عن مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، صدر العدد الثالث والعشرون من »رسالة المشرق«، وهي مجلة دورية محكمة يرأس تحريرها الدكتور أحمد هويدي، مدير المركز، يشمل العدد مجموعة من الأبحاث العلمية الجادة، دارت حول ثلاثة محاور تتماشي مع أهداف المجلة. المحور الأول من المجلة تم تخصيصه للدراسات الاسرائيلية والعبرية، ويضم ثلاث دراسات الأولي للدكتور محمد أبوغدير وهي عن توظيف الاسطورة في الأدب العبري الحديث، وفيه يبين كيف أن العقلية اليهودية لاتزال مولعة بالفكر الاسطوري الذي كان سمة من سمات العهد القديم (كتاب اليهود المقدس)، فالعهد القديم - كما يقول د. أبوغدير - يشمل عددا من الأساطير التي كانت سائدة في الشرق الأدني العربي القديم، غير أن كتاب ذلك العهد اعطوا هذه الأساطير مضامين دينية وسياسية، وأوضح أبوغدير في دراسته، أن الكثير من الأدباء اليهود قد أعادوا تفسير وتوظيف أساطير العهد القديم لخدمة الأغراض السياسية للحركة الصهيونية، واستدل علي ذلك بكثير من الأعمال الأدبية العبرية الروائية والمسرحية. وعن صورة اليهودي في ديوان أبي اسحاق الألبيري الأندلسي، كانت مشاركة د. محمد جلاء ادريس، حيث بدأها برسم صورة للعلاقات اليهودية- الاسلامية في الأندلس مع تركيز علي فترة الجدل الديني الذي كان شائعا آنذاك، وفي هذا المحور قدمت د. آمال ربيع دراسة عن أسماء الاعلام العبرية في كتاب المبتدأ والخبر في قصص الأنبياء لمحمد بن اسحاق، أما المحور الثاني الذي ارتكز عليه هذا العدد فكان خاصا بالدراسات الأدبية، وضم خمسة مقالات في مجالات أدبية متنوعة، الأولي عن مستويات النص في ترجمان الأشواق لابن عربي للدكتور أشرف دعدور وفيها يتحدث عن مكان ومكانة النص الصوفي كنص أدبي والكشف عن جمالياته وكما تبرز الدراسة خصوصية النص الأدبي الصوفي، حيث أشارت إلي أن ابن عربي استعمل المفردات علي نحو فيه خصوصية. أما الدراسة الثانية فكانت للدكتور عبدالحفيظ عبدالهادي وهي حول قضية بكاء البصر في الشعر العباسي، وقدم لها تحليلا أدبيا موضحا أن شعراء بكاء البصر قد استطاعوا نقل تجاربهم الحزينة في صور فنية متعددة معبرين عما ألم بهم من أسي، كما شمل المحور دراسة أخري للدكتور محمود الرضواني بعنوان (حديث بدء الوحي قراءة في بنية السرد والدلالة) وفيها يركز علي البنية السردية لبدء الوحي برواية الامام البخاري، وثمة دراسة أخري بعنوان (المتخيل السردي العجائبي في رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد الأندلسي« وفيها يحاول د. عبدالله الغزالي أن يثبت أن رسالة التوابع والزوابع عمل سردي عجائبي متخيل أما الدراسة الخامسة فهي عن الأدب التركي وعنوانها »رواية الكاتب والمفكر التركي علي بولاج لمفهوم التوحيد) للدكتور أحمد هارون، وفيها يحاول أن يبرز أن بولاج عالج قضية التوحيد باعتبارها قضية انسانية، لها مكوناتها الثقافية والأدبية، وأن بولاج عرض رؤيته علي أسس منهجية قائمة علي الوصف والنقد والمقارنة. أما القسم الثالث من رسالة المشرق فيشمل أربعة بحوث في مجال الدراسات اللغوية العبرية، البحث الأول عن المناسبة في القرآن الكريم، وتدور الدراسة الثانية حول ألفاظ الطعام والشراب في كتاب الاحاطة في أخبار غرناطة. أما الدراستان الأخيرتان، فخصصت الأولي لتوضيح قضية التناقض عند سيبويه، والثانية لقضية الجمع عند السيوطي من خلال الأثنين والنظائر.