خامنئي يهدد ترامب: استهداف جديد لقواعد أمريكية "مهمة" في المنطقة    نجم تشيلسي: قادرون على تحقيق المفاجأة أمام ريال مدريد    كلوب مصدوم بسبب مأساة نجم ليفربول    إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم 3 سيارات على الطريق الدولي    إصابة موظف بصعق كهربائي خلال عمله بقنا    حريق هائل يلتهم محل تجارى ببنى سويف    إلهام شاهين.. زهرة الصيف التي خطفت الضوء من شمس الساحل    «الإغاثة الطبية»: على المجتمع الدولي دعم البدائل العادلة للإغاثة في غزة    مستشار أوكراني: روسيا لم تحقق إلا الفوضى بعد 3 سنوات من الحرب    واشنطن تنفي دعمها إقامة كيان منفصل لقوات سوريا الديمقراطية    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 12 يوليو 2025    أسعار الخضروات والدواجن اليوم السبت 12 يوليو 2025    بالذكاء الاصطناعي.. أول صورة أعلنت بها زوجة النني الثانية ارتباطهما    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 12 يوليو 2025    هافال دارجو 2026.. تحديثات تصميمية وتقنية تعزز حضورها    تنسيق الجامعات 2025 .. انطلاق اختبارات القدرات    استشهاد 61 شخصًا وإصابة 231 آخرين بقصف إسرائيلي خلال 24 ساعة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف زينب عوض.. طريقة عمل الدجاج المشوي    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم السبت 12-7-2025 والقنوات الناقلة    «كشف أسرار الزمالك».. أيمن عبد العريز يفتح النار على وائل القباني    قرار جديد بشأن مادة التربية الدينية.. رفع نسبة النجاح وتعديل عدد الحصص في العام الدراسي المقبل    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 12 يوليو 2025    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الموعد الرسمي وطرق الاستعلام لجميع التخصصات بنظامي 3 و5 سنوات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 12-7-2025.. وحديد عز يتخطى 39 ألف جنيه    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    كل ما يخص نتيجة الدبلوم الصناعي 2025.. رابط مباشر وأسماء الكليات والمعاهد المتاحة للطلاب    يستخدمه المصريون بكثرة، تحذير عاجل من مكمل غذائي شهير يسبب تلف الكبد    التضامن ترد على تصريحات منسوبة للوزيرة مايا مرسي بشأن إعادة إحياء التكية    شقيقه: حامد حمدان يحلم بالانتقال للزمالك    رئيسا الإمارات وأنجولا يبحثان هاتفيا سبل تعزيز التعاون المشترك    هشام عباس يشارك فى افتتاح المسرح الرومانى بدويتو مع الشاعرى    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك    مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد    الحكومة الموريتانية تنفى لقاء الرئيس الغزوانى بنتنياهو فى واشنطن    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    وكالة أنباء كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يصل إلى بيونج يانج    أحمد عبدالقادر ينتقل إلى الحزم السعودي مقابل مليون دولار    "مثل كولر".. عضو مجلس إدارة الزمالك يعلق على تولي فيريرا مهمة القيادة الفنية للفريق    انتخابات مجلس الشيوخ 2025| الكشف المبدئي للمرشحين عن دائرة الإسماعيلية    أمين الفتوى: يجوز الصلاة أثناء الأذان لكن الأفضل انتظاره والاقتداء بسنة النبي    ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة دمياط    التعليق الكامل لمنى الشاذلي على واقعة مها الصغير.. ماذا قالت؟    حسام موافي يحذر من خطر المنبهات: القهوة تخل بكهرباء القلب    نهاية مأساوية على الرصيف.. مصرع سائق في حادث تصادم بقليوب    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بشبرا الخيمة    ضبط المتهمين باحتجاز شخصين داخل شقة في بولاق الدكرور    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    إصابة موظف بصعق كهربائى خلال تأدية عمله بقنا    إنقاذ حياة سيدة وجنينها في سوهاج من انسداد كامل بضفيرة القلب    تشكيل لجنة عليا لتوعية المواطنين بالتيسيرات الضريبية في الساحل الشمالي.. صور    تحظى بالاحترام لشجاعتها.. تعرف على الأبراج القيادية    قد يبدأ بصداع وينتشر أحيانًا لأجزاء أخرى بالجسم.. أعراض وأسباب الإصابة ب ورم في المخ بعد معاناة إجلال زكي    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بياعين الفرح: رحلة البحث عن البهجة الغائبة!
