نائب يطالب الحكومة بسرعة إنهاء رفع الحراسة عن نقابة الصيادلة    منافسة علمية داخل جامعة بني سويف الأهلية    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    أسعار الذهب تتراجع 3% بعد اتفاق أمريكا والصين على خفض الرسوم الجمركية    وكالة تابعة لحزب العمال الكردستاني: الجماعة قررت حل نفسها وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    سلاح الجو الأوكراني: روسيا أطلقت 108 طائرات مسيّرة خلال الليل    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط قضية غسيل أموال ب150 مليون جنيه    ضبط 50 طن قمح بمخزن حبوب غير مرخص بالباجور    اليوم العالمي للتمريض.. «الرعاية الصحية»: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الشامل    5 أسباب تدفع مرضى القلب لشرب الزنجبيل    هدية "القصر الطائر" من قطر لترامب تثير جدلًا دستوريًا في أمريكا    رسميًا.. أورلاندو بايرتس يعلن رحيل خوسيه ريفيرو من تدريب الفريق    إعلان الجوائز.. ختام مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية- صور    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    الاتحاد ينتظر الحسم.. جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباراة الهلال والعروبة    «وزير الخارجية» يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    التخطيط القومي يعقد برنامجا تدريبيا للإعلاميين حول مهارات قراءة وتحليل التقارير    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    تأجيل محاكمة المتهم بقتل والده في مشاجرة بطوخ لجلسة أغسطس المقبل    مدير مزرعة يشرع في قتل عامل بالشيخ زايد    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    وزير الإسكان: تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع «جنة» للفائزين بمدينة القاهرة الجديدة    عرض ومناقشة فيلم "سماء أكتوبر" في مكتبة المستقبل    هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إسرائيل ستوفر ممرا آمنا لإطلاق سراح عيدان    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي «الطائر الأزرق»    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    رئيس مياه القناة: حملة مكثفة لأعمال تطهير وصيانة بيارات المحطات وشبكات الصرف الصحي    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    سوريون يضرمون النار بمواد غذائية وزعتها قوات إسرائيلية    شون وصوامع المنيا تستقبل 266 ألف طن من القمح ضمن موسم توريد 2025    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق المصرية خلال تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    جنوب سيناء.. فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يرصد مخالفات بمستشفى دهب    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    استمرار الموجة جديدة الحرارة بالأقصر.. والعظمى 42    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    السعودية تواجه الأردن وديًا استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    رياضة ½ الليل| انتصار الطلائع.. عودة عواد.. البارسا يطيح بالريال.. وتطور أزمة زيزو    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختلفنا معه أو اتفقنا.. المبدأ لا يتجزأ:
لا يجوز سلب الحرية بسبب كلمات مكتوبة
نشر في أخبار الأدب يوم 27 - 02 - 2016

رُفعت الجلسة.. وحكمت المحكمة، فانتفض المثقفون والكتاب وأعلنوا عن شجبهم بمختلف الطرق، ومن بينها مواقع التواصل الاجتماعي » سمة العصر« إلي جانب إعلان العديد من المؤسسات والهيئات الثقافية تضامنها ضد الحكم، فمن جهتها؛ صدرت جريدة القاهرة الثقافية في عددها الثلاثاء الماضي بغلاف أبيض مكتوب عليه فقط هاشتاج "لا لمحاكمة الخيال".
كما أعلنت بعض المواقع احتجابها إلا عما يخص القضية وأحمد ناجي، وكذلك عبرت مؤسسة ولاد البلد للخدمات الإعلامية عن تضامنها ضد محاكمة الخيال، معتبرين الحكم بمثابة عدوان صارخ علي حرية الفكر والتعبير والإبداع المنصوص عليها في الدستور المصري.
بينما اتجه البعض إلي إطلاق المبادرات، وكانت أبرزها "احرق عملك الإبداعي"، التي دعت لأن يجمع الكُتاب أعمالهم الإبداعية ويحرقونها أمام دار القضاء العالي، وأصدروا بيانا بعنوان "النار لا تأكل فقط.. وإنما تنير الطريق أحياناً"، وأشاروا إلي أن التمسك بفكرة حرق الكتب جاءت بصورة رمزية، أي حرق نسخة من العمل وليس إفناء الأعمال كلها كما يدّعي البعض، فهي فقط وسيلة لرفع الصوت حتي يسمعه الأصم، لذلك جنحوا إلي طريق صادم لإبراز الاعتراض، وأضافوا: "هناك عشرات الشواهد التاريخية التي قامت فيها السلطات بحرق أعمال مبدعين أو منعها أو مصادرتها، وإلا ما كانت هذه الأعمال بقيت حتي الآن لنقرأها ونشاهدها، فالنار لا تأكل فقط وإنما تنير الطريق أحيانا".
وجاء بيان دار التنوير الناشر لرواية "استخدام الحياة" يعبر عن الصدمة والذهول من نبأ الحكم بالسجن والغرامة ضد ناجي والطاهر، في الوقت الذي تخاض فيه معارك الدفاع عن الحريات، وخاصة حرية الإبداع والنشر، والمطالب بإلغاء الرقابة علي الكتب، وأكدوا: "إننا في دار التنوير نري أن الاستنكار والتضامن لا يكفيان إزاء ما حدث من تعدٍّ علي حرية التعبير التي يكفلها الدستور، والتي كانت سببا رئيسيا في ثورة الشعب المصري، فما من شيء يقتل روح أي مجتمع كما يفعل حرمان المبدعين والصحفيين من التعبير، لذلك ندعو المثقفين والصحفيين بكل أطيافهم إلي حملة موسّعة للدفاع عن حق أحمد ناجي وطارق الطاهر كمواطنين في التعبير عن آرائهما بحرية، وعن القانون والدستور اللذين يحميان حق الإبداع وحرية الرأي".
ومن ناحية أخري، أصدر عدد من المثقفين والمبدعين من الكتاب والصحفيين والناشرين والفنانين والإعلاميين تعدوا الخمسمائة عند كتابة هذه السطور بيانا موقعا يذكرون فيه: "ظللنا نتابع بقلق حالة التدهور المستمرة في أداء أجهزة الدولة، وتزايد الممارسات القمعية، وما نتج عن ذلك من عصف بالحريات العامة والشخصية والأكاديمية والإبداعية، إضافة إلي الحوادث المتواصلة التي تضع البلاد في موقف شديد الحرج أمام المجتمع الدولي، في وقت تحتاج فيه مصر إلي القبول والاندماج في ذلك المجتمع.. ونحن، من واقع إحساسنا بالمسئولية تجاه هذا البلد، نشعر بخوف شديد علي مستقبله، في ظل استمرار هذه الرعونة والاستخفاف في التعامل مع الحريات".
وفي بيانها؛ أكدت ورشة الزيتون علي احترامها للقضاء العادل الذي يحترم الدستور ويحترم حرية الكلمة والتعبير والإبداع والتفكير والاعتقاد: "نحن نحترم القضاء وأحكامه ، طالما أنه يحترم المواطنين وعقولهم، ولا يستجيب لنزوات بعض المتطرفين سياسيا أو دينيا أو أخلاقيا، ونجد أنفسنا يوما بعد يوم أمام محاكم وجلسات استماع وأحكام تعسفية، وذلك جراء اتهامات مثل "ازدراء الأديان" و"خدش الحياء"، وبعد ذلك من الممكن أن تتناسل الاتهامات حتي تلد لنا أجنّة اتهامات مثل ارتفاع الصوت في المركبات العامة، أو "ارتداء قمصان نصف كم"، وهكذا، وبعد الحكم بالحبس علي الباحث والإعلامي إسلام بحيري، ثم علي الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت، ها هو الكاتب والروائي أحمد ناجي ينال الحكم نفسه، لتصبح القضية عامة، والاتهامات تتوالد وتتناسل في تسلسل غريب ومريب ومدهش، ونحن إذ نعبّر عن اندهاشنا من ذلك المنحي الانتكاسي في حرية التفكير، نطالب بعقد مؤتمر واسع، وعلي نحو عاجل، ودعوة كافة الأطراف والاتجاهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني ، لمواجهة الأخطار المحدقة التي تحيط بحرية التفكير والإبداع والتعبير من كل الزوايا".
بينما أصدرت 4 مواقع إلكترونية هم زائد 18، قل، مدي، وزحمة دوت كوم أيضا بيانا مشتركا بعنوان "لن ندخل في القالب" معبرين عن قلقهم، حيث كان تصورهم أن حرية الإبداع مكفولة، خاصة في ظل المواد التي يتعهد بحمايتها الدستور، وعليه؛ فلم يعد المثقفون بمنأي عن كل عواصف المنع والمصادرة والحبس، مؤكدين أن ذلك تدمير لعقول أبناء هذا البلد، من خلال تخويفهم وحبسهم وتطويعهم في قالب واحد.
وفي بيان مساندة أصدره الكاتب الجزائري عبد الرزاق بوكبة، قال: "لم أخف علي مصر مثلما خفت عليها في السنوات الأخيرة، فقد كانت سنوات صعبة ومفصلية، بالشكل الذي يمكن أن يودي بالدول مثلما يودي بالأشخاص، ومصر تعنيني، علي أكثر من صعيد، فقد تشكل شطر كبير من وعيي بصفتي كاتبا وإعلاميا جزائريا، بفضل عطاءاتها وإبداعاتها الأدبية والفكرية والفنية المختلفة، لا ينكر هذا إلا الميت، لذلك أجدني أصاب بالاشمئزاز كلما وصلني خبر يشوه هذه الصورة، وكان آخرها خبر هذا الحكم، فتعاطي المحكمة المعنية، مع كتابات ناجي، علي أساس أنها تخدش الحياء العام، كما لو كانت سلعة استهلاكية فاسدة، تضر بالصحة العامة، لهو تراجع عن تراكمات قرون من الفكر المستنير الذي كانت مصر سباقة إلي نشره في الوطن العربي، وتدخل غير مبرر من جهة قضائية في مسألة فنية، يجمع كل الخبراء والنقاد في العالم علي أنها بنت الخيال وليست بنت الواقع".
