"هويات إسرائيلية، يهود وعرب أمام المرآة والآخر" هو عنوان كتاب يائير أورون الصادر مؤخراً في إسرائيل، ويقوم فيه الكاتب بدراسة الأفكار القومية والعنصرية في مناهج التعليم الإسرائيلية. يقارن الأستاذ الجامعي في كتابه بين بحثين ضخمين قام بهما عامي 1990 و2008، ودارا حول مواضيع بارزة مثل العلاقة بالشعب، الدولة، الدين، الآخر، الهولوكست والنكبة، بين الطلبة اليهود والعرب. نتيجة مهمة أبرزها البحث، كما تكتب سارة أوستسكي لزار في هاآرتس، هي أن الهولوكست قد أصبح العنصر الأكثر مركزية في هوية اليهود من جميع الأطياف، وهو اليوم العنصر الأساسي المشترك، والوحيد تقريبا، الذي يجمع بينهم، حيث أصبح يشكل "ديناً مدنياً" وفق تعريف الكاتب. تضيف لزار: "هذا يذكرنا بادعاء عيديت زيرتال في كتابها "الأمة والموت"، الذي يقول إن الهولوكست قد أصبح "تصريحا من أعلي بتشغيل القوة الإسرائيلية". كون المجتمع اليهودي في إسرائيل لا يمكنه التوحد إلا خلف كارثة جمعية حدثت في الماضي ولا يجد مشهداً موحداً في المستقبل، هو في حد ذاته كارثة في نظري. هذا الإحساس يتزايد أمام العنصر المشترك الذي يجمع العرب في إسرائيل _ أي النكبة، كارثتهم القومية. في إحساس العرب، فعلي نقيض الهولوكست الذي كان حدثاً كارثياً انتهي، فإن النكبة الفلسطينية لم تنته بعد، وهي تتواصل يومياً في أعمال إسرائيل ضدهم وضد إخوانهم بالأراضي المحتلة. هكذا فالطرفان، واللذان تقل نقاط الاتصال بينهما، يجتمعان حول ماضيهما وضحاياهما ويعميان عن رؤية الطرف الآخر. هوياتهما قائمة بشكل سلبي واحتجاجي ضد الآخر، وهكذا تتحول إلي هويات قاتلة، بتعريف أمين معلوف." هكذا قامت كاتبة المقال بالتشبيه بين طرفي المعادلة، الفلسطينيين والإسرائيليين، وتصوير الفظائع الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بوصفها مجرد "وهم" عربي مصنوع من أجل التوحد خلف عنصر نفسي مشترك واحد! في السنوات الأخيرة، عاش الكاتب في المستوطنة المشتركة بين اليهود والعرب، نفيه شالوم، أو واحة السلام، وحاول أن يجرّب التعايش المشترك والصراع ضد المظالم، كما يقول. وبناء علي هذه التجربة يحذر في كتابه من أن "مواصلة الاحتلال والسيطرة علي شعب آخر معناه نهاية تدريجية، ولكن حتمية، لدولة إسرائيل وفق النبوءة الصهيونية الأصلية ومبادئها المؤسسة."