نشر في أخبار الأدب يوم 18 - 06 - 2016

يتألق الروائي وكاتب القصة القصيرة والسيناريو مكاوي سعيد في كتاب جديد بعنوان بياعين الفرح. هذا الكتاب يعد من ضمن سلسلة كتاباته الحرة التي يتناول من خلالها الكتابة في موضوعات متنوعة ويتحرر من قيود الرواية أو القصة القصيرة تاركا العنان لأفكاره في محاولة منه للتأمل وتحليل للشواهد التي عاصرها وأثرت في نفسه وكذلك التذكرة بأحداث تاريخية تتعلق بتراثنا المصري ومكانته وأهميته، وهو بذلك يخاطب بأسلوب سلس وجزل، جمهوراً أكبر من جمهور الأدب.
مكاوي سعيد الذي سبق أن قدم كتابا بعنوان أحوال العباد في عام 2013 وكان عبارة عن مجموعة مقالات مجمعة نُشِرت سابقاً في جريدة الأهرام وذات صبغة سياسية، متناولا أحوال المصربين، وخاصة المهمشين منهم والفقراء، وما آلت إليه أحوالهم بعد الثورة، يطرح بين طيات كتابه الجديد الذي هو الآخر تجميع لمقالات نشرت هذه المرة في جريدة المصري اليوم، تطور أحوال المصريين وما أصاب علاقاتهم الاجتماعية والأسرية مطلقا ناقوس خطر وصرخة تحذير عن مدي تدهور الكثير من العلاقات الانسانية وصلات الرحم تحت عناوين لبعض مقالاته علي سبيل المثال: ابني حرامي يا عالم، عقاب بأثر رجعي، أن نكبر ونشيخ معا، كشف المستور وغيرها... وقد سبق وتبني مكاوي من قبل قضية أطفال الشوارع ودق أيضا ناقوس خطر في روايته الشهيرة تغريدة البجعة منبهاً لخطورة هذه الظاهرة التي اعتبرها كقنبلة موقوتة مهددة بالانفجار في أي وقت.
وترجع أهمية وجاذبية كتاب "بياعين الفرح" أنه كتاب يلفت نظر القاريء إلي تراثنا الإنساني والتاريخي. لقد اهتم الكاتب مكاوي سعيد بذكر شخصيات بعينها، أدبية وفنية وثقافية أثرت فيه هو شخصياً كما أثرت في المجتمع المصري والعربي بشكل أشمل، كانوا بالنسبة له "بياعين الفرح". استطاع هؤلاء بالرغم من الصعوبات التي عاصروها طوال مشوارهم العمري، ومن خلال إبداعاتهم، أن يضيفوا البسمة والبهجة والفرح التي لا يزال يمتد أثرها حتي بعد وفاتهم بسنوات طويلة. ومن أمثالهم، أسماء مجهولة ومنسية للكافة من الناس وقد أخذ مكاوي علي عاتقه مهمة التذكير بها لبعثها من جديد والدفاع عن بعض من طالهم النقد أو التجاهل مثل الشاعر حسن أبو عتمان الذي تعرض للظلم في حياته وفي مماته والذي لا يتذكره أحد تقريبا وهو صاحب الأغاني الشعبية التي تغني بها المطرب أحمد عدوية وهي: زحمة يا دنيا زحمة والتي تخطت حاجز المليون نسخة في سوق الكاسيت المصري في ذلك الوقت، وكذلك أغنية سلامتها أم حسن والتي كان يقصد بها مصر ويتعرض لما أصابها.
كما يذكرنا أيضا مكاوي بشعراء أقدم أصبحوا مجهولين بالنسبة لنا من أمثال شاعر مغمور جوال، اسمه احمد الأعرج، في أواخر القرن التاسع عشر، استطاع بشعره تقديم ظاهرة أدبية ومهمة ومثيرة للجدل اسمها العبث واللامعقول والتي اجتاحت فيما بعد أوروربا مع بدايات القرن العشرين ونسبت اليهم وسميت بعد ذلك بمسرح العبث وكان من أبطالها المسرحي الفرنسي الموطن والأيرلندي الأصل صموئيل بيكيت بمسرحيته الشهيرة "في انتظار جودو" وقد تأثر أيضا بهذه الظاهرة، الكاتب المصري توفيق الحكيم وكتب فيما بعد مسرحيته "يا طالع الشجرة" كما ذكر الكاتب بنفسه.
يثير مكاوي سعيد انتباهنا إلي أننا نحن المصريين لا نلتفت لتراثنا ولا نستفيد من مخزونه بالشكل اللائق. وهو يؤكد علي أن إعادة قراءة ماركيز ويوسا وجورجي أمادو وصولا إلي باولو كويلهو تثبت أن هؤلاء كانوا لا يكفون عن النهل من تراثنا وإلي الآن!