واستطرد بوكبة: "إن مصر اليوم، أمام مثل هذه الأحكام، مطالبة بأن تتخذ أحد موقفين؛ إما أن تضع حدا لمثل هذا المنطق وتعزز رصيدها في حرية الفكر والكتابة، وإما أن تحاكم كل كتابها عبر التاريخ، بتهمة خدش الرأي العام، بما فيهم نجيب محفوظ صاحب نوبل للآداب.. لذلك أمام هذا التعسف، أعلن تضامني المطلق مع أحمد ناجي ومع رئيس تحرير أخبار الأدب وكل طاقمها، وأرجو أن يوضع حد فورا لهذا المنطق الذي لا يستقيم مع النزعة الحداثية والعقلانية التي بتنا نحن العرب محتاجين إليها اليوم، أكثر من أي وقت مضي".
وعلي موقع "الفيسبوك"، كُتبت الكثير من الآراء المتضامنة ضد حكم الحبس، سواء متفقين مع ما كتبه ناجي أو رافضين له، فعبر الإذاعي عمرو الشامي عن ذلك قولا واحدا: "أرفض حبس احمد ناجي تماما، لكن في نفس الوقت علي كهنة الثقافة عدم استخدام الكلام المعقد الغامض عن طبيعة الأدب و خصوصية الأدب ما قد يفضي بنا لكهنوت الأدب أو ما هو من عينة انفتاح أفق الكلام الغامض وغموض أفق الكلام المنفتح .. ما قرأته ليس ممتعا و لا عميقا و لا شجاعا حتي، ولكن الفصل بين القضيتين مهم؛ لا سجن لكاتب إذا افترضنا أنه كاتب أو حتي غير كاتب، ثم من الأجدي للسلطات - وهنا لا أقصد القضاء بل كل السلطات المجتمعية وعلي رأسها الناس أنفسهم - أن يفكروا في العمل والإنتاج والتجويد لا حبس الناس، فالالتزام بالعمل كلمة يهرب منها أكثر الثوريين أنفسهم لمشروع غامض هو المظاهرة ثم المظاهرة ثم المظاهرة".
واستنكر الكاتب عز الدين شكري: "منذ الحكم بحبس أحمد ناجي بسبب خدشِ روايتِه حياءَ البعض، وأنا في حالة لا أستطيع وصفها بدقة، حالة أكبر من الانزعاج والقلق بكثير، وأكبر من الصدمة والغضب، ربما أقرب وصف لهذه الحالة هو اكتمال القلق، التأكُّد من النتيجة المزعجة وغير القابلة للصرف بأننا سقطنا في هُوَّة أخطر من كثير ممَّا مرَّ بنا، ليس هذا ضيقا بحُرِّية الفِكْر من قِبَل طائفة محافِظة مثلما كان الحال مع مَن هاجموا طه حسين، وليس اعتداءً علي حُرِّية الفِكْر مِن قِبَل جماعة متطرِّفة مثلما كان الحال مع قتل فرج فودة، وليس انحيازا من قِبَل السلطات العامة للمتطرفين مثلما كان الحال مع نصر حامد أبو زيد، هذه المرة، السُّلُطات العامة نفسها، بنفسها، وبعزم وإصرار، تصادر حق الكُتَّاب - جميعا لا أحمد ناجي فقط - في التخيُّل، وحقَّهم في التعبير عن هذا الخيال، وتصادر حقَّ كل مواطن في اختيار نوع الأدب الذي يقرؤه، وتوجِّه بهذا ضربة قاتلة للأدب المصري؛ إنتاجا، ونشرا، وقراءة".
واستطرد شكري: "لو كان خدش حياء البعض يبرر منع الكتابة، ما وصل إلينا أي من الروايات الكبري التي شكلت تاريخ الأدب، ولو أتبعنا هذه القاعدة فلن تظهر في مصر رواية ذات قيمة، بل ولَتعيَّن علينا مصادرة معظم الروايات المصرية وغير المصرية، بما في ذلك ما يُدَرَّس في أقسام الأدب بجامعاتنا، بل ولَتعيَّن علينا أيضا مصادرة كثير من كتب التراث العربي، ولكن، أمازلنا بحاجة إلي مناقشة هذا المبدأ غير المنطقي؟ أحمد ناجي الآن في الحبس، لأن روايته تحتوي علي ألفاظ خدشت حياء البعض حين قرأها، هو ليس طرفا في صراع سياسي؛ لم يَعتَدِ علي السُّلُطات العامة ولم يحاول قلب نظام الحكم، لم يعتد علي ملكية أحد، ولم يسئ إلي أحد أو يشهِّر به، هو فقط نشر رواية".
ووجه المراسل عبد الهادي حريبة تساؤلا: "هل تقبل بالسجن عقابا لمن يكتب شيئا سواء أعجبك أو لا؟، رفضك لسجن كاتب لا يعني بالضرورة الموافقة علي ما كتبه، فالحكم علي ما هو مكتوب حق للناس، يقرأونه أو لا يقرأونه، ينبهرون بصاحبه أو يلعنونه".
بينما أوضحت الكاتبة الصحفية دعاء سلطان رأيها في عدد من النقاط، معترضة علي الحبس بسبب كلمات، طالما أنها لا تحرض علي العنف والعنصرية والكراهية، فلا يصح منع نشرها، ولا محاكمة أو سجن أو قتل كاتبها، أو أن يذهب بسببها إلي المحكمة، وأنهت ذلك بدعوتها للقراء: "تضامن مع من كان سيدافع عنك إذا كنت في موقفه.. وأحمد ناجي كان سيتضامن مع أي مستضعف".
من جانبه، عبر الشاعر الضوي محمد الضوي، المدرس بقسم اللغة العربية في كلية الآداب؛ عن اختلافه مع الحكم موضحا: "سلب إنسان من حريته عقوبة لم يقرها الله ضمن عقوبات الحدود، فالموت أهون من ذلك، إضافة إلي أن أحمد ناجي - اختلفنا أو اتفقنا حول مستواه الفني كراوئي في هذا العمل أو غيره - كان يمكن تغريمه بمبلغ مادي، لكن أن يتم سجنه بسبب لفظ أو أكثر؛ موجود في ألف ليلة وليلة وبعض كتب السيوطي والجاحظ وغيرهم ما هو أجرأ منه، فهذا ليس عادلا، ومؤذيا وسخيفا، وفيه انتهاك لحرية الكاتب ولفنه".
رفض الكاتب الصحفي شريف عبد الهادي أن تتواجد الألفاظ المذكورة بالفصل المنشور من الرواية في عمل له، ولكنه أكد: "لا يجوز في الأدب الحكم علي عمل كامل من خلال فصل واحد، ولا يجوز اقتطاع النص والحكم علي فصول محددة بمعزل عن السياق العام للعمل، وحتي وإن كان العمل كله مبتذلا فلا يجوز تقديم الروايات والروائيين للمحاكم، لأن الفكرة لا تصححها إلا فكرة، وطبقا للمادة 71 في الدستور، يحظر بأي وجه فرض رقابة علي الصحف ووسائل الاعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، وبالتالي فإن الحكم مخالف للدستور، كما أنه لم يترتب عليه سوي ترويج الفصل الذي ارتأت المحكمة أنه مبتذل وخادش للحياء العام، مما جعل من الحكم القضائي أكبر أداة ومسبب لنشر ما هو خادش للحياء حسب وجهة نظر المحكمة".
واستكمل عبد الهادي مستنكرا: "إذا تم فتح الباب لمحاكمة النصوص التي تخدش الحياء العام وفقا لما جاء بها من ألفاظ صادمة ومؤلمة، فسنضطر لمحاكمة التراث العربي بل والديني نفسه.. وألف ماذا وماذا ستفتح أبواب جهنم علي الأدب والإبداع، والتشجيع علي وجود أوصياء علي الفكر والإبداع يرفعون القضايا ضد الكُتاب والمبدعين ثم تتولي المحاكم محاكمتهم وحبسهم!".
أكد الشاعر سفيان صلاح بشكل موضوعي: "هناك أفكار انتمي إليها، وأخري هي أفكار أهلها، وهم أحرار في الانتماء إليها أو التنصل منها، لكن مما لا شك فيه إنه لا يجوز في هذا الزمان مصادرة فكرة أو رأي، أو معاقبة صاحبه، مهما كان الرأي غريبا أو خارجا علي مألوف الجماعة، لأن كل الأفكار حاليا معروضه علي الهواء مباشرة، وما لن أقوله، سيقوله غيري، أو قاله بالفعل"، وأضاف: "تعاقبون شخصا وهناك دول فضائية تقول ما يقول.. تناولوا الأعمال والأفكار بالنقد والجدل.. هذا أجدي، أو اعتقلوا العصر كله بأرضه وسمائه إن استطعتم".
