بمناسبة بدء عمل مكتبة الكتب النادرة بكامل طاقتها بعد نقلها إلي مقر الجامعة الجديد، أكد العاملون بها أن أحد الأهداف الرئيسية للمكتبة هو الحفاظ علي التراث الثقافي والتاريخي لمصر والمنطقة منذ إنشائها عام 1992. فبالإضافة إلي احتوائها علي مجموعات فريدة من الكتب النادرة والوثائق والمخطوطات والصور والمجموعات الأرشيفية من مصر والشرق الأوسط وأجزاء أخري من العالم، فإنها تسعي جاهدة للحفاظ علي هذه الثروات للأجيال القادمة مع تيسير الوصول إليها بشكل أفضل من خلال برامج الرقمنة والصيانة والحفظ الذي تقوم به المكتبة. حيث اعتمدت مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة علي مر السنوات علي المنح السخية من الكتب القيمة ومجموعات الصور والوثائق التي أهداها المانحون والتي تمثل جوهر مقتنيات المكتبة. تقول دعد عبد الرازق المدير المشارك للمجموعات والخدمات، انه بداية من كتب وصور الفن والعمارة الاسلامية التي قام بجمعها سير كيل أرشيبالد كاميرون كريزويل خلال بحثه وتوثيقه للتراث المعماري والفني لمصر لأكثر من نصف قرن، وما تبعها من وصول مجموعات علم المصريات لماكس دبانه وسليم حسن ولبيب حبشي، استمرت المجموعات في التوسع، ونحن بدورنا نحافظ عليها ونحسن استخدامها لتكون مصدراً أكاديمياً ثرياً للباحثين. مضيفة : كما يعتبر اقتناء المكتبة لمجموعة الرسومات المعمارية وغيرها من أرشيف حسن فتحي عام 1994 نواة ما أصبح الأن مجموعة العمارة الاقليمية التي تحتوي علي آلاف الرسومات المعمارية ونماذج الفنان والمعماريين المعاصر رمسيس ويصا واصف والمعمارين سيد كريم وكمال أمين وجمال بكري. تحتوي المكتبة علي العديد من مجموعات الكتب القيمة، منها 12 ألف مجلد، بالإضافة إلي العديد من المقتنيات الشخصية والميداليات والتذكارات والصور وغيرها من الوثائق التي تبرعت بها عائلة الكاتب أنيس منصور، كما تبرع الأب بيير ريشس بعشرين ألف كتاب من مكتبته الخاصة. وفي العام الماضي تبرع الدبلوماسي الراحل الدكتور بطرس بطرس غالي، الأمين العام السابق للأمم المتحدة بخمسة عشر الف كتاب بلغات مختلفة بالإضافة إلي العديد من ألبومات الصور والوثائق الأخري التي توثق حياته الدبلوماسية وإنجازاته المهنية. كما انضم مؤخراً للمكتبة المجموعة المتنوعة للفنانة المعروفة مارجو فيون والتي تشمل رسومات ومراسلات وآلاف الصور التي توثق الرحلات العائلية في مطلع القرن العشرين. يشير فيليب كروم، العميد المشارك لمكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة أن الحصول علي هذه المجموعات مهم للغاية من أجل تحقيق مهمة المكتبة و مهمة الجامعة نفسها التي تسعي إلي تشجيع الأبحاث في موضوعات فريدة من نوعها لمصر والمنطقة، قائلا: "لدينا مجموعة هائلة من المجموعات النادرة والمواد القديمة بالإضافة إلي الوثائق الأصلية للحياة المعاصرة في مصر والتي لم تنشر من قبل وتنفرد بها مكتبتنا. مضيفا: "وللحفاظ علي هذه الأصول الفكرية وجعلها متاحة، قامت مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بإنشاء المكتبة الرقمية للكتب النادرة والمجموعات الخاصة. ليس فقط من أجل تمكين الأشخاص من خارج البلاد من الوصول للمواد النادرة، بل لأن في كثير من الأحيان، تكون خامات الكتب والأبحاث والمخطوطات حساسة للغاية لا تتحمل استخدام الباحثين. لكن الأرشيف الإلكتروني يحافظ علي المواد الحساسة، ويوفر بدائل رقمية موجودة علي الإنترنت في حال وقوع كارثة، للاحتفاظ بالوثائق إلي الأبد وبشكل آمن." ومن بين المجموعات الفريدة الموجودة بالمكتبة الرقمية للكتب النادرة والمجموعات الخاصة ألبوم صور قصف الاسكندرية عام 1882 والتي قام بجمعها المصور الايطالي لويجي فيوريلو الذي وثق هجوم الانجليز علي أعوان عرابي باشا الوطنين الذين ثاروا ضد الخديو توفيق. كما قامت المكتبة الرقمية برقمنة 101 صورة فوتوغرافية توثق الثقافة المصرية وتاريخ السفر والترحال في الشرق الأوسط بتكليف من شركة أندروود وأندروود للنشر. تقول علا سيف، المسئولة عن أرشيف الصور بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "هذه المجموعة كان لها الأولوية في برنامج الرقمنة لأنها متكاملة، موثقة جيداً بعدة لغات، وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات بشكل ملحوظ". وتشمل خمسة وعشرين ألف صورة فوتوغرافية ذات الرؤية المجسمة، وهي صورً عن مصر تبين نهر النيل، ومدن قناة السويس والصحاري المصرية، كذلك مجموعة المصور الشهير فان ليو. هناك أيضاً جهود جارية لرقمنة المجموعة المعمارية لحسن فتحي ورمسيس ويصا واصف وجمال بكري وسيد كريم وكمال أمين وغيرها من المجموعات المتاحة ضمن المجموعة المعمارية الاقليمية. كما قامت المكتبة بإنشاء مختبر الصيانة سنة 1995 وهو المسئول عن العلاج والمحافظة علي مجموعات المكتبة بجميع أشكالها. يقول محمد أبو بكر، رئيس فريق الصيانة، "إصلاح الكتب يتطلب تجديد غلاف الكتاب وإعادة تركيبه باستخدام ورق خال من الأحماض وقماش، وأحياناً يتطلب الأمر ترميم الجلد وتقوية متن الكتاب، كما يتم إزالة البقع والعفن عند الضرورة وتنظيف المواد الهشة مثل الخرائط المعمارية والرسومات ثم فردها وإصلاحها ثم تغليفها بحافظات أرشيفية من البوليستر. هذه الحافظات تجعل الأوراق الضعيفة تعيش للأبد عن طريق تغليف الورقة البالية في بلاستيك مرن يجعلها آمنة في التعامل معها بالإضافة إلي عمليات صيانة وحفظ واسعة النطاق للصور الفوتوغرافية بعمليات تضمن بقاء المحتويات الأصلية واستمرارها لتكون وثيقة فريدة."