ومن ضمن الشخصيات المنسية كذلك الشاعر المصري محمد شهاب الذي كان صديقا للشاعر السكندري الإيطالي أونجاريتي الذي كان بدوره من التلاميذ المعاصرين للشاعر المصري اليوناني الكيبر "قسطنطين كفافيس". ينبهنا مكاوي لأهمية محمد شهاب الذي تعرض لمأساة في الغربة ومات منتحرا وخلد ذكراه أونجاريتي في كتاباته وقصائده ولم يعد لدينا أي أثر لذلك المثقف الذي رحل عن عالمنا بإرادته وهو في العشرين .كما سلط مكاوي الضوء كذلك علي زرياب الذي هو أبو الحسن علي ابن نافع الذي اشتهر بعذوبة صوته وعلمه الواسع بالأدب والجغرافيا وعلم الفلك وكان من أميز تلاميذ اسحق الموصلي أشهر موسيقي ومغنٍ في بلاط العباسيين وحظي بإعجاب الخليفة هارون الرشيد. إن الكتاب حافل بأسماء شعراء وكتاب وصحفيين كثر، طواهم الزمن في صفحات النسيان. كما يتطرق أيضا لفنانين من أمثال عبد الحليم حافظ ومنيرة المهدية وعبده الحامولي وأسمهان وعمار الشريعي ونجيب الريحاني في إطلالة سريعة علي بعض جوانب من شخصياتهم ولمحات من حياتهم مع التذكرة بأجمل ما قدموا من خلال أغنية أو مقولة أو موقف صدر منهم، محذرا أيضا من خطورة فقدان بعض من أعمالهم كما ضاعت تسجيلات نادرة للحامولي ولغيره متسائلا من هو المسئول عن هذه اللامبالاة وهذا الإهمال.
في كتاباته لا يتحرر مكاوي من سطوة الأمكنة فهي حاضرة بقوة من خلال سرده وتأملاته. فهو دائما مرتبط بأماكن عاصرها توغلت في أعماقه وتركت في نفسه أثرا، فيقوم بوصفها والتذكير بها ويتطرق للحالة التي أصبحت عليها ويتألم من يد الإهمال والتخريب التي طالتها وما أكثر الأمكنة في مصر التي ينطبق عليها هذا الحال. ولكنه في كتابه بياعين الفرح تكلم بإيجاز عن بعض منها لأنه كان قد تناولها من قبل في كتابات سابقة له مثل كتابه "مقتنيات وسط البلد" وكتابه "كراسة التحرير".
وقد اهتم الكاتب مكاوي بمناقشة جمهور قرائه في بعض المفاهيم المغلوطة والتي اصبحت من المسلمات تجاه - علي سبيل المثال - بعض الطيور كالغراب الذي ظلمه الناس وهو من أكثر الطيور حكمة وعمرا وإخلاصا وعلي النقيض الكروان الذي أثني عليه الناس، وهو في الحقيقة من أشرس الطيور وأكثرها قسوة رغم صغر حجمه.
وتطرق لمفاهيم أخري في المجتمع حدث لها تغيير مثل نظرة الناس تجاة جهاز الشرطة الذي فقد أهميته ومرجعيته بالنسبة لجموع المجتمع بعد ما أصابه في ثورة 25 يناير وكذلك عدم مصداقية الكثير من وسائل الاعلام التي ما عادت تثير غير الجدل والأزمات في المجتمع بدلا من مناقشة حقيقية لهموم المواطنين والوطن. كما تطرق أيضا للتمييز والتفرقة في التعامل التي يمارسها بعض من المسلمين تجاه المسيحيين الذين يتقاسمون معهم الوطن والأفكار المغلوطة التي تتمحور في هذا السياق.
ومن أخطر القضايا التي تطرق لها أيضا، في كتابه كانت قضية المتاجرة بفقر المواطنين والتلاعب بصحتهم عن طريق المتاجرة بعلاجهم. فهو يقول في كتابه: " ناس تعاني وتكابد تموت ولا أحد يسأل فيهم.. وناس تانية تسمن وتتغذي علي دماء الناس التانيين... صدقوني هذا الوضع لن يستقيم طويلا فأين حكماء هذا الوطن؟ " وهو بذلك لا يكف عن إطلاق صرخاته! إذا كان الكاتب مكاوي سعيد قد كتب في عام 2013، مجموعته القصصية "البهجة تحزم حقائبها"، فهو الآن يجد أهمية توجيه دعوة للبحث عن هذه البهجة الغائبة وعن الفرح الهارب من خلال التذكرة بأبطاله وحتي بذكر بعض من الأماكن وكذلك الأكلات التي تثيره ولكن في نفس الوقت يخفي ويحوي بين طيات كتابه الجديد المرارة والألم مما وصل إليه حال مجتمعنا الآن. إن مكاوي سعيد من خلال هذا الكتاب يحاول أن يبيع الفرح متسائلا في ظل وطن عربي ممزق هل من مشترٍ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.