أما د.عمرو منير؛ فاستدعي ما كتبه إسماعيل أدهم في مصر عام 1937 بعنوان "لماذا أنا ملحد؟"، وجاهر فيه المؤلف بإلحاده، وكيف تم التعامل معه في مصر وقتها، إذ كان الرد عليه مجموعة من المقالات والدراسات من بينها "لماذا أنا مؤمن؟" لأحمد زكي أبو شادي، و"لماذا هو ملحد؟" ، لمحمد فريد وجدي، أي أن الرد اقتصر علي محاربة الفكر بمثله، وأضاف: "هذا يدل علي أنه في مقابل التقدم الذي أحرزه الغرب في مجال الحريات والثقافة، شهدت حياتنا الثقافية تدهورا غير مبرر".
بينما يؤكد د.حسين محمود عميد كلية اللغات والترجمة، أن ناجي لم يخدش حياء أحد، وأوضح: "هو لم يخدش أي مقدس، كل ذنبه أنه أقدم بشجاعة علي تمثيل الواقع اللغوي، وقال كلاما نسمعه ليل نهار في الشارع وأثناء المباريات مذاعا علي الهواء، لكننا لا نجرؤ علي كتابته لأننا منافقون، نستحق نحن الحبس ويستحق هو أن ينظر إلينا باستهزاء".
استشعرت د.غادة العبسي الخوف بسبب الحكم، ولكنها وجدت ما هو أخطر: "الحديث عن الكلمة بوصفها صنما لا يضر ولا ينفع يخيفني أكثر.. هناك من يعتقد أنه لا جرائم ترتكب في الكتابة.. هي بنظري ببشاعة القتل.. الرديء الذي يحاصرنا بشع أيضا.. استباحة الكلمات وذبح المعاني والقيم جرائم أيضا... الكلمة كائن حي يؤثر فينا ونؤثر فيه".
ومن جانبه، رأي الكاتب الصحفي خالد البلشي في حبس أحمد ناجي محاكمة للخيال، واستنكر: "الحكم جاء مخالفا لنصوص الدستور في مجال حرية الصحافة وحرية الفكر والتعبير وما تضمنه من نصوص تمنع الحبس في قضايا النشر، إن محاكمة الأعمال الأدبية والإبداعية ليس محلها المحاكم ولكن صفحات وكتب النقد وإلا فإننا سنفتح أبواب جهنم للتفتيش في نوايا المبدعين ومصادرة قدرتهم علي الخيال وهي أصل الابداع، فمهما كان تقييمي للعمل الإبداعي، محل التقييم هو نقده وليس مصادرة حق القادمين في التعبير عن خيالهم، الكارثة أننا لو طبقنا ما تم مع ناجي فإننا سنكون بصدد مصادرة شاملة لتراثنا وللكثير من أعمالنا الأدبية، بل ومصادرة للابداع".
واستطرد البلشي متعجبا: »المفارقة في قضية ناجي هو محاسبته بمنطق أخلاقي ومحاسبة صحيفة أدبية علي ممارسة دورها الذي طالما مارسته الصحافة المصرية وهو نشر عمل إبداعي، والتفتيش في نية وضمير الكاتب وهو أقرب لما حدث في محاكم التفتيش، والمفارقة الأهم أن النيابة التي استهدفت حماية المجتمع من نص أدبي يقرأه عدد محدود هي من ساهمت بنشره بتحركها«.
وأنهي البلشي كلماته: "إن قضية ناجي تؤكد علي ضرورة الإسراع في إصدار التشريعات المكملة للدستور في مجال الصحافة وحرية الفكر والإبداع.. وفي مقدمتها إلغاء العقوبات السالبة للحريات في مجال النشر، كما أن القضية تطرح علينا جميعا أن تكون قضية الحريات الصحفية والزملاء المحبوسين والمهددين بالحبس والذين وصل عددهم إلي أكثر من 42 صحفيا علي رأس جدول أعمال الجمعية العمومية القادمة في 4 مارس والتي يجب أن يعمل الجميع للحشد من أجلها.. من أجل أجندة تشمل جميع أوضاع الصحافة والصحفيين وما يتعرضون له سواء علي مستوي الحريات أو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وكتب الناقد والمترجم سمير جريس: "هذا الحكم سيف مسلط علي رقبة الجميع، ما الإباحي في العمل الفني، وما الخارج عن التقاليد؟ هذا شيء لا تحدده المحاكم، بل القاريء والناقد الأدبي".
بينما عبر الكاتب السوداني حمور زيادة عن رأيه باقتضاب: "شكرا أيها العالم".
ومن جانبه، أكد السيناريست هاني فوزي أنه لا يوجد شيء اسمه الحياء العام، وإنما يوجد فقط "مجال عام" هو حق للجميع، وأضاف: "كلمات أحمد ناجي وروايته لم تؤذ أحدا أو تحرض علي عنف ضد أحد، لم يُجبر أحدا علي قراءتها، من لا تعجبه أو حتي تغضبه تلك الكلمات يحق له النقد، لكن أن يُعاقب من أجل أن كلماته خدشت حياء مواطن، أو أغضبت البعض كثيرا أو قليلا بسلب حريته لسنوات، فهذا جنون!".
رغم رفض الاختصاصية النفسية رضوي فرغلي، للجزء المنشور من الرواية لأسباب مختلفة، إلا أنها أكدت دفاعها عن الفكرة وليس عن الأشخاص، وقالت: "أنا ضد حبس أي كاتب، فالكلمات يرد عليها بمثلها، والنقد لابد أن يظل في حيز نقاش فكري وثقافي وليس عقابي.. لأن العقاب يعني ضعف حجة السُلطة ورجالها، فالحبس أو غلق القنوات الإباحية أو مواقع الانترنت، لم يعد حلا نافعا أو وسيلة للقضاء بل ربما يأتي بالعكس ويساعد علي ترسيخها من باب الممنوع مرغوب".
ومن القراء، يقول إبراهيم المصري، بعد قراءة الفصل: "إنه يضم بعض الألفاظ التي نسمع أطنانا منها كل ثانية في الشارع المصري، وفي مسار نقدي، الفصل يطابق الواقع مطابقة غطاء الحلة للحلة، أي يمكن إخراجه من الأدب بوصفه عملا مبدعا، ووضعه في صيغة أقرب لمنشور يومي علي الفيسبوك، علي أن ذلك ليس مبررا لرفع قضية علي الرجل وسجنه بتهمة لو كنا سنأخذ بها فعلاً لتم سجن 90 مليون مصري، فلم الألفاظ الجارحة حاليا مثيرة للاستهجان، بل انها أصبحت جزءا من حياتنا اليومية، نقل قليلاً منه للغاية كاتبٌ في كتاب له.. فتم سجنه".
بينما شعر محمد عبد الخالق بالخوف إزاء تشوش المفاهيم الواضح في المجتمع، قائلا: "يبدو أننا أمام أزمة تاريخ.. مؤيدو حكم المحكمة يثبتون أن عملية نقل الشعب المصري - ومن خلفه شعوب المنطقة - قد تمت بنجاح وقضي الأمر، نحن نعيش الآن في القرن 21 ماديا فقط، أما عقولنا وأرواحنا فقابعة هناك علي بعد يتراوح ما بين ألف إلي ألفي عام، وحتي المثقفون لم يتخطوا ذلك كثيرا، فالحياة في سحر الشرق القديم تستغرقهم وتستهويهم أكثر من مباغتات العصر الحالي، وبهذا يصبح الانتقال بالعودة للوراء أكثر راحة".
واستكمل موضحا: "أحمد ناجي كتب حوالي 11 كلمة مباشرة عن العلاقات الجنسية، ولو كانت روايته ركيكة ما وصل إلي هذه الكلمات اي من المعترضين، إذا فقد قرأنا واستمتعنا ثم تطهرنا بانتقاده أخلاقيا وباركنا سجنه من أجل 11 كلمة مكتوبة!!، ماذا إذاً لو دعا ناجي لتحرير المجتمع من سلطة الأخلاق، وماذا لو طالب بكسر حائط الجنس، وماذا لو خرج علينا من يطالب بتحرير النفس والأبناء من سلطة الرغبة.. وامتلاك الإرادة، ماذا لو طالب أحدهم بالعودة للأصول؛ لحياة الإنسان الأول بحريتها من قيود الأفكار؟ مؤكد سيطالبون بإعدامه بمبررات أخلاقية"، واستطرد: "نحن نريد التحرر من قيود الفعل الأخلاقي، بينما أنتم تريدون تقييد التخيلات وتصنيفها، نريد الذهاب للغد بينما يصر البعض علي ربطنا بالأرض، نريد أن تشفي أجسادنا ثم أرواحنا.. وهم متمسكون بسيطرة الداء".
كما أعلنت بعض المواقع احتجابها إلا عما يخص القضية وأحمد ناجي، وكذلك عبرت مؤسسة ولاد البلد للخدمات الإعلامية عن تضامنها ضد محاكمة الخيال، معتبرين الحكم بمثابة عدوان صارخ علي حرية الفكر والتعبير والإبداع المنصوص عليها في الدستور المصري.
بينما اتجه البعض إلي إطلاق المبادرات، وكانت أبرزها "احرق عملك الإبداعي"، التي دعت لأن يجمع الكُتاب أعمالهم الإبداعية ويحرقونها أمام دار القضاء العالي، وأصدروا بيانا بعنوان "النار لا تأكل فقط.. وإنما تنير الطريق أحياناً"، وأشاروا إلي أن التمسك بفكرة حرق الكتب جاءت بصورة رمزية، أي حرق نسخة من العمل وليس إفناء الأعمال كلها كما يدّعي البعض، فهي فقط وسيلة لرفع الصوت حتي يسمعه الأصم، لذلك جنحوا إلي طريق صادم لإبراز الاعتراض، وأضافوا: "هناك عشرات الشواهد التاريخية التي قامت فيها السلطات بحرق أعمال مبدعين أو منعها أو مصادرتها، وإلا ما كانت هذه الأعمال بقيت حتي الآن لنقرأها ونشاهدها، فالنار لا تأكل فقط وإنما تنير الطريق أحيانا".
