع بشكل نشط؟
المرأة كانت موجودة في كتب الطبقات بوفرة ثم تناقص و جودها شيئا فشيئا. قامت الباحثة روث روديت بالكشف عن هذا التناقص في إحصائية لها. السبب هو أن المجتمعات قد ابتعدت عن العصور الإسلامية الأولي، التي كان يُنظر إليها بوصفها عصورا مثالية، وبالتالي خافوا علي الدين من التفتت، من هنا بدأت النظرة للمرأة باعتبارها رمزا للجنس، وتم التقليل من وجودها في كتابات المؤرخين الذين كانوا رجال دين في نفس الوقت. كن موجودات، ولكن غير محكي عنهن. والاحتكاك بالثقافات الأخري جعل الناس يخافون علي الدين أكثر . عندما أقرأ عن امرأة فقيهة مثلا أقرأ أن لها كتابات. هناك فقيهة شيعية مثلا هي ابنة شاه طهماسب الصفدي، مكتوب عنها أنه "ألف لها جملة من العلماء"، هذا يعني أن العلماء كانوا يجمعون ما تقوله في كتب. ولكن أين هذه الكتب؟ لا أحد يعرف. هذا يحتاج بحثا.
كتبت بحثا عن المرأة وخطاب الجنون. كيف تم النظر إلي المرأة المجنونة؟
سأبدأ بالحديث عن الجنون بشكل عام. مر التعامل مع الجنون بمرحلتين. المجتمع الإسلامي كان يتقبل الجنون، لم يكن يعامله مثل الجذام. كان يتم علاج المجنون في البيوت، وكانت المرأة هي التي تعالج المجنون فيما عرف باسم طب "الركة" أو طب العجائز، أو كان يتم علاجه في مستشفيات عامة. استمر هذا الحال حتي العصر العثماني. مع الوقت بدأت تظهر البيمارستانات التي ارتبطت بعلاج المجانين بالتحديد. حتي ذلك الوقت كان المجنون شخصا عاديا تماما، يقال عنه فقد عقله، ويقال "أقام في البيمارستان"، وليس "حُبس" أو "تم حجزه"، النظرة المرتبطة بالمجنون كشخص خطر علي المجتمع لم تكن قد ظهرت بعد، كما لم يكن هناك أي تمييز بين المجنون والمجنونة. اختلف الوضع في عصر محمد علي. ظهرت فكرة المجنون الخطر علي المجتمع. كانت الدولة الحديثة يتم بناؤها وظهرت فكرة أن الأفراد الفعالين هم المطلوبون فحسب.
متي بدأ هذا تاريخيا ؟
في عام 1878 زارت بعثة بريطانية مصر وقدمت تقريرا عن أحوال المرضي، أظهرت أن الأوضاع سيئة، وطالبت بهدم المستشفي وبناء أخري جديدة. وفي 1889 أنشأت إنجلترا مستشفي جديدة في العباسية، في أطراف المدينة، بحيث يفصلها عن المدينة خط السكة الحديد وقشلاق للجيش. قبل هذا كانت المستشفي في قلب الدولة، في شارع المعز لدين الله الفاطمي. ابتداء من هنا يمكننا الحديث عن عزل المريض العقلي عن المجتمع. كما ظهر الفارق بين المجنون والمجنونة. بدأ يتردد في الطب النفسي الوليد ساعتها أن المرأة بطبيعتها لديها قابلية للجنون أكثر من الرجل، وأن هذا بسبب الرحم، وبالمناسبة، كلمة هستريا أصلا مشتقة من كلمة هستر، أي رحم المرأة. كتب د. نجاتي والذي درس الطب النفسي في الغرب بأوائل العشرينات أن المرض العقلي له عدة أنواع وأنه مرتبط بشكل عام بالنساء. وكتب أن التغيرات الفسيولوجية تؤدي إلي تغفيرات عقلية وأن فترة الحيض تؤدي إلي مالانخوليا. وأضاف أن المرأة إذا نجت من الإصابة بالمالانخوليا في الحيض فإنها تظل مهددة بها في الحمل والرضاعة. كما قيل أيضا أن حياة المرأة الإنجابية هي إحدي عوامل الهيجان العقلي. كل هذا لم يكن موجودا من قبل.
خالد فهمي في حوار عن وضع دراسة التاريخ في مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.