فارسٌ من ضمير البلاد تعشَّق هذا الوطن.. كانَ مولده في بلاد الصعيد، فشبّ عنيداً لا قيد يمنعهُ من مقولة صدق تغشّي الوجيب فتهطل منه المنن... آه يا كبرياء النخيل ويا لهفة الناي حين يغني النشيد.. فيهرب منه الوهنْ... ياسموقاً لأشجارنا الوارفات تقحم أعتي المحن.. ياعناد الصخور العفية إذ تعانق مبدأهُ لا يبيعُ بأي ثمن فيه صبر لصفصافةٍ تتحدي جفاف المياه وتقتات من روحها لم تهن.. والعطاء لديه كما الواهب النيل ليس يوقفه أي شيء وليس يضن.. وكأن البلاد الجسورة قد صنعتهُ علي عينها أملاً يؤتمن كم تحدي الرياح بأسمائها وتحدي بها انفلات الشجن... وترفرف أعلامها في مآقيه تهزم زيف الوتن... وتمزق قيد الكفن... ويشخّص أدواءنا كاشفاً عن خلايا العفن ويشير كما يفعل النّطس (1) والآسي(2) لمواطن داء عُضالٍ ثم يكويه بالنار، والكيٌ فن... واصفاً للجراح الدواء المكين، رؤي في القتام تسن... وللحظة تطهير مسرحنا جلوةٌ يتعالي نداها علي أي وزن... كان من بين فرسانه النجباء بصوت الصعيد المرن... ساخراً من جهالة من ضللوا خطونا فهوينا لدرك الإحن... آه يا ابن (منشاة سوهاج) يا ترجماناً لتاريخنا المرتهن... آه يا (حمدي) يا نشيداً لأرض تجلت ولاتعرف العري ولا يتعري لها جسدٌ في الرياح العواصف طول الزمنْ هي من تتغطي بثوب دماء الشهادة للعاشقين أمام رماح تجن، أنت.. جئت لها مؤنساً صدرَها.. صوتَها وشموخاً لها مختزن... صوت دهمائها والفقير الذي ليس يُحني ب (بولاق) قامتهُ لو أتاه عتُل فُتن... صوتهُ .. كنت في مجلس الشعب صوت معارضة لايحن ويجابه كل الطواغيت بالحق يقول ل(فرعونها): إنني جئت.. فلاح أرضي الفصيح يصيحُ بوجهك إذ يحتقن... ثم يعتقلُ الناس يخرسُ صوت العصافير في سجنه المحتلك... لستُ أخشي عساكرك الغاشمين وهم يدخلون البيوت، وينزعون الرجال عرايا علي غبش في الهزيع الأخير من الليل وسط جفاء الدجي المنسبك... والمدي من توحشهم يرتبك... والمصابيح في نفرة الشهب يصطك فيها الفلك أنت من كنت تعطي بغير رياء ومَنّ... فإذا هبت صيحة الفن.. صار الحكيم المفن... آه.. والقلم المبصرُ السنّ يكتب كلمته لا تخاف وليست تئن.. إنها رأيه.. غضب القلب. يا صدوقاً وعصف الرزايا هَتَنْ... عشت تعشق (ناصر) في كل آرائه، والعروبة في نبضه الوجود الأجلّ والبقاء الأصيلُ وطبيعة أبناء (يعرب) منذ قديم الزمن... إنها الدرع، شط النجاة بحب عميق.. تغيا الرسن.. في اللقاء الأخير لم تقل لي بأنك تنوي الرحيل.. كنت في عزم هذا النخيل وصبر الشجرْ تتحدي.. تقاوم بأس المرضْ صوتك الصفو لم ينتفض... ومدار الشفاء قريب وسوف ينيل.. كان إيمانُك الواثقُ الخطوِ يرفع رأساً.. بعين الرجاء وصوتُ الدٌعاء تعلق فوق الفنن.. فلماذا تباغتنا بالرحيل فيبكي بأرض الصعيد النخيل؟؟!! وينتحرُ الغصن فوق الشجر... فَقْدُ مثلك يدخلنا في المدي المندحر/ بينما أنت أغنية النصر أنت مرايا الظفر... والوجيعة حين تغيب... تسوخ الخطي وسط وحل الفتن... من تري.. سوف ينصفني والوجوه تعاقر في سكرها للشياطين دَنْ... والقناع المقيت يبدلُ ألوانه كل وقت بلون... والرؤي وحشاشات روح البطولة تدخل في فلك من حَزَنْ... يا فجيعة أرضي وقومي وصحبي... تُزلزل من تحت أقدامنا كلَّ شيء سكنْ... أيها الفارس المتسنمُ عرش اصطفاء الوطنْ
هوامش (1) النطس: جمع نطاسي وهو العالم المتقد والطبيب الحاذق. (2) الآسي: الجرَّاح البارع.