وجاء بيان دار التنوير الناشر لرواية "استخدام الحياة" يعبر عن الصدمة والذهول من نبأ الحكم بالسجن والغرامة ضد ناجي والطاهر، في الوقت الذي تخاض فيه معارك الدفاع عن الحريات، وخاصة حرية الإبداع والنشر، والمطالب بإلغاء الرقابة علي الكتب، وأكدوا: "إننا في دار التنوير نري أن الاستنكار والتضامن لا يكفيان إزاء ما حدث من تعدٍّ علي حرية التعبير التي يكفلها الدستور، والتي كانت سببا رئيسيا في ثورة الشعب المصري، فما من شيء يقتل روح أي مجتمع كما يفعل حرمان المبدعين والصحفيين من التعبير، لذلك ندعو المثقفين والصحفيين بكل أطيافهم إلي حملة موسّعة للدفاع عن حق أحمد ناجي وطارق الطاهر كمواطنين في التعبير عن آرائهما بحرية، وعن القانون والدستور اللذين يحميان حق الإبداع وحرية الرأي".
ومن ناحية أخري، أصدر عدد من المثقفين والمبدعين من الكتاب والصحفيين والناشرين والفنانين والإعلاميين تعدوا الخمسمائة عند كتابة هذه السطور بيانا موقعا يذكرون فيه: "ظللنا نتابع بقلق حالة التدهور المستمرة في أداء أجهزة الدولة، وتزايد الممارسات القمعية، وما نتج عن ذلك من عصف بالحريات العامة والشخصية والأكاديمية والإبداعية، إضافة إلي الحوادث المتواصلة التي تضع البلاد في موقف شديد الحرج أمام المجتمع الدولي، في وقت تحتاج فيه مصر إلي القبول والاندماج في ذلك المجتمع.. ونحن، من واقع إحساسنا بالمسئولية تجاه هذا البلد، نشعر بخوف شديد علي مستقبله، في ظل استمرار هذه الرعونة والاستخفاف في التعامل مع الحريات".
وفي بيانها؛ أكدت ورشة الزيتون علي احترامها للقضاء العادل الذي يحترم الدستور ويحترم حرية الكلمة والتعبير والإبداع والتفكير والاعتقاد: "نحن نحترم القضاء وأحكامه ، طالما أنه يحترم المواطنين وعقولهم، ولا يستجيب لنزوات بعض المتطرفين سياسيا أو دينيا أو أخلاقيا، ونجد أنفسنا يوما بعد يوم أمام محاكم وجلسات استماع وأحكام تعسفية، وذلك جراء اتهامات مثل "ازدراء الأديان" و"خدش الحياء"، وبعد ذلك من الممكن أن تتناسل الاتهامات حتي تلد لنا أجنّة اتهامات مثل ارتفاع الصوت في المركبات العامة، أو "ارتداء قمصان نصف كم"، وهكذا، وبعد الحكم بالحبس علي الباحث والإعلامي إسلام بحيري، ثم علي الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت، ها هو الكاتب والروائي أحمد ناجي ينال الحكم نفسه، لتصبح القضية عامة، والاتهامات تتوالد وتتناسل في تسلسل غريب ومريب ومدهش، ونحن إذ نعبّر عن اندهاشنا من ذلك المنحي الانتكاسي في حرية التفكير، نطالب بعقد مؤتمر واسع، وعلي نحو عاجل، ودعوة كافة الأطراف والاتجاهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني ، لمواجهة الأخطار المحدقة التي تحيط بحرية التفكير والإبداع والتعبير من كل الزوايا".
بينما أصدرت 4 مواقع إلكترونية هم زائد 18، قل، مدي، وزحمة دوت كوم أيضا بيانا مشتركا بعنوان "لن ندخل في القالب" معبرين عن قلقهم، حيث كان تصورهم أن حرية الإبداع مكفولة، خاصة في ظل المواد التي يتعهد بحمايتها الدستور، وعليه؛ فلم يعد المثقفون بمنأي عن كل عواصف المنع والمصادرة والحبس، مؤكدين أن ذلك تدمير لعقول أبناء هذا البلد، من خلال تخويفهم وحبسهم وتطويعهم في قالب واحد.
وفي بيان مساندة أصدره الكاتب الجزائري عبد الرزاق بوكبة، قال: "لم أخف علي مصر مثلما خفت عليها في السنوات الأخيرة، فقد كانت سنوات صعبة ومفصلية، بالشكل الذي يمكن أن يودي بالدول مثلما يودي بالأشخاص، ومصر تعنيني، علي أكثر من صعيد، فقد تشكل شطر كبير من وعيي بصفتي كاتبا وإعلاميا جزائريا، بفضل عطاءاتها وإبداعاتها الأدبية والفكرية والفنية المختلفة، لا ينكر هذا إلا الميت، لذلك أجدني أصاب بالاشمئزاز كلما وصلني خبر يشوه هذه الصورة، وكان آخرها خبر هذا الحكم، فتعاطي المحكمة المعنية، مع كتابات ناجي، علي أساس أنها تخدش الحياء العام، كما لو كانت سلعة استهلاكية فاسدة، تضر بالصحة العامة، لهو تراجع عن تراكمات قرون من الفكر المستنير الذي كانت مصر سباقة إلي نشره في الوطن العربي، وتدخل غير مبرر من جهة قضائية في مسألة فنية، يجمع كل الخبراء والنقاد في العالم علي أنها بنت الخيال وليست بنت الواقع".
واستطرد بوكبة: "إن مصر اليوم، أمام مثل هذه الأحكام، مطالبة بأن تتخذ أحد موقفين؛ إما أن تضع حدا لمثل هذا المنطق وتعزز رصيدها في حرية الفكر والكتابة، وإما أن تحاكم كل كتابها عبر التاريخ، بتهمة خدش الرأي العام، بما فيهم نجيب محفوظ صاحب نوبل للآداب.. لذلك أمام هذا التعسف، أعلن تضامني المطلق مع أحمد ناجي ومع رئيس تحرير أخبار الأدب وكل طاقمها، وأرجو أن يوضع حد فورا لهذا المنطق الذي لا يستقيم مع النزعة الحداثية والعقلانية التي بتنا نحن العرب محتاجين إليها اليوم، أكثر من أي وقت مضي".
وعلي موقع "الفيسبوك"، كُتبت الكثير من الآراء المتضامنة ضد حكم الحبس، سواء متفقين مع ما كتبه ناجي أو رافضين له، فعبر الإذاعي عمرو الشامي عن ذلك قولا واحدا: "أرفض حبس احمد ناجي تماما، لكن في نفس الوقت علي كهنة الثقافة عدم استخدام الكلام المعقد الغامض عن طبيعة الأدب و خصوصية الأدب ما قد يفضي بنا لكهنوت الأدب أو ما هو من عينة انفتاح أفق الكلام الغامض وغموض أفق الكلام المنفتح .. ما قرأته ليس ممتعا و لا عميقا و لا شجاعا حتي، ولكن الفصل بين القضيتين مهم؛ لا سجن لكاتب إذا افترضنا أنه كاتب أو حتي غير كاتب، ثم من الأجدي للسلطات - وهنا لا أقصد القضاء بل كل السلطات المجتمعية وعلي رأسها الناس أنفسهم - أن يفكروا في العمل والإنتاج والتجويد لا حبس الناس، فالالتزام بالعمل كلمة يهرب منها أكثر الثوريين أنفسهم لمشروع غامض هو المظاهرة ثم المظاهرة ثم المظاهرة".
واستنكر الكاتب عز الدين شكري: "منذ الحكم بحبس أحمد ناجي بسبب خدشِ روايتِه حياءَ البعض، وأنا في حالة لا أستطيع وصفها بدقة، حالة أكبر من الانزعاج والقلق بكثير، وأكبر من الصدمة والغضب، ربما أقرب وصف لهذه الحالة هو اكتمال القلق، التأكُّد من النتيجة المزعجة وغير القابلة للصرف بأننا سقطنا في هُوَّة أخطر من كثير ممَّا مرَّ بنا، ليس هذا ضيقا بحُرِّية الفِكْر من قِبَل طائفة محافِظة مثلما كان الحال مع مَن هاجموا طه حسين، وليس اعتداءً علي حُرِّية الفِكْر مِن قِبَل جماعة متطرِّفة مثلما كان الحال مع قتل فرج فودة، وليس انحيازا من قِبَل السلطات العامة للمتطرفين مثلما كان الحال مع نصر حامد أبو زيد، هذه المرة، السُّلُطات العامة نفسها، بنفسها، وبعزم وإصرار، تصادر حق الكُتَّاب - جميعا لا أحمد ناجي فقط - في التخيُّل، وحقَّهم في التعبير عن هذا الخيال، وتصادر حقَّ كل مواطن في اختيار نوع الأدب الذي يقرؤه، وتوجِّه بهذا ضربة قاتلة للأدب المصري؛ إنتاجا، ونشرا، وقراءة".
