لماذا تغيرت خطة أمريكا للحل فى غزة؟    وكيله: نأخذ عرض روما ل بيلي على محمل الجد ولكن    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    «الصحة» تغلق 10 عيادات غير مرخصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء    خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات: الذكاء الاصطناعي ضرورة لمستقبل الاقتصاد المصرى    خالد الجندي: القرآن الكريم تحدث عن أدق تفاصيل الحياة اليومية حتى المشي ونبرة الصوت    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    وزارة العمل تعلن عن 11 فرصة عمل للمصريين في الأردن برواتب تصل إلى 350 دينارًا    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    بعد تراجعه.. هل تستطيع مصر استعادة مستويات انتاج الغاز بحلول 2027؟    مقاومة المضادات الحيوية: خطر جديد يهدد البشرية    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: عدد سكان مصر يبلغ 108 ملايين نسمة    وزير السياحة: حملة "إحنا مصر" تستهدف تحسين تجربة السائح والخدمة المقدمة    السيسي يوجه بوضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لتطبيق الذكاء الاصطناعي    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    تحريات لكشف ملابسات اتهام مسن بمحاولة التهجم على سيدة وأطفالها بمدينة 6 أكتوبر    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    العراق: مهمة بعثة التحالف الدولي تنتهي في سبتمبر    تصرف مفاجئ من أحمد حلمي خلال حفلة عمرو دياب بالساحل الشمالي    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    الأعلى للجامعات يعلن موعد اختبار المواد التكميلية لشهر سبتمبر 2025    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    وكيل صحه الأقصر يتفقد وحدة الكرنك القديم الصحية لمتابعة سير العمل    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    خبير دولي: مصر أحبطت مخطط تصفية القضية الفلسطينية باستراتيجية متكاملة    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية والفيضانات في باكستان إلى 645 قتيلا    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    قبل انطلاق الدوري.. الزمالك يدعم صفوفه في الكرة النسائية بعدة صفقات جديدة    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    أسعار الفراخ بأسواق مطروح الأحد 17-8-2025.. الكيلو ب 70 جنيها    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لن أتخيل
نشر في أخبار الأدب يوم 19 - 03 - 2016

دعتني «أخبار الأدب» للمشاركة في الكتابة في هذا الملف وكانت المدة المتاحة 48 ساعة فقط لتسليم مشاركتي.. «دعوة للتخيل» هكذا قالت الدعوة. أن أتخيل أنني في السجن بسبب قصة كتبتها. أسئلة كثيرة ووقت محدود، ماذا أعرف عن السجن؟ كيف سأقضي وقتي فيه وكيف سأتعامل مع من حولي، وقبل أن أذهب لجمع المعلومات وتخيل المشهد، أصابني شلل في التفكير..
سجن الكاتب أحمد ناجي و قبله الباحث إسلام البحيري، أمر لم أكن لأتخيله يحدث من الأساس. والأسباب كلها غير منطقية لا بالنسبة للزمن ولا لتاريخ الثقافة المصرية الحديثة أو التراث العربي في المجمل. لم أستطع التخيل. طه حسين في كتابه «في الشعر الجاهلي» ناقش ثوابت في النص القرآني ولم يسجن بل أصبح وزيراً للمعارف والإمام السيوطي تناول الجنس في كتاب يصنف من كتب التراث «نواضر الأيك» والنفري، وألف ليلة وليلة، وغيره وغيرهم.. علينا الآن في 2016 أن نبرر الكتابة!! علينا قبل أن نعكس صورة المجتمع أو قبل أن نجلس للتأليف و التخييل، أن نفكر في أهلنا و بيتنا و سلامتنا الشخصية وحريتنا وذوائق وتفضيلات الجميع فلا نخدش حياء أحداً أو نزعج أحداً؟! علينا قبل أن نكتب أن نتخيل «السجن»! اعتقدت أن هذا ممكن الحدوث في ظل سلطة دينية متشددة و لذلك السبب وحده عارضت حكم الإخوان. لكننا حتي لا نعود للخلف، نحن فقط نتدهور ونتردي. لا أعرف أحمد ناجي بشكل شخصي وربما لم تعجبني الرواية لكنه بكل تأكيد ليس كاتباً آمناً ولهذا أحترمه. الكاتب المؤثر لا يتحري الأمان والسلامة في الفكرة، لا يقدم فناً مسالماً لا يخربش ويكسر ويشرح ويحلل و يتعارك علي الورق، يطرح تساؤلاً ويظهر المجتمع بصورة واعية ولا يمر مرور الكرام. الجنس والسياسة والدين، علينا قبل أن نكتب أن نشرح و نطيل الشرح انها مفاهيم موجودة بالفعل في المجتمع و يمكننا تناولها في الفن؟! علينا أن نبرر اللغة؟! فنشرح أن ال «...» كلمة عربية، اسم من أسماء فرج المرأة و يقرن بالشتائم في العصر الحديث لإهانة الرجل ونسمعه كل يوم في الشارع وعلي المقاهي؟! علينا أن نخبر الناس قبل كتابة مشهد جنسي أن الجنس هي العملية البيولوجية المسئولة عن وجودهم بشكل أساسي؟! وأن البحث والتفكر في الديانات أمر وتدنيسها أمر أخر؟! علينا إذاً أن نعرف بديهيات قبل الكتابة؟!
«التابوه» لو حصرنا كم الندوات الثقافية التي تناولت فكرة كسر التابوه في العشرين سنة المنصرمة فقط، سواء في قصور الثقافة أو مراكز الثقافة المستقلة و المكتبات، لن نستطيع. منذ أن بدأت الكتابة والجميع يقول «اكسر التابوه والرقابة المجتمعية والرقابة الذاتية» حتي تكون كاتباً حراً مخلصاً لخيالك ولفنك، اكسر الخوف من الحكم، أكسر الخوف. هذا ما تربيت عليه وهذا هو الأقرب لروحي وهذا ما أفهم. وهذه الحرية في الفنون هي الميزة الأساسية لكل فن أثر فيّ وفي تكوين وعيي ومعرفتي لنفسي ولمن حولي وهي الميزة الأصدق والتي يمكنني أن أميز بها الأدب الجيد والفن الجيد، العالم كله لا يحاكم الأدب في المحاكم، العالم كله يعلم أن الفن ينقد ويرد عليه بالكلمات لا بالأحكام القضائية ولا بالسجن.
أعلم أن أحمد ناجي سيخرج، بفضل تضامن أصدقائه معه، ولأنه لا قضية هنا ولا منطق، لكنه لن ينسي ما حدث ولن ينسي أحد منا التهديد الدائم والمستمر لكل كاتب وفنان ومفكر أو باحث جاد يحترم نفسه ويحترم ما يقدم، شبح من قلة راحة في الأجواء لتذكيرنا أنه يجب أن نخاف وأنه لا حرية ولا قيمة للكتابة والفن هنا. لن أتخيل أنني في السجن ولو ليوم واحد أو لساعة واحدة، بل أرفض أن أتخيل ما أصبح تهديدا واضحا وقائما مع الأسف. سأتخيل بدلاً من ذلك أنني في بلد لم يصل فيه الجهل لمداه، سأتخيل واقعاً ثقافياً واجتماعياً مغايراً وأحلم بالحرية لأحمد ناجي ولإسلام البحيري ولنا جميعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.