واستطرد شكري: "لو كان خدش حياء البعض يبرر منع الكتابة، ما وصل إلينا أي من الروايات الكبري التي شكلت تاريخ الأدب، ولو أتبعنا هذه القاعدة فلن تظهر في مصر رواية ذات قيمة، بل ولَتعيَّن علينا مصادرة معظم الروايات المصرية وغير المصرية، بما في ذلك ما يُدَرَّس في أقسام الأدب بجامعاتنا، بل ولَتعيَّن علينا أيضا مصادرة كثير من كتب التراث العربي، ولكن، أمازلنا بحاجة إلي مناقشة هذا المبدأ غير المنطقي؟ أحمد ناجي الآن في الحبس، لأن روايته تحتوي علي ألفاظ خدشت حياء البعض حين قرأها، هو ليس طرفا في صراع سياسي؛ لم يَعتَدِ علي السُّلُطات العامة ولم يحاول قلب نظام الحكم، لم يعتد علي ملكية أحد، ولم يسئ إلي أحد أو يشهِّر به، هو فقط نشر رواية".
ووجه المراسل عبد الهادي حريبة تساؤلا: "هل تقبل بالسجن عقابا لمن يكتب شيئا سواء أعجبك أو لا؟، رفضك لسجن كاتب لا يعني بالضرورة الموافقة علي ما كتبه، فالحكم علي ما هو مكتوب حق للناس، يقرأونه أو لا يقرأونه، ينبهرون بصاحبه أو يلعنونه".
بينما أوضحت الكاتبة الصحفية دعاء سلطان رأيها في عدد من النقاط، معترضة علي الحبس بسبب كلمات، طالما أنها لا تحرض علي العنف والعنصرية والكراهية، فلا يصح منع نشرها، ولا محاكمة أو سجن أو قتل كاتبها، أو أن يذهب بسببها إلي المحكمة، وأنهت ذلك بدعوتها للقراء: "تضامن مع من كان سيدافع عنك إذا كنت في موقفه.. وأحمد ناجي كان سيتضامن مع أي مستضعف".
من جانبه، عبر الشاعر الضوي محمد الضوي، المدرس بقسم اللغة العربية في كلية الآداب؛ عن اختلافه مع الحكم موضحا: "سلب إنسان من حريته عقوبة لم يقرها الله ضمن عقوبات الحدود، فالموت أهون من ذلك، إضافة إلي أن أحمد ناجي - اختلفنا أو اتفقنا حول مستواه الفني كراوئي في هذا العمل أو غيره - كان يمكن تغريمه بمبلغ مادي، لكن أن يتم سجنه بسبب لفظ أو أكثر؛ موجود في ألف ليلة وليلة وبعض كتب السيوطي والجاحظ وغيرهم ما هو أجرأ منه، فهذا ليس عادلا، ومؤذيا وسخيفا، وفيه انتهاك لحرية الكاتب ولفنه".
رفض الكاتب الصحفي شريف عبد الهادي أن تتواجد الألفاظ المذكورة بالفصل المنشور من الرواية في عمل له، ولكنه أكد: "لا يجوز في الأدب الحكم علي عمل كامل من خلال فصل واحد، ولا يجوز اقتطاع النص والحكم علي فصول محددة بمعزل عن السياق العام للعمل، وحتي وإن كان العمل كله مبتذلا فلا يجوز تقديم الروايات والروائيين للمحاكم، لأن الفكرة لا تصححها إلا فكرة، وطبقا للمادة 71 في الدستور، يحظر بأي وجه فرض رقابة علي الصحف ووسائل الاعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، وبالتالي فإن الحكم مخالف للدستور، كما أنه لم يترتب عليه سوي ترويج الفصل الذي ارتأت المحكمة أنه مبتذل وخادش للحياء العام، مما جعل من الحكم القضائي أكبر أداة ومسبب لنشر ما هو خادش للحياء حسب وجهة نظر المحكمة".
واستكمل عبد الهادي مستنكرا: "إذا تم فتح الباب لمحاكمة النصوص التي تخدش الحياء العام وفقا لما جاء بها من ألفاظ صادمة ومؤلمة، فسنضطر لمحاكمة التراث العربي بل والديني نفسه.. وألف ماذا وماذا ستفتح أبواب جهنم علي الأدب والإبداع، والتشجيع علي وجود أوصياء علي الفكر والإبداع يرفعون القضايا ضد الكُتاب والمبدعين ثم تتولي المحاكم محاكمتهم وحبسهم!".
أكد الشاعر سفيان صلاح بشكل موضوعي: "هناك أفكار انتمي إليها، وأخري هي أفكار أهلها، وهم أحرار في الانتماء إليها أو التنصل منها، لكن مما لا شك فيه إنه لا يجوز في هذا الزمان مصادرة فكرة أو رأي، أو معاقبة صاحبه، مهما كان الرأي غريبا أو خارجا علي مألوف الجماعة، لأن كل الأفكار حاليا معروضه علي الهواء مباشرة، وما لن أقوله، سيقوله غيري، أو قاله بالفعل"، وأضاف: "تعاقبون شخصا وهناك دول فضائية تقول ما يقول.. تناولوا الأعمال والأفكار بالنقد والجدل.. هذا أجدي، أو اعتقلوا العصر كله بأرضه وسمائه إن استطعتم".
أما د.عمرو منير؛ فاستدعي ما كتبه إسماعيل أدهم في مصر عام 1937 بعنوان "لماذا أنا ملحد؟"، وجاهر فيه المؤلف بإلحاده، وكيف تم التعامل معه في مصر وقتها، إذ كان الرد عليه مجموعة من المقالات والدراسات من بينها "لماذا أنا مؤمن؟" لأحمد زكي أبو شادي، و"لماذا هو ملحد؟" ، لمحمد فريد وجدي، أي أن الرد اقتصر علي محاربة الفكر بمثله، وأضاف: "هذا يدل علي أنه في مقابل التقدم الذي أحرزه الغرب في مجال الحريات والثقافة، شهدت حياتنا الثقافية تدهورا غير مبرر".
بينما يؤكد د.حسين محمود عميد كلية اللغات والترجمة، أن ناجي لم يخدش حياء أحد، وأوضح: "هو لم يخدش أي مقدس، كل ذنبه أنه أقدم بشجاعة علي تمثيل الواقع اللغوي، وقال كلاما نسمعه ليل نهار في الشارع وأثناء المباريات مذاعا علي الهواء، لكننا لا نجرؤ علي كتابته لأننا منافقون، نستحق نحن الحبس ويستحق هو أن ينظر إلينا باستهزاء".
استشعرت د.غادة العبسي الخوف بسبب الحكم، ولكنها وجدت ما هو أخطر: "الحديث عن الكلمة بوصفها صنما لا يضر ولا ينفع يخيفني أكثر.. هناك من يعتقد أنه لا جرائم ترتكب في الكتابة.. هي بنظري ببشاعة القتل.. الرديء الذي يحاصرنا بشع أيضا.. استباحة الكلمات وذبح المعاني والقيم جرائم أيضا... الكلمة كائن حي يؤثر فينا ونؤثر فيه".
ومن جانبه، رأي الكاتب الصحفي خالد البلشي في حبس أحمد ناجي محاكمة للخيال، واستنكر: "الحكم جاء مخالفا لنصوص الدستور في مجال حرية الصحافة وحرية الفكر والتعبير وما تضمنه من نصوص تمنع الحبس في قضايا النشر، إن محاكمة الأعمال الأدبية والإبداعية ليس محلها المحاكم ولكن صفحات وكتب النقد وإلا فإننا سنفتح أبواب جهنم للتفتيش في نوايا المبدعين ومصادرة قدرتهم علي الخيال وهي أصل الابداع، فمهما كان تقييمي للعمل الإبداعي، محل التقييم هو نقده وليس مصادرة حق القادمين في التعبير عن خيالهم، الكارثة أننا لو طبقنا ما تم مع ناجي فإننا سنكون بصدد مصادرة شاملة لتراثنا وللكثير من أعمالنا الأدبية، بل ومصادرة للابداع".
واستطرد البلشي متعجبا: »المفارقة في قضية ناجي هو محاسبته بمنطق أخلاقي ومحاسبة صحيفة أدبية علي ممارسة دورها الذي طالما مارسته الصحافة المصرية وهو نشر عمل إبداعي، والتفتيش في نية وضمير الكاتب وهو أقرب لما حدث في محاكم التفتيش، والمفارقة الأهم أن النيابة التي استهدفت حماية المجتمع من نص أدبي يقرأه عدد محدود هي من ساهمت بنشره بتحركها«.
وأنهي البلشي كلماته: "إن قضية ناجي تؤكد علي ضرورة الإسراع في إصدار التشريعات المكملة للدستور في مجال الصحافة وحرية الفكر والإبداع.. وفي مقدمتها إلغاء العقوبات السالبة للحريات في مجال النشر، كما أن القضية تطرح علينا جميعا أن تكون قضية الحريات الصحفية والزملاء المحبوسين والمهددين بالحبس والذين وصل عددهم إلي أكثر من 42 صحفيا علي رأس جدول أعمال الجمعية العمومية القادمة في 4 مارس والتي يجب أن يعمل الجميع للحشد من أجلها.. من أجل أجندة تشمل جميع أوضاع الصحافة والصحفيين وما يتعرضون له سواء علي مستوي الحريات أو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وكتب الناقد والمترجم سمير جريس: "هذا الحكم سيف مسلط علي رقبة الجميع، ما الإباحي في العمل الفني، وما الخارج عن التقاليد؟ هذا شيء لا تحدده المحاكم، بل القاريء والناقد الأدبي".
بينما عبر الكاتب السوداني حمور زيادة عن رأيه باقتضاب: "شكرا أيها العالم".
ومن جانبه، أكد السيناريست هاني فوزي أنه لا يوجد شيء اسمه الحياء العام، وإنما يوجد فقط "مجال عام" هو حق للجميع، وأضاف: "كلمات أحمد ناجي وروايته لم تؤذ أحدا أو تحرض علي عنف ضد أحد، لم يُجبر أحدا علي قراءتها، من لا تعجبه أو حتي تغضبه تلك الكلمات يحق له النقد، لكن أن يُعاقب من أجل أن كلماته خدشت حياء مواطن، أو أغضبت البعض كثيرا أو قليلا بسلب حريته لسنوات، فهذا جنون!".
رغم رفض الاختصاصية النفسية رضوي فرغلي، للجزء المنشور من الرواية لأسباب مختلفة، إلا أنها أكدت دفاعها عن الفكرة وليس عن الأشخاص، وقالت: "أنا ضد حبس أي كاتب، فالكلمات يرد عليها بمثلها، والنقد لابد أن يظل في حيز نقاش فكري وثقافي وليس عقابي.. لأن العقاب يعني ضعف حجة السُلطة ورجالها، فالحبس أو غلق القنوات الإباحية أو مواقع الانترنت، لم يعد حلا نافعا أو وسيلة للقضاء بل ربما يأتي بالعكس ويساعد علي ترسيخها من باب الممنوع مرغوب".
ومن القراء، يقول إبراهيم المصري، بعد قراءة الفصل: "إنه يضم بعض الألفاظ التي نسمع أطنانا منها كل ثانية في الشارع المصري، وفي مسار نقدي، الفصل يطابق الواقع مطابقة غطاء الحلة للحلة، أي يمكن إخراجه من الأدب بوصفه عملا مبدعا، ووضعه في صيغة أقرب لمنشور يومي علي الفيسبوك، علي أن ذلك ليس مبررا لرفع قضية علي الرجل وسجنه بتهمة لو كنا سنأخذ بها فعلاً لتم سجن 90 مليون مصري، فلم الألفاظ الجارحة حاليا مثيرة للاستهجان، بل انها أصبحت جزءا من حياتنا اليومية، نقل قليلاً منه للغاية كاتبٌ في كتاب له.. فتم سجنه".
بينما شعر محمد عبد الخالق بالخوف إزاء تشوش المفاهيم الواضح في المجتمع، قائلا: "يبدو أننا أمام أزمة تاريخ.. مؤيدو حكم المحكمة يثبتون أن عملية نقل الشعب المصري - ومن خلفه شعوب المنطقة - قد تمت بنجاح وقضي الأمر، نحن نعيش الآن في القرن 21 ماديا فقط، أما عقولنا وأرواحنا فقابعة هناك علي بعد يتراوح ما بين ألف إلي ألفي عام، وحتي المثقفون لم يتخطوا ذلك كثيرا، فالحياة في سحر الشرق القديم تستغرقهم وتستهويهم أكثر من مباغتات العصر الحالي، وبهذا يصبح الانتقال بالعودة للوراء أكثر راحة".
واستكمل موضحا: "أحمد ناجي كتب حوالي 11 كلمة مباشرة عن العلاقات الجنسية، ولو كانت روايته ركيكة ما وصل إلي هذه الكلمات اي من المعترضين، إذا فقد قرأنا واستمتعنا ثم تطهرنا بانتقاده أخلاقيا وباركنا سجنه من أجل 11 كلمة مكتوبة!!، ماذا إذاً لو دعا ناجي لتحرير المجتمع من سلطة الأخلاق، وماذا لو طالب بكسر حائط الجنس، وماذا لو خرج علينا من يطالب بتحرير النفس والأبناء من سلطة الرغبة.. وامتلاك الإرادة، ماذا لو طالب أحدهم بالعودة للأصول؛ لحياة الإنسان الأول بحريتها من قيود الأفكار؟ مؤكد سيطالبون بإعدامه بمبررات أخلاقية"، واستطرد: "نحن نريد التحرر من قيود الفعل الأخلاقي، بينما أنتم تريدون تقييد التخيلات وتصنيفها، نريد الذهاب للغد بينما يصر البعض علي ربطنا بالأرض، نريد أن تشفي أجسادنا ثم أرواحنا.. وهم متمسكون بسيطرة الداء".
كما أعلنت بعض المواقع احتجابها إلا عما يخص القضية وأحمد ناجي، وكذلك عبرت مؤسسة ولاد البلد للخدمات الإعلامية عن تضامنها ضد محاكمة الخيال، معتبرين الحكم بمثابة عدوان صارخ علي حرية الفكر والتعبير والإبداع المنصوص عليها في الدستور المصري.
بينما اتجه البعض إلي إطلاق المبادرات، وكانت أبرزها "احرق عملك الإبداعي"، التي دعت لأن يجمع الكُتاب أعمالهم الإبداعية ويحرقونها أمام دار القضاء العالي، وأصدروا بيانا بعنوان "النار لا تأكل فقط.. وإنما تنير الطريق أحياناً"، وأشاروا إلي أن التمسك بفكرة حرق الكتب جاءت بصورة رمزية، أي حرق نسخة من العمل وليس إفناء الأعمال كلها كما يدّعي البعض، فهي فقط وسيلة لرفع الصوت حتي يسمعه الأصم، لذلك جنحوا إلي طريق صادم لإبراز الاعتراض، وأضافوا: "هناك عشرات الشواهد التاريخية التي قامت فيها السلطات بحرق أعمال مبدعين أو منعها أو مصادرتها، وإلا ما كانت هذه الأعمال بقيت حتي الآن لنقرأها ونشاهدها، فالنار لا تأكل فقط وإنما تنير الطريق أحيانا".
وجاء بيان دار التنوير الناشر لرواية "استخدام الحياة" يعبر عن الصدمة والذهول من نبأ الحكم بالسجن والغرامة ضد ناجي والطاهر، في الوقت الذي تخاض فيه معارك الدفاع عن الحريات، وخاصة حرية الإبداع والنشر، والمطالب بإلغاء الرقابة علي الكتب، وأكدوا: "إننا في دار التنوير نري أن الاستنكار والتضامن لا يكفيان إزاء ما حدث من تعدٍّ علي حرية التعبير التي يكفلها الدستور، والتي كانت سببا رئيسيا في ثورة الشعب المصري، فما من شيء يقتل روح أي مجتمع كما يفعل حرمان المبدعين والصحفيين من التعبير، لذلك ندعو المثقفين والصحفيين بكل أطيافهم إلي حملة موسّعة للدفاع عن حق أحمد ناجي وطارق الطاهر كمواطنين في التعبير عن آرائهما بحرية، وعن القانون والدستور اللذين يحميان حق الإبداع وحرية الرأي".
ومن ناحية أخري، أصدر عدد من المثقفين والمبدعين من الكتاب والصحفيين والناشرين والفنانين والإعلاميين تعدوا الخمسمائة عند كتابة هذه السطور بيانا موقعا يذكرون فيه: "ظللنا نتابع بقلق حالة التدهور المستمرة في أداء أجهزة الدولة، وتزايد الممارسات القمعية، وما نتج عن ذلك من عصف بالحريات العامة والشخصية والأكاديمية والإبداعية، إضافة إلي الحوادث المتواصلة التي تضع البلاد في موقف شديد الحرج أمام المجتمع الدولي، في وقت تحتاج فيه مصر إلي القبول والاندماج في ذلك المجتمع.. ونحن، من واقع إحساسنا بالمسئولية تجاه هذا البلد، نشعر بخوف شديد علي مستقبله، في ظل استمرار هذه الرعونة والاستخفاف في التعامل مع الحريات".
وفي بيانها؛ أكدت ورشة الزيتون علي احترامها للقضاء العادل الذي يحترم الدستور ويحترم حرية الكلمة والتعبير والإبداع والتفكير والاعتقاد: "نحن نحترم القضاء وأحكامه ، طالما أنه يحترم المواطنين وعقولهم، ولا يستجيب لنزوات بعض المتطرفين سياسيا أو دينيا أو أخلاقيا، ونجد أنفسنا يوما بعد يوم أمام محاكم وجلسات استماع وأحكام تعسفية، وذلك جراء اتهامات مثل "ازدراء الأديان" و"خدش الحياء"، وبعد ذلك من الممكن أن تتناسل الاتهامات حتي تلد لنا أجنّة اتهامات مثل ارتفاع الصوت في المركبات العامة، أو "ارتداء قمصان نصف كم"، وهكذا، وبعد الحكم بالحبس علي الباحث والإعلامي إسلام بحيري، ثم علي الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت، ها هو الكاتب والروائي أحمد ناجي ينال الحكم نفسه، لتصبح القضية عامة، والاتهامات تتوالد وتتناسل في تسلسل غريب ومريب ومدهش، ونحن إذ نعبّر عن اندهاشنا من ذلك المنحي الانتكاسي في حرية التفكير، نطالب بعقد مؤتمر واسع، وعلي نحو عاجل، ودعوة كافة الأطراف والاتجاهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني ، لمواجهة الأخطار المحدقة التي تحيط بحرية التفكير والإبداع والتعبير من كل الزوايا".
بينما أصدرت 4 مواقع إلكترونية هم زائد 18، قل، مدي، وزحمة دوت كوم أيضا بيانا مشتركا بعنوان "لن ندخل في القالب" معبرين عن قلقهم، حيث كان تصورهم أن حرية الإبداع مكفولة، خاصة في ظل المواد التي يتعهد بحمايتها الدستور، وعليه؛ فلم يعد المثقفون بمنأي عن كل عواصف المنع والمصادرة والحبس، مؤكدين أن ذلك تدمير لعقول أبناء هذا البلد، من خلال تخويفهم وحبسهم وتطويعهم في قالب واحد.
وفي بيان مساندة أصدره الكاتب الجزائري عبد الرزاق بوكبة، قال: "لم أخف علي مصر مثلما خفت عليها في السنوات الأخيرة، فقد كانت سنوات صعبة ومفصلية، بالشكل الذي يمكن أن يودي بالدول مثلما يودي بالأشخاص، ومصر تعنيني، علي أكثر من صعيد، فقد تشكل شطر كبير من وعيي بصفتي كاتبا وإعلاميا جزائريا، بفضل عطاءاتها وإبداعاتها الأدبية والفكرية والفنية المختلفة، لا ينكر هذا إلا الميت، لذلك أجدني أصاب بالاشمئزاز كلما وصلني خبر يشوه هذه الصورة، وكان آخرها خبر هذا الحكم، فتعاطي المحكمة المعنية، مع كتابات ناجي، علي أساس أنها تخدش الحياء العام، كما لو كانت سلعة استهلاكية فاسدة، تضر بالصحة العامة، لهو تراجع عن تراكمات قرون من الفكر المستنير الذي كانت مصر سباقة إلي نشره في الوطن العربي، وتدخل غير مبرر من جهة قضائية في مسألة فنية، يجمع كل الخبراء والنقاد في العالم علي أنها بنت الخيال وليست بنت الواقع".
واستطرد بوكبة: "إن مصر اليوم، أمام مثل هذه الأحكام، مطالبة بأن تتخذ أحد موقفين؛ إما أن تضع حدا لمثل هذا المنطق وتعزز رصيدها في حرية الفكر والكتابة، وإما أن تحاكم كل كتابها عبر التاريخ، بتهمة خدش الرأي العام، بما فيهم نجيب محفوظ صاحب نوبل للآداب.. لذلك أمام هذا التعسف، أعلن تضامني المطلق مع أحمد ناجي ومع رئيس تحرير أخبار الأدب وكل طاقمها، وأرجو أن يوضع حد فورا لهذا المنطق الذي لا يستقيم مع النزعة الحداثية والعقلانية التي بتنا نحن العرب محتاجين إليها اليوم، أكثر من أي وقت مضي".
وعلي موقع "الفيسبوك"، كُتبت الكثير من الآراء المتضامنة ضد حكم الحبس، سواء متفقين مع ما كتبه ناجي أو رافضين له، فعبر الإذاعي عمرو الشامي عن ذلك قولا واحدا: "أرفض حبس احمد ناجي تماما، لكن في نفس الوقت علي كهنة الثقافة عدم استخدام الكلام المعقد الغامض عن طبيعة الأدب و خصوصية الأدب ما قد يفضي بنا لكهنوت الأدب أو ما هو من عينة انفتاح أفق الكلام الغامض وغموض أفق الكلام المنفتح .. ما قرأته ليس ممتعا و لا عميقا و لا شجاعا حتي، ولكن الفصل بين القضيتين مهم؛ لا سجن لكاتب إذا افترضنا أنه كاتب أو حتي غير كاتب، ثم من الأجدي للسلطات - وهنا لا أقصد القضاء بل كل السلطات المجتمعية وعلي رأسها الناس أنفسهم - أن يفكروا في العمل والإنتاج والتجويد لا حبس الناس، فالالتزام بالعمل كلمة يهرب منها أكثر الثوريين أنفسهم لمشروع غامض هو المظاهرة ثم المظاهرة ثم المظاهرة".
واستنكر الكاتب عز الدين شكري: "منذ الحكم بحبس أحمد ناجي بسبب خدشِ روايتِه حياءَ البعض، وأنا في حالة لا أستطيع وصفها بدقة، حالة أكبر من الانزعاج والقلق بكثير، وأكبر من الصدمة والغضب، ربما أقرب وصف لهذه الحالة هو اكتمال القلق، التأكُّد من النتيجة المزعجة وغير القابلة للصرف بأننا سقطنا في هُوَّة أخطر من كثير ممَّا مرَّ بنا، ليس هذا ضيقا بحُرِّية الفِكْر من قِبَل طائفة محافِظة مثلما كان الحال مع مَن هاجموا طه حسين، وليس اعتداءً علي حُرِّية الفِكْر مِن قِبَل جماعة متطرِّفة مثلما كان الحال مع قتل فرج فودة، وليس انحيازا من قِبَل السلطات العامة للمتطرفين مثلما كان الحال مع نصر حامد أبو زيد، هذه المرة، السُّلُطات العامة نفسها، بنفسها، وبعزم وإصرار، تصادر حق الكُتَّاب - جميعا لا أحمد ناجي فقط - في التخيُّل، وحقَّهم في التعبير عن هذا الخيال، وتصادر حقَّ كل مواطن في اختيار نوع الأدب الذي يقرؤه، وتوجِّه بهذا ضربة قاتلة للأدب المصري؛ إنتاجا، ونشرا، وقراءة".
واستطرد شكري: "لو كان خدش حياء البعض يبرر منع الكتابة، ما وصل إلينا أي من الروايات الكبري التي شكلت تاريخ الأدب، ولو أتبعنا هذه القاعدة فلن تظهر في مصر رواية ذات قيمة، بل ولَتعيَّن علينا مصادرة معظم الروايات المصرية وغير المصرية، بما في ذلك ما يُدَرَّس في أقسام الأدب بجامعاتنا، بل ولَتعيَّن علينا أيضا مصادرة كثير من كتب التراث العربي، ولكن، أمازلنا بحاجة إلي مناقشة هذا المبدأ غير المنطقي؟ أحمد ناجي الآن في الحبس، لأن روايته تحتوي علي ألفاظ خدشت حياء البعض حين قرأها، هو ليس طرفا في صراع سياسي؛ لم يَعتَدِ علي السُّلُطات العامة ولم يحاول قلب نظام الحكم، لم يعتد علي ملكية أحد، ولم يسئ إلي أحد أو يشهِّر به، هو فقط نشر رواية".
ووجه المراسل عبد الهادي حريبة تساؤلا: "هل تقبل بالسجن عقابا لمن يكتب شيئا سواء أعجبك أو لا؟، رفضك لسجن كاتب لا يعني بالضرورة الموافقة علي ما كتبه، فالحكم علي ما هو مكتوب حق للناس، يقرأونه أو لا يقرأونه، ينبهرون بصاحبه أو يلعنونه".
بينما أوضحت الكاتبة الصحفية دعاء سلطان رأيها في عدد من النقاط، معترضة علي الحبس بسبب كلمات، طالما أنها لا تحرض علي العنف والعنصرية والكراهية، فلا يصح منع نشرها، ولا محاكمة أو سجن أو قتل كاتبها، أو أن يذهب بسببها إلي المحكمة، وأنهت ذلك بدعوتها للقراء: "تضامن مع من كان سيدافع عنك إذا كنت في موقفه.. وأحمد ناجي كان سيتضامن مع أي مستضعف".
من جانبه، عبر الشاعر الضوي محمد الضوي، المدرس بقسم اللغة العربية في كلية الآداب؛ عن اختلافه مع الحكم موضحا: "سلب إنسان من حريته عقوبة لم يقرها الله ضمن عقوبات الحدود، فالموت أهون من ذلك، إضافة إلي أن أحمد ناجي - اختلفنا أو اتفقنا حول مستواه الفني كراوئي في هذا العمل أو غيره - كان يمكن تغريمه بمبلغ مادي، لكن أن يتم سجنه بسبب لفظ أو أكثر؛ موجود في ألف ليلة وليلة وبعض كتب السيوطي والجاحظ وغيرهم ما هو أجرأ منه، فهذا ليس عادلا، ومؤذيا وسخيفا، وفيه انتهاك لحرية الكاتب ولفنه".
رفض الكاتب الصحفي شريف عبد الهادي أن تتواجد الألفاظ المذكورة بالفصل المنشور من الرواية في عمل له، ولكنه أكد: "لا يجوز في الأدب الحكم علي عمل كامل من خلال فصل واحد، ولا يجوز اقتطاع النص والحكم علي فصول محددة بمعزل عن السياق العام للعمل، وحتي وإن كان العمل كله مبتذلا فلا يجوز تقديم الروايات والروائيين للمحاكم، لأن الفكرة لا تصححها إلا فكرة، وطبقا للمادة 71 في الدستور، يحظر بأي وجه فرض رقابة علي الصحف ووسائل الاعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، وبالتالي فإن الحكم مخالف للدستور، كما أنه لم يترتب عليه سوي ترويج الفصل الذي ارتأت المحكمة أنه مبتذل وخادش للحياء العام، مما جعل من الحكم القضائي أكبر أداة ومسبب لنشر ما هو خادش للحياء حسب وجهة نظر المحكمة".
واستكمل عبد الهادي مستنكرا: "إذا تم فتح الباب لمحاكمة النصوص التي تخدش الحياء العام وفقا لما جاء بها من ألفاظ صادمة ومؤلمة، فسنضطر لمحاكمة التراث العربي بل والديني نفسه.. وألف ماذا وماذا ستفتح أبواب جهنم علي الأدب والإبداع، والتشجيع علي وجود أوصياء علي الفكر والإبداع يرفعون القضايا ضد الكُتاب والمبدعين ثم تتولي المحاكم محاكمتهم وحبسهم!".
أكد الشاعر سفيان صلاح بشكل موضوعي: "هناك أفكار انتمي إليها، وأخري هي أفكار أهلها، وهم أحرار في الانتماء إليها أو التنصل منها، لكن مما لا شك فيه إنه لا يجوز في هذا الزمان مصادرة فكرة أو رأي، أو معاقبة صاحبه، مهما كان الرأي غريبا أو خارجا علي مألوف الجماعة، لأن كل الأفكار حاليا معروضه علي الهواء مباشرة، وما لن أقوله، سيقوله غيري، أو قاله بالفعل"، وأضاف: "تعاقبون شخصا وهناك دول فضائية تقول ما يقول.. تناولوا الأعمال والأفكار بالنقد والجدل.. هذا أجدي، أو اعتقلوا العصر كله بأرضه وسمائه إن استطعتم".
أما د.عمرو منير؛ فاستدعي ما كتبه إسماعيل أدهم في مصر عام 1937 بعنوان "لماذا أنا ملحد؟"، وجاهر فيه المؤلف بإلحاده، وكيف تم التعامل معه في مصر وقتها، إذ كان الرد عليه مجموعة من المقالات والدراسات من بينها "لماذا أنا مؤمن؟" لأحمد زكي أبو شادي، و"لماذا هو ملحد؟" ، لمحمد فريد وجدي، أي أن الرد اقتصر علي محاربة الفكر بمثله، وأضاف: "هذا يدل علي أنه في مقابل التقدم الذي أحرزه الغرب في مجال الحريات والثقافة، شهدت حياتنا الثقافية تدهورا غير مبرر".
بينما يؤكد د.حسين محمود عميد كلية اللغات والترجمة، أن ناجي لم يخدش حياء أحد، وأوضح: "هو لم يخدش أي مقدس، كل ذنبه أنه أقدم بشجاعة علي تمثيل الواقع اللغوي، وقال كلاما نسمعه ليل نهار في الشارع وأثناء المباريات مذاعا علي الهواء، لكننا لا نجرؤ علي كتابته لأننا منافقون، نستحق نحن الحبس ويستحق هو أن ينظر إلينا باستهزاء".
استشعرت د.غادة العبسي الخوف بسبب الحكم، ولكنها وجدت ما هو أخطر: "الحديث عن الكلمة بوصفها صنما لا يضر ولا ينفع يخيفني أكثر.. هناك من يعتقد أنه لا جرائم ترتكب في الكتابة.. هي بنظري ببشاعة القتل.. الرديء الذي يحاصرنا بشع أيضا.. استباحة الكلمات وذبح المعاني والقيم جرائم أيضا... الكلمة كائن حي يؤثر فينا ونؤثر فيه".
ومن جانبه، رأي الكاتب الصحفي خالد البلشي في حبس أحمد ناجي محاكمة للخيال، واستنكر: "الحكم جاء مخالفا لنصوص الدستور في مجال حرية الصحافة وحرية الفكر والتعبير وما تضمنه من نصوص تمنع الحبس في قضايا النشر، إن محاكمة الأعمال الأدبية والإبداعية ليس محلها المحاكم ولكن صفحات وكتب النقد وإلا فإننا سنفتح أبواب جهنم للتفتيش في نوايا المبدعين ومصادرة قدرتهم علي الخيال وهي أصل الابداع، فمهما كان تقييمي للعمل الإبداعي، محل التقييم هو نقده وليس مصادرة حق القادمين في التعبير عن خيالهم، الكارثة أننا لو طبقنا ما تم مع ناجي فإننا سنكون بصدد مصادرة شاملة لتراثنا وللكثير من أعمالنا الأدبية، بل ومصادرة للابداع".
واستطرد البلشي متعجبا: »المفارقة في قضية ناجي هو محاسبته بمنطق أخلاقي ومحاسبة صحيفة أدبية علي ممارسة دورها الذي طالما مارسته الصحافة المصرية وهو نشر عمل إبداعي، والتفتيش في نية وضمير الكاتب وهو أقرب لما حدث في محاكم التفتيش، والمفارقة الأهم أن النيابة التي استهدفت حماية المجتمع من نص أدبي يقرأه عدد محدود هي من ساهمت بنشره بتحركها«.
وأنهي البلشي كلماته: "إن قضية ناجي تؤكد علي ضرورة الإسراع في إصدار التشريعات المكملة للدستور في مجال الصحافة وحرية الفكر والإبداع.. وفي مقدمتها إلغاء العقوبات السالبة للحريات في مجال النشر، كما أن القضية تطرح علينا جميعا أن تكون قضية الحريات الصحفية والزملاء المحبوسين والمهددين بالحبس والذين وصل عددهم إلي أكثر من 42 صحفيا علي رأس جدول أعمال الجمعية العمومية القادمة في 4 مارس والتي يجب أن يعمل الجميع للحشد من أجلها.. من أجل أجندة تشمل جميع أوضاع الصحافة والصحفيين وما يتعرضون له سواء علي مستوي الحريات أو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وكتب الناقد والمترجم سمير جريس: "هذا الحكم سيف مسلط علي رقبة الجميع، ما الإباحي في العمل الفني، وما الخارج عن التقاليد؟ هذا شيء لا تحدده المحاكم، بل القاريء والناقد الأدبي".
بينما عبر الكاتب السوداني حمور زيادة عن رأيه باقتضاب: "شكرا أيها العالم".
ومن جانبه، أكد السيناريست هاني فوزي أنه لا يوجد شيء اسمه الحياء العام، وإنما يوجد فقط "مجال عام" هو حق للجميع، وأضاف: "كلمات أحمد ناجي وروايته لم تؤذ أحدا أو تحرض علي عنف ضد أحد، لم يُجبر أحدا علي قراءتها، من لا تعجبه أو حتي تغضبه تلك الكلمات يحق له النقد، لكن أن يُعاقب من أجل أن كلماته خدشت حياء مواطن، أو أغضبت البعض كثيرا أو قليلا بسلب حريته لسنوات، فهذا جنون!".
رغم رفض الاختصاصية النفسية رضوي فرغلي، للجزء المنشور من الرواية لأسباب مختلفة، إلا أنها أكدت دفاعها عن الفكرة وليس عن الأشخاص، وقالت: "أنا ضد حبس أي كاتب، فالكلمات يرد عليها بمثلها، والنقد لابد أن يظل في حيز نقاش فكري وثقافي وليس عقابي.. لأن العقاب يعني ضعف حجة السُلطة ورجالها، فالحبس أو غلق القنوات الإباحية أو مواقع الانترنت، لم يعد حلا نافعا أو وسيلة للقضاء بل ربما يأتي بالعكس ويساعد علي ترسيخها من باب الممنوع مرغوب".
ومن القراء، يقول إبراهيم المصري، بعد قراءة الفصل: "إنه يضم بعض الألفاظ التي نسمع أطنانا منها كل ثانية في الشارع المصري، وفي مسار نقدي، الفصل يطابق الواقع مطابقة غطاء الحلة للحلة، أي يمكن إخراجه من الأدب بوصفه عملا مبدعا، ووضعه في صيغة أقرب لمنشور يومي علي الفيسبوك، علي أن ذلك ليس مبررا لرفع قضية علي الرجل وسجنه بتهمة لو كنا سنأخذ بها فعلاً لتم سجن 90 مليون مصري، فلم الألفاظ الجارحة حاليا مثيرة للاستهجان، بل انها أصبحت جزءا من حياتنا اليومية، نقل قليلاً منه للغاية كاتبٌ في كتاب له.. فتم سجنه".
بينما شعر محمد عبد الخالق بالخوف إزاء تشوش المفاهيم الواضح في المجتمع، قائلا: "يبدو أننا أمام أزمة تاريخ.. مؤيدو حكم المحكمة يثبتون أن عملية نقل الشعب المصري - ومن خلفه شعوب المنطقة - قد تمت بنجاح وقضي الأمر، نحن نعيش الآن في القرن 21 ماديا فقط، أما عقولنا وأرواحنا فقابعة هناك علي بعد يتراوح ما بين ألف إلي ألفي عام، وحتي المثقفون لم يتخطوا ذلك كثيرا، فالحياة في سحر الشرق القديم تستغرقهم وتستهويهم أكثر من مباغتات العصر الحالي، وبهذا يصبح الانتقال بالعودة للوراء أكثر راحة".
واستكمل موضحا: "أحمد ناجي كتب حوالي 11 كلمة مباشرة عن العلاقات الجنسية، ولو كانت روايته ركيكة ما وصل إلي هذه الكلمات اي من المعترضين، إذا فقد قرأنا واستمتعنا ثم تطهرنا بانتقاده أخلاقيا وباركنا سجنه من أجل 11 كلمة مكتوبة!!، ماذا إذاً لو دعا ناجي لتحرير المجتمع من سلطة الأخلاق، وماذا لو طالب بكسر حائط الجنس، وماذا لو خرج علينا من يطالب بتحرير النفس والأبناء من سلطة الرغبة.. وامتلاك الإرادة، ماذا لو طالب أحدهم بالعودة للأصول؛ لحياة الإنسان الأول بحريتها من قيود الأفكار؟ مؤكد سيطالبون بإعدامه بمبررات أخلاقية"، واستطرد: "نحن نريد التحرر من قيود الفعل الأخلاقي، بينما أنتم تريدون تقييد التخيلات وتصنيفها، نريد الذهاب للغد بينما يصر البعض علي ربطنا بالأرض، نريد أن تشفي أجسادنا ثم أرواحنا.. وهم متمسكون بسيطرة الداء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.